العدد 635 صدر بتاريخ 28أكتوبر2019
الشعب العربي شعب واحد تجمعه اللغة والثقافة والتاريخ والجغرافيا والمصالح، ذلك هو ما يسعى عرض “حب رايح جاي” الذي يجري بروفاته المخرج ياسر صادق على خشبة المسرح العائم، وهو من إنتاج المسرح الكوميدي.
تدور أحداث العرض حول حبيبين يسعيان إلى الزواج فيما يشترط جد الحبيبة أن يقوم الشاب بجمع شمل الأعمام من مختلف البلدان العربية.
العرض بطولة ميدو عادل، دنيا عبد العزيز، أحمد صيام، رشوان توفيق، ميسرة، محمد حسني، عادل ماضي، محمود فتحي، محمود الهنيدي، ديكور محمد هاشم، أزياء دنيا الهواري، مخرج منفذ محمد حسين، إخراج ياسر صادق.
وقال المخرج ياسر صادق: العرض فكرة الفنان أحمد صيام، وقد جذبتني كثيرا وقررت إخراجها للمسرح الكوميدي، وتولى كتابة الفكرة المؤلف سامح عثمان وهو كاتب موهوب وله نصوص متميزة. أضاف: العرض يدور في قالب كوميدي استعراضي غنائي تدور فكرته عن الحب بمعناه الأشمل والأعم، الذي إذا استطعنا التمسك به فسنتجمع كأسرة ومجتمع وأمة، ويحدث التغيير في كل شيء. و”حب رايح جاي” يشير إلى عدم الثبات، فتارة نحب وتارة نكره، تارة نتقدم وتارة أخرى نتقهقر.. والمسألة نسبية.
أضاف: أي فكرة تختلف وفقا لعين الرائي، فالمؤلف ينظر إلى الفكرة بعينه ورؤيته والممثل كذلك، أما المخرج الذي هو أب العمل فيرى على نحو أشمل، وقد تعلو فكرة في مرحلة وتخفت في مرحلة أخرى، كما أن هناك مستويات مختلفة للتلقي، لذا لا نستطيع أن نقول إن العرض يتحدث عن شيء يعنيه.
تابع صادق: الاستثمار في البشر يغير الدول والأمم، حتى إذا كانت هناك موارد مادية، فالمورد البشري يعد أهم عناصر التقدم في أي أمة أو شعب وهو ما يساهم في التطور والتقدم، والبذرة الأساسية لهذا الأمر هو حب الوطن والانتماء إلى أرضه، فإذا أحببنا الوطن وأحب كل منا الآخر وتقبله بغض النظر عن هويته أو سلوكياته سنرتقي بالشعوب.
وعن التكنيك الذي يعتمد عليه في العرض قال: لي بصمتي الخاصة في أعمالي ولا أتعامل بمدرسة إخراجية بعينها ولكن من الممكن أن أتبع أكثر من مدرسة إخراجية أو أقوم بدمج مدرستين في وقت واحد.
وعن فن الكوميديا قال: الكوميديا أسرع وأكثر تأثيرا في توصيل مضامين أي عمل فني، بخلاف التراجيديا التي تقوم بعمل ما يسمى “بالتطهير اللحظي”.. الكوميديا إعمال للعقل، ونحن بطبيعتنا شعب هزلي وكوميدي، وتظل الإيفيهات عالقة في أذهاننا لفترة طويلة.
هدف ومضمون
فيما قال المؤلف سامح عثمان: العرض يناقش فكرة التجمع حول الهوية وتجمع الفرقاء، سواء كانت أسرة أو رفقاء أو مواطنين أو دول في وطن عربي، وهي أشكال للتفرقة مختلفة.
وعن ظروف كتابة النص كشف عثمان قائلا: قمت بعمل جلسات عمل مع المخرج ياسر صادق والفنان أحمد صيام صاحب فكرة العرض وتناقشنا كثيرا وقمت بالكتابة بتكليف من المخرج ياسر صادق.
أضاف: أهم ما يميز العمل أنه عمل كوميدي، وكنا قد أهملنا تقديم هذا الجانب كثيرا ما أدى إلى خروج تيارات أخرى بها كم كبير من السخف.. وفي «حب رايح جاي» نعيد الكوميديا بركائزها الأصيلة التي تحوي مضمونا وهدفا في قالب استعراضي.
بواعث وطنية وقومية
يجسد الفنان أحمد صيام دور الأب في أكثر من بلد عربي، وعن أدواره قال: سبق وأن جسدت أكثر من شخصية في أكثر من عرض مسرحي ولكن في مسرحية «حب رايح جاي» الأمر مختلف بشكل كبير، فالشخصيات متشابهة في الشكل ومختلفة في الجوهر، كل شخصية لديها نقيصة أو عيب ينفر الشاب والفتاة منها، في إشارة إلى ما قامت به الأنظمة العربية من أدوار في تفرقة الشعوب عن بعضها البعض، وأن كل دولة بها نقيصة ما يجب أن تقوم بإصلاحها حتى نتجمع مرة أخرى ويتم «لم الشمل».
أضاف: النص فكرتي التي كانت دائما ما تؤرقني، لما نلمسه من التفرقة الحادثة بين الحكومات العربية، ولكن مع طوال الوقت واختلاف الحكومات نرى الشعوب متآلفة مع بعضها البعض، وهناك حب كبير بين المواطنين في كل دولة عربية. وبصفتي رجلا نشأ في عصر جمال عبد الناصر أحمل بعضا من الفكر القومي، والمسألة القومية تؤرقني، وهو ما سعى إلى تحقيقه الرئيس الراحل جمال عبد الناصر الذي كان له نظرة بعيدة.. تابع: ظلت هذا الفكرة عالقة بذهني لمدة طويلة وتحدثت بها مع المخرج ياسر صادق، ولكن نظرا لانشغالي قررنا أن يقوم المؤلف سامح عثمان بكتابتها.
واستطرد: نحتاج إلى مسرح موجه نحو تحفيز البواعث الوطنية والقومية وليس بالضرورة أن يكون في نفس الإطار، ففي فترة الستينات كان لدينا مجموعة من الكتاب المهمين أمثال سعد الدين وهبه ونعمان عاشور، وألفريد فرج وعلي سالم، وغيرهم، وكل منهم كان يكتب أفكارا تصب في الاتجاه الاشتراكي وكان لكل كاتب منهم منهجه في التعبير عن هذا الاتجاه وتقديمه بالشكل الذي يراه وكانت كل الكتابات تتجه للصالح العام وللتثقيف.
وختم صيام بقوله إن العرض يطرح سؤالا مهما وهو: هل يستطيع الحب لم شمل العرب.. أم أنهم سيهدمون الحب الذي يجمع بين الحبيبين؟
دروس مهمة
يجسد الفنان ميدو عادل دور سامي الذي تربطه علاقة حب بفتاة تجسد دورها الفنانة دنيا عبد العزيز، وعندما يشرعان في الزواج يضع جدها بعض الشروط التي وفقا لها تبدأ رحلة الحبيبين في العرض. قال ميدو عادل: العرض يضم عناصر متميزة جذبتني للعمل منها الموضوع والتعاون مع المخرج المبدع ياسر صادق، وأهم ما يميز النص هو الرحلة التي تكشف أمورا كثيرة ومعاني مهمة للحبيبين، وفكرة الحب بمعناه الأشمل.
وتضيف الفنانة دنيا عبد العزيز: من خلال الرحلة سنرى الحب وكيف يمكن أن يتعرض في مجتمعنا للكثير من الصراعات. تابعت: ما جذبني في النص أنه مختلف، وأشعر أنه سيحقق إضافة لتاريخي الفني، وآخر العروض المسرحية التي قدمتها كان «رئيس جمهورية نفسه» بطولة محمد رمضان، وقد حققت فيه نجاحا كبيرا، وكانت رغبتي ألا أقدم مسرحا إلا إذا شعرت أن النص المقدم مختلف ويحوي رسالة مهمة وهادفة.
الكوميديا ذات المضمون
وتلعب الفنانة فاطمة عادل دور الإبنة لأكثر من أسرة في أكثر من دولة عربية وعن دورها قالت: ما يميز الدور أنه يتيح التنوع في الأداء واللهجات، وقد جذبني وجود الكوميديا التي تحمل المضمون وهو شيء جيد، فكما نعلم أحد أهداف الفن هو الترفيه، ولكن إذا كان هذا الترفيه ذا مضمون يكون الأمر مكتملا.