فى مهرجان العربى للمسرح المسرح النسوى بين المنع والمنح

 فى مهرجان العربى للمسرح المسرح النسوى بين المنع والمنح

العدد 596 صدر بتاريخ 28يناير2019

بدء يوم السبت الثانى عشر من شهر يناير ثانى ندوات المؤتمر الفكرى بعنوان ( المرأة فى المسرح المصرى بين الحضور والغياب )  ضمن فعاليات المهرجان العربى للمسرح ؛ بفندق جراند نايل تاور ؛ من الساعة العشرة صباحاً إلى الساعة واحد إلا ثلث ظهراً ، وقد بدأت الجلسة الأولى بعنوان محاولات الإنفتاح وقيود المحافظة ( المرأة كاتبة ـ تجارب ـ قضايا ) بحضور ود.وليد فوزى ودينا أمين و نور الهدى عبد المنعم و أمينة سالم و الكثير  من المسرحين العرب والمصريين .
أستهل د. وليد فوزى الجلسة بكلمة : أتشرف اليوم بإدارة تلك الندوة  بعنوان محاولات الإنفتاح وقيود المحافظة المرأة الكاتبة ـ تجارب ـ قضايا ؛ وبعد أكثر من مائة عام على صدور كتاب تحرير المرأة للكاتب قاسم أمين عام 1999 م أرى أن نتائج هذا الكتاب من خلال الأورق البحثية المقدمة أمامنا .
وقالت أمينة سالم ورقة بحثية بعنوان (المعوقات التأسيسية للمراة فى المسرح المصرى بين المنع والمنح ) تتضمن للمرأة فى المسرح الحديث والمعاصر دورها المتميز الذى أكتسبت من خلاله حضوراً لافتاً يرصد تحولاتها إلى رموز ودلالات ملتزمة تجاة قضايا عديدة ومتنوعة تختلف من حقبة إلى آخرى وتختلف معها الصورة الذهنية لها ؛ وفق حراك مفاهيم مجتمعية ومدى تطورها وهذا ما يجعل صورتها فى العرض المسرحى تشهد تنوعاً مغايراً لصورتها فى العروض قبل وبعد 1952 ؛ مما يجعل من أنماطها فيما بين النص والعرض معاً مقياساً لتطوير الحراك الثقافى والإجتماعى فى مصر ، وهمو ما يأكد على تأثير تلك المتغيرات السياسية والأقتصادية والفكرية على حضور أو غياب لصورة المرأة؛ وكذلك تثبيت تلك التصورات والمفاهيم وعلاقتها بالممارسة المسرحية ، وبما ان المسرح مرآة مهمة تعكس فكر المجتمع ووجدانه ؛ ومن هنا كان له دوره البارز بوصفه أداء من ادوات التفاعل الفكرى والإجتماعى ؛ والتى تساعده على عملية الإتصال والتواصل بين المؤدى والمتلقى ومن ثم يكون الحراك الثقافى الذى يسهم فى طرح قيم جديدة تعمل على تنمية المواطن وتوعيته للمشاركة الفعالة فى قضايا المصيرية ؛ وبالتالى فلا يمكن تتبع حضور المرأة فى كل السياقات إلا بوضوع الإستراتيجية التالية إعتماداً على الأسئلة التى ستساعدنا على معرفة مستويات حضور وغياب المرأة فى تجربة المسرح المصرى . ومن بين هذه الأسئلة .:
كيفية توظيف المرأة المصرية فى العمل المسرحى المصرى ؟، لماذا كانت المرأة المصرية فى العمل الفنى المسرحى المصرى ظاهرو تشبة المد والجزر ؟، هل بُح الصوت النسوى أمام هيمنة وسيطرة الثقافة الذكورية داخل سياقات المجتمع بصفة عامة ؟ ، ما مدى تهميش المرأة ثقافياً وتقديم صورتها بشكل ملتبسفى المسرح المصرى ؟ هل كانت لأسباب بيولوجية ؟ للإجابة على هذه الاسئلة أريد أن ألقى الضوء بالتحليل على الفترة الممتدة من 1905ـ  1952  لأقدم صورة المرأة فى المسرح المصرى ؛ وأتتبع ظهورها كفنانة ومبدعة ؛ وبخاصة سواء اكانت كاتبة أو ممثلة ،  وأثار حضورها قضاياها مختلفة تقدم تجليات الماضى وعصر الملكية ؛ وصولا إلى بدايات التحولات السياسية والإقتصادية والإجتماعية والثقافية وثورة  1952 والإنتقال من المكلية إلى الجمهورية ؛ وبما ان المرأة هى جزء لايتجزأ من نسيج  المجتمع فإنها كانت ولازالت كمنطقو مشوقة للبحث فى عالمنا الحديث والمعاصر ، وبوصفها كائناً لايزال رهين القارءات الأحادية التى تختزل قضيتها فى عناصر محددة وتتجاهل باقى عناصرها ، ربما نتيجة لنظرة قبلية تجيز فصل قضية المرأة عن قضية المجتمع تارة ؛ أو ربما تخضع هذه القضية الإشكالية لضوابط بيولوجية ومحرمات الجنس دون إستثمار حقيقى ، تابعت : وهذا ما يقودنا إلى البحث عن الأجوبة الممكنة عن الأسئلة المطروحة لمعرفة وضعية المرأة المصرية فى السياق الإجتماعى ..كيف ذلك ؟
 وضعية المرأة المصرية فى السياق المجتمعى : إختلفت أراء الباحثين حول توقيت زمن الصحوة التى عرفتها وضعية المرأة المصرية وخروجها من الحرملك ؛ حيث تشير “ شهيدة الباز “ فى دراسة حول الحركة النسائية فى مصر تقول : أن المرحلة الأولى بدأت بمرحلة بناء مصر الحديثة والنضال ضد الإستعمار حيث تميزت هذه المرحلة بإنها إعتبرت البداية الحقيقة للعصر التنويرى ؛ والتى بدأت بمصر فى عهد محمد على 1805-1848بثلاثة أطوار أساسية أسهمت فى تغير وضع المرأة ، والنظرة المختلفة لرؤية المجتمع لدورها وتمثلت تلك العوامل إلى:
 1 - تبنى محمد على الدولة الحديثة التى تضارع الدولة الأوروبية .
2 - الإنفتاح على الحضارة الغربية بتأثير الحملة الفرنسية وإرسال البعثات للخارج ؛ والتأثير بالفكر التنويرى السائد فى الغرب .
3- حركة الإصلاح الدينى التى بدأها الشيخ حسن العطار ؛ ثم تلميذه رفاعة الطهطاوى 1801- 1873 الذى مزج بين الإصلاح الدينى والإنفتاح الحضارات الغربية .  
وقد أضافت نور الهدى عبد المنعم ورقتها البحثية بعنوان ( المرأة فى النصف الأول من القرن العشرين إسهامات .. وقضايا ): المهرأة المصرية كيف دخلت المسرح وأثبتت وجودها رغم التحديات ومحاولات الإنفتاح وقيود المحافظة ؛ لم يكن الطريق ممهداً أمام المرأة المصرية فى بداية القرن الماضى لتؤسس لما عرف فيما بعد “بمسرح المرأة “ فقد كان يسمى بمسرح المجتمع أو مسرح المنوعات بل كان أماها عقبات كثيرة منها ما  يرتبط بالمجتمع الذى مر بثلاثة مراحل هى : الرجال يسيطرون على كافة تفاصيل العملية المسرحية من تأليف وإخراج وتمثيل ؛ فكانوا يقدمون الأوار النسائية بجانب أدوارهم الرجالية ( حيث كانوا يظهرون المرأة على المسرح ومطارحتها للغرام ، يعتبر خروجاً على الدين والأخلاق فكان يعهد بأدوار النساء إلى شبان صغيران فى السن ).
سيدات الشاميات ولبنانيات وهن من فتحن باب الدخول المرأة فى المسرح إلى مجال التمثيل وجعلنا الفتاة المصرية تسعى لتقليدهن ومن بينهم ( ملكة سرور ـ هيلانة بيطار ـ مريم سماط ـ ميليا ديان ـ وردة ميلاد ـ مارى صوفان ـ إبريز إستاتى ـ إلمظ إستاتى ـ بديعة مصابنى ـ مارى منيب ـ ثريا فخرى )
سيدات يهوديات ومسيحيات مصريات ومن بينهن ( أديل ليفى ـ صالحة قاصين ـ إستر شطاح ـ نظلة مزراحى ـ سرينا إبراهيم ـ هنريت كوهين ـ فيكتوريا كوهين ـ فيكتوريا موسى ) فكان من الصعب بل من المستحيل أن تقوم بالتمثيل مرأة مصرية مسلمة ؛ وليس هذا فحسب بل نجحن فى تغيير نظرة المجتمع للفنانة وكسبن إحترامه وتأييده ، وأثيرت فى هذه الفترة قضايا المرأة ؛ وكن بالفعل همزة الوصل التى أثرت فى الأجيال التى جاءت بعدهن ؛ وبفضل مبادرتهن إستمرت مسيرة المسرح والتنوير خلال النصف الثانى من القرن العشرين بمشاركة جيل من الدراسات لفن التمثيل ؛ بل وهد إيضاً ظهور المرأة الناقدة التى ظهرت فى النصف الأول على إستحياء فكانت روزاليوسف أول إمرأة تؤسس مجلة ، وعلى الرغم من كونها سياسية فقد أفردت فيها أبواباً للنقد المسرحى وإستعانت بنقاد كبار منهم (محمد التابعى ـ أحمد كامل مرسى ) وتعاظم الأمر فى النصف الثانى من القرن العشرين فظهرت الناقدة والأستاذة الأكاديمية فى علوم المسرح منهن د. نجاة على ـ د. نها صليحة د. سميرة محسن .
وأشارت عبد المنعم : ومن إستعراض هذه التجارب نخلص إلى عدة نتائج هامة ، منيرة المهدية ، فاطمة رشدى ، بديعة مصابنى ، ملك لسن مجرد تجارب فردية وإنما بهن بدأ ميرح المرأة ومنهمن وصل إلينا ، ولايمكن فصل مسرح المرأة عمامر بالمجتمع من عوامل إجتماعية وسياسية وإقتصادية ؛ فقد تأثر بها كما أثر فيها أيضاً ؛فكانت العوامل الإجتماعية بما تحمله من عادات وتقاليد سبباً رئيسياً فى تأخر ظهور المرأة على المسرح ، ليست الموهبة لوحدها ولافعل الصدفة هما اللذان صنعاهذه النجوم ؛ بل  أن رواء كل فنانه تجربة ثرية ورحلة كفاح وعناء وتضحيات وإصرار وتحدَّ ، الممثلة لم تستطع توجد لنفسها مساحة مؤثرة فى المسرح المصرى خلال تلك المرحلة إلا فى حالات نادرة ؛ وذلك لأن معظم أصحاب الفرق رجال ، وبالتالى كانت تقوم بالأدوار السنيدة للبطل ، معظم السيدات اللائى قمن بتكوين فرق مسرحية ؛ وكان يقف خلفهن الرجال على سبيل المثال زوج منيرة المهدية “ محمود جبر” الذى كان منتجاً ؛ بإستثناء ملك التى كانت حالة خاصة إذ كانت تختار الدور المناسب لها ، وكانت تقوم بالإخراج لمجرد إثبات الذات أو لحل مشكلة ؛ لذلك كانت من التجارب القليلة جداً منها أمينة رزق.
وأشارت دينا أمين روقة بحثها بعنوان “ المسرح النسائى المصرى البحث عن منبر التعبير” حيث تتضمن على : لم تسلم السلطة الأبوية المحلية نفسها لتعرض للقمع فى ضل الإستعمرات المتعددة التى توالت على مصر عبر تاريخها المعاصر وعلى مر التاريخ زُج بالمرأة داخل هذا التسلسل الهرمى لتنأى فتصبح أكثر هامشية حتى أكثر مما سمح لها وضعها ضمن ذلك التسلسل بوصفها بالمرأة ؛ على النقيض من المعلومات الشائعة ، فإن الإسلام قد منح المرأة بعض الحقوق الإمتيازات  ؛إذ حرم وأد البنات الذى كان شائعاً فى الجاهلية ، وبدأت النساء فى النصف الثانى من القرن التاسع عشر فى بلورة تطلعاتهن للحرر الإجتماعى والتعليمى بسبب التحول الإجتماعى والإقتصادى الذى شهدته مصر خلال هذه الفترة ، تابعت أمين : حيث بزغ من حظين بهذا الإمتياز من تلقى التعليم بعض النساء اللاتى بدأن بإنطلاق “ الحركة النسوية “ فى مصر ؛ وهى الحركة التى كانت مكرسة جهودها فى تلك المرحلة بشكل أساسى لتناول مفهوم تحرير المرأة وقد كانت فى إصدارة هذه الحركة “ هدى شعرواى التى اسست اول مجلة نسائية عربية عام 1892بعنوان “ الفتاة “ ؛ حيث ظهرأكثر من خمسة عشر مجلة تدافع عن المرأة وحقوقها ، كما أوردت “نهاد صليحة “ فى اصوات السكون فى المسرح المصرى ؛ وأن هتان السيداتان “ ميليل دايان وأختها كانتا يهوديتى الديانه ويرى “ صنوع “ فى مقابلة له وقد أوردها الراوى فى كتابة الرائع 1993  “المسرح الشعب “ .


شيماء سعيد