عادلون. يهودي مالطة. رضا.. الهواة أولا وأخيرا

عادلون. يهودي مالطة. رضا..  الهواة أولا وأخيرا

العدد 835 صدر بتاريخ 28أغسطس2023

من إيجابيات المهرجان القومي للمسرح أننا نشاهد من خلاله عروض الهواة القادمة من الأقاليم والتي تمثل الهيئة العامة لقصور الثقافة، وغالبًا ما تكون هذه العروض مميزة، حيث الهواة أكثر حرصًا على بذل طاقة أكثر لإنجاح عملهم الفني، خاصةً حين يكون هذا العمل داخل المنافسة أمام عروض أخرى، وحتى لو لم يحالف الحظ لبعض العروض للفوز بجوائز، فهذا لا يعني أن هذه العروض دون المستوى، وإنما أمام اللجنة عدد كبير من العروض وعدد محدد من الجوائز، وبديهي ألا تحصل كل العروض المتميزة على جوائز، وفي كل الأحوال فأنا دائمًا انتصر للهواة، خاصة الذين ينتمون للأقاليم البعيدة عن العاصمة فلم يكن أمامهم سوى فرصة واحدة للعرض أمام جهور أكبر ويضم عدد من النقاد والصحفيين، كذلك قلة الإمكانيات المادية وعدم توافر الورش والتدريبات التي تتاح للموهوبين من سكان القاهرة.
وقد شاهدت في الدورة الأخيرة للمهرجان (16)، والتي انتهت فعالياتها منذ أيام ثلاثة عروضًا تميزت في بعض العناصر وأخفقت في أخرى لكنها تستحق الإشارة إليها لأن صانعوها هواة يحتاجون لكلمات التشجيع وكذلك الإشارة إلى مناطق الإخفاق حتى يتجنبوها في عروضهم القادمة، هذه العروض هي: عادلون للفرقة الإقليمية ببورسعيد، يهودي مالطا للفرقة القومية بالإسكندرية، رضا لفرقة قومية الإسماعيلية.
عرض عادلون وهو عن رواية «الأبرار» للكاتب ألبير كامو، إعداد خالد توفيق، ومحمد رزق، تصوير وجرافيك عمرو ميكانو، ديكور إسلام جمال، مخرج مساعد عصام محمد، مخرج منفذ عبد الرحمن خلاف، إخراج أحمد يسري، أداء تمثيلي: مصطفى العوضي «بوريا»، إبراهيم هيكل «اليكس»، مصطفى ناصر «ستيفان»، ليلى عبد القادر «دورا»، أحمد سعد «يانك»، ساجد النيلي «شفيني»، محمد رزق «مدير الشرطة سكوارنوف»، محمد جمعة، عمر ياسر، مصطفى سعد، محمد نصر، مازن هاني.
   وفيه تدور الأحداث بدولة روسيا في عام 1901 حيث المنظمة الثورية التابعة للحزب الاشتراكي وتتكون من 5 أشخاص لكل منهم دور معين في تنفيذ خطة لإنجاح مخطط الثورة، «بوريا» هو قائد المنظمة والأكبر سنا وخبرة، «يانك» هو الذراع الأيمن ومنفذ العمليات والاستطلاعات، «دورا» المسؤولة عن تصنيع القنابل، «أليكس» وهو المسؤول عن رسم الخطط والخرائط، «ستيبان» وهو الشخص العنيف المنضم حديثا للمنظمة.
وعلى الرغم من طول زمن العرض إلا أنه أعطى للمتلقي فرصة التعرف على كل ممثل من خلال تخصيص مساحة تخصه لعرض قصته بأسلوب يشبه المونودراما، وهو ما يعطي للممثل فرصة لإظهار موهبته ودراسته للشخصية التي يؤديها.
عرض «يهودي مالطا» بطولة سامح بسيوني، دراماتورجيا د. جمال ياقوت، أشعار محمد مخيمر، إخراج محمد مرسي، تأليف كريستوفر مارلو والتي نشرها في عام 1590 م، تدور أحداث المسرحية حول الصراع الديني والثأر وتتخلل المسرحية جملة من المكائد والخطط المرسومة المدبرة كلها تجري في مالطا والصراع قائم بين الدولة العثمانية وإسبانيا حول البحر الأبيض المتوسط. وكما تعتبر مسرحية يهودي مالطا الرافد الأول والملهمة لمسرحية تاجر البندقية لشكسبير.
الحقيقة أنه من الصعب التعامل مع هذا العرض باعتباره عرضًا للهواة، بينما البطل ممثل محترف الفنان سامح بسيوني الذي أجاد تجسيد الشخصية بشكل مذهل، وكذلك المخرج، لكنه بالطبع به عدد كبير من الهواة الذين أجادوا تجسيد الشخصيات خاصة الفنان الذي جسد شخصية ابن الحاكم، كما أن جميع الممثلين لديهم حضور وهم: أحمد صيام، إبراهيم جوصم، أمير زويل، هاشم عثمان، محمد منتصر، رحماني الشيخ، آثار وحيد، محمد عوض، أحمد إيهاب، حازم صلاح، إيهاب الرفاعي، بلال مسعود، محمد عصمت، رضوى حسن، محمد عويضة، أحمد إسماعيل، منار البدري.
لعبت السينوغرافيا دورًا كبيرًا في العرض خاصة المابينج والجرافيك للفنان محمد المأموني، وكذلك الإضاءة التي صممها تامر صبري والتي تم توظيفها لإبراز معالم الديكور بالإضافة لدورها الأهم كمشارك أساسي في الدراما، أما ديكور وليد جابر الذي على من بساطته عبر عن الثراء خاصة في القصر، والذي صمم الملابس أيضًا لتعبر عن زمان ومكان الأحداث بدقة.
أما عرض «رضا» الذي جعل من الساحرة المستديرة التي يعشقها الملايين موضوعًا مسرحيًا للمرة الأولى، حيث تناول قصة نجم فريق الإسماعيلي، الذي انضم إلى منتخب مصر في عمر الثامنة عشر عاما، وشارك في أكثر من ثمانين مباراة دولية، ومثل مصر في دورة روما الأوليمبية، والدورة العربية بالمغرب، والأفريقية في غانا، والدورة العسكرية بألمانيا الغربية وغيرها، مما زاد من شعبيته في قلوب المصريين بشكل عام وجماهير الدراويش بشكل خاص، وقد تناوله المخرج محمد جبر بذكاء شديد جدًا حيث جعل كل ملتقي يشعر أنه «رضا» وربط بين قصة حياة رضا وقصة بطل العرض الذي يجسد شخصيته، العرض تأليف أحمد الملواني، وأداء 35 ممثلا من مدينة الإسماعيلية، تتراوح أعمارهم ما بين من 16 وحتى 70 عامًا، ديكور سماح نبيل الذي تميز ببساطته وسهولة تشكيله من منظر إلى آخر مثل المقهى والمركب،  أشعار طارق علي، موسيقى رفيق يوسف، إضاءة شادي عزت، استعراضات أسامة مهني، مساعدو إخراج أحمد رابح، أحمد قاسم، مخرجين منفذين غريب محمد، محمد العتابي، ماكياج ماجا.
في النهاية فإن أهم ما يميز العروض الثلاث هي أن القائم عليها هواة وربما كان حلم عمرهم أن يتم مشاهدتهم على نطاق أوسع من نطاقهم، ففيهم فرق لأول مرة تقدم عرضًا بالقاهرة، كما أن الآداء التمثيلي متميز بكل العروض، وأنها أنتجت بروح التعاون والحب لا بالميزانيات الضئيلة المتاحة.
لكنني لاحظت أن صوت الموسيقى أعلى من صوت الممثلين وفي بعض الأحيان يحجب الصوت تمامًا، كما أن بعض الممثلين لديهم مشكلة في ضبط مخارج الألفاظ.

 


نور الهدى عبد المنعم