العدد 712 صدر بتاريخ 19أبريل2021
تحت رعاية الدكتورة ا?يناس عبد الدايم وزيرة الثقافة، وأمانه دكتور هشام عزمي أقيم الأربعاء الماضي بالمجلس الأعلى للثقافة مؤتمر»ثروت عكاشة فارس الثقافة المصرية « وذلك ضمن احتفالات وزارة الثقافة المصرية بمئوية الكاتب والمترجم والمفكر الكبير الدكتور ثروت عكاشة، التي بدأت منذ شهرين في دار الأوبرا المصرية ، وتستمر فعالياتها طوال العام الحالي، وفي مناطق مختلفة على أرض مصر، ومشاركة قطاعات وزارة الثقافة.
بدأ المؤتمر بكلمة الدكتور هشام عزمي الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة، الذي استهل كلمته قائلاً إن مصر كانت منذ فجر التاريخ موطنا للفنون والآداب ومختلف فروع الثقافة، وأنها عرفت الحضارة بكل تياراتها وأدواتها وهيئاتها قبل أن تكون لها وزارة ترعاها الدولة المصرية و هي التي تأسست منذ أكتر من ستين عاما، حيث بدأت الأنشطة الثقافية تتخذ إطارا مؤسسيا يحمل اسم وزارة الثقافة ، وكان لمصر عبر تاريخها الممتد مؤسسات وجمعيات ثقافية ومعاهد ودور صحف معظمها نشأت بجهود أهلية مدنية، علاوة على المعاهد والمؤسسات التعليمية التي تعنى بشؤون الثقافة، مقترنة بالتعليم، وتوفر ذلك كله للمناخ الثقافي العام الذي برز فيه أجيال من المثقفين والفنانين والأدباء و مختلف فنون الثقافة والإبداع. أضاف: تاريخ حافل يموج بحركة ثقافية حيوية تبحث في الأصول والأصيل من التراث الجيد وتتواصل مع تيارات الفكر والثقافة العالمية المعاصرة فتقيم فرقا وجمعيات ومتاحف وصالونات ولجان للتأليف والترجمة والنشر، ومنذ بدايتها الأولى مع نهاية الخمسينيات من القرن الماضي وضعت وزارة الثقافة مجموعة من المحددات ما لبثت أن شكلت المرتكزات الأساسية لتغير مناحي أنشطتها الثقافية، كان أولى هذه المرتكزات أن ترتبط السياسة الثقافية بخطة التنمية الشاملة، تتأثر بها وتؤثر فيها كما تتأثر بالتطور العلمي والتكنولوجي فى المجتمع وتؤثر فيه، وفى وسط هذا الزخم الثقافي يظهر الدكتور ثروت عكاشة.
تابع أمين المجلس الأعلى: عندما يحتفي المجلس الأعلى للثقافة من خلال هذا المؤتمر بالدكتور ثروت عكاشة فإنه يحتفي بشخصية استثنائية كان لها بصمة واضحة وأثر بالغ على الثقافة في مصر، فهو كاتب ومفكر ومبدع كبير تمكن من أن يقود الثقافة المصرية ويؤسس البنية التحتية للثقافة في مصر في أعقاب الثورة وإبان توليه مسئوليه وزارة الثقافة من 1958 إلى 1962 ومن 1966 إلى 1970 .
وقال إن عكاشة أحدث تغييرا جذريا في المشهد الثقافي في مصر أدى إلى نهضة ثقافية، حتى اعتبره كثيرون الشخصية الثقافية الأولى في مصر، فقد كان اسمه يتردد صداه على امتداد الوطن العربي الكبير وفي عواصم الثقافة في أوروبا وقد استطاع أن يربط فى كل مشروعات الوزارة بين النظرة الإنسانية والقومية للثقافة وكانت مقولته الشهيرة « إن الثقافة علم وعمل ثم موقف واضح من هذا العلم وذاك العمل « .
وأشار عزمي إلى أنه وضع إستراتجية كبرى للنهوض بالثقافة المصرية فأنشأ العديد من الصروح الثقافية وألف العديد من الكتب فى الفن والفكر والثقافة، وكان يرى ضرورة التواصل مع كبار المثقفين فى مصر منذ اليوم الأول لتسلمه مهام الوزارة، فدعا الفنانين والمثقفين والعاملين فى مجالات الثقافة ومتابعة أنشطتها إلى عقد مؤتمر عام في مارس 1959 بدار الاوبر، و تواصلت جلسات الحوار الجادة طيلة أسبوع كامل في لجان نوعية محدودة العدد، وكان نتاج هذا المؤتمر أن تكشفت للمسئولين الرؤية الثقافية المطلوب إنفاذها في مختلف الجهات، والفئات.
أضاف: لقد كان مؤمنا بأن دور الفنان هو الارتقاء بالجماهير وأن تطوير الثقافة يقتضى نقل ثقافة العاصمة إلى الأقاليم، و رأى أن ما يمهد لهذا ويحققه هو إقامة القصور الثقافية بدءا من عام 1959 وبث قوافلها في مناطق الريف البعيدة، وفى عهده وضعت خطة خمسية للعمل الثقافي شملت إقامة دار حديثه للأوبرا ودار جديدة للكتب واستكمال بناء عدد من المسارح فى القاهرة والإسكندرية وإنشاء قصور للثقافة والسيرك القومي ولم تكن هذه المشروعات قصيرة الأمد، و ظل يعمل على إنجاز هذه المشروعات في السنوات الثلاث التالية له في الوزارة، فأنجز ونفذ بعضها، ووضع الأساس لمجموعة كبيرة من المتاحف هي من أعظم ما تملكه مصر الآن، كما بدأت عروض الصوت والضوء، وبرز دوره الثقافي الأكبر من خلال إقناع الهيئات الدولية بالمشاركة في إنقاذ معبدي فيلة وأبو سمبل والآثار المصرية في النوبة.
واختتم عزمي كلمته بأن المجلس الأعلى للثقافة شرف برئاسة الدكتور ثروت عكاشة له عام 1962، كما حصل على جائزة الدولة التقديرية في الفنون من خلاله عام 1987 وكذلك جائزة النيل، ومبارك في الفنون عام 2002.
المحاضرة الأولى في المؤتمر ألقاها الدكتور أحمد مرسي أستاذ الأدب الشعبي بكلية الآداب جامعة القاهرة، و تحدث فيها عن ثروت عكاشة الوزير والإنسان الذي عرفه مع بداية عمله مع الدكتور عبد الحميد يونس عندما عُين وكيلا للثقافة الجماهيرية وقتها، وأشار إلى أن يونس كان «كفيفا»، لذا كان تعينه أمرا مستغربا، و هوجم هجوما شديدا، ما أثر في نفسه كثيرا، وكان على وشك الاعتذار عن هذا التكليف، فذهب إليه الوزير ثروت عكاشة طالبا منه ألا يلتفت إلى ما يقال، و طالبني بالعمل مع الدكتور عبد الحميد يونس وقال لي «أنت تلميذه وعينه التي سوف يرى بها». وأشار مرسى إلى أنه عرف في تلك الفترة الغنية الكثير عن الحياة الثقافية التي كانت تمتلئ بأسماء شابة مثل: «محمد غنيم – فاروق حسني – محمود دياب»، وكان غير معتاد أن يشغل الشباب مناصب في وزارة الثقافة، ولكن كما ثروت عكاشة على حد قوله - كان يري ما لا يراه أحد.