العدد 546 صدر بتاريخ 12فبراير2018
ضمن سلسلة «نصوص مسرحية» التي تصدرها الهيئة العامة لقصور الثقافة ، صدرت مؤخرا مسرحية « أبناء الحبلى» للكاتب المسرحي محمد سيد عمار، وهي المسرحية الفائزة بجائزة الهيئة العربية للمسرح 2014 .
القضية الجوهرية التي تطرحها المسرحية هي علاقة المواطن بالسلطة التي تنظر إليه نظرة استعلائية ، وترى أنه لابد أن يكون جاهلا جائعا خائفا مطاردا، وطوال العمل المسرحي تطارد السلطة البطل عثمان ابن الحبلى باعتباره جانيا ، فهي ترى أنه خطر عليها ويهدد أمنها ، ويكافح البطل السلطة ويهرب منها تارة ، ويواجهها تارة أخرى ، وينجح البطل في تعرية فسادها ، ومع ذلك لا يستطيع أن يحقق هدفه كاملا ، وهو تطهير البلاد من الفاسدين ، الذين يقودهم الوالي المستبد ، ويعاونه حاشية مشبوهة من رئيس شرطة مرتش وماجن ، ورجال أعمال انتهازيين يمثلهم كبير التجار ، وصوفية وصوليين يتاجرون بالدين يمثلهم علي المائل شيخ الدراويش ، وكلهم يتعاونون من أجل مصالحهم الشخصية ، والتمكين لنفوذهم ، ضد السلطان الذي لا حول له ولا قوة .
كما تبرز المسرحية الصراع بين الطبقة العليا المتوحشة والطبقة الكادحة من الشعب ، وكشف عورات النظام الحاكم في عصر المماليك ، وكم الحقد الذي تحمله الطبقة العليا نحو الطبقة الفقيرة ، والضحية هي الشعب الذي يدفع الثمن . وفي النهاية يتم تدمير الوطن داخليا ، وعلى المستوى الخارجي بسقوطه في يد الأعداء .
المسرحية تستخدم تقنية المسرح داخل المسرح حيث تعرض من خلال قراءة أحد نقاد العصر الحديث لها لإجازتها وقد نبهه المسئولون في دار المسرح ألا يجيز مسرحية تتحدث في السياسة، وحيث أن عنوان النص لا يوحي بالسياسة فإن الناقد يتورط في قراءتها ويتعاطف مع بطلها عثمان ابن الحبلى ويعيش معه، ثم يصطحبه لعصرنا الحالي ليهربه من الشرطة، فتقبض عليهما شرطة العصر الحديث.