«تجليات الحضور والغياب النسوي في الفعل الدرامي للنص المسرحي العراقي المعاصر»

«تجليات الحضور والغياب النسوي في الفعل الدرامي للنص المسرحي العراقي المعاصر»

العدد 715 صدر بتاريخ 10مايو2021

تم مناقشة رسالة الماجستير بعنوان «تجليات الحضور والغياب النسوي في الفعل الدرامي للنص المسرحي العراقي المعاصر» مقدمة من الباحثة رواء محسن سلطان العتابي، وتضم لجنة المناقشة الدكتور سعد عبد الكريم خيون، أستاذ الإخراج بكلية الفنون الجميلة جامعة بغداد (رئيسًا)، والدكتور ثائر بهاء كاظم، أستاذ مساعد أدب ونقد بكلية الفنون الجميلة جامعة بغداد، والدكتور عامر حامد محمد، أستاذ مساعد أدب ونقد بكلية الفنون الجميلة جامعة بابل، والدكتور رياض موسى سكران، أستاذ أدب ونقد بكلية الفنون الجميلة جامعة بغداد. والتي منحت الباحثة من بعد حوارات نقاشية انتظمت وفق شروط ومعايير أكاديمية درجة الماجستير.
وجاءت رسالة الماجستير الخاصة بالباحثة كالتالي:
تحاكي الدراما منذ نشوئها، العلاقات الانسانية التي تؤلف كيان المجتمعات وتنطلق من مكنونات المجتمع – المرأة والرجل– وفق معطيات الطبيعة ومؤثراتها الدينية والاجتماعية والسياسية والعادات والتقاليد، ولكل هذه المفردات مؤثراتها على الفعل الأساسي للإنسان، تحديداً المرأة. ولقد قدمت الدراما عبر تاريخها الطويل نماذج كثيرة تناقش واقع شخوصها وتحديد الصراع الذي يؤلف الأساس في  تطور ونمو الفعل الدرامي المنبثق من مناقشة واقع النفس البشرية ضمن معطيات العصر الذي تعيش فيه، ويقف في مقدمة ذلك (المرأة) التي تشكل باستمرار ثنائية الوجود.
تحاول هذه الدراسة الكشف عن الحضور والغياب في الفعل الدرامي النسوي في النص المسرحي ومدى تأثيرها في مسار الفعل الدرامي المجتمع، وجاءت هذه الدراسة متوزعة على فصول ومباحث وفق ما يأتي:
الفصل الأول: ويحتوى مشكلة البحث ثم أهمية البحث حيث يسلط الضوء على تجليات الحضور والغياب النسوي في الفعل الدرامي للنص المسرحي العراقي المعاصر. وهدف البحث التعرف على الحضور والغياب النسوي في الفعل الدرامي للنص المسرحي العراقي المعاصر ، وحدود البحث المكانية(جمهورية العراق) والزمانية(1990-200) والحدود الموضوعية (النصوص المسرحية التي يتجلى فيها الحضور والغياب النسوي في الفعل الدرامي للنص المسرحي العراقي المعاصر). 
والتعريفات الأساسية التي ترتكز عليها الباحثة في موضوع بحثها(الحضور والغياب والفعل الدرامي)، في حين جاء الفصل الثاني الإطار النظري ليشتمل على ثلاثة مباحث: المبحث الأول – التجلي الجمالي والفلسفي لمفهوم الحضور والغياب. 
أما الفصل الثاني فقد سلطت الباحثة فيه الضوء على الشخصية والشخصية الدرامية, و تحدد المبحث الثالث مستويات حضور الشخصية النسوية وتجلياتها في الفعل الدرامي. واختتم الفصل الثاني بالدراسات السابقة ومؤشرات الاطار النظري.
أما الفصل الثالث: فقد تضمن الإطار الاجرائي وشمل مجتمع البحث وادُوات البحث وعينة البحث (الليالي السومرية، الباب، الجنة تفتح ابوابها متأخرة), بما يتلاءم مع موضوع البحث وحدوده المكانية والزمانية والموضوعية، اما الفصل الرابع فقد اشتمل على النتائج  ومناقشتها ومن ابرزها (تشكل الحضور النسوي في النص المسرحي صورة فكرية جمالية مناصرة للمرأة من خلال تأثيرها وتأثرها في الفعل الدرامي. كما في مسرحية  (الليالي السومرية)، يتأسس الحضور النسوي على العلاقة الافتراضية بين الاصل والوجود فبحث في العدم وحقق الوجود فأصبحت الشخصية النسوية هي الوجود داخل العدم، كما في شخصية (هي) في نص (الباب)، شكل حضور المرأة في النص من خلال قيادتها للصراع الدرامي،  ومجرى الفعل في النص المسرحي،  فبدأت تأخذ من قضية الرفض انطلاقة للصراع، وعدم المعرفة والانكار قضية في النص المسرحي كما في مسرحية (الجنة تفتح ابوابها متأخرة). والاستنتاجات ومن اهمها تشكل جدلية الحضور تأثيرا واضحا في اغلب  الفلسفات القديمة، بوصفها  قضية مهمة وجوهرية ، قضية الحضور خاضعة لفلسفة العقل والمادة. اوجدت المؤلفة أن لشخصية (نصابا) تأثيراً واضحاً في الفعل الدرامي؛ كونها اخذت موقف الحكمة والعقل. اوجد المؤلف حضور الشخصية (هي) بعالم افتراضي فعالج الحكاية (الف ليلة وليلة) بأسلوب درامي وبحضور نسوي فاعل.
وأهم ما رأته الباحثة من توصيات تسليط الضوء من كتابة بعض النصوص المسرحية التي تعالج شخصيات نسوية في المجتمع العراقي في هذه الفترة، كون هناك العديد من النساء اللواتي كان لهن حضور وتأثير واضح في المجتمع العراقي، ومن أهم المقترحات المعالجة الدرامية لشخصية المرأة في الموروث الشعبي، وملامح الصراع النسوي في النص المسرحي العراقي المعاصر.
مشكلة البحث والحاجة إليها:
شكلت المرأة  منذ الازل والى يومنا هذا دوراً بارزا في بناء المجتمع  وتقدمه ، الا أن هذا الدور الذي وصلت اليه لم يكن متحققا من دون أن تمر المرأة بأدوار من التأثيرات والعوامل الخارجية منها الاجتماعية والسياسية والفكرية، وهذا  الدور سبب لها نوعاً من الاحباط الاجتماعي على مرّ العصور . لكن مع التطور الذي حصل في المجتمعات وانفتاحها على الثقافات والأيديولوجيات  مكنها من ان تشكل حضورا مهما في المجتمع،   اذ بدأت تحصد وتنتج  وتستثمر حقوقها وتحقق ذاتها وحضورها وتبني شخصيتها على وفق الرؤى التي جعلت لها حضوراً مميزاً في دائرة العلائق الاجتماعية والثقافية والادبية، بل أن الأمر تعدى ذلك الى أن تحقق لها حضوراً بؤرياً ومركزياً في المنتج الابداعي.
حققت المرأة حضورا مهما في الادب المسرحي كون النص المسرحي، ذا أهمية متميزة واستثنائية  بوصفه وسيلة من وسائل نقل الثقافات والأفكار والمعارف بين الشعوب  عبر ما يقدمه الكاتب من رؤىً وأفكارٍ وفلسفاتٍ يعبَّر عنها من خلال نصه المسرحي الذي يجسد به القيم والمبادئ التي يؤمن بها ويحاول نشرها من خلال النص، كما إن الكاتب يجسد المكنونات الاجتماعية للمجتمع الذي يعيش فيه.
على الرغم من وجود اختلافات بينية، بين ما يؤمن به الكاتب وبين النص الدرامي من حيث الأفكار والمبادئ والفلسفات النابعة من البيئة  التي يحيا فيها والمجتمع الذي يحيا في كنف عادات وأعراف وتقاليد تناقلها جيل عن جيل، ومع ذلك نجد أن المبادئ والأفكار والتصورات التي يحملها النص تصل إلى المتلقي بصور متفاوتة  على اعتبار ان الادب المسرحي الذي يتميز بكونه فناً إنسانياً واجتماعياً واخلاقيا. والنصوص المسرحية العالمية لا تخلو من شخصيات نسوية، وهذه الشخصيات هي من أهم أعمدة البناء الدرامي والتي تتحاور وتتصارع وتقود الحدث من بدايته حتى نهايته عبر تقلب أمزجتها وتنوعها وفق الأبعاد المرسومة لها وعبر الأفعال وردود الأفعال تجاه المواقف المتعددة التي تحدد مسار الفعل المسرحي.
اثبتت المرأة حضوراً ملحوظاً في الدراما المسرحية جعلها تتفوق احياناً على اقرانها من الرجال، كما انها عاشت تحديات اجتماعية استطاعت عبرها ان تثبت بأنها ليست جزءاً منزوياً او مهمشاً من الفاعلية الثقافية والفنية، بل ركناً اساسياً فيها، كما كان لها بصمتها التي لا تمحى، وتأثيرها الذي لا يُنكر، وفي المسرح العراقي كانت المرأة هي السبّاقة الى كسر ذلك الاحتكار الذكوري للمسرح والناتج عن عوامل اجتماعية وفنية رغم المخاطر الاجتماعية الرافضة لوجود المرأة على خشبة المسرح.
وقد كان حضور المرأة وادائها كممثلة ومخرجة ومصممة وكاتبة فاعلاً ثنائياً مع زميلها الرجل، إذ برزت أسماء عديدة في المسرح العراقي على مستوى الإبداع والثقافة وحاولت المرأة العراقية أن تكون قريبة من نبض الشارع العراقي بكل همومه وطموحاته وتبقى تطلعات المرأة واهتماماتها في العروض المسرحية التي كانت مشاركة فيها  بشكل فعال، ولها فاعلية كبيرة في العرض رغم الظروف والضغوط المحيطة من المجتمع، إلا أن ذلك الحضور يتعلق بنظرة المجتمع السلبية ورؤيته للمرأة في الواقع رؤية ضيقة، مما حتم حضور شخصية المرأة في الادب والفنون والمسرح.
 


ياسمين عباس