«فلسفة الإغتراب العقلي في النص المسرحي» رسالة دكتوراة الباحث أسعد خضير إسكندر

«فلسفة الإغتراب العقلي في النص المسرحي» رسالة دكتوراة الباحث أسعد خضير إسكندر

العدد 719 صدر بتاريخ 7يونيو2021

تم مناقشة رسالة الدكتوراة بعنوان «فلسفة الإغتراب العقلي في النص المسرحي» مقدمة من الباحث أسعد خضير إسكندر، وتضم لجنة المناقشة الدكتور عقيل مهدي يوسف، أستاذ علوم مسرحية بكلية الفنون الجميلة جامعة بغداد (رئيسًا)، والدكتور رياض موسى سكران، أستاذ أدب ونقد بكلية الفنون الجميلة جامعة بغداد (عضوًا)، والدكتور حارث حمزة الخفاجي، أستاذ مساعد أدب ونقد بكلية الفنون الجميلة جامعة بغداد (عضوًا)، والدكتور حسن عبد المنعم عبد المحسن، أستاذ أدب ونقد بكلية الفنون الجميلة جامعة البصرة (عضوًا)، والدكتورة غصون محمد عبد المطلب، أستاذ أدب ونقد بكلية الفنون الجميلة جامعة بابل (عضوًا)، والدكتور ثائر بهاء كاظم، أستاذ أدب ونقد بكلية الفنون الجميلة جامعة بغداد (مشرفًا). والتي منحت الباحث من بعد حوارات نقاشية انتظمت وفق شروط ومعايير أكاديمية درجة الدكتوراة.
وجاءت رسالة الدكتوراة الخاصة بالباحث كالتالي:
أولاً: مشكلة البحث والحاجة إليه: 
يُعنى الحيز الفلسفي للإغتراب العقلي، بالمنظومة الفكرية والجمالية الإجرائية والنقدية، عبر ربط بسياقاته الدينية والاجتماعية والسيكولوجية، بمظاهره وآلياته الإجرائية في المنجز الإبداعي والفني, ويدلل التاريخ البشري (الديني) الحالة الأولى للاغتراب العقلي عبر أنفصال (أدم) عن موطنه الأصلي (الفردوس) إلى الأرض، وما رافقه من معاناة عقلية في العزلة الإنسانية، وغياب المعنى الحقيقي لوجوده، ومن ثم تلى ذلك سؤال الإنسان الأول عن مصادر الخوف والرعب من الأحوال الطبيعية للحياة، وعدم قدرة العقل على تجاوز موت الكائن البشري , وانفصاله عن الحياة والعالم, ثمة إذن قلق أنساني وحيرة عقلية على مصيره، الذي قد يرتهن بالضياع واللا جدوى حينا, وبالعزلة في أحايين كثيرة.
أكتسب الإغتراب العقلي أهمية بالغة في العصر الراهن، عبر الدراسات التي تعالج المجتمع وأزمة الحضارة, ولاسيما بعد الكوارث التي لحقت بالإنسانية بسبب الجوع والفقر والحروب المدمرة, أذ أنتجت الحروب عند الإنسان شعوراً بالقلق والضياع والعزلة الفردية, أنها أزمة الفرد مع ذاته، وأزمة العلاقة مع الآخرين، فضلاً عن أزمته التي تتأرجح ما بين الأنظمة الإجتماعية والدينية, إذ شغلت فلسفة الإغتراب العقلي العديد من محاور الدراسات الأدبية والنقدية في الأدب والرواية والشعر, بوصفها فلسفة تؤشر مفاصل الإغتراب في إرتساماتها المفهومية للمنجز الإبداعي على وفق سياقاتها السيكولوجية والإجتماعية والدينية, إذ هيأت الطروحات الفلسفية والعلمية المهاد النظري والإجرائي لتمفصلات تلك الفلسفة في تطبيقاتها على النصوص المتنوعة, فكل فني أو أدبي هو يمثل نتاج، أو حصيلة فلسفة إغترابية مهيمنة سواء على مستوى الإبداع (المؤلف)، أو على مستوى الإنتاج (النص الأدبي، أو الفني)، وعلى وفق هذا التصور فأنَّ الدرس الفلسفي للإغتراب العقلي يرسم مفهومات واسعة النطاق بفعل التواشج الجمالي لذلك الإغتراب الذي يحيط بالنص المسرحي, ويشكل مسارات معرفية ونقدية ترتبط بشكل , أو بأخر بفاعليته الثقافية والاجتماعية والسيكولوجية المتعالقة في نسيجه الدرامي, فضلا عن مضمونه الواقعي منه والمتخيل, ثمة أذن إغتراب عقلي, متشعب في موضوعاته وكامن في مدار فلسفي يثري بطابعه المتنوع الجوانب الذاتية والموضوعية في النص المسرحي, ليشكل حالة من التنافر والتضاد بين ذات الشخصية في النص المسرحي والبنية الإجتماعية التي يوجهها ويغترب عنها, وما أحوجنا اليوم إلى دراسة فلسفة الإغتراب العقلي في النص المسرحي في ظل المتغيرات الإجتماعية والسيكولوجية الراهنة, وبناءاً على ما تقدم فأنَّ مشكلة البحث تتمثل في طرح السؤال الاتي: 
ما فلسفة الإغتراب العقلي؟ وما أبرز آلياته الإجرائية في النص المسرحي؟
وعليه أختار الباحث موضوع بحثه وحدده بعنوان: فلسفة الإغتراب العقلي في النص المسرحي.
ثانيا: أهمية البحث: 
تتجلى أهمية البحث في كونه يفيد: 
1 – النقاد والباحثون في المؤسسات الفنية , والأكاديمية المسرحية. 
2 – الباحثون في علم الاجتماع والنفس في المؤسسات الأكاديمية. 
ثالثا: هدف البحث: الكشف عن فلسفة الإغتراب العقلي وآلياته الإجرائية في النص المسرحي.

تحديد المصطلحات: 
الفلسفة (philosophe): 
لغوياً: لفظ معرب عن الكلمة اليونانية التي تعني حب الحكمة, إذ تشير المصادر أنَّ المعنى اللغوي للفلسفة هو (حب الحكمة)، عن طريق الكلمتين ذات الأصول الإغريقية (Philo) وتعني المحب، و(Sofia)، والتي تعني الحكمة وهي بذلك ترتبط بالفيلسوف بوصفه محب للحكمة.
وتشير اكثر المصادر على إن (فيثاغورس) أول من نحت كلمة فلسفة، إذ قال «لست حكيماً فأنَّ الحكمة لا تضاف لغير الآلهة ما أنا إلاَّ محب للحكمة (فيلسوف)».
إصطلاحاً: أرتبط اصطلاح الفلسفة بالعصر والفيلسوف ذاته، و أقتربت من المعاني الكبرى للمعرفة التي تتساءل عن القضايا الكبرى للكون , والإنسان وما يرتبط بهما، فمن وجهة نظر (أفلاطون) فأنَّها «السعي الدائم لتحصيل المعرفة الكلية الشاملة التي تستخدم العقل وسيلة لها, وتجعل الوصول إلى الحقيقة اسمى غاياتها».
أما (أرسطو) فأنَّه ينطلق في تعريف الفلسفة بقوله « أنَّها العلم بالأسباب القصوى, أو علم الموجودات بما هو موجود».
ويرى (الكندي) أنَّها «اعلى الصناعات الإنسانية منزلة, وأشرفها مرتبة صناعة الفلسفة التي حدها: علم الأشياء بحقائقها بقدر الطاقة الإنسانية, لإنَّ غرض الفيلسوف في علمه إصابة الحق, وفي عمله العمل بالحق».
أما (الفارابي) وهو المعلم الثاني بعد أرسطو, فأنَّه يعرف الفلسفة «بأنَّ حدها وماهيتها أنَّها العلم بالموجودات بماهي موجودة، ويقسمها أقساماً , إما الهي وأما طبيعي وإما منطقي وإما رياضي».
ويعرفها (ابن سينا) بقوله « أنَّها الوقوف على حقائق الأشياء كلها على قدر ما يمكن الإنسان أنْ يقف عليه».
أما (ابن رشد) فأوجز في التعريف, وجعله في أنَّ «فعل الفلسفة ليس أكثر من النظر في الموجودات من جهة دلالتها على الصانع، وكلما كانت المعرفة بصنعتها أتم كانت المعرفة بصانعها أتم».
وإنطلق (رينيه ديكارت) في تعريفه للفلسفة عبر عدها «شبيه بشجرة الميتافيزيقا جذورها والفيزياء جذعها, وأما فروعها فجميع العلوم الآخرى, وأهمها أساساً الطب والميكانيكا والأخلاق».
ويرى (إيمانويل كانت) أنَّ فعل التفلسف يعود إلى مجموعة مسائل هي 
«1- ماذا يمكنني أنْ أعرف؟ 
2- ماذا يجب أنْ أفعل؟ 
3- ماذا يمكنني أنْ آمل؟ 
4- ما الإنسان؟ 
على السؤال الأول تجيب الميتافيزيقيا, وعلى السؤال الثاني تجيب الأخلاق, وعلى الثالث يجيب الدين, وعلى الرابع الأنثروبولوجيا».
في حين اوجز (جورج فيلهلم فريدريش هيجل) تعريفه للفلسفة بأنَّها «الدراسة الفكرية للأشياء».
ويرى (برتراند راسل) الفلسفة على أنَّها مجموعة «فرضيات لا يمكن الحسم فيها  بطريقة نهائية من الناحية النظرية».
ويرى (كارل ياسبرس) أنَّ «اصل الفلسفة الحيرة والشك والشعور بالضياع, وفي جميع الحالات، تبدأ الفلسفة بقلق يجتاح الإنسان , ويولد فيه الرغبة في تحديد هدف لحياته». 
أما (البير كامو) , فيرى أنَّها تتلخص في الإجابة عن سؤال واحد «هو أنْ نقرر بأنَّ الحياة تستحق أنْ تعاش أو لا تستحق».
التعريف الإجرائي: ((الحيز المعرفي الذي يشمل مجموع التصورات الفكرية التي تقوم على فرضية ما لقوانين منطقية تربط المفهومات النقدية والجمالية في أنساق النص المسرحي )) . 
-الإغتراب العقلي mental alienation: يعرف في المعجم الفلسفي بأنَّه «مرض نفسي يحول دون سلوك المريض سلوكاً سوياً, وكأنه غريب عن مجتمعه, ولذلك يلجأ إلى عزله عنه».
ويعرف كذلك في معجم علم النفس بأنَّه «جملة الأعراض التي يبدو معها المريض وكأنه غريب عن المجتمع الذي يعيش فيه».
في حين عد (فليب بينيل) إن أسباب الإغتراب العقلي تتمثل في نقاط عدة من أبرزها: «المخالفات الشديدة في أسلوب الحياة والعواطف والمشاعر المفرطة (الحادة) المنتهكة والقمعية».
وفي معجم مصطلحات (هيجل) فأنَّ الإغتراب العقلي يقترن في فقدان الإدراك والعزلة عن الآخرين، إذ يعرفه بأنَّه «غيبوبة الإنسان العقلية , أو الذهول والإشارة إلى غربة الأشخاص بعضهم عن بعض».
ويرى (هيجل), (المثالي الموضوعي) أيضا من وجهة نظره أنَّ اغتراب العقل يكمن في أتحاد جدلية « الذات والموضوع, والفهم والحس, والفكر والوجود».
كما أنَّ (فيورباخ), (المادي) عدّ «المثالية إغتراب العقل». ، في حين يكمن فحوى الإغتراب العقلي عند (كارل ماركس), (الطبقي) و (التأريخي) بشعور الإنسان المتزايد بالحرمان والقهر والإستعباد بوصفه «حالة من القهر الإجتماعي والأقتصادي التي تصيب الإنسان والمواطن في الدولة البرجوازية التي يشعر فيها بالعزل والحرمان , والإنفصال عن الآخر». 
كما يؤكد الدكتور (علي وطفه) على مجموعة أبعاد أساسية تمثل جوهر كينونة الإنسان وشخصيته منها العقل, وانَّ المس بها يؤدي إلى حالة إغتراب عقلي «وهي الوضعية التي ينال فيها القهر والتسلط والعبودية من جوهر الإنسان، وهو الحالة التي تتعرض فيها إرادة الإنسان, أو عقله أو نفسه للإغتصاب والأعتداء والتشويه».
في حين الرأي عند (يمنى الخولي) إنَّ «إغتراب العلم هو مقدمة لإغتراب العقل المعاصر».
أما (منير الحافظ) فيرى بأنه «ليس من الصحة بمكان الاعتقاد بأنَّ إغتراب الفكر (العقل) حديث النشأة, وقد قيل: كان العقل قبل الإغتراب مطلقاً, ولكنه بعد تطور الوعي, دخل في مؤطر الغيبيات والمحرمات والتقاليد الرادعة, وظل سادراً في هذا الإيغال حتى صار غريباً عن ذاته».
أما التعريف الإجرائي: هو منظومة المفاهيم التي تحيط بالنص المسرحي المتمحورة حول السياقات السيكولوجية والاجتماعية والدينية أذ تتمظهر فيها أبعاد الإنفصال والإنعزال والتباعد عن القيمة الإجتماعية في (النص), فكراً ولغةً وشخصيات.
 


ياسمين عباس