لجنة المسرح والنشاط المسرحي بملتقى السرد العربي

لجنة المسرح والنشاط المسرحي  بملتقى السرد العربي

العدد 861 صدر بتاريخ 26فبراير2024

في ندوتها الشهرية بلجنة المسرح والنشاط المسرحي بملتقى السرد العربي برعاية الدكتور حسام عقل أدارت الأديبة إيمان حجازي اللقاء لطرح مسيرة العمل المسرحي للأستاذة رشا الحسيني، في حضور الناقد الشاعر الكاتب المسرحي السيد حسن والعديد من الكتاب والشعراء والمهتمين بعالم المسرح، وبعد الترحيب بالحضور طلبت الوقوف دقيقة حداد على شهداء غزة، ثم عرفت الحضور، وقالت معنا نستعيد دقات المسرح، وهذه هي الليلة السادسة عشرة في عمر ندوات هذا الملتقى، وطلبت من الكاتبة والشاعرة رشا الحسيني أن تلقي ملخصا للتعريف بأعمالها التي ستناقش حتي يتمكن الحضور من لم يستطع قراءة أعمالها، والتعريف برحلتها في كتابة المسرح الشعري.
فقالت رشا الحسيني:
يسعدني تشريفكم جميعا وأقدم لكم اليوم خمسة نصوص مسرحية تنتمي إلى المسرح الشعري، وشجعني الأستاذ محمود الحديني على كتابة المسرح الشعري بعد أن قرأ لي عدة أشعار، وكانت لمحة رائعة، فكتبت أولى تجاربي وهي نص مسرحية بيكاسو وأحاديث الظلام، وفيها يقوم بيكاسو برسم لوحاته، وعندما يرسم لوحة تخرج منها شخوص اللوحة تحاوره، وكل لوحة تمثل مشهدا، وكل مشهد يناقش قضية، وفي النهاية يشعر بيكاسو بنوع من الاضطراب لظهور تلك الشخصيات، خاصة عندما يقوم برسم لوحة لبائعة الورد ثم يغمض عينية ويغفو؛ وأثناء الغفوة تتجسد أمامه امرأة تحمل سبت ورد فيستيقظ من غفوته؛ ويجد فتاة تقف أمامه فيتخيل أنها الفتاة التي رسمها، لكنه يفاجأ أنها حقيقة مؤكدة وتقف أمامه فتاة بالفعل؛ فيشك في الأمر ويكذبها، لكنه يتيقن من الأمر فيلقي بالفرشاة والألوان ويعيش معها قصة حب.
والمسرحية الثانية هي الوارثون، وتدور أحداثها ما بين عامي (1501م – 1516م) وهي فترة حكم السلطان الأشرف قنصوه الغوري، والذي قُتْلَ في معركة مرج دابق ودخول العثمانيين مصر وكَتَبْتُ هذه المسرحية أثناء انتشار فيرس كورونا حول العالم، فربطت هذا الحدث بحدث انتشار وباء الطاعون الأسود في الماضي، وأوضحت صراع المماليك وخيانة بعضهم والتي أدت لهزيمة المماليك، وخلال الأحداث أشرت إلى حب رجل يدعى فواز لامرأة تدعي دميانه، وعندما أصيبت دميانه بالطاعون احتضنها فواز عندما كان يلتقيان خلسة وهو يعلم جيداً أنه سيموت معها لانتقال الوباء له وبالفعل مات كلاهما.
النص المسرحي الثالث هو الشرنقة، وفكرة النص فيها مسحة فلسفية، وتبدأ المسرحية بمجموعة من الشبان معلقة على ستارة، وتتكون المسرحية من سبعة مشاهد، وبطل المشهد هو الشرنقة، والشرنقة عبارة عن الأفكار السلبية التي يعتنقها الإنسان ويعيش بداخلها؛ فتؤدي في النهاية إلى أن يتخذ هذا الإنسان مساراً خاطئاً لاعتقاده بأن فكرته صحيحة، وتشرنق بهذه الفكرة وتصبح جزءًا منه، وفي كل مشهد يخرج البطل من الشرنقة وتبدأ الحكاية وهكذا، فهي حكايات مختلفة منفصلة.
والنص المسرحي الرابع محاكمة كيوبيد تظهر منصة قضاء يجلس خلفها قضاة متشحين بالسواد ولم يظهر منهم سوى أعينهم فقط، وهم قضاة ظالمون لأنهم يحاكمون كيبوبيد رمز الرومانسية والحب، ولكنهم يعتبرونه رمز الشهوة والفسق والفجور حيث كان يصور كيوبيد عاريا في اللوحات التشكيلة؛ ومن هنا جاءت محاكمة كيوبيد باعتباره المتسبب في حكايات الحب والعشق عبر التاريخ، وبالتالي يستدعى العشاق على مر العصور منهم قيس وليلى، وبن زيدون وولادة بنت المستكفي، وعنتر بن شداد وعبلة، وكليوباترا ومارك أنطونيو، وروميو وجولييت، وغيرهم، ليكونوا شهوداً على كيوبيد؛ ولكن تحدث المفاجأة بأنهم جميعا يشهدون مع كيوبيد، وتحضر امرأة لقاعة المحكمة وتمرر خطاب للقاضي عبارة عن قصيدة شعر يتأثر بها القاضي ويقع في الحب ويفرج عن كيوبيد والعشاق.
أما المسرحية الأخيرة هي فاكهة أشجار الجحيم وتحكي حكاية من حكايات ألف ليلة وليلة من حكايات شهر زاد وشهريار، والجديد في الحكاية أن زواجهما أثمر عن إنجاب ولدين، وأصبحا شابين الأول يدعى نصر زاد وهو قائد الجند، والثاني يدعى مجد زاد وهو الفتى الشرير الذي يريد أن يستولي على الحكم، ويحاول بشتى الطرق أن يزرع ضغينة في قلب أمه شهر زاد ضد أبيه شهريار حيث أن شهريار له علاقات آثمة مع النساء وتعيش معهم في القصر إحداهن وهي مريمة الأندلسية، ويعرض على أمه أن يقتل مريمة بالسحر أو أن يدس لها السم ولكن الأم ترفض، لكنه يتفق مع خادمة في القصر بدس السم للجميع في الشراب في ليلة احتفال، فينكشف أمره، ويتم الحكم عليه بالإعدام وينفذ فيه الحكم شقيقة نصر زاد، وينتهي العمل بقصيدة تنعي فيها شهرزاد ولديها المقتول والآخر الذي نفذ فيه الحكم وأنهما كانا ثمار الفاكهة؛ لكنهما أصبحا ثمار الجحيم.
عاد الحديث للأديبة إيمان حجازي والتي قدمت الشكر للكاتبة والشاعرة رشا الحسيني على هذا العرض لأعمالها المسرحية.
انتقلت الكلمة للناقد الشاعر والكاتب المسرحي السيد حسن وبعد أن رحب بالجميع قال: إن هذا اللقاء خاص جدا وأرهقني إرهاقاً شديداً حيث أنني معتاد أن أدخل إلى العمل الأدبي من خلال العمل نفسه؛ لكنني في هذه الحالة كنت مضطراً أن أقوم بعملية عكسية، بأن أنتشل نفسي من هذه الحالة المسرحية؛ حتى أستطيع أن أراها من الخارج لأستطيع أن أقدم قراءة لها، فالكاتبة رشا الحسيني تمارس ألوان الإبداع كافة حيث تكتب القصيدة الشعرية، أو القصة أو الرواية، ثم تكتب درة التاج في الإبداع بصفة عامة كما أعتبره أنا وهو المسرح الشعري، لأنه ببساطة شديدة يجمع المتناقضات، الشعر في جوهره إنجاز مطلق للموضوع، للقضية، لتعدد الأصوات وتعدد الشخصيات، لأن الجوهر في المسرح هو الصراع بمعنى أن هناك شخصيات متقابلة، هناك شخصيات متضادة، بينما في الشعر هناك صوت الشاعر وحده، وكلما كان هذا الصوت صافيا لا يدخله نبرة صوت آخر؛ كان الشاعر أكثر إجادة وإتقاناً وإبداعاً.
صحيح أن بعض القصائد الشعرية يدخلها ما نسميه تعدد الأصوات وهذا قديم وليس جديداً كما يظن البعض حتى لو ورد في أشعار عمر بن أبي ربيعة فسوف نجد حديثاً لعمر على لسان الوسطى والصغرى والكبرى إلى آخره، أو لدى الشاعر المهم الذي ننساه كثيرا وضاح اليمن قال:...، قالت: ...، هنا دخول أكثر من صوت شعري عادة يدخل عبر نبرة الشاعر ذاته، أما في المسرح لا بد أن يخلق شخصية، ثم يترك هذه الشخصية لتتصرف هي وليس هو (الشاعر)، وفقا لبنيتها هي (الشخصية)، وثقافها وتربيتها هي، وإلا سقط في هوة أنه متحدث رسمي باسم الجميع وهذا لا يليق في المسرح. المسرح يجمع الإتقان الدرامي عبر الصراع وتعدد الشخصيات، والتحليق الشعري عبر صفاء صوت الشاعر وانحيازه لذاته.
عندما تقدم لنا رشا الحسيني مسرحية فاكهة أشجار الجحيم المستلهمة من ألف ليلة وليلة؛ فهي تنازل تراثنا العربي الذي أبهر العالم، ثم عندما تقدم لنا بيكاسو؛ فهي في الحقيقة تستلهم بجماليون هذا المبدع الذي يتقن إبداعه إلى حد أن يتحول هذا الإبداع إلى كائن حي هنا هو بيكاسو الرسام، هناك هو المثال، لكن الفكرة تقول إنني أتواصل مع الأدب العربي كما أتواصل مع الأدب اليوناني.
رشا الحسيني تتوقف أمام التاريخ كما توقف كل الذين ذهبوا إلى ساحة المسرح الشعري، فالبداية الذهاب إلى التاريخ ضرورة، لماذا؟ لأنني أريد أن أقنع المتلقي أن هذه الشخصية تتحدث بهذه اللغة الفصيحة الشاعرة، فإذا قلت له إنه عم محمد البواب أو الجزار فسوف أصدم المتلقي، ولذلك نجد أن شوقي ذهب إلى على بيك الكبير وإلى مجنون ليلي وإلى عنترة، تم حين تيقن أن الناس بدأت تتفاعل مع المسرح الشعري ذهب إلى الست هدى، وفيها الحياة الواقعية التي نحياها عندما ندخل إلى المسرح الشعري (وذكر أمثلة لصلاح عبد الصبو وعبد الرحمن الشرقاوي)
وفي محاكمة كيوبيد تذهب بنا رشا الحسيني إلى عنترة وعبلة، وإيزادورا وحابي، وقيس وليلي، فاوست وجريتش، هذا النوع الثقافي الذي تمتلكه رشا يلقي بظلاله على هذه الأعمال المسرحية.
وأرى قدرة رشا الحسيني على ممارسة فكرة الإسقاط، فلأن لدينا فيروس الكورونا تذهب إلى فكرة وباء الطاعون الأسود، وتعالج فكرة وباء الطاعون الأسود من حيث نحن نعالج الكورونا، ولأن موجات من التشدد الذي تراه ظالمين تذهب إلى محاكمة كيوبيد عبر أولئك القضاة الظلامين، حتى القاضي الظلامي الذي نراه ظلاميا سوف نكتشف في النهاية أنه إنسان، وتطبق الكاتبة بأن المرأة الجميلة هي أجمل ما في الوجود فيترك القاضي الظلامي المحاكمة ويقع في حبها، وكنت أتمنى أن تترك لنا النهاية مفتوحة لفكرة ماذا سيحدث.
رشا الحسيني تتميز في طريقة تعاملها مع التراث، مصرياً، عربياُ، إسلامياً، يونانياً، علمانياً، أوروبياً، لأنها لا تسلم نفسها لما أعتقد عليه، وإنما تعاود اكتشاف الأمر من وجهة نظر مختلفة، نتفق معها حيناً، ونختلف معها حيناً لكنها واعدة.
انتقل الحديث للمخرج المسرحي حسن الوزير فقال:
أرحب بالحضور وأشكر الأستاذ السيد حسن على تحليله للنصوص المسرحية، وتعرفت على الكاتبة والشاعرة رشا الحسيني ولفت نظري أنه توجد سيدة تكتب مسرح شعري وهي أول سيدة تكتب مسرحا شعراي، وأوكد كلام الأستاذ سيد حسن؛ بأن المسرح الشعري هو درة الإنتاج الأدبي لأن من يقدم على هذه النوعية من الكتابة؛ لا بد أن تكون لديه دراية بالمسرح والدراما المسرحية واللغة والشعر، ولا يوجد إنتاج أدبي يضم كل هذه المعطيات، والأستاذة رشا قدمت دهشة في الأفكار على سبيل المثال نص بيكاسو وأحاديث الظلال بخروج شخصيات من خلال لوحة؛ لكنه لا يصح أن توضع هذه الفكرة المدهشة في إطار إستاتيك؛ لأنه تكرر في باقي اللوحات وهذا ضد ما قامت بتقديمه حيث يتوقع المشاهد ماذا سيحدث في الفكرة الأساسية، بالإضافة إلى لغة الشخصيات لا بد وأن تتحدث كل شخصية بلغة وتتصرف بأسلوبها، بمعنى أن يقوم الكاتب بدراسة كل شخصية حسب موقعها وموقفها داخل العمل الدرامي، وبالتالي نلاحظ الفرق بين الشخصيات، ومعالجة ذلك بسيط ويأتي بالتمرين والخبرة، فأنت تمتلكين ثروة لغوية وخبرة شعرية كبيرة، كما أرجو منك البعد عن السرد وكتابة الأشعار الطويلة لأنه ليس لها علاقة بالمسرح، وإذا كنت أريد إيضاح تمكني من كتابة الشعر، فلا بد وأن تكون عندي خبرة باصطياد الموقف مثلما فعل صلاح عبد الصبور عندما كان يعرف الحلاج نفسه أثناء محاكمته عندما سئل من أنت؟ فتحدث عن نفسه وهنا ممكن أن أقول ما أريد ولكن من خلال الشخصية أيضا، وهذا له مبرر درامي، وأتذكر أنني طلبت منك أن تقرأي كثيرا في المسرح وكذلك النقد المسرحي، وأكرر وأقولها بصدق أنت لديك إمكانات كبيرة واشكركم.
وانتقل الحديث للمخرج شريف جابر والذي قال: قبل أن أنتقل لإخراج الأفلام القصيرة والوثائقية للسينما كانت بداياتي في المسرح التجريبي، وحضرت اليوم لأنه قد جذبني عنوان مناقشة مسرحيات شعرية وشعرت بالحنين للمسرح وللأسف لم أكن محظوظا بقراءة النصوص المسرحية ولكنني كونت رؤية من خلال سرد الأستاذة رشا لأعمالها ومن الممكن أن أختلف بعض الشيء مع الأستاذ حسن وخاصة أنه قد شدني نص بيكاسو وأحاديث الظلال كرجل مخرج سينمائي بأنه من الممكن أن أقدم رسالة للجيل الجديد الذي لا يعلم شيء عن هذا الرسام العالمي وخاصة أن هذا الجيل لديه ظاهرة الاستعجال والسهولة للحصول على المعلومة فلو تم هذا في أكثر من عمل أصبحت الاستفادة كبيرة، ووجدت تشابه بين بيكاسو والشرنقة وكيوبيد فلو استطعنا تجسيد ذلك على المسرح يصبح شيئاً جميلاً، وأتمنى للكاتبة والشاعرة رشا الحسيني التوفيق وأشكركم.
انتقل الحديث للفنان والناقد جمال الفيشاوي كاتب هذه السطور فقال: سعدت بوجودي وسط هذه الكوكبة المبدعة وكل التحية للكاتبة والشاعرة رشا الحسيني وفي بداية الحديث أتحدث كممثل وأقول أعتبر نفسي أقف في وسط المسافة بين صديقين متميزين أحدهما الأستاذ سيد حسن كناقد أدبي يحكم على صلاحية العمل من منظور الكتابة للمسرح، والثاني الأستاذ حسن الوزير كمخرج مسرحي صاحب العين الفاحصة والرؤيا لترجمة النص الأدبي وظهوره مجسداً على خشبة المسرح وأقول إن طول الحوار الذي يؤديه الممثل، ثم يقبع ساكنا على المسرح لفترة طويلة إلى أن ينتهي باقي الممثلين في المشهد من أداء حوارهم يجعله يشعر بعدم الدفء (الفتور) مع باقي عناصر العمل وكذلك الجمهور، بمعنى أنه حتما سينفصل الممثل عن الشخصية التي يؤديها كما أنه يعلم جيدا أن الجمهور انفصل وأصبح غير مهتم بالعرض، فلا بد أن يكون الحوار مثل كرة البنج بنج خذ وهات وبسرعة بين الممثلين حتى يحقق أحدهما هدفا، وهنا يتيقن أن الجمهور منتبه ومتابع جيد للعرض ولا ينشغل بشيء آخر أو يترك صالة العرض ويرحل، أما حديثي هنا في هذه الجلسة كناقد أوافق تماما ما قاله الأستاذ السيد حسن والأستاذ حسن الوزير ولن أكرر كلامهما، بدايةً هذه الندوة وجبة دسمة جداً لانه لأول مرة أحضر ندوة يناقش فيها خمسة نصوص مسرحية، وكانت أقصى ندوة نناقش فيها نصين فقط حتى نلقي الضوء عليهما بشكل مكثف، وبشكل عام الكاتب دائما يكتب نصه المسرحي ويتمنى مشاهدته مجسداً على خشبة المسرح، فإذا وضع النص المسرحي بين دفتي كتاب أصبح عملا أدبيا يستطيع بعض القراء من خلال التخيل أثناء القراءة أن يشاهد ما تم كتابته من خلال مخيلته والبعض الآخر لا يستطيع، وبالتالي فهناك قواعد وأسس مهمة للكتابة للمسرح، لا بد أن يضعها الكاتب في ذهنه وينظر إليها بعين الاعتبار مهما اختلفت طريقة الكاتب أو تصنيف العمل طبقا لتاريخ وتطور المسرح، وتتمثل هذه القواعد في طريقة بناء العمل الدرامي فيكون بناءً محكما، وترسم الشخصيات بدقة وعناية فائقة، وكذلك كتابة الحوار المعبر عن الموقف فقط وما سيشير له دون إسهاب، وبشكل عام النص المميز الصالح للعرض على خشبة المسرح من الخمسة نصوص المقدمة شريطة إدخال بعض التعديلات البسيطة هو الوارثون، أما باقي النصوص بها أفكار مدهشة ومتميزة، ولكن لا بد أن ينظر إليها نظرة فاحصة مدققة، وأخيراً أقول إنه مجهود متميز، وسعيد جداً بتجربتك المهمة وتمكنك من اللغة العربية وإبداعاتك الشعرية، وبقليل من الممارسة للكتابة المسرحية والقراءة للنصوص المسرحية ستكونين في الصدارة وسعيد بأنك أول امرأة تخوض تجربة الكتابة للمسرح الشعري بعد أن كانت حكراً  للرجال.
وانتقل الحديث لبعض من الموجودين من الشعراء والكتاب الذين أشادوا بإبداع رشا الحسيني بإلقاء كلمة عنها أو قصيدة شعر، ومنهم الأساتذة، مصطفى عبد الباسط، هناء أمين، وآيات عبد المنعم، د. سحر كرم، أسماء الألفي، رمضان، فاطمة، اللواء أحمد فهمي، إيمان، وقرأ الأستاذ السيد حسن والأستاذة رشا مقاطع من بعض النصوص، ووثق هذه الندوة  المسئول الإعلامي عن لجنة النشاط المسرحي الأستاذ دهب المغربي.
 ثم وصل الدكتور حسام عقل لمقر الندوة وبعد قسطٍ من الراحة أُعطيت الكلمة له فقال: بحثتُ عن امرأة كتبت المسرح الشعري فلم أجد ثم سرد بعض أسماء الكتاب ممن كتبوا المسرح الشعري من الذكور، ثم استطرد في الحديث وقال بذلك تصبح الشاعرة رشا الحسيني كأول امرأة تكتب في المسرح الشعري، وأنا سأناقش النص المسرحي الوارثون فقط نظراً لأنه لا يجب مناقشة خمسة نصوص مسرحية دفعة واحدة، ثم قال خيال رشا الحسيني خيال خصب مثلما أتت بكل العشاق في محاكمة كيوبيد، وأنسة اللوحة وتبدأ الشخوص تخرج من اللوحة لتحكي قصتها في بيكاسو وأحاديث الظلال، ففي مسرحية الوارثون عادت إلى التاريخ فترة حكم قنصوه الغوري إلى تباشير العصر العثماني، وعلى الرغم من أنها في النسق مسرحية تاريخية إلا أنها لم تتنازل عن الحس الغرائبي أو الفانتازي، فمع وجود شخصيات كثيرة تجد شخصية الهاتف لم تحدد له اسما ولا معلما وكأنه هاتف ينبع من داخل الشخوص ويظهر في الوقت المناسب، والهاتف هنا هو السقف أو البعد أو الفضاء الفانتزي، ويشتغل النص في الخلفية على فكرة الوباء (الطاعون)، ونلاحظ أن بعض الفِقْرْ تسقط على وباء كورونا، ومعظم المشاهد قائمة على نسق رومانتيكي، فنجد عاشقين فواز ودميانه وذروة الدراما ليس بحث فواز عن دميانه، لأنه وجدها بالفعل، ولكن ذروة اللحظة الدرامية بأن فواز سيحتضن دميانه فتنتقل له العدوي ويموتا معا، وتتحول قصة العاشقين على لسان الهاتف إلى أُمْثُلَةً رمزية، لعاشقين أحبا الحياة ثم ماتا في حالة عناق، أدهشتنا مرتين وقد ظننا أن التصعيد الدرامي ارتبط بقصة العاشقين، وقد ظننا أن التصعيد الدرامي سيرتبط بالوباء العام، أو بظروف غياب شمس المماليك لكنها أوصلت المتلقى إلى هذه المساحة الفنية.
شخوص المسرحية كثيرة وبعضها لم يستخدم وأنا واثق أنه عندما يقرر مخرج إخراج النص سوف يجلس مع رشا الحسيني، وذلك لإعطاء بعض الشخوص مساحات أدوار، أو يلغيها، فبعض الشخصيات ليس لها دور واضح مثل شخصية برغوث، الشيخ عاشور، هي ليست فكرة أنني أَضْمَنَ التمثيل الاجتماعي لكل شرائح المجتمع لأنني أمام مسار درامي لا بد أن يستوعب كل هذه الشخوص، والتحية لرشا الحسيني على الروح الشعبية وخفة الظل وتنويع الأداء اللغوي حسب الشريحة الاجتماعية، ووضح ذلك في شخصية الطباخ مرزوق وشخصية المتولي، أنا أرى أن هذا النص قابلا للعرض مع بعض التعديل وأشكركم.
 


جمال الفيشاوي