نص مخطوطة مسرحية «ملك الشحاتين» محفوظ تحت رقم «309»، ومكتوب على غلافه الآتى: جمعية المسرح المصرى تقدم مسرحية «ملك الشحاتين» تأليف «نجيب سرور»، أشعار واستعراضات: نجيب سرور وحمدى عيد، رؤية وإخراج «مراد منير». والنص تم تقديمه إلى الرقابة يوم 19/5/1987 بخطاب رسمى من المخرج «مراد منير»، هذا نصه: «نورس للإنتاج الفنى والتوزيع «يسرى حجازى»، السيد الأستاذ مدير عام الرقابة على المصنفات الفنية، تحية طيبة وبعد.. برجاء التفضل بالإحاطة بأنه مرفق ضمن هذا 4 نسخ من مسرحية «ملك الشحاتين» تأليف نجيب سرور، رؤية وإخراج مراد منير. برجاء التكرم باتخاذ ما يلزم من إجراءات نحو التصريح بعرضها على المسرح «قطاع خاص» مع العلم أننا على استعداد لتحمل كل ما ينشأ عن ذلك من مصروفات، وتفضلوا سيادتكم بقبول فائق التحية والاحترام.. [توقيع] مخرج العرض مراد منير.وتوجد تأشيرة أسفل الخطاب مكتوب فيها: “ترخيص سابق، الرقباء السابق لهم قراءتها”. وهذا يعنى أن النص سبق تقديمه إلى الرقابة ونال تصريحًا بالتمثيل، ويفضل أن يقوم الرقباء الذين قرأوا النص وكتبوا تقاريرهم سابقًا، أن يقرأوا النص الحالى ويكتبون عنه التقارير اللازمة”. وأول تقرير كتبه الرقيب «فتحى عمران» وكتب ملخصًا للنص قال فيه: كوميديا استعراضية فى ثلاثة فصول تصور الصراع بين «أبو مطوة» زعيم النشالين و«أبو دراع» زعيم الشحاتين. يصل هذا الصراع إلى قمته حينما يبدأ أبو مطوة فى التردد على منزل «نفوسة» زوجة أبودراع راغبًا فى الزواج من وحيدتها «ألماظ» الفتاة الدلوعة الجميلة التى تحافظ على شرفها رغم الظروف والمناخ الذى يحيط بها. أحبت ألماظ أبومطوة لفتوته ورجولته وقوة شخصيته ورأت فيه فتى أحلامها رغم معارضة أبيها لهذا الحب ورفضه زواج ابنته من هذا البلطجى.. فالشحاتة فن له أصول وقواعد وهذا أفضل من النشل والسرقة على حد رأيه. ويتغلب قلب ألماظ على عقلها إذ تتزوج من عدو أبيها أبومطوة الذى يحتفل بزفافه عليها وسط تهانى زملائه وأعضاء عصابته الذين جاءوا يقدمون فروض الطاعة والواجب لزعيمهم فحولوا الأسطبل الذى أعده لسكنه مع عروسه إلى ما يشبه الفيلا الأنيقة فقد فرشوه بالأثاث الفاخر والتحف المسروقة بالطبع. وأثناء الاحتفال الذى يبدو كمهرجان اللصوص يأتى كابتن «جينز» وصديقته سارة فنرى أبومطوة مهتما بتقديم «المعلوم» الإتاوة لهذا القادم إلا أن مستر جينز يرده إليه كهدية زفافه ويعرض عليه أن يغير من نشاطه تمشيًا مع العصر إذ يعرض عليه أن يفتح بنكًا أجنبيًا للعملات الأجنبية ليحول الدولارات للخارج ليستثمرها الأجانب نظير نسبة يسمح بها جينز لتابعه أبومطوة ورجاله إلا أن زعيم النشالين يرفض هذا الطلب إذ إنه لا يريد أن يصبح العربى فى يد أحد خاصة أن كان أجنبيًا، كما أنه يفتخر بنشاطاته المحلية حتى وأن اعتبرت غير قانونية فلا يصح أن يستفيد الأجنبى الغريب بثمرة جهودنا.. وإزاء هذا الرفض يتحول كابتن جينز أبودراع العدو اللدود لأبومطوة ويعرض عليه أن يصبح وكيلًا تجاريًا له فى مصر إذ تنوى المؤسسة الأجنبية إغراق الأسواق بالمستوردات «الهايفة» ويوافق طمعًا فى الكسب السريع وطلبًا لمساعدة جينز فى الصراع هذا أبومطوة. وتفشل جهود الوساطة التى تبذلها «الماظ» لإصلاح ما بين والدها وزوجها.. اللذان أعلنا الحرب وراح كل منهما يهاجم الآخر كلما سنحت الفرصة، وتقترح ألماظ على أبومطوة أن يختفى عن الأعين فترة حتى تهدأ الحال ويذهب إلى زوجته لواحظ التى تعمل فى كباريه - ماخور ليلى - لنرى السقوط بعينه السقوط.. وينتهى العرض بمقابلة الوداع مع أبومطوة وكل منهما يشاور عقله للصلح فالمسألة لم تحسم بعد بين هاتين العقليتين المختلفتين.واختتم الرقيب تقريره برأى قال فيه: “كوميديا استعراضية عبارة عن بانوراما للحياة المصرية وما يغلفها ويجثم على أنفاسها من أزمات أهمها أزمة الأخلاق والضمير إذ تستعرض الصراع بين قوى النهب والسلب التى خول لها فى وقت سابق أن تمسك مقاليد الأمور.. والمسرحية إذ تعرض هذه المثالب تدعو للصحوة الأخلاقية التى هى سبيل التقدم وليس الاعتماد على الأجانب أصحاب المصلحة الشخصية وتؤكد المسرحية واستعراضاتها على ضرورة التمسك بمبادئ الصدق والشرف والنزاهة فى ظل المناخ الديمقراطى الذى تعيشه مصر الآن، ويشعر به كل مصرى يعتز بمصريته وعروبته. وقد وردت عبارتان أرى حذفهما هما.... ولا مانع من التصريح بالمسرحية للعرض العام بعد تنفيذ الملاحظات المشار إليها سابقًا».والتقرير الثانى كتبته الرقيبة «تيسير حامد بدر» وأنهته برأى قالت فيه: مسرحية إبان الاحتلال الإنجليزى وتبين مدى الانحلال الخلقى فى البلاد وتبين قوة اتحاد الشعب ليتغلب على المصاعب وألا ينخدع بكلام الأغراب لأنهم يهتمون بمصلحتهم الشخصية فقط، ولا مانع من التصريح بعرض هذه المسرحية بشرط مراعاة الآتي: حذف العبارات فى الصفحات: 11، 14، 15، 16، 20، 23، 26، 27، 28، 29، 30، 31، 40، 41، 42، 43، 44، 60، 63، 64، 68، 72، 75، 77 مع الإيحاء بأن هذه المسرحية حدثت فى وقت الاحتلال”.وجاءت تأشيرة مديرة الرقابة على هذه التقارير هكذا: مسرحية ملك الشحاتين تأليف نجيب سرور حول مقاومة مصر للاحتلال الإنجليزى وصحوتها الدائمة التى كانت تقاوم بها عوامل الضعف والانحلال التى كان الاستعمار يحاول بثها فى أفراد الشعب المصرى، وقد سبق الترخيص بالنص وأرى اعتماده فى حدود الملاحظات بالصفحات.. إلخ. وبذلك نالت المسرحية ترخيصًا بالتمثيل رقم «138» بتاريخ 1/6/1987، وهذا نص التصريح: “سبق الترخيص بمسرحية «ملك الشحاتين»، ولا مانع من الترخيص بهذه المسرحية لجماعة المسرح المصرى على أن يراعى الآتي: حفظ الآداب العامة فى الأداء والملابس والحركة، مع الحذف فى الصفحات.... وإخطار الرقابة بموعدى التجربة النهائية والعرض الأول، والمسرح الذى تؤدى عليه حتى يتسنى بعد مشاهدتهما الترخيص بهذه المسرحية”.مما سبق نلاحظ أن الرقباء طالبوا بحذف عبارات – أو حوارات – كثيرة من صفحات النص، وسأنتقى أمثلة من هذه المحذوفات لنتعرف على اعتراض الرقباء على أفكار وإبداعات نجيب سرور! ومثال على ذلك ما جاء فى «ص11» عندما قال «أبو دراع»: “الشركة بترحب بكل اللى عندهم مواهب زيك.. المهم الموهبة دى تكبر.. ومش هاتكبر إلا لما تلاقى اللى يرعاها.. وكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته.. (نفوسة وفى يدها زجاجة خمر تشرب منها وتغني)”. والحوار فى «ص14» حذفته الرقابة، وهذا هو: “أبو دراع: والمقدم خمستاشر جنيه. شحاتة: علم. أبو دراع: وجوز جنيهات دمغة. شحاتة: حاضر. أبودراع: وجنيه مصاريف سرية. شحاتة: ودى تطلع إيه. أبودراع: دى بتطلع الزكا.. زكا المخبرين والعساكر فى حالات الطوارئ”. و«ص15» تم حذف هذا الحوار: «أبودراع: إمسكى يا نفوسة. نفوسة: إيه يا معلم. أبودراع: أمسكى البنطلون ده. نفوسة: فاضى. أبودراع: أمسكيه لحد ما نعبى فيه الأفندى ده. نفوسه: آه”. وحوار آخر فى الصفحة نفسها، تم حذفه، وهو: “نفوسة: على رأيك.. يا حسرة خلفناها من هنا.. وأنت من يومها يا كبدى.. زى ما تكون انصبت بعاهة تكونشى أنت راخر ضحية المواصلات. أبو دراع: يا نفوسة بطلى.. عيب هاتفرجى علينا الناس.. كفاية اللى بتعمليه أنتى وبنتك”.وفى «ص26» تم حذف جزء كبير من كلام «أبو منشار» مندوب نشالين وحرامية شارع الصحافة فى الاحتفال بزواج المعلم أبو مطوة على ألماظ أبو دراع، وهذا هو الجزء المحذوف: “واحتفالًا بزواج المعلم أبو مطوة.. فإننا نعاهده على أن نواصل النضال حتى نقضى على عادة قراءة صفحة الحوادث التى تقول أسرارنا للناس أولًا بأول واللى لاحظنا أنها بتتعمد نشر حوادث النشل والسرقة بالبنط العريض مع أن فيه حاجات فى العالم أهم من كده بكتير.. لكن ليه عشان تكره الناس فينا وتحذرهم مننا.. مع أننا بنقوم بمهمة جليلة مقدسة وبنؤدى واجبًا إنسانيًا تمام زى الموظفين الكبار فى الحكومة.. إننا نطالب بالعدالة والعدل أساس الملك.. والملك لله فأما أن يعاقب كبار الموظفين، كما نعاقب نحن وأما أن يباح النشل وتباح السرقة والخطف والهبش.. وما بين لصوص ولصوص فرق فى الأعلى والأدنى لصغارهم الشنق المذرى وكبارهم الشرف الأسنى”. وفى «ص26 و27» حوار تليفزيونى تم حذفه، وها هو: “المندوب: برنامج نبين زين ونسرق الكحل م العين.. بالنيابة عن الإذاعة والتليفزيون يبلغك تحياته وتحيات كل المعجبين خصوصًا حرامية شارع الشريفين.. ونشالين مبنى التليفزيون. ألماظ: ألف شكر. المندوب: يا ترى نقدر ندردش مع سيادتك شوية. ألماظ: اتفضلوا. المندوب: إيه مشاعرك فى اللحظة دي؟ ألماظ: ما شعرى ناعم أهو.. وهوه كده طبيعى وحياة السيدة زينب.. من غير كوافير. المندوب: قصدى إيه إحاسيسك فى اللحظة دى.. يعنى حاسة بإيه دلوقتي؟ ألماظ: حاسة أن البوليس حايطب علينا. المندوب: م الناحية دى اطمنى.. إحنا عاملين كل الاحتياطات.. ودلوقتى يسعد المستمعين أنهم يعرفوا إزاى بدأت قصة الحب بينك وبين المعلم أبومطوة. ألماظ: أنا أتولدت فى مملكة أبويا ملك الشحاتين. المندوب: وأمك؟ ألماظ: ملكة الشمامين. المندوب: الله الله على الأصل. ألماظ: ماحدش خد باله منى بأكبر إزاى، بأحس إزاى، بأشوف الدنيا إزاى كان جسمى بيكبر وقلبى لسه صغير بيتكتك بيتكتك زى العيل الصغير بيدور على قلب حنين على قده.. لحد ما صادف المعلم أبو مطوة. المندوب: رشق. ألماظ: جوه خالص.. شلته فى قلبى وقفلت عليه. أبومطوة: شايفين الهنا اللى أنا فيه يا غجر. المندوب: وأمك عارفة الحكاية دى. ألماظ: أمى عمرها ما قلت لى بتعملى إيه. المندوب: بس كنت بتعملى. ألماظ: ولا عمر أبويا قالى بتسوى إيه. المندوب: بس كنت بتسوى. ألماظ: طول عمرى لوحدى.. حتى كلمة عيب عمرى ما سمعتها. المندوب: عشان قانون العيب لسه ما كنش طلع.. وإيه موقفك من المزاج والفرفشة. ألماظ: أنا وعيت لقيت أمى تحب الفرفشة، وشفت بعينى ما حدش قاللى، كل يوم راجل داخل وراجل خارج، لحد ما بلغت سن الرشد. أبومطوة: بقوا راجلين داخلين وراجلين خارجين. ألماظ: فشر.. وحياة النبى الشعر ده ما اتحل إلا فى يوم ما دخل المعلم أبومطوة. المندوب: دخل فين: ألماظ: دخل قلبى. المندوب: دخل إزاى. ألماظ: ببساطة أنا نفسى ما كنتش متصورة أنه هايدخل قلبى بالبساطة دي”.وفى «ص35» تم حذف هذا الحوار: “أبو مطوة: يبقى جاى فى مهمة رسمية.. الخواجات كلهم كده.. ما يجرجروش وراهم نسوان إلا لما يقوموا فى مهمة رسمية لزوم الأطلنطى يعنى.. يا ترى إيه قوم جينز الليلة دى.. أكيد جاى.. يهنى ويقبض. دقدق: بس أنا أعرف يا معلم أنهم ما بيقوموش أبدًا. أبو مطوة: ساعات بيقوموا.. ويرجعوا يقعدوا تانى. دقدق: دول باين ناويين يقعدوا على قلبها لطالون. أبو مطوة: طالون فاتت بكزا محطة.. واجب بقى.. ينزلوا. دقدق: مش ناويين ينزلوا. أبومطوة: تفتكر إيه اللى بيقعد الخواجات دايمًا عندنا. دقدق: القوة.. القوة يا معلم. أبومطوة: قوة إيه؟ هم الإنجليز كان فيهم حيل ولا اللى بعديهم؟ النسوان.. النسوان يا دقدق هم سبب البلاوى كلها.. سبب الاستعمار.. سبب الاحتلال.. هم اللى خلوا الخواجات يحتلوا دايمًا مصر. دقدق: النسوان. أبو مطوة: فتش عن النسوان.. هما اللى مخليين الخواجات تبلط فى البلد من ييجى ميت سنة. دقدق: إزاى يا معلم؟ أبو مطوة: نسوانهم بتبقى مبسوطة هنا. دقدق: مبسوطة من إيه؟ أبو مطوة: مبسوطة من رجالتنا.. وعشان كده الجيش اللى يخش البلد بيتبت بأديه ورجليه ونسوانه.