بدأت بالتصوير وانتهت باللغة القبطية.. الكتابة في مصر القديمة بين التطور والوظيفة

بدأت بالتصوير وانتهت باللغة القبطية.. الكتابة في مصر القديمة بين التطور والوظيفة

اخر تحديث في 5/17/2019 12:03:00 AM

 أسماء عبد الهادي

تولى الهيئة العامة لقصور الثقافة اهتماما كبيرا بالكتابة في شتى مجالاتها، وتلعب دورا هاما في تنفيذ برنامج وزارة الثقافة التي التزمت به أمام الحكومة، والذى تخصص فيه مساحة واسعة للمبدعين والنابغين.

وقد اهتم المصري القديم بالكتابة، وشجع عليها وعلى تعليمها، إذ يقول أحد الحكماء لابنه مشجعا على تعليم الكتابة إن الفلاح يداه مشققتان من الفأس، وظهره محني دائما للزراعة، والحداد يكوى بالنار، أما الكاتب فيداه ناعمتان ويكون مقربا من الملك، ويظهر له الناس الاحترام.

وقد عبر المصري القديم عن أفكاره وتصوراته بالتصوير أولا قبل أن يعرف الكتابة، وخلال فترة ما قبل التأريخ لم يعرف المصريون القدماء الكتابة بالمعنى المعروف حاليا؛ وإنما استخدموا التصوير لإيصال المعلومة؛ ومن تلك التصاوير مقبض سكين جبل العركي، الذى عثر عليه بنجع حمادي، صور على مقبض السكين صراعا بين مصريين وأجانب لهم هيئة الليبيين، ومنظرا لمعركة بحرية، ثم منظرا لشخص ملتح يرتدى عمامة وله ملامح سومرية من بلاد الرافدين يفصل بين أسدين، هذه الصورة تخبرنا عن وجود علاقات بين مصر والعراق إلى جانب المعركة بدون استخدام كلمات.

ومع مرور الوقت بدأ المصري القديم يستخدم ما يراه في الطبيعة للتعبير، فاستخدم البطاقات العاجية التي دون عليها أشكالا بسيطة ومنها شكل السرخ الذى يمثل حورس أعلى واجهة قصر؛ وقبيل عصر التوحيد، وخلال فترة الأسرتين صفرين وصفر، عثر على بطاقة مصور عليها ملك وبجواره صورة عقرب، فعلمنا أن اسمه العقرب، وصورة لملك آخر لكن يصعب التعرف على العلامات التي بجواره.

وفى عصر التوحيد عُثر على صلاية نعارمر المعروف باسم "مينى" والذى ينطقه العوام "مينا" والتي دون عليها كلمة أو كلمتين، ثم استخدم المصري القديم ما وجده من مناظر طبيعية للتعبير عن مفرداته فى حياته ومراسلاته، فظهرت اللغة المصرية القديمة والتي لها ثلاثة خطوط "الهيروغليفية- الهيراطيقية- الديموطيقية" والتي تطورت إلى اللغة القبطية والتي مازالت مستخدمة إلى الآن.

ونتيجة لهذا التطور ظهرت وظيفة الكاتب الذى يكتب بالمصرية القديمة "سِشْ"، كما ظهر جحوتى رب الكتابة وشريكته سشات، ولقبت سشات بعدة ألقاب منها سيدة الكتابة، سيدة المكتبة، ذات القرون السبع وهو رمزها الذي يدل على ارتباطها بالعلوم السبع واعتبرت سيدة لهم، وهى الفلك، الكتابة، السحر، العمارة، الطب، الحساب والعلوم، وصورت على جدران المعابد في هيئتها الأنثوية يعلوها القرون السبع، وممسكة بقلم تسجل إما هبات إلهية للملوك أو الأعياد الثلاثينية.

كما ظهرت وهي تكتب سنوات حكم الملوك وأعياد اليوبيل فوق شجرة "إشد" لتهبهم الأبدية والبقاء والاستمرارية كملوك فوق العرش، كما لقبت سيدة البناء فهي تشارك الملك والآلهة الأخرى في شعائر تأسيس المعبد الذي يعتبر بيت الإله في الأرض, لذا ظهرت وهي تشد وتدق الأوتاد للمعبد بعد أن تحدد اتجاه الشمال وتشارك في باقي الشعائر حتى يتم تكريسه للإله سيد المعبد وكان لها دورا هاما في الفلك فهي التي تحدد اتجاه الشمال بتحديدها النجم القطبي الشمالي، كذلك ارتبطت بالنجمة سوبدت نجم الشعري اليمانية، الذي بظهوره يبدأ اليوم الأول للفيضان كبداية للعام الجديد.

وعلى الرغم من أن سِشات لم يكن لها عبادة محلية إلا أنه ظهر لها كهان من الأسرة الثالثة واستمرت الأعمال الكهنوتية لسِشات حتى العصر اليوناني الروماني.


محرر عام

محرر عام

راسل المحرر @