أحمد صبري: سعدت كثيرا بالجائزة.. أكثر ما أسعدني اكتشاف قدرات جديدة للطلبة

 أحمد صبري: سعدت كثيرا بالجائزة.. أكثر ما أسعدني اكتشاف قدرات جديدة للطلبة

العدد 817 صدر بتاريخ 24أبريل2023

تحديا كبيرا خاضه المخرج أحمد صبري وهو يقدم 51 عرضا مسرحيا خلال 49 يوما في مسرحة المناهج لجميع المراحل الدراسية بمدرسة «زهور الياسمين» التابعة لإدارة البساتين. لم يكن الأمر بالشيء اليسير والهين، ولكن لإيمانه بأهمية ودور مسرحة المناهج استطاع أن يقتنص الفرصة ويحقق المركز الأول على مستوى الجمهورية بعرض «عراف»، وقد كان يحركه في المقام الأول شغفه لتحقيق شيء يستفيد منه الطلاب ويؤثر فيهم. وخلال رحتله التي دامت تسعة 49 يوما، كانت هناك تحديات كبرى واجهها. ولأيماننا كجريدة بدور المسرح المدرسي ومسرحة المناهج، خصصنا تلك المساحة لنتحاور معه في هذه التجربة المهمة والشاقة، ولنكتشف رحلته منذ أول يوم مع الطلاب وحتى حصوله على المركز الأول على مستوى الجمهورية بعرض «عراف».
أحمد صبري خريج المعهد العالي للفنون المسرحية قسم الدراما والنقد، مخرج باتحاد الإذاعة والتليفزيون، قدم العديد من البرامج والفترات المفتوحة على إذاعة الأغاني، وهو مستشار قطاع تنمية المواهب باتحاد المبدعين العرب، وعضو جامعة الدول العربية والأمم المتحدة، ورئيس لجنة تحكيم مهرجان الرواد عدة سنوات. قدم العديد من العروض المسرحية لمعهد أكتوبر العالي للهندسة والتكنولوجيا، وأخرج العديد من العروض لفرقة اختراق المسرحية المستقلة، منها: أولاد الغضب والحب والندم، وزيبق الثورة، وكأسك ياوطن.. مخرج منفذ لمسرحية «فى انتظار بابا» إخراج سمير العصفوري.
- ما سبب اتجاهك لتقديم عروض لمسرحة المناهج؟ وكيف بدأت التجربة؟
لدي شغف كبير وإيمان عميق بكل ما أقدمه للمسرح سواء كان مدرسيا أو هواة أو مسرحا احترافيا، وكنت أقدم مجموعة من الفعاليات والاحتفاليات في مديرية القاهرة للتربية والتعليم، وإحدى هذه الفعاليات تخص احتفالات أكتوبر لمدرسة «زهور الياسمين» التابعة لإدارة البساتين. أعجب القائمون بالإدارة داخل المدرسة بما قدمته في الاحتفالية من حيث انضباط العناصر وجودتها وظهور الاحتفالية بشكل مشرف، وعقدت إدارة المدرسة اتفاقا معي على تقديم مشروع خاص بها لمسرحة المناهج لكل المراحل الدراسية من التمهيدي «الحضانة» وحتى المرحلة الثانوية. والأمر يعد مغامرة كبيرة بالنسبة لي، وخلال 49 يوما قدمت 51 عرضا لكل المراحل بالمدرسة.

- كيف قبلت بهذا التحدي واستطعت تطويع الطلاب وتهيئتهم خلال فترة قصيرة؟
كنت أمام خيارين إما أن أقدم ممثلا جيدا أو أقدم عرضا متكامل العناصر الفنية وذا جودة فنية عالية، وكما نعلم فكرة تقديم ممثل متميز يصعب تطبيقها نظرا لضيق الوقت المتاح لتقديم العروض؛ لذلك كنت أقوم بإعطاء الطلاب الإطار الخارجي للشخصيات التي يقدمونها في العروض، وكيفية أدائها، وكان لدي تحدٍ أخر وهو تحدي الكتابة، فكل مدرسة متخصصة في المادة تقوم بكتابة مسرحية خاصة بالمادة التي تدرسها، وبالطبع بعضهم لا يعرف كيفية الكتابة، فكنت أقسم وقتي ما بين تعديل الدراما وإعطاء «كورس» بسيط للدراما يتمثل في كيفية كتابة مسرح وبناء شخصيات وعقدة، وبالفعل هناك من تمكنوا من الكتابة، واستطعت وضعهم على أول الطريق. وبالنسبة لعرض «عراف»، كان في البداية يحمل اسم «الأجازة الصيفية». وعندما انتهيت من تقديم جميع العروض الخاصة بمسرحة المناهج بمدرسة «زهور الياسمين»، قمنا باختيار عرضين ليمثلا إدارة البساتين داخل مديرية القاهرة، ثم قامت المديرية بتصعيد عرض واحد، وهو الذي حصل على المركز الأول وهو عرض «عراف».

- نود أن نتعرف على فكرة العرض.. وكيف قدم جميع المعلومات التي تخص مادة الدراسات؟
العرض يحوي تنوعا كبيرا، ويتحدث عن الفراعنة من خلال مجموعة من الطلاب يضعون أيديهم على جسم غريب، ويجدون مادة تلتصق بأيديهم، ويقومون بنفخها فيجدون أنفسهم أمام الملكة «حتشبسوت»، ثم نستعرض بانوراما تاريخية، وكما نعلم عروض مسرحة المناهج تعتمد على درس واحد، ولكني لم أحبذ تسليط الضوء على درس واحد، ولكن حددت الدرس الأساسي، وقمت بتغذيته بمعلومات من جميع الدروس بالمادة، وجمعت المادة بأكملها في المسرحية.

-  ما انطباعاتك عن الجائزة وشعورك بها؟
سعدت كثيرا بهذه الجائزة وبالتجربة، وأكثر ما أسعدني اكتشاف قدرات جديدة للطلبة وتقديم عرض متكامل وجيد العناصر، فكان الأمر بالنسبة لي يمثل تحديا كبيرا. وأحمد الله أنني وفقت في تقديمه بشكل مشرف.

- ما أبرز الركائز التي وضعتها لتقديم مسرحة المناهج بشكل متميز؟
أغلب الإدارات وأغلب المدارس عندما تتعامل مع مسرحة المناهج تعتمد على المعلومات فقط، ولكني اعتمدت على المعلومة، وتقديم عرض متكامل العناصر من الألف للياء على مستوى الموسيقى والإضاءة والديكور، فأغلب العروض لا تقدم ديكورا وتتعامل بما يشبه المسرح الرمزي.

- في رأيك هل هناك أزمة تواجه المسرح المدرسي مؤخرا؟
هذا الأمر يحمل شقين: الشق الأول هو أن الدراسة اليوم لم تعد مثل السابق من حيث الالتزام، وأصبح الطلاب يعتمدون بشكل كبير على الدروس الخصوصية والمراكز التعليمية (السناتر)، واختفي الشكل الذي يلزم الطالب بفترة دوام بالمدرسة، كذلك موقف  أولياء الأمور من مشاركة الطلاب في النشاط. والشق الثاني يتمثل في الإنتاج والملابس، وعدم اهتمام المسرح داخل المدرسة بتقديم المعلومة وربطها بإفيه أو أغنية، وهو شكل يفيد الطالب، ويجعله يستفيد من المعلومة مقارنة بتقديمها بشكل تلقيني.

-  ما الذي تحتاجه مسرحة المناهج لتقديم المواد الدراسية بشكل جاذب؟
وضعت بعض التوصيات بشأن هذا الأمر، ومنها -على سبيل المثال- التركيز على الكتابة بشكل جيد لمسرحة المناهج، والتقاط النقاط الأساسية في الدروس بشكل متعمق، وعندما نقدم مسرحة المناهج لا يجب أن نعتمد على القواعد التي وضعتها لجنة التحكيم التي تخص مدة العرض، والتي لا تتعدى العشرين دقيقة، والتي يصعب فيها توصيل المعلومة إلى الطالب، ولكن من الممكن أن تزيد مدة العرض لتصل لثلاثين أو خمسة وأربعين دقيقة؛ لنضم كل المعلومات الخاصة بالمادة، وهو أمر سيمتع الطالب ويخرجه من فكرة التلقين، ويجعله أكثر استيعابا للمادة من خلال عرض متكامل العناصر.

- ما الذي يجب التركيز عليه بشكل كبير في الدراما المقدمة لمسرحة المناهج؟
البداية تكون مع المدرسين الذين سيكتبون لمسرحة المناهج، فيجب البدء معهم قبل بداية الدراسة بأسبوعين على أقل تقدير، ونضع بعض التساؤلات المهمة لهم ومنها: ماذا سنكتب، وكيف سنكتب، وكيف سنقدم المعلومة للطلاب من خلال خطوات محددة، وهذا أشد أهمية من المعلومة نفسها، فالطالب يستمع للمادة، ويفاجأ باكتشاف المعلومة تدريجيا؛ سيؤدي ذلك إلى ثبات المعلومة المقدمة له، بالأخص في مرحلتي الابتدائية والإعدادية، وسأضرب مثالا حديثا وهو «التيك توك» الذي يحفظ الطلاب أغانيه عن ظهر قلب، ويمكن استغلال ذلك من خلال مسرحة المناهج، ولكن بشكل نفعي للطالب.

- ما مدى استجابة الطلاب في مراحل البروفات الخاصة بالعروض؟
هناك مواهب حقيقية، وهناك من لديهم الشغف، ومنهم من لديه روح المغامرة وحب التمثيل، وكذلك هناك طلاب متفوقون ولديهم أيضا شغف للاشتراك والاستذكار بشكل مختلف، وهناك من يعتبر الأمر مجرد نشاط مدرسي فقط.

- ما رأيك في تنظيم المهرجانات والمسابقات في المسرح المدرسي ومسرحة المناهج؟
هناك طفرة كبيرة في تنظيم المهرجانات المسرحية والحالة المسرحية داخل المدارس، وهناك ورقة بحثية مهمة داخل وزارة التربية والتعليم فيما يخص المسرح المدرسي ومسابقاته المختلفة، وهناك مخرجون متميزون يقدمون تجارب مهمة.

- ما مشكلة التوجيه في المسرح المدرسي؟
أولا المعرفة، يجب أن يعرف موجه المسرح المدرسي ما هو المسرح، فالمسرح ليس مجرد مسابقة أتنافس بها لأحصل على مركز، ولكن عليه أن يعي جيدا ما هو المسرح، وما هي المسابقة التي يقدم فيها، وكيفية التعامل مع المخرج؛ ليقدم عملا فنيا بشكل متميز وكيفية انتقاء الطلاب المناسبين لتجسيد الأدوار بالعرض المسرحي طبقا للمستوى الشكلي والطبقات الصوتية الملائمة للعرض، ومن الضروري أن يعي موجه المسرح أنه يقدم عملا فنيا، وليس عملا إداريا، وبهذا سيكون المنتج المقدم لمسرحة المناهج ذا جودة عالية.

- من خلال مشاركتك في مسابقة مسرحة المناهج ما تقييمك لما قدم من عروض داخل المسابقة؟
هناك استسهال في بعض العروض سببه الرئيسي هو العملية الإنتاجية، فعندما تقوم مدرسة خاصة بإنتاج عروض مسرحية يختلف الأمر عن حالة إنتاج مدرسة حكومية لعروض مسرحية، فالمدارس الخاصة تقدم ديكورا واقعيا، ويتمثل ذلك في العرض الذي قدمته، فقد استعنت بمصمم ديكور من المعهد العالي للفنون المسرحية، ففي المدارس الخاصة هناك ميزانية إنتاجية تمكن المخرج من تقديم عناصره بشكل مميز ومبهر واحترافي، على عكس المدارس العامة يكون الإنتاج بها هزيلا، ما يترتب عليه صورة فقيرة، وهو بدوره ما يؤثر على جودة العرض المقدم.

- ما أهم المعلومات والرسائل التي أردت توضيحها للطلاب خلال عرض «عراف»؟
هناك شخصيات فرعونية عديدة لها أثرها الكبير في تاريخ مصر، وفي بعض الأحيان يحدث خلط لدى الطلاب حول هذه الشخصيات. على سبيل المثال، من أهتم بالزراعة، ومن قام بتوحيد القطرين. والعرض قام بتوصيل هذه المعلومات بشكل مبسط من خلال حديث الشخصيات عن نفسها، ومشاهدها مع بعضها البعض، وكذلك تأكيد المعلومة من خلال شخصيات أخرى بالعرض، وهو أمر يساعد الطالب في تثبيت المعلومة، وعدم الخلط بينها وبين معلومات أخرى، وهناك نقطة مهمة يجب أن أشدد عليها، وهي أننا نقدم مسرحة المناهج ولا يشاهدها سوى أولياء الأمور ولجنة التحكيم والطلاب المشاركين في العروض، وكما نعلم أن مسرحة المناهج رسالتها الأولى والأخيرة هي الطالب وليس لجنة التحكيم، فأين الطالب من حضور عروض مسرحة المناهج. هناك ضرورة بالغة أن تكون هناك جولات للعروض المتميزة في مسرحة المناهج للمدارس المختلفة؛ حتى نحقق أقصى استفادة للطلاب.


رنا رأفت