«أثر مسرح الدمي فى تنمية مهارات الأطفال» ندوة للدكتور خالد أحمد

«أثر مسرح الدمي فى تنمية مهارات الأطفال»  ندوة للدكتور خالد أحمد

العدد 728 صدر بتاريخ 9أغسطس2021

قدم الدكتور خالد أحمد، عضو الاتحاد الدولي للغة العربية، ندوة بعنوان «أثر مسرح الدمى في تنمية مهارات الأطفال الناطقين بغير العربية، وذلك ضمن مؤتمر اللغة العربية الدولي الخامس بالشارقة تحت عنوان «تعليم اللغة العربية وتعلمها، تطلع نحو المستقبل: المتطلبات والفرص والتحديات».
وجاءت كلمة الدكتور خالد أحمد كالآتي:
لاشك أن الدمية تعد من وسائل الجذب للأطفال، وتعد من الوسائل التعليمية الناجحة فى جذب الطفل للعملية  التعليمية، لأن بها عوامل جذب كبيرة  للطفل حيث أشكالها وألوانها، إضافة إلى كونها آداة  للعب يسعد الطفل بها، بل ويقضى معظم وقته بين هذه الدمى، وتمنحه قدرة على  التخيل، حيث يسقط من خلالها شخصيات خيالية يحدثها ويلهو معها.
وتكمن أهمية مسرح الدمى في كون الدمى شخصيات يبدعها خيال المؤلف وتصنعها موهبة الفنان ويحركها المخرج بإرادته، وذلك في إطار واسع من الحرية في مجال الإبداع الفني والخيال، فمسرح الدمى عالم من الفانتازيا تتسع آفاقه إلى حيث تتسع خيالات الفنان.
ليس هذا فحسب فالدمى تثير الدهشة وتحقق فرجة وتمنح المتلقي مساحة لإعمال العقل والتفكير في المضمون المعرفي المقدم، ولا تمنحه أي مساحه للوقوع في المعايشة والإيهام، وإنما تتخذ من التغريب وكثرة الإيهام وسيلتها للولوج إلى ملكات العقل، الأثر الذي منحها قدرة على تحقيق التعليم والتعلم بأسلوب إبداعي مشوق وممتع، وخاصة للصغار فقدرتها على تحويل المنهج العلمي إلى لعبة تقدمها دمية تعتمد نوعا من إثارة ملكات الخيال، فضلا عن الاهتمام بتنوع طرح المعلومة بصريا وسمعيا وحركيا وغنائيًا، بالطريقة التي تحقق توليفة ترضي الفروق والأنماط المختلفة للمتلقي بشكل عام والطفل بشكل خاص.
ولكن السؤال  الذى يتبادر إلى أذهاننا  كيف نوظف مسرح الدمى فى تعليم  اللغة  العربية للأطفال؟
ولكى نجيب على هذا السؤال لابد أن نتعرف على مفهوم «مسرح الدمى»، هو المسرح الذى يعتمد على الدمى كشخصيات مسرحية تقوم بالأدوار المعدة لها أما من خلال خشبة مسرح أو من  خلال ركن خاص بالعرض فى الفصل أو المدرسة، فمسرح الدمي غير مرتبط  بخشبة المسرح فقط، ولعل هذا النوع هو الأقرب إلى الطفل، وذلك لقدرة المسرح لخلق تواصل بينه وبين الطفل المتلقي، الأمر الذى يدفع بالطفل للتفاعل مع ما يعرض له بهذا المسرح، وبهذا نستطيع استثمار  المسرح كوسيط تعليمى خلاق وإبداعى فى العملية التعليمية.
أنواع الدمى المستخدمة فى مسرح  الدمي:
الدمى  القفازية: سميت هكذا لأنها  تحرك  باليد تلبس فى  اليد  وتحرك وهى  سهلة وبسيطة  لكى يستخدمها المعلمون فى صفوفهم فهى تشبه  القفاز.
دمى  العصا: عبارة  عن  رأس  أجوف  مثبت  على العصا تقوم  بتحريك  الرأس  ولف اليدين متصل  بعصا أخرى لتحريكها.
دمى  الخيوط (الماريونت): عبارة  عن  أشكال متصلة أجزائها  يتم التحكم فيها من أعلى  بواسطة خيوط أو  أسلاك.
إن تدعيم لغة  مسرح الطفل لتنمية الجانب  اللغوي  ومهارة الحوار لمتعلمي اللغة  العربية  الغير ناطقين  بها  أو للناطقين بها  وهذا الجانب من  الدراسة  المتخصصة يحتاج  إلى التأني وتفحص  العديد  من  الدراسات الأدبية التي سعت نحو توضيح  دور الأدب العام  في دراسة  اللغات، كما أنه استكمال لما بدأت من مشوار حافل في مجال تعليم اللغة العربية  للناطقين  بغيرها سواء في مرحلة  الدبلوم أو  الماجستير، فأنا بصدد دراسة منهجية أعتقد أنها ستكمل ما  أردت ان أحققه في  هذا  المجال ألا  وهو  تسخير اللغة  السهلة  المستخدمة  بأدب  الطفل  لتخدم  متعلم  اللغة العربية  الناطق بغيرها من خلال مسرح الدمي، ولقد  أخذت عهدا أن أكمل  المشوار لخدمة  اللغة  العربية  وهؤلاء  الطلاب، ولعل الأمر ليس باليسير خصوصا  أن  الأمر متعلق  بمسرح الدمى  ومنصب  على تعليم مهارات اللغة  العربية  من  استماع وتحدث وقراءة وكتابة  غيرها  لمتعلمي العربية الناطقين بغيرها، وما يميز استخدام مسرح  الدمى  مهارة  الحوار التي يتميز  بها  المسرح أيضا  دون  غيره  عن  سائر  الأجناس الأدبية، وهذا مما يجعل الأمر  محير ومتعب حيث ستنصب  الدراسة على لغة  الحوار  في  مسرح  الدمى وجعل  الطفل  يفرع  طاقاته الإبداعية وتحليلها أدبيا ودور هذه  اللغة  في إتقان  متعلم  اللغة  العربية الناطق  بغيرها في إتقان مهارة  الحوار بشكل عام.
مما سبق يتضح أن المسرحيات بطبيعتها مصدر متعة للأطفال، سواء أكانت شعراً أم نثراً أم مزيجاً منهما ، ولعل سر حب الأطفال للمسرحيات يكمن فيما يأتي:
تتيح المسرحيات للطفل أن يتقمص الأدوار والشخصيات التي يميل إليها ، كأدوار الشرطي أو الطبيب أو القاضي، سواء أكان ذلك في لمتعلمى  اللغة العربية الناطقين بعا والناطقين بغيرها من  الأطفال.
عند قيام الطفل بالأداء التمثيلى لهذه الشحصيات يتم التقاطه لبعض الجمل أو المواقف ، فيعيد تمثيلها ويسعد بذلك حيث يكتشف مقدرته على التقليد ، ويسعد الآخرين معه.
فمسرح الدمي هو المكان العملى  الذى  يترجم فيه المكتوب والمقروء إلى نشاط حركي تمثيلى، ومن هنا  يجدر بنا تحويل المقررات الدراسية للغة العربية  إلى ألعاب معرفية يتداولها الأطفال فيما بينهم بطريقة حيوية، لا تعتمد على الحفظ والتذكر، وتثبيت القيم التربوية في المجتمع التي يتم طرحها على خشبة المسرح بلا تلقين معتمد، لأن الأطفال يحبون اللعب ويتفاعلون مع أدواته بشكل واضح، فاللعب من أهم النشاطات عند الطفل، ومسرح  الدمي عند الطفل من الممكن أن يصبح لعبة محببة، وقد اصطلح على أن تكون مسرحية الطفل مجموعة من الألعاب (ألعاب إيهامية ، وألعاب التظاهر ، وألعاب الدراما الاجتماعية ... وغيرها).
والمسرحية الموجهة للطفل لابد أن تكون صالحة للتمثيل، وتحكي قصة بسيطة، ولابد لمسرحية الطفل من مجموعة من العناصر، منها: البيئة الزمانية كأن تكون أحداثها تجري في زمن معين من ماضي أو حاضر أو مستقيل، فهي محدودة الزمان ، وهو زمان العرض الذي تعرض فيه المسرحية، والبيئة المكانية ويمتاز مسرح الدمى بعدم التزامه بخشبة المسرح وبالتالى  فحدود  الديكور مفتوحة  لإبداع القائمين على  المسرح.
وقد تقسم المسرحيات بحسب طريقة الأداء إلى :
مسرحيات غنائية: وهي ما تدور على هيئة غناء وأداة طرب، ويقوم الأطفال بالغناء الجماعي أو الفردي تحت إشراف المعلم، وأحياناً بمشاركته.
مسرحيات تمثيلية: وهي ما تقوم على الإلقاء بهدف تدريب الأطفال على جودة النطق ، وحسن الأداء ، ولعب الأدوار المختلفة.
ومن الشروط الأساسية، التي يلزم مراعاتها حين توظيف مسرح الدمى  فى تعليم اللغة العربية الطفل سواء بالمسرح أو غيره:
-انتقاء الموضوعات بعناية وتوظيف الدمية فى عرض الموضوع أما  على  لسان  الطفل  أو  المعلم  
- مراعاة الثقافة  العربية والمبادئ التربوية.
-زيادة خيال ومدركات الطفل.
-احترام عقل الطفل ، وتنشط ذهنه أيضاً.
إن تعليم مهارات اللغة  العربية  للأطفال  من  خلال  مسرح  الدمى  لها  أثر  فعال  وبالغ فى  اكتساب  اللغة  عند  الاطفال.
مهارة  الاستماع :
يستخدم  المعلم الدميه  سواء  قفازية أو ماريونت  فى  سرد قصة  بأسلوب مميز ويناسب الطفل من خلال  نطق  سليم  للغة العربية ، فعندما  يستمع  الأطفال  للقصة  من  خلال الدمية أو من خلال حوار مسرحي يتأثر  بها  أكثر  وبمفرادات اللغوية  المستخدمة  التي تجعل  الطفل  يحب الاستماع إلى  اللغة  وتعتاد  أذنه للغة  السليمة  والنطق  الصحيح.
مهارة التحدث :
يستطيع المعلم  أن  يسند إلى  الأطفال  شخصيات محددة  من خلال المسرحية  ويختار  الطفل الدمية  التي تجسد الشخصية  وينتقي ملابسها  أو  الخلفيات  ،وهذا  يساعاد  على  تفجر  طاقات إبداعية  لدى  المتعلمين  من  الأطفال ، فالمسرح  كما ذكرنا يمتاز  عن  غيره من  الأجناس  الأدبية  بالحوار  فعندما  يؤدى  الأطفال  الأدوار  بالسن  الدمى وفق نطق سليم  للغة  ومهارات  الاداء  الحوارى  يكسب  الأطفال  الثقة  بأنفسهم  بالتحدث  بالفصحى  ،إضافة لسعاداتهم وهم يمثلون  من  خلال  دمى يحبونها ، بل ويتجاوز الأمر  ذلك  فى  اختيار نبرات صوتية مميزة  تتناسب  مع  شخصية الدمية إذا  كانت مثلا  امرأة  عجوز أو رجل شرير.
مهارة  القراءة :
يكتسب  الطفل  مهارة  القراءة ونستطيع  أن  ننميها من  خلال  قراءة نصوص  مسرحية معدة لمسرح  الدمى ،فكل  طفل  يقرأ دوره  الذى سيؤديه أمام  الجمهور  وهذا  يحتاج  جلسات  قراءة  مع  المعلم  ومع  أقرانه  من  الأطفال ،وهذا  يجعل  الطفل مهتم بالقراءة  الصحيحة  والسليمة مع  تصويب المعلم  قبل  العرض.
مهارة الكتابة  :
يستطيع  المعلم أن يكتشف  مواهب  من  طلابه  الأطفال  فى  فن  الكتابة  المسرحية  من  خلال  أسناد مهام  كتابية  عن  فكرة  للمسرحية  وموضوع  المسرحية التى  سينفذها  الأطفال  من  خلال  الدمي فكل طفل يكتب فقرة  أو  جملة على  لسان  الدمية  التى  تلعب دورا فى  المسرحية.
ويستطيع  المعلم أن يدرب  الأطفال  على  اختيار  الدمية  المناسبة  للدور  ويكلفهم بمهمة  كتابية  فمثلا دور  الطبيب  ما الذى  يميزه  المعطف  الأبيض  والسماعات وغيرها  من  المرادفات التى  من  الممكن  أن  يتعلمها  الأطفال  من  خلال مسرح  الدمى.
إن فكرة تعليم  اللغة  العربية  من  خلال  المسرح  تعتبر فكرة  رائدة  ،لما  يتيحه  المجال  المسرحي  من تفريغ  طاقات  الطلاب ،وتحفيزهم  للتعلم  ،وبالتالى بدأ المختصون  فى  مجال التعليم  بالتركيز  فى  دمج العملية  التعليمية  بالمسرح  ومن  هنا  ظهر  المسرح المدرسي ،كوسيلة لدعم التعلم والتعليم  من  خلال  النشاط ، ولكن  تعليم  اللغات  من  خلال  المسرح  يعد  طرحا  مميزا  لما نجده  فى  المسرح  من  مهارات الإلقاء والحوار  وكسر  الحاجز  النفسي  فى  مواجهة  الجمهور ، وأجد أن تعليم  اللغة  العربية للناطقين  بغيرها  او  للناطقين بها من  الأطفال عبر الأداء  المسرحي  والتدريب  على الإلقاء  المسرحي  قد  يكسبهم مهارات اللغة  العربية  بشكل  أكثر جذبا  من  عملية  التعليم النمطية  ،فمن  الممكن أن  يتقن  الطلاب  الناطقين  بغير  العربية مهارات (الاستماع- التحدث- والقراءة -  والكتابة ) من  خلال  الأداء  التمثيلى  ،ولكن  نجد  بعض المعوقات  التى  قد  تعيق  هذا  الطرح من  ضمنه  عدم  وجود  معلمين  لديهم القدرة  على  التدريب  المسرحى من معلمى  اللغة  العربية  للناطقين بغيرها  لذلك  جاء  الهدف  من  هذا  الكتاب  وهو  وضع أطر  لمعلم  اللغة  العربية  للناطقين  بغيرها  للتعرف  على المسرح ومصطلاحاته بشكل  أدق  وأشمل  والتعرف  على  الخطوات  الاجرائية  التى  تمكنه من  تعليم  اللغة  العربية  من  خلال  الاعمال  المسرحية  والأداء  الفنى ، واعتقد  ان  هذا  النوع  من المسرح  يندرج تحت  المسرح  المدرسي  مع  مراعاة  مدى  التوافق  بين مجال  تعليم  اللغات  والمجال  المسرحي.
فالخطوة  الأولى  التى  يجب  أن ينحو  نحوها  معلمو اللغة العربية  للناطقين  بغيرها  من الشغوفيين  بتطبيق تعليم  اللغة  العربية  لطلابهم الأجانب  من  خلال  المسرح  هو  التعرف على  السمات المميزة  للمعلم القادر بتدريب  الأطفال  على  مسرح  الدمي  فهو  معلم  له  سمات خاصة، حيث يقوم المعلم باختيار أحد النصوص ، سواء من داخل المقرر أو من خارجه ، فإذا كان النص من داخل المقرر يعيد المعلم صياغته ، سواء بنفسه أو بالاستعانة بمتخصص ، ويدرب الأطفال على تأدية هذا النص ، ويوفر المكان والإمكانيات اللازمة لعرض النص ، وقد يشرك الأطفال معه في بعض التفاصيل ، مثل التعديل في النص المكتوب، واقتراح الديكورات اللازمة ، أو اختيار الملابس ، وتعديل بعض حركات الشخصيات على المسرح، ويمكن للمعلم أن يحول هذه الفكرة مع تلاميذه إلى نص مسرحي من خلال إتباع الخطوات التالية :
• حكاية المسرحية أو قراءتها .
• مناقشة الأطفال في مجرياتها ، وتطور أحداثها وهدفها .
• مناقشة الأطفال في طبيعة الشخصيات .
• إعادة قراءة المسرحية مع التركيز على النقاط التي تعتبر مهمة بالنسبة للتمثيل.
• اختيار  أشكال  الدمى  
• إذا  أمكن تصميمها  مع الأطفال  يكون أيضا  عمل  إبداعى  يضيف  للعملية  التعليمية.
فى  الختام  أجد أن مسرح الدمي له أثر واضح  على  تعليم  اللغة  العربية  للاطفال  الناطقين  بها او  الناطقين  بغيرها، ولابد  من  استعلاله  وتوظيفه ولكنه  يحتاج  إلى معلمين  لديهم  حب بالمجال  الإبداعي  والفنى  والمسرحى  وقدرة على  التعامل  مع  الأطفال  فى  الأعمار  العمرية  المختلفة والثقافات المختلفة  للاطفال  الناطقين  بعير  العربية  ، فهو مجال  خصب  وجديد  يحتاج  الصمود  أمام كل  التحديات  التى  تواجهه، وايضا  إلى  تضافر  الجهود لكل المختصين  فى  مجال  الطفل من  صانعي دمى وكتاب مسرحيين ورساميين للأطفال.
 


ياسمين عباس