الأمريكي دان سيفر: الرقص لغة وليس مجرد حركات

 الأمريكي دان سيفر: الرقص لغة وليس مجرد حركات

العدد 632 صدر بتاريخ 7أكتوبر2019

ضمن فعاليات الدورة الـ 26 لمهرجان القاهرة الدولي للمسرح المعاصر والتجريبي، أقيمت ورشة “إخراج المسرح الراقص” للمدرب الأمريكي دان سيفر، بمركز التحرير الثقافي بالجامعة الأمريكية واستمرت على مدار 3 أيام.
واستهل “سيفر” الورشة بطلب  أن يقوم المتدربون بعمل حركات دائرية بأجسادهم، مما يساعدهم في التحرك بشكل أكبر، مع رفع رأسهم للأعلى.
وأوضح “سيفر”، أنه يجب توسيع الدائرة مع مرور الوقت بالتمرين، ثم انحناء الظهر مع الإمساك بالكوع، ثم محاولة الخروج من تلك الدائرة. وأشار إلى  أنه مهتم كثيرا ببناء علاقة الجسد بالمكان وما حوله.وأنه يرى أن تصميمات الرقص تعد لغة جسدية، وليست مجرد حركات، مؤكدا على أن المشاجرة يمكن معرفتها من خلال الحركات التي تشاهدها في الشارع، حتى إن لم تتمكن من سماع ما يقال. وواصل “سيفر”، عمل تدريبات تحتاج  إلى المرونة والحركة بشكل كبير، خاصة أنها تحتاج إلى انحناء الظهر مع ثبات القدمين، وهو ما يشكل صعوبة على بعض المتدربين، ولكن “سيفر” يقوم بتعليم الحركة لكل شخص يواجه صعوبة في القيام بها.
وطلب المدرب من المتدربين أن يتخيلوا أنفسهم يرتدون ملابس غالية جدًا ولا يريدون إفسادها، فكيف سيتعاملون مع ذلك الأمر إذا  وقعوا، كيف سيحاولون أن لا تفسد ملابسهم ولا تلمس الأرض، وتفاعل المتدربون بشكل كبير مع هذا التمرين رغم صعوبته.
وطلب “سيفر”، أن يقسم المتدربون  أنفسهم لمجموعات كل مجموعة تضم 5 أشخاص، للقيام بعمل تمرينات على علاقة الجسد بالمكان، وعلاقتهم بأجساد بعضهم البعض  في مساحة الفراغ الخاصة بالغرفة، من خلال التعامل مع الانفعالات الخاصة بهم، وتأثيرها عليهم.
وأوضح أن الورشة سوف تركز على ما يحدث في الغرفة التي أمامنا، مما يسمح لنا باكتشاف ما يحدث معنا، وإخبارنا بما نريد أن نكون عليه، بدلاً من فرض خطة محددة مسبقًة على ما نفعله.
واختتم اليوم الأول قائلاً: إن التمارين التي يقوم بها المتدربون تعمل على أن نرى ما بداخل أجسادنا، حتى تصل للعلاقة بين الشيء الذي تقدمه وارتباطه بالمكان الذي توجد فيه.
وأوضح أن الفكرة تجاه رقص المايم أنه محدود جداً في الحركة، ونحن لا نريد ذلك ، بل نريد أن يتحرك جميع أجزاء الجسد. وأكد أن تقليد الرقصات والتمارين لا يؤثر على انفعالاتنا الداخلية، فكل شخص يكون له انفعالاته الخاصة به رغم تقليد الآخر، مشيرا إلى أن الطريقة التي تقدم بها التمارين تفرق جداً في توصيل المعنى، إضافة إلى ملء الفراغ في الحيز الذي يشغله الراقص.
ولفت “سيفر”، إلى أن المسرح الراقص لا يعتمد كثيرا على الديكور، حيث أن الراقصين يشغلون الحيز الأكبر على خشبة المسرح.
وبدء اليوم الثاني للورشة بعمل مجموعة من التمارين التي تعتمد على المرونة الجسدية للمشاركين ، حيث طلب “دان سيفر” عمل تمارين “اليوجا” وهي رياضة الروح والجسد  والتي تساعد كثيرا الراقص في حركته، مؤكدًا أنها نظام رياضيّ مفيد للجسد والعقل والروح؛ لذلك لا تعدّ مجرد رياضة فقط، لافتًا إلى أنها تتميز بعدم حاجتها إلى أي معدات أو تجهيزات، ويمكن ممارستها في أي وقت وفي أي مكان، كما أنّها مناسبة لجميع الأعمار.
كما طلب من المتدربين الوقوف بشكل مستقيم دون اعوجاج، مع المحافظة على المسافة بين القدمين، مع مدّ الذراعين على طولهما ناحية الجانبين للخارج، وملامسة الذراع الأيمن للساق اليمنى، عن طريق إمالة الجانب الأيمن من الجسم فوق هذه الساق، ثم مد الساق اليسرى ناحية السقف والمحافظة على هذه الوضعية لمدة 30 ثانية، ثم العودة لوضعية البداية.
وأكد “سيفر”، أن المسرح الراقص يختزل الدراما في التعبير الجسدي الراقص الذي يعتمد على الجسد، مشيرًا إلى أن التفكير في المواقف التي نقوم بأدائها على خشبة المسرح تجعل المخ يربط بينها وبين ما يحدث أمامنا، لذلك فإن الحالة المقدمة تكون مختلفة تمامًا عما نشعر به.
وقام بعرض عدد من مقاطع الفيديو الخاصة به، والتي تعتمد على حركات الرقص إضافة إلى عدد من المشاهد التمثيلية، مشيرا إلى أن الحركة يجب أن تكون منضبطة مع الإحساس.
وأشار إلى أن عروض المسرح الراقص لا تعتمد على الكلام أو المونولوجات كأداة للتعبير، بل تعتمد فنون الرقص وتشكيلات الجسد بإيحاءاتها المختلفة، والتي تعتبر أداة رئيسية للسرد والحوار، إضافة إلى تكوين الفضاء الدرامي والتواصل مع الجمهور، موضحًا أن العروض الصامتة كالإيمائية والحركية، تختلف عن العروض الاستعراضية التي تقوم على مجموعة من اللوحات الراقصة، وبالتالي يختلفان عن عروض المسرح الراقص.
في ثالث أيام الورشة التي أقيمت بمركز التحرير لاونج قال “سيفر”، إن العروض المسرحية الراقصة التي يحضرها تستغرق منه عامين كاملين، خاصة أنه يعمل عليها بطريقة متقطعة حتى يرى الاختلاف فيما يقدمه، مؤكداً أن التكنيك يجب أن يكون مختلفا في كل حبكة درامية، خاصة أننا لا نعتمد على الكلام، وأن كل ما يهمنا هو حركة الجسد التي يصل من خلالها الإحساس بما يحدث للمتلقي.
وقام “سيفر” بعمل عدد من تمارين الإحماء، التي تعتمد على جعل القدمين متباعدين قليلاً، مع وضع اليدين على البطن، وثني الركب والنزول ببطء دون ثني الجزع، لافتاً إلى أن هذه التمارين تساعد على تهيئة الجسم للبدء بالتمارين، وتمد الجسم بالحيوية والنشاط، كما أنها تعمل على تدفق الدم إلى جميع أعضاء الجسم، وتحافظ على اللياقة البدنية.
وأكد  “سيفر” على  أنه لا يوجد شخص لا يتقن عمل كل شيء بشكل كامل، لذلك لابد من المحاولة والخطأ دائماً حتى يستطيع “الشخص/ الراقص” تقديم أفضل ما لديه على أكمل وجه، لافتاً إلى أن المسرح الراقص يحتاج إلى التمرين المستمر على الرقصات، إضافة إلى تغيير التكنيك بين وقت وآخر.
كما أشار إلى  أن المسرح الراقص يقوم على عنصريين أساسيين هما الممثل والجمهور، حيث يقوم الممثل المسرحي الموجود على الخشبة بمجموعة أفعال صوتية وحركية وايمائية، كما يقوم العنصر الثاني أي الجمهور بمجموعة أفعال حركية وصوتية تبدأ من لحظة مغادرته البيت حتى وصوله إلى المسرح، ويستمر الفعل أما بالتصفيق والهتاف في حال إعجابه بالعرض، أو الاستنكار والاستهجان في حال حدوث العكس.
كما أوضح أن المسرح الراقص يعتمد على قيام ممثلين محترفين باستخدام كل المهارات من تمثيل ورقص وأكروبات وبانتومايم وحيل مسرحية وحركات بهلوانية، حيث يكون التمثيل ارتجالا أي لا وجود لنص مسبق، فقط يتم الاتفاق على الفكرة الرئيسية ويقوم بعدها الممثلون بارتجال أدوارهم أمام الجمهور من خلال شخصيات نمطية ثابتة.
ولفت “سيفر” إلى أن المسرح الراقص يجب أن يدمج كل من الصورة  والصوت معا، فلم يعد هو العنصر المسيطر على خشبة المسرح، منوها إلى أن أن كل العناصر المسرحية الأخرى استطاعت احتلال أهمية موازية على خشبة المسرح.

 

 


ياسمين عباس