المديوني: المسرح طريق إلى تحرر الإنسان العربي وطريق للتفاعل مع الجمهور

المديوني: المسرح طريق إلى تحرر الإنسان العربي وطريق للتفاعل مع الجمهور

العدد 839 صدر بتاريخ 25سبتمبر2023

الكاتب والمُخرِج  الدكتور محمد المديوني أحد رواد المسرح بدولة تونس

تولى العديد من المناصب بتونس  فهو العميد الأسبق للمعهد العالي للفنّ المسرحِيّ والمدير العام الأسبق لأيّام قرطاج المسرحيّة ثم لأيام قرطاج السينمائية.فضلا عن تجربته الأكاديمية كأستاذ ومحاضر في المعهد العالمي للغات والحضارات الشرقية في باريس.

له العديد من المؤلفات والأبحاث والكتابات النقدية

ومن أشهر أعماله كتاب " مؤرخو المسرح العربي أي دور وأي تأثير " الذي شارك في كتباته كلا من عبيدو باشا و عز الدين بونيت ..

وكتاب النقد المسرحي وموقعه من الحياة المسرحية اليوم وغدا .

بالإضافة لكتاب "المختصر المفيد في المسرح العربي الجديد " المسرح في تونس عام 2009 . 

وكان لجريدة مسرحنا هذا اللقاء معه..

يقال إن الثورات أو المناخ الثوري يؤثر على المسرح هل حدث ذلك بعد الثورة التونسية على المسرح التونسي ؟
المسرح في تونس خضع لعدد من العناصر في البنية التونسية وهناك سمة تونسية لا تكاد تجدها في مختلف البلدان العربية الأخرى ويمكن تتجلى في بعض المظاهر وبعض المنجزات التى تحققت في المجتمع التونسي المسرح في تونس ارتبط بالنخبة، النخبة التي بنت تونس منذ 1896 نشأت في تونس جمعية باسم الجمعية الخلدونية نسبة لابن خالدون، هذه الجمعية كانت فرصة لممارسة الديمقراطية الفعلية المباشرة كان في انتخابات وحياة سياسية كون مؤسسوها خريجي المدارس الصادقية ووضعت لنفسها هدفا هو تكميل أو مساعدة خريجي جامعة الزيتونة أنهم يطورون معارفهم وهذا ما يفسر مثلا أن تجد طاهر الحداد كاتب «امرأتنا في الشريعة والمجتمع» وهو أول من دعا لتحرر المرأة وإعادة نظام الطلاق وتعدد الزوجات والتعليم وذلك وهو زيتوني التعليم والثقافة ويدافع عن المرأة وتحمل مسئوليته كاملة فقد طُرد من البلاد وليس من باب الصدفة أن نجد الشاعر أبو القاسم الشابي وهو زيتوني التكوين «إذا الشعب يوما أراد الحياة فلابد أن يستجيب القدر» كلمة صعبة وهو زيتوني . 
لدينا حراك منذ البداية وهذا له انعكاسات في الحياة الثقافية في تونس ككل، مفهوم الجمعيات، مفهوم المبادرة ومن ضمنهم المسرح، المسرح نشأ في تونس في إطار الحياة الجمعية الأهلية، ونلاحظ أن وزارة الثقافة نشأت عام 1962والاستقلال تم عام 1956، أما المسرحيون والسينمائيون هما سابقان للوزارة وبدونهم لم تكن هناك وزارة ثقافة في تونس ، 
المسرح والمسرحيون في تونس رغم الصعوبات لهم موقع و وزن وللمسرح المدرسي دور كبير، كل هذا هيئ الوضع العام المسرحي في تونس بالإضافة للموقع الجغرافي والحدود مع إيطاليا وفرنسا لذلك تجدي أن المسرح في تونس له مسار خاص يختلف عن باقي الدول العربية . 
دائما الثورات تطلب اتخاذ واقفة لأن الثورة أو الانتفاضة هي منجز كبير يصعب على الشاعر أو الفنان أن يثور وقتها، ممكن أن يكون المسرح أسهم في التهيئة للثورة وحرية التعبير ولكنه ثم بعد ذلك تفاعل مثل عرض عائشة النص عبارة عن مواجه لبعض نتائج الثورة الغير منتظرة والغير مناسبة للمنتظر ولكن كذلك هنالك منجزات ودرجة تحققت في مستوى نوعية أداء الممثل والتعامل السينوغرافي بدأ عددا من البلدان تنجح فيه نسيباً أما الممثل وطريقة أدائه هناك مجهود كبير لتنوس حتى الآن نوعا من هو غير متوفر بالشكل الأنسب .
هل ترى النقد المسرحي العربي يعاني من فوضى المصطلحات ؟ 
هناك فوضى المصطلحات لأسباب كثيرة وأهمها الترجمة وغلبة انتشار التقريبية أي استعمال التعبير بشكل تقريبي ليس دقيقا والبناء عليه فينشئ شيئا تقريبيا أخر وذلك التقريبي نبني عليه تقريبيا 
أخر وهكذا حتى يصبح التفاهم غير حاصل بين من يعرف فعلا وبين من وصلت له المعلومة من الدرجة الثالثة أو الرابعة، المشكلة أن بعض النقاد يلتقطون مصطلحا نشئ في اجتهاد أحد النقاد الفرنسيين أو الأمريكان أو غيرهم، ذلك المصطلح يتم التقاطه ولا يوضع في سياقه الصحيح دائما، ومن الممكن أن صاحب المصطلح أو الذي ابتدع ذلك المصطلح قد يعود ويضعه موضع سؤال وينكره ويفوز صاحبه ويبقى الأخر في الدرجة الثالثة يردده بفهمه في الدرجة الثانية ولا يعلم أن صاحب المصطلح نفسه قد تجاوزه . 
لكن الأهم في الواقع هو توفير حركة وجدال يسمح بكشف المقول مثلا مصطلح دراماتورج بالمفهوم الفرنسي أو بالمفهوم الألماني وهذا المفهوم تطور مع العمل المسرحي والكثير استخدم المصطلح وكأنه اكتشاف رغم أن المخرج الدراماتورج ليس له وجود ولكنهم خلقوه . 
ما هي إشكاليات تأصيل المسرح العربي ؟ 
عبد الغني داود قدمه بشكل محترم إذا إشكالية تأصيل المسرح العربي تعود لما كتبه عبد الغني وهو قد تجشم صعوبة قراءة كتاب 560 صفحة وأتوجه له بالشكر خاصة أن هناك من يمل من قراءة صفحتين . 
كتاب طرحت فيه أولاً فكرة البحث عن مسرح عربي وليس مسرح مكتوب بالعربي إنما هو بحث عن شكل ذى هوية عربية وذو خصوصية عربية وكانت نتيجة حراك كامل للبحث عن ذات مسرحية عربية، وخاصة اعتبار أن المسرح مرجعيته تجعل من يمارسه يخضع لها أن تسير على منوال كأنك بعيد عن من انت؟؟ القضية هنا بحثت فيها بشكل عميق و مطول كأنه بحث عن مسرح ذي هوية عربية، كيف يصبح المسرح ذا هوية عربية؟ أول شئ ما هي الهوية العربية سؤال ليس من السهل الإجابة عليه سنجد أن الهوية العربية المنظور إليه قد يكون متعددا مختلفا إلى حد ما هل من يتكلم عربي فهو عربي ؟ هل مَن هو ذو أصول قبلية عربية فهو عربي؟ وحتى التوجهات السياسية القومية العربية المقصود بها الكتابة بالدرجة عربية أو غير عربي وفي الواقع هذا المنظار الهووي (نسبة للهوية) فيه مزالق كثيرة منها لا تاريخية لنا، انك تحدد الهوية العربية في زمن بذاته فنعود للثلاثينيات مثلا تلك الفترة المضيئة ذلك ما نريد أن نحققه، هناك تناقض الآن بين الآن والعودة للسلف ثم حتى السلف عندما تتكلم عنهم هل تعرفهم أم أنك تمتلك تصور لذاك السلف ؟ تصبح هنا إشكال أخر، ثم المسألة الأخطر هو كيف سينجز ؟
توفيق الحكيم قالبنا المسرحي .. هل المسرح قالب ؟!! أوعمل قالب يصب فيه ؟ !!
يوسف إدريس كتب 3 مقالات نحو مسرح مصري ونفس المقال أصدره دون أن يغير نقطة أو فاصلا نحو مسرح عربي إذن بالنسبة ليوسف إدريس المسرح العربي هو المسرح المصري إذا تناولت هذه الإشكالية لأصل إلى أن المسرح العربي يجب أن ننظر له من موقع الخصوصية عوضاً عن الأصالة والهوية لان الخصوصية مفهوم يخضع للتاريخ أنت الآن وهنا مع ما ورثت وما يصل لك، ثم توصلت إلى أهم مقاربة هو أن تمارس المسرح بصدق وتتفاعل مع ما يحيط بك تفاعلا صادقا، ثم فكرة خطيرة وخاطئة هي من أنا ؟ هل أنا العربي حتى أكون عربيا يجب أن أكون مختلفا عن الغربي ومن هو الغربي؟ هل الفرنسي الطبقة الأرستقراطية ؟! الانسياق من مفاهيم بها عمومية تعميم دون تدقيق .
ثم هذا الغربي هل هو في شنطة واحدة ونرميها في البحر ! الغربي هناك ناس تؤمن بالإنسانية وأخر عنصري تعدد هما نفسهم عندهم شواغل واختلاف . هذه النظرة تأخذ إلى نوعا من التقصيد إذا المسرح العربي ليس بالضرورة مختلفا عن الموجود بل هو مسرحيا في تقديري وهذا ما توصلت له بعد 596 صفحة، في نهاية الأمر هو أن يكون المسرحي مسرحيا صادقا منفتح ومنغرسا في مضمون ما يتكلم عنه ويتكلم إليه ولا يكون في ذهنه أنماط ونماذج نهائيا مغلقة هذا المسلك ه يوصلنا إلى تأصيل المسرح فيصبح المسرح حاجة من حاجات الآنسان العربي ، كم من متفرج جاء إلى عرضك العربي ذاك هو السؤال ؟ إذاً التأصيل على البحث على ما يجعل المسرح ضروريا لا بد منه . 
كيف ترى شكل المسرح العربي بشكل عام ؟ 
لا يمكن أن نتكلم عن مسرح عربي بشكل عام ويمكن نتكلم عن مسارح عربية وهناك مسائل للرد والتوفير ما يسمح بالتواصل والتلاقي وهذا هام لكن البلدان العربية كذلك مختلفة تكونين في بلد أو دولة ملكية ليس مثل دولة جمهورية والأمر لا يتعلق بالحرية بين الملكية والجمهورية فبعض الدول الملكية تمتلك حرية ولكن المرجعية خلفية موجودة وكذلك تجد حرية أو عدم حرية والحرية ليس شئ يتعلق بالسلطة فحسب المجتمع قد يكون هو مستعدا لتلك الحرية ما أقوله إن المسرح طريق إلى تحرر الإنسان العربي وطريق للتفاعل مع الجمهور وجعل الجمهور يقتنع أن المسرح أمر ضروري والطريق إلى ذلك أولا التربية والتعليم وثانيا جعل قيمة التخيل بصفة عامة قيمة مهمة وموجودة كيف تمارسها في المسرح وتجعل الناس يحسون أنهم معنيون به، بهذه الطريقة ممكن أن ننجز مسرحا عربي الحالة الآن هناك محاولات ومؤسسات تشتغل بأشكال ليست بالضرورة ناجحة لكن كل ما يقدم يفيد لجعل هذا المسرح أمرا هاما ويعني الناس. 
هل ترى للنقاد دور في تقدم أو تراجع المسرح ؟ 
يجب أن نبدأ بسؤال من هم النقاد وهل يستطيع الناقد أن يعيش من نقديه مثلما يعيش المسرحي من مسرحه ؟! هناك مجتهدون في النقد مهمين، في الواقع لا حياة لأي فن ولا أي أدبب دون نقاد لأن النقاد هم رجع الصدى لما يقدم من أعمال هم بمثابة الإضاءة هم يضيئون الطريق للفنانين، ولكن النقد في بعض الدول وفي مصر بشكل خاص النقد المسرحي متواجد وممارس بشكل جيد. تكلمنا على المفهوم الألماني الدراما تورج في المفهوم الألماني هو ناقد ليس بالضرورة مسرحي قد يكون ناقدا قد يكون مترجما أقول هذا لأبرر أن العمل المسرحي في حاجة إلى فكر إلى تقييم إلى قرأت هذا من شأنه أن يغني العمل أو يهيئ صاحب العمل ليكون عمله ثريا أغلب الموجود في عدد من الدول العربية هم يجد نفسه ناقدا لمدة من الزمن في انتظار أن يصبح ناقدا سياسيا لذلك يهرب من موقع سياسي لأنه من الصعب أن  يتكلم عن المسرح . وطبعا هناك المجاملات النقدية والتحامل على العموم هناك محاولات نقدية موجودة كما تكلمت عن المسرح وتركيزه، النقد والنقاد في حاجة إلى مركز يرفع من شأنهم من خلال تَكوَن حقيقي توفير ما يسمح لهم أن يعيشوا مما يعملون، بعض النقاد في أمريكا و أوروبا موقعهم هام جدا يصل إلى حدود موقع المبدع لكن الناقد المبدع يتعامل مع الإبداع بشكل إبداعي فهو يغنيه وهذا ليس في المتناول في الدول العربية . 
هل تتابع المسرح المصري ؟ 
 كل ما أتيحت لي الفرصة لكن لا أستطيع أن اسمح لنفسي بإصدار أحكام حوله، ما شاهدته أو ما أمكنني أن أشاهده ويبدوا أن هناك أعمالا لا تصل للجمهور الواسع . حضرت مهرجان المسرح التجريبي بالقاهرة في وقت سابق تمكنت من الذهاب إلى مسرح المحافظات حين كانت الثقافة الجماهيرية الآن أصبحت قصور الثقافة وقرأت بعض التجارب وتحاورت مع بعض التجارب، هناك مناظرون في تلك الفترة ولعلى ما زالوا إلى الآن . عندما اذهب وأري أن وضيعة مسرح الطليعة والمسرح القومي محاط بالأسواق عشوائية مثل العتبة والأزبكية هناك إشكالية الموقع اصبح غير طبيعي لان في الماضي كانت هذه المباني بارزة وكان مبنى هام، فمثلا عندما تذهبي لقرية في ألمانيا تجدي الكنيسة والمسرح من أهم المباني البارزة وقد يكون مبنى المسرح أجمل من الكنيسة وكذلك في موسكو في باريس المسارح تعتبر معالم . في مصر أن يؤول إلى ما أل إليه تلك المعالم لا يمكن أن يكون له دلاله !!
الآن أنا أؤمن إيمانا شديدا بضرورة توافر كل أنواع المسرح ولا اتفق مع من يقول أن المسرح التجاري لا قيمة له، المسرح متعدد إذا لم يكن متعدد فأنك ستصبح تكلم نفسك حتى تجد مسرحا جديدا تجريبيا لابد لك من مسرح يقبل عليه الجمهور . 
عندما أتكلم عن المسرح لا أقصد أن أنقص من جانب المسرح الشعبي العادي بالعكس لابد من دعمه ومن العمل على تشجيع الناس تخرج لتذهب إلى المسرح مهما كان نوع المسرح لان في ذلك يمكن أن تنشئ مسارح أخرى ويمكن أن تتطور .
هناك تجارب لدى المصريين مثل صبحي وعادل إمام، والفرق الأخرى والفرق مستقلة، أظن من خلال محاوراتي مع أصدقائي المصرين أن هناك أعمالا لا تصلني بسهولة ويبدو أن مجاميع متكونة كثيرا ويمكن أن يكون لهذا دور مهم في إعادة الروح للمسرح وإعادة حياة المسرح وخاصة لجلب الجمهور للمسرح ، إذا كانت هذه المجاميع تجلب نوعنا من الشباب إليه فليحبذا ليس لي رأي نهائي أتصور أن الزخم الذي حصل من مسرح المصري في الستينيات والسبعينات لا يمكن أن يضيع ضياع نهائي .
ما هي المسرحية التي لا تمل من مشاهدتها عبر التليفزيون؟
 بالنسبة لي المسرح ليس في التليفزيون إذا دخل التليفزيون ما عاد مسرح هي مسرحية متلفزة لأن فيها تقديم وتأخير بالإضافة للأخراج التليفزيوني هناك أعمال كبيرة أعمال مخرجين الذين تركوا اثر والذين خاضوا للتجربة البريشتية في السبعينيات الذين درسوا في فرنسا وإيطاليا مثل سعد اردش سعد الدين وهبة سمير العصفوري ومسرحية العسل عسل والبصل بصل والمسرح القومي في منجزات وفي أعمال شباب شاهدتها فيها روح ومقترحات وتعبير عن الوجع .
إلى أي المدارس النقدية تنتمي ؟ 
لست ناقدا متابع لأعمال المسرح ولكن أمارس النقد والتنظير أعددت كتاب حول النقد وأنواع النقد والنقاد أظن كما نحن في حاجة لتعدد المسرح كذلك نحن في حاجة لتعدد النقاد 
من النقاد من يقول أن يفتح الجريدة صباحا يقرأ بشكل ملخص فكرة تحبذه نقد متابع وهو ضروري ومهم هناك النقد الذي يحول قرأت وفيها طبعا يأخذ وقته ليتفاعل مع العمل يحاول أن يفهم ما قدم والنقد هام جدا للعمل و لصاحب العمل وللمسرح وهناك نقد ثالث هو نقد صاحب الرأي ونقد الذي يوجه العمل المسرحي 
لعلي أنا بين الثاني والثالث أن يكون على درجة من الفهم المنجز وليس الحكم عليه بقدر أن يكن له أدوات لقرأت وتفاعل مع المنجز الذي يتعامل معه ثم قدره تأليفيه لينزله منزلته فيما هو موجود .
أهم أصدقاء الكفاح  في رحلتك ؟
لدي كثير من الأصدقاء صديقي نور الدين الورقي المخرج والكاتب المسرحي التونسي والذي انجزنا معا بعض الأعمال المسرحية ثم أن انقطعت أنا عن العمل المسرح وهو واصل العمل وأصبح صوت قائم في تونس تجمعنا الصداقة .
ناصف سويسي يوسف الصايغ عندي تقدير كبير للمثلين والممثلات وانا مثلت في البدايات اثناء دراستي ولكني كنت دائما أنا المخرج كنت عميد سابق للمعهد العالي للفن المسرحي عندي تقدير خاص للممثلات والممثلين خاصة الذين يندرجا في العمل بكل قواهم وروحهم اقدر فيهم الذاكرة والمجهود حين اطلب أن يعيد المشهد اكثر من مرة، أقول لو كنت مكانه لتركت المسرح، هم يتحملوا و بقوة وطاقة ومحبة احي كل الممثلين والممثلات وخاصة اللذين عملوا معي مثل دليلة المفتاحي والتي بدات المسرح معي ثم اصبحت مخرجة .
كيف ترى مهرجان بغداد؟ 
رأيت بغداد بعينين لا يخلويين من حنين هذه ليست المرة الأولى لحضوري بغداد قد حضرت مهرجان بغداد قبل القطيعة وقبل الخراب الذي أحل بالعراق بسبب مغول ومتوحشين هذا العصر والتقيت بأهم رجال المسرح العراقيين وغير العراقيين، ورغم الدمار والخراب لم يقتل في الشعب العراقي حبه للحياة وحبه للفن وهو ما يطمئن، وليس من باب الصدفة أن تكون العودة من خلال المسرح فالمسرح صورة تتجلى فيه الحياة بكل ما فيها .

أما العين الثانية هي ما نلمسه في هذا المهرجان من حماس وإندفاع والدفق من القائمين على هذا المهرجان ورغم الخلاف الداخلي القائم في العراق إلا أن هذا المهرجان يمثل شئ هام حيث يثبت الآنتماء لهذا الحراك وهذا شرط جوهري لنجاح النشاطات الثقافية بصفة عامة والنشاط المسرحي بصفة خاصة وهذا يطمئن على مستقبل هذا العمل . 
الروح الحقيقية الراغبة في إنجاز هذا المهرجان استطاعت أن تتخطى الكثير من العراقيل وتوفير جميع التقنيات والاجهزة التي احتاجاتها الفرق العارضة من مختلف البلدان ليكتمل المشهد النهائي بحضور الجمهور العراقي بشكل كبير وهو المشهد الأهم على الاطلاق لأن هذا دليل على عودة الروح وعودة الحياة وان هذا المهرجان ليس مهرجان استعراضيا أو مهرجان لكي يكون هنا مهرجان ولكنه عودة حقيقية للحياة المسرحية في العراق والحياة المسرحية هي رغبة الجمهور في الفهام لمشاهدة الحياة والتعبير عنها على خشبة المسرح وهذا لمستة في معظم العروض العراقية نقدها أوانتقادها للحياة العراقية وهذه حالة صحية خاصة أن هناك اختلافات وترددات وهناك مخاطر قد تظهر في الحياة السياسية في العراق عامة وفي بغداد بشكل خاص، أظن أن تنظيم الهرجان بهذا الشكل هي صورة من الصور التي ستحأول أن تزيل الادعائيات المغرضة التي نجدها في الصُحف المعادية المسئولة عن بناء صورة غير صحيحة عن العراق وغالبا هي صحافة غربية .
كيف رأيت العروض العراقية ؟
هناك زخم أي هناك عودة والمسرحيين العراقيين لم يتوقفوا عن العمل المسرحي سواء داخل العراق أو خارج العراق دائما ما يقدم نفسه على أنه عراقي من خلال المسارح العالمية ما يبين أن هناك رصيدا هناك ثقل، لدي ملاحظة سريعة أغلب المسرحيين والنقاد والمتخصصين يعرفون إن كان هناك صبغة غالبة على المسرح العراقي في طريقة أداء الممثل وهي غلبة الجهورية في ألاداء وعدم تحرر الجسد ولكن اليوم وقفت على تحولات نوعية في طبيعة الممثل وطبيعة الأداء تطورت أقصد من ذلك هناك محاولات جدية في بناء مسرح عراقي آخر كل الأعمال لافتة للانتباه ولكن أقف عند عرض الكاتب علي عبد النبي الزيدي حيث تجد فيها ما يخالف الصورة النمطية للمسرح العراقي من صياح وبكائية وتبين أن عبد النبي الزيدي نجح في أن يكون مخرج وكتباته فيها أسلوب إخراجي، وبعيدا عن قيمة الزيدي مسرحيا وكاتبا ومؤلفا لكن قيمة هذا التحول والمقاربة والجرأة في تناول مواضيع ُمحرمة ودخلها بذكاء وجرأة، هذه المسرحية هي مرسخ وراسخة في الأرض العراقية هي مرتبطة بالمنجز المسرحي العالمي دون أن تكون تابعة له .
إحدى شخصايات المسرحية هو (جودو) وهي شخصية لها شحنة ومشحون بدلالات ومعانِ ويندرج ضمن مرجعية المسرحيين بصفة عامة أن يمتلك الزيدي هذا المرجع ويعيد صياغاته في مسرحية عراقية المضمون هذا في حد ذاته منجز كبير، يتسم المسرح العراقي بان هناك نوع من الانسياق اللغة العربية تغلب لا يتغلب عنها عندما يتكلم العربية هي التي تقوده ثم هناك وجع عميق يتجلى في البوكائيات ليست غريبة عن الحسينات هناك محاولات الخوف فيها حاضرة في عدد من الأعمال العراقية التي قدمت، أما منجزعبد النبي الزيدي يشهد بان مسرحا عراقيا آخر بدأ ينبني وعلى أسس ثابتة وستذهب بعيدا في المنجزات المسرحية وفي مخيال المسرحي العراقي .
بالإضافة لعرض الافتتاح الذي ترك الحرية للجسد للتعبير عن المعاناة العراقية . 
وماذا عن العروض المشاركة ؟ 
العروض المشاركة فيها أنواع مختلفة فيها تفاوت فيها من العروض ما هو أقل من تمرين مدرسي ولكن كل هذا مقبول لأن هناك عروضا مهمة عروض تونسية ليس لأني تونسي .. ولكن مسرحيتين مختلفتين قضية المرأة هناك عروض اخرى مثل العرض الأوكراني “ كاليجولا “هو عرض مهم وعقبت عليه لاني شاهدته في القاهرة وشاهدته في بغداد و وقفت على مدى المقاربة باروديا هو عمل متكامل الممثلون لديهم قدرة عجيبة وهناك رؤية إخراجية وتعامل مع النص والنص هنا غاب لكنه حاضرا حرفيا . 
يتضح بوضح اجتهاد القائمين على المهرجان في تقديم أعمال مختلفة بما هو متاح، تأتي أعمال مسرحية من دول أوروبية مختلفة وتحتاج متطلبات كثيرة ن تحقق في هذا المهرجان ما ينتظر منه .
 


هاجر سلامة