العدد 956 صدر بتاريخ 22ديسمبر2025
تأتي مسابقة الكاتب المصري – مسابقة يسري الجندي، التي تنظمها الإدارة العامة للمسرح، كإحدى المبادرات الثقافية الهادفة إلى اكتشاف الأصوات المسرحية الجديدة ودعم التجارب الجادة في مجالي التأليف والإعداد المسرحي. وتحمل المسابقة اسم الكاتب الكبير يسري الجندي، في دلالة رمزية على الإيمان بدور الكاتب في صناعة الوعي وإحياء القضايا الإنسانية والاجتماعية عبر خشبة المسرح.
وقد ركّزت الدورة الحالية على الاحتفاء بالفائزين في فرعي الإعداد والتأليف، حيث كشفت الأعمال المتوجة عن تنوع لافت في الرؤى الفنية، ووعي درامي عميق بقضايا الإنسان المعاصر، إلى جانب قدرة واضحة على توظيف التراث والنصوص العالمية في سياقات جديدة تتسم بالخصوصية المحلية.
وتؤكد هذه المسابقة، من خلال مخرجاتها، أن المسرح المصري ما زال قادرًا على تجديد دمائه، وفتح مساحات حقيقية للحوار الإبداعي بين الأجيال المختلفة من الكُتّاب خصصنا هذه المساحة مع بعض الفائزين في مسابقتي التأليف والإعداد.
نص «ظل السلطان» يتجاوز حدود السيرة المأساوية لآخر سلاطين المماليك
قالت الكاتبة د.صفاء البيلي التي حصلت على الجائزة الثانية عن نص «ظل السلطان»: هناك لحظات في التاريخ تُفضي إلى مصائر، وشخصيات تتحول نهايتها إلى بداية جديدة لدراما مختلفة.
ونص مسرحية «ظل السلطان» يتجاوز حدود السيرة المأساوية لآخر سلاطين المماليك، «طومان باي». إذ كانت تجربة كتابة هذا النص بطريقة لا تعتمد على التقسيم المشهدي التقليدي بالنسبة لي محاولة لمعايشة روح العصر الذي حكمه، والزمن الذي خانه، والقرار الذي كلفه حياته والعرش.
فلطالما كان «طومان باي» أيقونة للشجاعة في مواجهة قدره الدرامي المحتوم وقراره الصعب ضد الغزو العثماني. لذا يتعرض النص بالتشريح لأعمق من اللحظات الأخيرة، عبر انقسام شخصيته المهيبة إلى أربعة أصوات، وأربعة أعمار متتابعة. وهذا التقسيم لا يُعد تتابعاً زمنياً، بقدر ما هو استكشاف لتطور روح طومان الإنسانية الممزقة تحت وطأة السلطة والتاريخ.
وتابعت: في «ظل السلطان» لم يكتفِ النص بتقديم الأحداث فحسب، وظهر كل عمر من الأعمار الأربعة ليمثل طبقة نفسية مختلفة في بنية طومان؛ الشك واليقين، الطموح والحكمة، العناد والتسليم... الطفل؛ الفتى، الشاب، السلطان.. حتى السلطان كان مننقسما على نفسه وعبر هذا التعدد الصوتي، يواجه طومان باي نفسه في مرآة الزمن، ومرآة روحه، ومرآة التاريخ حيث يتم تشريح القرارات التي اتخذها، والعواقب التي لم يستطع تفاديها، ليُظهر النص كيف يتحول البطل التاريخي إلى ضحية لأوهامه وصراعاته الداخلية قبل أن يكون ضحية الغزو الخارجي.
في هذه الرحلة الدرامية لـ «طومان باي»، والتي لا تأخذ من الزمن الواقعي للشخصية إلا الدقائق التي يصعد فيها طومان السلالم التي توصله إلى حبل المشنقة.. ومع كل لحظة من هذه اللحظات أوقن أن القارئ سيجد نفسه متورطاً في معايشة اللحظات الحاسمة التي شكّلت روح هذا البطل التراجيدي، في زمن كان فيه مصير مصر معلقاً على خيط رفيع بين الأمس واليوم. أهمية المسابقة:
وعن المسابقة تابعت قائلة :»أرى أن مسابقة إدارة المسرح التي تقام تحت مظلة الهيئة العامة لقصور الثقافة ويشرف عليها مبدعون مسرحيون ملمين بخريطة الإبداع المسرحي المصري بمثابة الشريان الذي يغذي الساحة المسرحية المصرية بالنصوص الجديدة والمبتكرة.. فكثيرا ما نسمع أن المسرح يعاني من أزمة النص، وهنا يأتي دور هذه المسابقة ومثيلاتها كضرورة قصوى لتشجيع المؤلفين على كتابة أعمال قابلة للتجسيد على الخشبة، سواء في فرع التأليف الأصيل أو الإعداد عن وسائط غير مسرحية، أو نصوص أجنبية وهي بذلك تضمن استمرار تدفق الأفكار الدرامية التي تواكب قضايا المجتمع وتحدياته الراهنة.
وما يزيد من أهمية هذه المسابقات النوعية في إطار دور الهيئة الشامل، هو ربطها الوثيق بالإنتاج الفعلي.. إذ إنها لا تكتفي بمنح الجوائز المالية فحسب، بل تعمل الإدارة العامة للمسرح على نشر النصوص الفائزة في إصدارات خاصة، مثل كتاب «دليل النصوص»، لإتاحتها للمخرجين المتعاملين مع الهيئة. علاوة على ذلك، يتم التعاقد مع أصحاب النصوص لتقديم أعمالهم على خشبة المسرح، وهو ما يحول النص من مجرد حبر على ورق إلى منجز فني متكامل يراه الجمهور، وهذا هو التكريم الحقيقي للمؤلف المسرحي.
وباعتبارها جزءًا من الهيئة العامة لقصور الثقافة، فإن هذه المسابقات تحقق مبدأ العدالة الثقافية للمبدعين المصريين من خلال الوصول إلى الموهوبين في مختلف المحافظات والأقاليم، وليس فقط في العاصمة. كما أنها تساهم في دعم المسرح الجماهيري ومسرح «نوادي المسرح» الذي يعتمد على الإمكانيات البسيطة والطاقات الشبابية الخلاقة. إذًا، يتبلور دور قصور الثقافة هنا في كونه مظلة شاملة لا تكتفي بدعم الفنون وتوفير فرص حقيقية للشباب المبدع في مجالي التأليف والإخراج، كما تعمل كقوة ناعمة جبارة تضمن أن المنتج المسرحي يصل إلى أوسع قاعدة جماهيرية ممكنة، وهو الدور ذاته الذي يمكّنها من مقاومة الأفكار المتطرفة والإرهاب عبر نشر الوعي والفن كأداة تنوير مجتمعية فعالة.
وفي الحقيقة لا يسعني إلا أن أُعبر عن سعادتي الغامرة بهذا الفوز، الذي أرى فيه طعماً خاصاً ومختلفاً عن كل الجوائز التي نلتها سابقاً من هيئات مصرية وعربية ودولية. ذلك أن الفوز في مسابقة تنظمها الإدارة العامة للمسرح في قصور الثقافة، هو بالنسبة لي تتويج حقيقي، لأنه يضمن تحويل النص إلى عرض فني يشاركني فيه الجمهور لذة الإبداع.
وأضافت :»إنني أؤمن إيماناً راسخاً بدور قصور الثقافة في دعم الفنون ومقاومة الأفكار المتطرفة ونشر الوعي هو دور وطني وتنويري بامتياز، وكون نصي جزءاً من هذا المشروع العظيم يمثل لي شرفاً وتقديراً يفوق قيمة أي جائزة أخرى..
أما عن قلة عدد الكاتبات بالنسبة للكتاب فأراها ملاحظة دقيقة جداً وهي ظاهرة عالمية وليست مقتصرة على ساحتنا المحلية، حيث نلمس بوضوح في مختلف المهرجانات المسرحية ودور النشر أن عدد المؤلفات المسرحية المقدمة من السيدات يقل عن تلك المقدمة من الذكور. وفي تقديري، يعود هذا التباين إلى عاملين رئيسيين يتقاطعان بين طبيعة المسرح وطبيعة التوجه الإبداعي للمرأة؛ فالمسرح فن يرتكز على الصراع الخارجي والفعل الدرامي المكثف، ونصّه يتطلب إعداداً دقيقاً للتجسيد على خشبة ظلت بيئة إنتاجها (من إخراج وتنفيذ) تميل إلى الطابع الذكوري، وهذه القيود الهيكلية واللوجستية قد لا تتناسب بالضرورة مع رغبة الكاتبة في التعبير. أما من الناحية الإبداعية، فإنني أرى أن إبداع المرأة يميل بطبيعته إلى التعمق في العوالم الداخلية، وتحليل المشاعر، والغوص في تيار الوعي، وهي ميول تجد مساحتها الأرحب والأكثر مرونة في أجناس أدبية أخرى كالشعر والرواية، بدلاً من صرامة الكتابة المسرحية التي تفرض الاختزال والتركيز على الحوار القائم على الحركة.
وهنا بالضبط تكمن خصوصية تجربتي، حيث دخلت عالم المسرح من باب الشعر، وهذا الأسلوب أتاح لي أن أتجاوز هذه التحديات وأضيف على النص المسرحي عمقاً لغوياً وجمالياً وتركيزاً غير تقليدي على الحوار. لقد كان الشعر هو الباب الذي عبرت منه إلى الكتابة المسرحية، وهذا الجمع بين مرونة الشعر وصرامة الدراما هو ما سمح لي بتقديم نموذج جديد وغني للنص المسرحي يثبت أن الكاتبة قادرة على تقديم نصوص ذات قيمة كبيرة ومتفردة، وربما تكون هذه نقطة انطلاق لكسر تلك القاعدة العالمية في المستقبل.
الجائزة قوة دفع كبيرة جدا للكتابة
وعن أجواء النص تحدث الكاتب حسن عبد الهادي الحاصل على المركز الأول عن نص» جسد العباسة « قائلاً: هو النص المسرحي تدور أحداثه عن قصة حب درامية وعصية على الإتمام بين العباسة بنت المهدي، أخت الخليفة هارون الرشيد، والوزير جعفر البرمكي، حيث تختلط السياسة بالكتمان والمشاعر المحرمة، العباسة المحاطة بقيود الأخوة والعرش، تعيش ضغوطًا على قلبها المشتعل بحب لا يُجهر به، بينما جعفر، الوزير الوفي، يكافح بين ولائه للخليفة وحنانه لامرأة لا يحق له أن يحبها، الرشيد يتبع الحذر ويشعر بالخطر، والعبّاسة تبدو مقيدة بأغلال السياسة والتقاليد، تحاول أن تسلك طريقها بين واجباتها كأميرة وحاجتها لحرية الحب وتابع قائلاً :» تعد أهمية الجائزة بالنسبة لى أنها جعلتني اقبل على الكتابة المسرحية واشارك بها في المسابقات المتنوعة ليتم تنفيذها وعن شعوره بالحصول على الجائزة تابع :» الجائزة قوة دفع كبيرة جدا للكتابة والمشاركة في الحركة المسرحية بفعالية.
جائزة يسري الجندي محطة جديدة في رحلة الإبداع المسرحي”
في حديثها عن تجربتها في مسابقة «يسري الجندي» للتأليف المسرحي، أوضحت الكاتبة ريهام عبد العزيز تفاصيل نصها الفائز بالجائزة الثالثة، والذي كتبته وتطور على مدار عام 2023. النص الذي تم تقديمه كقراءة مسرحية لأول مرة في مهرجان «لازم مسرح» في نهاية العام الماضي، كان بمثابة فرصة فريدة لها للتفاعل المباشر مع الجمهور، وهو ما جعل التجربة أكثر إبهارًا بالنسبة لها، خاصةً أن القراءة المسرحية تختلف عن العرض المسرحي، حيث يتم تقديم بعض الأجزاء من النص فقط أمام الجمهور.
عبد العزيز أكدت أنها كانت تشعر دائمًا بتحدي في كتابة النصوص المسرحية، حيث تظل الكتابة جزءًا من العملية الإبداعية بينما يظل الجمهور غائبًا عن التجربة. ومع ذلك، كانت القراءة المسرحية الأخيرة هي بمثابة نقطة انطلاق لظهور ردود فعل الجمهور بشكل فوري، وهو ما أضاف لها الكثير من الثقة وأعطاها دفعة للأمام لمواصلة تطوير النص.
وبشأن تطور النص، أكدت الكاتبة أن إيمانها بفكرته كان دافعًا كبيرًا لها خلال مراحل الكتابة والتقديم، حيث لم تكن تتوقع أن يصل النص إلى هذه المرحلة، ولم تكن تعلم كيف سيتم عرضه على المخرجين. وأضافت أن الفوز بجائزة التأليف المسرحي أعطاها شعورًا بالثقة في النص، وأصبحت متحمسة لتقديمه على خشبة المسرح بشكل مهني.
كما أعربت عبد العزيز عن أملها في زيادة عدد المسابقات التي تدعم الكتابة المسرحية، خاصةً دعم الكاتبات من النساء، حيث أشارت إلى أن هناك ترويجًا أكبر للكتابة الروائية بين السيدات، في حين أن الكتابة المسرحية تعد تحديًا فنيًا وثقافيًا عميقًا. وأشارت إلى ضرورة توفير فرص دعم الكتاب بشكل أوسع، سواء عبر المنح أو مسابقات تحفز على الإبداع المسرحي.
أما عن نص «رُوج أحمر»، فقالت عبد العزيز إنه يناقش قضايا الحرية والاختيار والإرادة من خلال قصة سيدتين مصريتين تضعهما أحداث المسرحية في مواجهة مع سر عائلي قديم. النص يعكس صراعًا داخليًا، حيث تحاول كل واحدة من الشخصيات إعادة بناء علاقة مع الأخرى في إطار من التوتر النفسي والخوف من الفقد. يقدم النص رحلة مشتركة، حيث تجد كل شخصية في الأخرى نوعًا من العلاج والشفاء، لكن دون أن يتخلى كل منهما عن جراحه الداخلية.
“الواقعية السحرية وقضايا المرأة في مسرحيتي”
فاز الكاتب أحمد عبد الكريم بالمركز الثالث في مسابقة الإعداد المسرحي، وتحدث عن تجربته وفكرته حول إعداد النصوص المسرحية قائلاً: «يشتهر بيننا كمؤلفين مسرحيين أن إعداد النصوص القديمة يُعتبر مضيعة للوقت. النصوص التي تعود إلى السبعينات والثمانينات، يُطلق عليها ‹المسرح الميت›، لأنها تتناول قضايا قد تم استنفادها بشكل كامل من خلال البحث والدراسة”.
وأضاف عبد الكريم: «في روايتي التي قمت بإعدادها،” إيرينديرا البريئة” ، وهي من تأليف الكاتب غابرييل غارسيا ماركيز، أحاول أن أعبّر عن الواقع بما يتماشى مع تطور الزمن. ماركيز اتبع أسلوب ‹الواقعية السحرية› الذي أعتبره أسلوباً فريداً ومؤثراً. من خلال هذا النص، قمت بإظهار المجتمع السفلي بكل تفاصيله من بلطجية ولصوص، مع التركيز على قضايا المرأة التي تعد من القضايا الملحة في وقتنا الحالي. قمت بتسليط الضوء على فكرة السلطة الأبوية التي تمارس على المرأة، كما تجسدها شخصية الجدة التي تتحكم في حفيدتها، وتُجبرها على ممارسة البغاء بعد تدمير القصر الذي كانا يعيشان فيه.”
وعن المسابقات الخاصة بالتأليف، أوضح عبد الكريم أن الهيئة العامة لقصور الثقافة تتمتع بنشاط كبير، رغم وجود مشكلة في النصوص المقدمة، على الرغم من تنوع المسابقات. وقال: «المطلوب هو بذل المزيد من الجهد من المحترفين لتقديم نصوص جديدة ومبتكرة. وجود اسم الكاتب الكبير يسري الجندي في المسابقة يعد تكريماً لذكرى المسرح المصري، فهو واحد من أبرز كتّاب المسرح الذين أثروا في تاريخ المسرح المصري بكتاباتهم المتميزة.”
“الجائزة شرف كبير ودافع قوي لي في مسيرتي الأدبية”
عبَّر الكاتب محمد عادل اباظة، الفائز بالمركز الثاني في مسابقة الإعداد، عن شعوره العميق بالفخر والاعتزاز بعد فوزه بهذه الجائزة، قائلاً: «الجائزة كبيرة وشرف لأي كاتب، سواء كان مبتدئًا أو في بداية مسيرته. لم أكن أتوقع الحصول على أحد المراكز وأنا أقدم للجائزة، ولم يكن في مخيلتي هذا الأمر، خاصة أنني أعلم أن هذه المسابقة على مستوى الجمهورية، وهناك الكثير من الكتاب الأفضل مني. حصولي على المركز الثاني هو حدث مهم بالنسبة لي، وشرف لكل كاتب أن يحصل على هذه الجائزة التي يحكم عليها كبار المسرحيين والكتاب، وهو ما يعطيني دافعًا قويًا.”
وفيما يتعلق بالنص الذي قدمه، والذي كان مقتبسًا عن رواية «مصيدة الفئران» للكاتبة أغاثا كريستي، قال اباظة: «النص يتناول جريمة قتل تحدث، ويتم التحقيق فيها حتى تحدث جريمة أخرى، وسلسلة من الجرائم تفضي إلى اكتشاف القاتل. قد تم تقديم هذه الرواية على المسرح القومي في الثمانينات، وتم تمصيرها عندما قمت بتحويل الرواية إلى نص مسرحي. كان لابد من الاهتمام بالتفاصيل الدرامية وأبعاد الشخصيات، بحيث لكل شخصية هدف ودور، دون أن يكون هناك حشو زائد. حرصت على اختزال بعض الأحداث وكتابتها في جمل أو منولوجات مختصرة، كما حافظت على أن يكون الحدث في مكان واحد ليُسهل تنفيذه على المسرح.”
وأضاف محمد عادل اباظة: «أضفت أبعادًا جديدة للشخصيات لتصبح أكثر عمقًا ودوافع أكبر، مع التركيز على كل تفصيلة وحدث في الرواية، خاصة أنها جريمة قتل ولغز معقد.
وعن تقييمه للمسابقة، أكد اباظة قائلاً: «شهادتي مجروحة في المسابقة لأنني أحد الفائزين بها. في العام الماضي، شاركت وحصلت على شهادة تميز، وهذا كان دافعًا قويًا لي لتقديم أعمال أخرى. المسابقة تعتبر فرصة كبيرة للشباب، وتمنحهم دفعة قوية لتحقيق طموحاتهم الأدبية والفنية.
استيفاء معايير التقدم الأساسية مثل أن يكون النص معدًا عن وسيط غير مسرحية
قال الناقد محمد علام أحد اعضاء لجنة تحكيم مسابقة الإعداد ذكر قائلاً:» أثمّن الجهود التي تبذلها إدارة المسرح بالهيئة العامة لقصور الثقافة في تبنيها لمسابقة الكاتب المصري بفرعيه الإعداد والتأليف، وأحب أن أخص مسابقة الإعداد المسرحي ودورها في تحفيز الكتاب المسرحيين في إثراء المكتبة المسرحية العربية بالعديد من النصوص الجديدة المعدة عن وسائط أخرى غير مسرحية مثل القصة أو الرواية أو الشعر أو السير الذاتية وغيرها.
شرُفت أن كنت أحد أعضاء مسابقة الإعداد المسرحي بجوار الدكتور محمد سمير الخطيب، والأستاذ سامح مجاهد، وسعيد بالعمل معهما وبالنتيجة التي توصلنا إليها.
لقد تقدم إلى هذه المسابقة عدد ليس قليلًا من النصوص، ولكن أعتقد أنها لا تفوق العدد الذي تقدم إلى مسابقة التأليف، هناك إقبال على التأليف أكثر من الإعداد المسرحي عن نصوص غير مسرحية، هذا واقع الأمر، وأعتقد أن لهذا أسبابًا عديدة تختص بتنظيم اللوائح وحقوق الملكية ونظم التعاقد في المؤسسات المسرحية ما يجعل الإقبال على الإعداد محفوفًا بالتردد من قبل بعض الكتّاب.
السؤال عن المعايير هو مشروع وشديد الأهمية، وبالنسبة للنصوص المتنافسة في فرع الإعداد كان هناك حرص على أكثر من نقطة، أولًا استيفاء معايير التقدم الأساسية مثل أن يكون النص معدًا عن وسيط غير مسرحية، فقد وصل إلينا بعض النصوص المعدة عن مسرحيات أخرى، وهذه تم استبعادها على الفور. النقطة الثانية هي مدى القدرة على معالجة أفكار ومقاصد النص الأصلي بشكل يضيف ولا ينتقص، يطور المعنى ولا يفقده. وليس معنى ذلك هو شرط أن يكون الإعداد المسرحي أمينًا بالكامل مع ما ورد في النص الأصلي، بالعكس أرى -عن نفسي- أن الخيانة هو ضرورة جمالية فيما يخص الإعداد المسرحي، ولكن ما أقصده هو أن تكون هذه الخيانة لها هدف استطاعت أن تصل إليه.
النقطة الثالثة والأهم فيما يخص المعايير التي تخص الحكم على نصوص الإعداد المسرحي، هي الوظيفة الوسائطية أو بمعنى آخر الحلول التي ابتكرها المعد لكي يتعامل مع نص «أدبي» غير صالح للعرض على خشبة المسرح في هيئته الحالية، ليعيد تصميمه في قالب مسرحي ويصبح صالحًا للعرض على خشبة المسرح وفق مقتضيات الواقع المعاصر. هذه المسألة شديدة الأهمية، هناك بعض النصوص رغم ذكائها في اختيار أعمال أدبية قيّمة، لكنها لم تنجح في توفير شرط الصلاحية للعرض على خشبة المسرح، وهنا تفقد النصوص المعدّة جزءًا من جودتها.
أغلب ما كان ملحوظًا في النصوص التي وردت إلى فرع الإعداد المسرحي في مسابقة الكاتب المصري هذا العام، هو الإقبال المتزايد على مسرحة الأعمال الأدبية الأجنبية في مقابل الأعمال الأدبية المصرية، رغم إنني أرى -عن نفسي- أن الأدب المصري قد مر في خلال القرن الماضي بتحولات عديدة جعلته جريئًا وشجاعًا للخوض في معالجة المتغيرات الاجتماعية والسياسية والثقافية التي مرت بالمجتمع المصري وطرح أصعب القضايا الشائكة على طاولة النقد والتحليل والتفكيك، وبالتالي فإن المسرح المصري سوف يستفيد كثيرًا إذا التفتنا إلى نصوص أدبائنا الكبار وأثرينا المكتبة المسرحية بها.
مسابقة الكاتب المصري فرصة لإحياء الإبداع المسرحي ودعم المواهب الشابة”
صرحت سمر الوزير، مدير عام الإدارة العامة للمسرح، بأن مسابقة الكاتب المصري التي تحمل اسم الكاتب الراحل يسري الجندي تُعدُّ من أبرز المبادرات الثقافية التي تسهم في إحياء الحركة المسرحية المصرية. وأضافت الوزير أن المسابقة ليست فقط منافسة فنية، بل هي منصة لاكتشاف ورعاية المواهب الشابة في مجال الكتابة المسرحية، حيث تتيح الفرصة للكتاب الشباب من مختلف المحافظات للتعبير عن أنفسهم ومواجهة تحديات الكتابة المسرحية.
وأوضحت الوزير أن المسابقة تسهم في إثراء الأرشيف المسرحي المصري، حيث يتم جمع العديد من النصوص الجديدة والمبتكرة التي تعكس الواقع الاجتماعي والثقافي للمجتمع المصري. وأكدت أن الهيئة العامة للمسرح، من خلال هذه المسابقة، تقوم بتقديم الدعم اللازم للكتّاب الجدد، ومن ثم تنفيذ أعمالهم على مسارح الهيئة لتصل إلى جمهور واسع، مما يسهم في تطوير المشهد المسرحي.
وأشارت سمر الوزير إلى أن مسابقة الكاتب المصري تعتبر مشروعًا ثقافيًا تنويريًا يستهدف بناء كاتب مسرحي واعٍ قادر على التعبير عن قضايا مجتمعية هامة، وأضافت قائلة: «نحن نسعى من خلال هذه المسابقة إلى تقديم أعمال مسرحية تُعزز من دور المسرح كأداة للتعبير الفكري والاجتماعي، وتساهم في تحفيز الفكر النقدي لدى الجمهور.”
وفي الختام، شددت الوزير على أن هذه المبادرة هي تجسيد لرؤية الهيئة العامة للمسرح في رعاية الإبداع واكتشاف المواهب الشابة، وتثمين دور الكتاب المسرحيين في تطوير الثقافة والفنون في مصر.