العدد 622 صدر بتاريخ 29يوليو2019
ناقش مجموعة كبيرة من الكتاب والنقاد والمسرحيين كتاب الكاتب المسرحي سليم كتشنر «مسرحيون في الحركة الوطنية» سلسلة الإبداع المسرحي والصادر حديثا عن الهيئة المصرية، التي استضافها منتدى الشعر المصري بحزب التجمع، وذلك بحضور كل من الدكتورة سامية حبيب أستاذ النقد بأكاديمية الفنون، والكاتب سعيد حجاج، والمخرجة منى أبو سديرة، والروائية سلوى بكر، وأدار الندوة الشاعر محمود قرني.
يكشف الكاتب المسرحي سليم كتشنر من خلال كتابه «مسرحيون في الحركة الوطنية» عن نضال المسرحيين الذين تعرضوا للسجن والاعتقال والتنكيل خلال الفترة الزمنية من 23 يوليو وحتى ثورة يناير 2011، وتدور الدراسة التي أخرجت في 310 صفحة من القطع الصغير، حول المسرح والثورة، وحقوق المسرحيين في الاهتمام بأوطانهم وقصايا مجتمعهم، التي تهدف إلى التأريخ من جهة والتوثيق من جهة أخرى لبعض السير الذاتية لإبداع بعض المسرحيين الذين مارسوا حقهم في التعبير عن حبهم لأوطانهم وكان جزاؤهم العقاب والسجن والاعتقال والملاحقة.
وبدأت الندوة بتقديم من الشاعر محمود قرني، الذي أبدى إعجابه ببداية مقطع الكتاب بمونولوج الكلمة من مسرحية الكاتب الكبير عبد الرحمن الشرقاوي من مسرحية «الحسين ثائرا وشهيدا»، كما قدم تعريفا مختصرا عن السيرة الذاتية للكتاب المسرحي سليم كتشنر صاحب ومؤلف الكتاب، الذي قدم من خلال كتابه كيف تعاملت السلطة في تلك الفترة الزمنية مع المسرحيين سواء كانوا كتابا أو ممثلين أو مخرجين.
حيث قال إن الكاتب قد بذل جهدا كبيرا في توثيق وجمع مادة الكتاب، كما رصد سليم في كتابه مسرح الواحات، ومسرح الثقافة الجماهيرية، الذي كان معبرا بشكل كبير عن الحالة الثورية في تلك الفترة، التي أفرزت الكثير من المؤلفات والعروض المسرحية.
ومن جانبها قالت الروائية سلوى بكر إن ما قام به الكاتب سليم كتشنر في كتابه «مسرحيون في الحركة الوطنية» هو جهد مؤسسي وليس جهدا فرديا، وإن ما تمر به مصر الآن يعتبر لحظة ثقافية صعبة، وإن الكتاب مهم جدا لأنه يرصد معاناة المسرحيين خلال فترات متعاقبة، وكنت أتمنى أن يتحدث هذا الكتاب عن المشهد المسرحي في السياق التاريخي لهؤلاء المسرحيين من خلال أدوارهم، وكان يجب أن يقوم الكاتب بالاستعانة بعدد من الباحثين ليكون الكتاب أكثر ثراء، وأكثر معلوماتية.
وأشارت بكر إلى أن الكاتب استطاع أن يرصد المشهد السياسي في مصر في تلك الفترة، ورصد المشهد المسرحي في السياق التاريخي، في إطار الثقافة الجماهيرية، فكانت وقتها وزارة الثقافة يقودها مجموعة من المثقفين، وأدى عزل المثقفين عن المؤسسة التعليمية إلى تدهور الوضع الثقافي في مصر.
ومن جانبها قالت الدكتورة سامية حبيب، أستاذ النقد بأكاديمية الفنون، إن الكاتب سليم كتشنر قد كشف من خلال كتابه عن مراحل كانت ضبابية جدا بالنسبة لجيلي أو حتى للجيل الجديد من الكُتاب، كما أنه يلقي الضوء على مرحلة مهمة من تاريخ المسرح المصري خاصة ما يتعلق بمسرح الثقافة الجماهيرية.
وأكدت «حبيب» على أن الكاتب سليم كشتنر يُعد قابضا على جمر المسرح في هذا الكتاب، لأنه يرصد من خلاله تلك المرحلة المهمة في تاريخ المسرح المصري ويرصد من خلال الكتاب ما كان يعانيه المسرحيون خلال تلك الفترة الزمنية التي أقيمت فيه الدراسة، مشيرا إلى أنها أوصت الطلبة بضرورة الاطلاع على هذا الكتاب الذي يعبر عن نضال هذا الجيل من المسرحيين، كما أنه يحوي جزءا مهما في التوثيق الذي يتناول الكثير من الشهادات الحية والمذكرات للمسرحيين المذكور أسماؤهم في الكتاب، مؤكدة على أن هذا الكتاب سيخلد اسم كاتبه في التاريخ، لما يحويه من شهادات ورصد حقيقي لما كان يحدث.
فيما قالت المخرجة المسرحية منى أبو سديرة إن الكاتب سليم كتشنر، اتبع الأسلوب العلمي في توثيق كتاب «مسرحيون في الحركة الوطنية»، مثل اعتماده على الوثائق والمذكرات والشهادات الحية للمسرحيين الذين تعرضوا لأزمات خلال ما بين ثورة يوليو 1952 وثمانينات القرن الماضي.
وأكدت أبو سديرة خلال كلمتها لمناقشة الكتاب أن الكتاب أيضا يلقي الضوء على مسرح الثقافة الجماهيرية ودورها المهم الذي أدته خلال فترة انتفاضة يناير 77 والذي كان له دور كبير في الوعي المجتمعي وذلك لانتشاره بكافة ربوع الجمهورية وقراها.
وتابعت «منى» أن تحول الأنظمة الدولية من ملكية إلى جمهورية كان أمرا يحتاج إلى وعي عام وإدراك للمفاهيم التي ترسى عليها العلاقات في النظام المستجد، وهنا سيلعب الفن والإبداع دوره في حدوث انسجام وتكيف بين السلطة والشعب وعلى رأس هذا الشعب صفوته من الابتكاريين المبدعين من الفنانين والكتاب، وهذا أمر استحال تحقيقيه على أرض الواقع لاختلاف تركيبة السلطة آنذاك.
وأشارت أبو سديرة إلى أن أحلام المبدعين لا قوانين لها، ولا حدود ولا آفاق تصد ضخ طموحاتهم وإبداعاتهم وطاقاتهم الجبارة، ولا أدلل على كلامي هذا سوى، ما فعله الفنان فوزي حبشي من إنشاء مسرح داخل سجن الواحات على غرار المسرح الروماني، واستطاع أن يقنع كل السجناء بما فيهم المخالفون لهم في الرأي والعقيدة حتى تنافس الكل وتحفز لتوفير كميات من الطوب اللازم لهذا المشروع الإبداعي المبهر تحت عين السلطة ومباركتها ومشاركتها للعروض التي تمت على خشبته.
واختتمت «منى» أن كتاب المؤلف سليم كتشنر حفظ للمبدعين حقهم في الشرف والمجد، وأصبح وثيقة معلنة وشهادة وطنية لهؤلاء الأبطال الذين استمروا في إبداعهم بعد انتهاء أزماتهم التي كانت مؤقتة ونابعة من وطنية مفرطة وحب بلا حدود لمصر وتاريخها وشعبها، ويعد كتاب «مسرحيون في الحركة الوطنية» كتابا مهما، وخروجه في هذا الوقت هو انتصار لفكرة وطنية مخلصة ومحفزة للبحث والتوسع في دراسة الكثير من محطات هذا الوطن الزاخر بأبطال عظام، معبرا عن سعادتها بوجود هذا النوع من الكتب.
ومن جانبه قال الفنان مجدي عبيد أحد الذين تعرضوا للاعتقال عن بعض النوادر، إننا في ليلة رأس السنة خلال وجودنا بأحد المعتقلات «سجن مزرعة طرا»، فقد قررنا عمل عرض مسرحي باسم «مجلس العدل» وقد قام بالتمثيل فيه المساجين، ووقتها أحب بعض المساجين أن يشاركوا معنا في هذا العرض وبالفعل قمنا بتدريبهم، وأخرجت وقتها أفضل عرض مسرحي قدمته في حياتي.
يذكر أن الكتاب يجمع بين أسماء عدة لمعت على خشبات المسارح سواء كانت بالكلمة أو بالنقد أو بالتمثيل، ويعرض الكتاب تفاصيل اعتقال أكثر من 34 من فناني المسرح الذين قد تم تطبيق منهج الدراسة عليهم، والتي حددت فترة البحث على المدة ما بين ثورتي 23 يوليو 1952، وثورة يناير 2011، ومنهم عبد الرحمن الخميسي، وعبد الله الطوخي، وفتحيه العسال، وتحية كاريوكا، وميخائيل رومان، ويوسف إدريس، حافظ أحمد حافظ، وألفريد فرج، ولطفي الخولي، ومحمود أمين العالم، ومحمود السعدني، وعز الدين نجيب، ومحسن حلمي، ومحمد أبو العلا السلاموني، وعباس أحمد، وماجدة منير، وفريدة النقاش، ومجدي عبيد، وشهدي عطية، وسمير عبد الباقي، وخالد حمزة، مراد منير، والدكتور يوسف إدريس.