رسالة دكتوراة عن.. فهد الحارثي

رسالة دكتوراة عن..  فهد الحارثي

العدد 679 صدر بتاريخ 31أغسطس2020

ناقش الباحث خالد أحمد محمود رسالته للدكتوراه وهي بعنوان  البناء الدرامى فى مسرحيات الكاتب  السعودى فهد ردة الحارثى بكليه الاداب جامعه حلوان وتكونت لجنه الحكم والمناقشه د /سيد علي إسماعيل، د/ احمد صقر، د/ رشا السيد،د/ احمد بهي الدين العساسي .
يقول الباحث عن رسالته :
 ما لفت انتباهي إلى المسرح السعودي، هو ندرة ما كتب عنه أو ما رصد عن الحركة المسرحية في المملكة العربية السعودية، باعتبار أن المسرح السعودي مسرح وليد ولكن استوقفتني نصوص الكاتب المسرحي السعودي فهد ردة الحارثي والتي وجدت فيها اختلافا من حيث البناء الدرامي لمسرحياته، وتطويعه للنصوص المسرحية لتواكب ما يعتري المسرح السعودي من أزمات جعلته يتأخر عن مسيرة ركب المسرح العربي، كما وجدت في لغة الحارثي الحوارية تدفق للأفعال المسرحية وموضوعاته الفكرية التي تهتم بذات الإنسان المعاصر كل هذه الأسباب جعلتني أقدم على مشواري البحثي ولكني أردت التأكيد على رصد البناء الدرامي لمسرح الحارثي، حيث أتى من وجهه نظر الباحث المتواضعة كاسرا للنسق . المعتاد في البناء الدرامي للمسرح عموما وهذا ما سأحاول إثباته في بحثي إضافة لمدى التطور الذي دب في المسرح السعودي المعاصر، وكيفية معالجة خصوصية المسرح السعودي في نصوص الحارثي المسرحية.
ومن هنا تأتي أهمية الدراسة حيث تؤكد على رصد البناء الدرامي بشكل مختلف عند مسرح الحارثي فالخروج أحيانا عن النسق البنائي المتعارف عليه يجعل من مسرح الحارثي مسرحا مختلفا حيث التوغل في الذات الإنسانية وما بها من تناقض ومشاعر سلبية وإيجابية وتوظيف لغة الحوار لإبراز ما يدور في خلجات الإنسان من شعور وإضافة لهذا هو تطويع النص المسرحي ليتناسب مع معوقات خارجية فرضتها الظروف على المسرح السعودي، فمن ضمن هذه المعوقات الصعبة هو غياب العنصر النسائى وكيفية التغلب على هذا المعوق وقد استخدمت المنهج الوصفي التحليلي الذي من خلاله حلل الباحث نصوص مسرح فهد ردة الحارثي. وتم تقسيم البحث كالتالي:
بمقدمة عن المسرح السعودي ونشأته وأصوله وتطوره وخصوصية المسرح السعودي وآراء الباحثين حول أزمة المسرح السعودي وما الأمور التي آل إليها المسرح السعودي وكيفية تغلبه على الأزمات التي أحاطت به من خلال مسرح سعودي معاصر متطور واشتملت نصوص المسرحية وأسلوبه الكتابي وكيف استطاع أن يسخر النص المسرحي في إعلاء شأن المسرح السعودي.
كما تضمنت المقدمة عن الدراسات السابقة عن الكاتب المسرحي فهد ردة الحارثي وما وقفت إليه فيم يفيد بحثي حول البناء الدرامي المسرحي للحارثي وما الإضافات التي سيضيفها البحث على ما تم الوصول إليه:
ينقسم البحث إلى بابين وهما:
الباب الأول: البنية الداخلية لمسرحيات فهد ردة الحارثي:
الفصل الأول: الحبكة المسرحية عند فهد ردة الحارثي
العرض التمهيدي –العقدة- الحل
الفصل الثاني: عناصر الحبكة المسرحية عند الحارثي:
الفكرة .- الشخصية.- الحوار- الفعل -الزمن .- المكان .
الباب الثاني: الصراع الدرامي في مسرحيات فهد ردة الحارثي
الفصل الأول: عناصر البناء الدرامي ودورها في تشكيل الصراع.
الصراع الدرامي.-أشكال الصراع الدرامي.-أنواع الصراع الدرامي.
الفصل الثاني: عتاصر البناء الدرامي وجورها في تشكيل الصراع الدرامي عند الحارثي
مسرحية “ تنصيص” نموذجا ومسرحية كافى
مسرحيات فهد الحارثى فى الرسالة التى حللها  الباحث :
يا رايح الوادي، بيت العز، شدت القافلة، النبع، البابور، ملف إنجليزي، أنا مسروريا قلعة، شروق مريم، زبن خليك رجال، البروفه الأخيرة، المحتكر، لعبة الكراسي، بازار، عصف، الناس والحبال، العرض الأخير، سفر الهوامش، يوشك أن ينفجر، أنباء الصمت، حالة قلق، رحلة بحث، كنا صديقين، نقطة آخر السطر، يا ورد مين يشتريك، عنترة أسطورة الحب والحرب، المحطة لا تغادر، الجثة صفر، رحلة بحث، مساحة بوح، تشابك، تفاصيل الغياب، بعيدا عن السيطرة، وأخيرا تنصيص . وكافى
اهم نتائج البحث :
-أن فهد ردة الحارثي توغل في داخل الإنسان بل غاص إلى أعماقه محاولا أن يجد تفسيرات لأسثلة كثيرة تشغل الإنسان منذ قديم الأزل، وقد عنى الحارثي بالداخل الإنساني وحواره مع ذاته ورؤيته للآخر والأشياء من خلال هذه الذات البشرية وتجلت لديه المونودراما في العديد من مسرحياته.
- شخصية فهد ردة تميل إلى الإنسان بمفهومه الشامل ما يؤرقه ويشغله ويحيره ويجعله يفكر في أحلامه وطموحاته وأفكاره وهواجسه ومخاوفه وآلامه وعذاباته وعواطفه وأوهامه ومشاكله وأفراحه وأحزانه وكل ما يجول بذاته، فهو كاتب مسرحي اعتمد على الإنسانيات ومناقشتها على المسرح من خلال شخصيات تمثل أنماط مختلفة من البشر.
- إن الحارثي استطاع من خلال تسليط الضوء على الداخل الإنساني وتجسيد تفاصيله على خشبة المسرح من خلال حوار يستخدم الفاظ تميل إلى الشاعرية والخيال ومن خلال الاهتمام بالشخصيات المهمشة التي بعد المسرح التقليدي عن التركيز عليها هذه الشخصيات الهامشيه أصبحت في مسرح الحارثي أبطالا لها قيمة كبيرة لم تكن واضحة لأنها برزت من خلال لغة الحارثي وحواره المسرحي فقد استطاع أن يصل بالمسرح السعودي إلى منطقة جديدة تتواءم مع ظروف.
* وهذا ما برز فيشتحليل النصوص وتأكيدا لعملية البناء الدرامي بالجملة المسرحية فاستطاع فهد أن يبني الدراما في جملة حوارية .
* فهو كما يقول لرؤيته للنص المسرحي المختلف والجديد. 
“إننا أمام عالم متغير متبدل سريع الركض نحو اتجاهات متعددة وكل يوم يمر بنا يجعلنا نلهث في الركض خلف هذه الاتجاهات لأنك ببساطة شديدة لا تستطيع أن تظل واقفا وكل شيء يركض من حولك، نحن في عمق دوامات من التغير وإعادة الهدم والبناء لعالم جديد، عالم له فكرة وتكوينه وبنيته الخاصة به ولعل من أكبر أمنها بنية متحركة لا قرار فيها”.
ومن هذا نفهم أن النص المسرحي عند كاتبنا لابد أن يواكب سرعة وتغير العالم المحيط، وهذا لن يأتي من خلال النص والبناء الدرامي التقليدي وإنما لابد أن يتوغل في عالم مختلف،يرصد ما بداخل الإنسان المعاصر من مشكلات وقضايا، فإنسان هذا العصر محاط بقضايا الغربة والاغتراب والتهميش والفقر والعنصرية وبعدم الاستقرار، رؤية كاتبنا أن النص المسرحي لابد أن يغوص في هذا التغيير الذي يشهده العالم وأن يمثل الصراع الداخلي لإنسان اختلفت ظروفه المعيشية عن سابقه. 
-  لذلك نجد أن تدعيم فهد الحارثي للجدليات في الفترة القادمة من كتابة النص المسرحي العربي تأتي لإيمانه بقيمة العقل وضرورة أن يعمل القارئ والمشاهد على العرض عقله في القضايا المطروحة وأن يكون له دور ولا يكن ساكنا كالمعتاد، لذلك اعتمدت نصوص فهد الردة الحارثي على الجدليات والفرضيات وكثرة زوايا الرؤيا وتداخل الأفكار ونجد ذلك في أكثر من نص آخرهم نص “ تنصيص “ يحمل لنا فكرة مختلفة، تضع القارئ في فرضيات وجدليات وهذا ما يجعل الباحث يؤكد أن فهد الردة الحارثي استطاع أن يعبر بالنص لاتجاه يجعله نص حي، نص تفاعلي، نص يتعايش معنا ونتعايش معه.
-  أفكار المسرحيات جريئة، فلم يرى الباحث أن الحارثي قد خجل من أفكار، تمس داخل المرأة وإحساسها وقضاياها الخاصة كما جاء في شروق مريم،” سكر نبات “ فالمسرحيتان تناقشان أمور تتعلق بإحساس المرأة وقد عبر عنها بطلاقة بل استطاع في مسرحية شروق مريم أن يجسد إحساس المرأة المطلقة ونظرة المجتمع لها وهي قضية شائكة في المجتمع السعودي.
-  جاءت أفكار المسرحيات في أغلبها أفكار فلسفية جدلية، كما في مسرحية “ تشابك “ حيث الصراع الداخلي بين النفس والإنسان واستطاع من خلال الفكر الفلسفي أن يطرح قضايا اجتماعية 
أن الحارثي، اتخذ من شخصياته عنوانا لأفكار أو توضيحا لما تدور حوله الفكرة والقيمة المسرحية مثل مسرحيات “ شروق مريم – زين – لعبة الكراسي “ فقد أطلق أسماء شخصيات المسرحية كعنوان لها لأنها تعبر عن مضمون الفكرة.
 اهتم الحارثي بشخصيات جديدة وغير مستغلة في المسرح من قبل فقد جعل “ الجثة “ في مسرحية “ الجثة صفر “ تتحاور مع محققها فقد جعلها شخصية محورية على غير المعتاد، مما يكسب النص كثيرا من الإثارة .
-  اعتمد الحارثي على التنوع والتجديد في الشخصيات 
يحدد أسماء لشخصيات في بعض نصوصه، فنجد استخدامه لكلمة “ ممثل “ رقم 1، رقم 2 ... وهذا جعل نوع من الصعوبة في تحديد الشخصيات ومعالمها، وإلى تقارب الشخصيات في الظهور وتعاقب أدوارها.
*  لغة الحارثي اعتمدت علي اللغة الشاعرية، التي تبرز دفئ المشاعر، فالحوار عند الحارثي ليس مجرد توضيح فكرة فقط، و إنما يعبر عن مشاعر عميقه للممثل يراد من خلالها اظهار القيمة الحقيقية للحوار وهي توصيل المشاعر الصادقة .
* استخدم الحارثي في لغة حواره، لغة تقوم على الصور البلاغية و المفارقة و التكرار و التفاصيل و التضاد , و الصور البلاغية و الجناس و رد الصدر علي العجز ورد العجز على الصدر و الاستعارات .
*  كلمات الحوار مركزه و مكثفة بها دلالات و رموز التي لها قراءات مختلفة .
* ما يميز حوارات الحارثي أنها تستخدم لغة موسيقية أو منسجمه مع بعضها لها تأثيرات صوتية .
* الفعل في مسرح الحارثي متجدد، و حيوي في مسرحياته جميعها و لم يفتقد مسرح الحارثي من الفعل المتجدد علي الرغم من ميل مسرحه إلى الفكر والفلسفة وذلك لأنه الحدث يرتكز علي العناصر الفكرية الداخلة في الصراع الذي يجريه
* الزمن عند الحارثي رمز، فقد استخدم الرموز لتعبير عن الزمن ( المساء ) رمز للكبر أو للتّقدُّم في العُمر،( الفجرُ ) رمز للبُزُوغ والنُّور.
هُناك ارتباطُ واضحٌ بين الحارثى والفجرُ والصّباحُ، لأنّه يرى إنّه مولُودُ جديد، أملٌ، حُبٌّ، بدايةٌ، فالفجرُ عند الحارثي ليس مُجرّدُ بداية يوم وإنّما ميلادُ حَيَاة


محمود سعيد