محسن صادق: الدمج يؤثر إيجابيًّا على ذوى الهمم

محسن صادق: الدمج يؤثر إيجابيًّا على ذوى الهمم

العدد 669 صدر بتاريخ 22يونيو2020

مع اهتمام الرئاسة والحكومة بذوى الاحتياجات الخاصة، أو كما يُطلق عليهم ذوى الهمم، بدأت الدولة فى الحث على دمجهم مع المجتمع وتخصيص فرق ومسارح خاصة بذلك، ومن أبرز هذه الأماكن مسرح الشمس لذوى الاحتياجات الخاصة، «مسرحنا» التقت بمدرب  ورشة الموسيقى والغناء بالمسرح الدكتور محسن صادق، ليحدثنا عن دور وتأثير الموسيقى والغناء على ذوى الاحتياجات الخاصة، وأهمية ومدى تأثير الدمج عليهم، بينهم وبين الأصحاء وموضوعات أخرى.
-حدثنا فى البداية عن فرقة «مسرح الشمس لذوي الاحتياجات الخاصة»؟
الفرقة عمرها عامان، وهى تابعة للبيت الفنى للمسرح، وقد تأسست هذه الفرقة على يد الفنانة القديرة وفاء الحكيم، وهى أيضًا مديرة الفرقة، ومسرح الشمس ليس مقتصر فقط على تعليم الغناء والموسيقى فقط، وإنما به تعليم التمثيل والفنون التشكيلية وتصنيع العرائس وغيرها من المجالات الفنية المتنوعة.
-ما سبب انضامك لفرقة «مسرح الشمس لذوى الاحتياجات الخاصة»؟
كنت مهتم بفكرة الدمج بين ذوى الهمم والأصحاء فى مجلس أبو ظبى للتعليم  لمدة 24 عامًا طوال فترة إقامتى فى دولة الإمارات العربية، وكنت أقوم بالعمل الفنى كاملًا من موسيقى وإخراج، ومنذ خمسة أعوام عُدت إلى مصر وعملت كمدرب موسيقى بمجلس ثقافة الطفل بجاردن سيتى، ومنذ ثلاثة أشهر قابلت الفنانة القديرة وفاء الحكيم فى مسرح الهناجر فى مسابقة دولية عربية خاصة بذوى الاحتياجات الخاصة، وكانت هى رئيسة المهرجان، وتحدثت معها بالفعل فى رغبتى فى العمل معها، وبالفعل قمت بالانتداب من قصر ثقافة الطفل إلى مسرح الشمس.
-حدثنا عن أول أعمالك مع الفريق ومشاريعك معهم؟
البداية كانت مع مسرحية «الكنز» والتى قمت بإعداد الموسيقى الخاصة بهذا العمل، والذى كان من إخراج الفنان شادى قطامش،بعدها تم الاتفاق بينى وبين الفنانة وفاء الحكيم على إنشاء كورال موسيقى عربية من ذوى الاحتياجات الخاصة، وبالفعل بدأنا تنفيذ ذلك فى الأسبوع الأخير من شهر يناير 2020.
بدأت فى تعليمهم أساسيات الموسيقى والقواعد وتدريبات الفوكاليز، وكانت استجابتهم عالية جدًا الحمد الله.
-هل أثرت ورشة الموسيقى على سلوكيات ذوى الاحتياجات الخاصة؟
بالطبع وبشكلٍ ملحوظ، فبعضهم كانوا يُعانون من مشاكل فى النطق أو مشاكل سلوكية ونفسية، فعلى سبيل المثال إحدى المشتركين فى الورشة من ذوى القدرات المختلفة كان يُعانى من اكتئاب حاد، ولكن مع الوقت والتزامه بحضور الورشة، استطاعت الموسيقى أن تنهى هذا الاكتئاب تمامًا، ومثال آخر أحدهم كان يُعانى من الفرط فى الحركة، ولكن مع التدريب أصبح لديه ركوز وثبات أكثر، فالموسيقى تجعلهم أكثر إيجابية، بعيدًا عن اى سلوك عدوانى.
-كم تتراوح أعمار المشتركين فى الورشة؟ وكيف تدمج بين أعمار الأصحاء وذوى الاحتياجات الخاصة؟
أعمارهم تتراوح ما بين 8 سنوات حتى 30، والدمج بين الأصحاء وذوى القدرات ليس صعبًا كما يتخيل البعض، بالعكس فهو يخلق لديهم حالة من التحدى وإثبات الذات وأنهم يستطيعون فعل ما يفعله الآخر، بالإضافة إلى أن ذوى القدرات المختلفة قدراتهم العقلية لا تُقاس بأعمارهم فهم أطفال بطبعهم، وأغلب من هم فوق العشرين من المشتركين من ذوى الهمم، لذلك استطيع الدمج بين مختلف الأعمار، والأهم من كل ذلك أننى لا أجعلهم يشعرون أن هُناك مشكلة من الأساس، فهم مثلهم كالأصحاء فى كل شىء.
-كيف تتعامل مع ذوى القدرات المختلفة داخل الورشة؟
الدخول داخل قلوبهم ومصادقتهم هو سر التعامل معهم، عندما يشعر ذوى الاحتياجات الخاصة بتقارب تفكيره مع من يتعامل معه، فإنه يشعر بالأمان والراحة فى التعامل مع هذا الشخص، وهذا ما أقوم به معهم وهو إزالة الحاجز النفسى بينى وبينهم، وبالطبع علم النفس مهم جدًا فى التعامل معهم ومع نفسياتهم المختلفة.
فكرة ارتباطهم واستمتاعهم بالورشة تجعلهم يمكثون فيها أكثر من الوقت المُحدد لها، حتى مع الظروف الحالية والكورونا وتوقف الأنشطة والالتزام بعدم الخروج من المنازل، وذلك جعل الكثير منهم يُصابون بالاكتئاب، فبدأنا فى وضع حلول بديلة من خلال إحدى برامج التواصل الاجتماعى، وبالفعل بدأت فى تدريبهم عن بُعد، ونجحت التجربة جدًا.
-إلى أى مدى تكون استجابة ذوى الاحتياجات الخاصة مقارنةً بالأصحاء؟ وهل منهم مواهب لافتة للأنظار؟
الاحتياجات هى من تُحدد ذلك، فعلى سبيل المثال المُصاب بالتوحد أو الكفيف وغيرها من الاحتياجات التى لا تؤثر بشكل كبير على العقل والحركة، فأنهم قد يتفوقوا أحيانًا على الأصحاء، أما الاحتياجات الأُخرى، فإن أصحابها يجتهدون ويسعدون دائمًا للتميز ولكنهم يواجهون صعوبات أكثر فى الوصول لنفس استجابة الأصحاء، وبالفعل هُناك بعضًا منهم أصواتهم جميلة ومميزة، واتوقع لهم مستقبل باهر فى الغناء ومنهم رحمة ممدوح ومصطفى وأحمد ومريم ويُمنى وشهد وجيهان ورانيا.
-ما هى أهداف ورشة الغناء والموسيقى؟
بالطبع تحسين وتطوير قدرات ومهارات الأطفال ذوى الإعاقة وتخليصهم من الملل والتوتر، وتحسين وتطوير قدراتهم وحالتهم النفسية والعاطفية، بالإضافة إلى تعديل سلوكهم نحو المسارات الإيجابية، لخلق حالة من التوازن النفسى لديهم.
بالتأكيد الموسيقى والغناء بيقوموا بتعزيز الذاكرة والقدرات اللغوية والقراءة والقدرات السمعية والبصرية والمهارات الحسية والجسدية والمعرفية لديهم، وتجعلهم أكثر تفاعُلًا مع المجتمع، وهذا يظهر جدًا بشكل ملحوظ عند الدمج بينهم وبين الأصحاء ومدى التجاوب والاستجابة بينهم.
-كيف ترى مستقبل فرقة الموسيقى والغناء الخاصة بمسرح الشمس لذوى القدرات المُختلفة؟
أتمنى أن تُنفذ هذه التجربة فى كُل محافظات مصر، مراعاة تواجد أخصائيين تربويين، أو أن يكون المُدرب الفنى مُلم بآليات التربية، ويكون قادر على التعامل معهم ونفسياتهم المختلفة.
وبالفعل أسعى لتواجدهم أيضًا فى الدول العربية والأجنبية، بالفعل أقوم بالتواصل مع دار زايد لذوى الاحتياجات الخاصة بالإمارات العربية المُتحدة
-ما الذى أضافته نظرية الدمج لذوى الاحتياجات الخاصة؟
الدمج يقوم بعملية تحفيذية ويجعلهم يخرجون من عالمهم المحدود، والورش الفنية أثبتت أنهم يرغبون فى التفاعل مع المجتمع، وعند تطبيق نظرية الدمج بينهم وبين الأصحاء، آثر ذلك بشكل إيجابى كبير عليهم.
-هل قابليتهم على التفاعل وتقبل الغناء والموسيقى تختلف داخل الورشة عن تواجدهم على المسرح فى مواجهة مباشرة مع الجمهور سواؤ فى حفله أو عمل مسرحى؟
الفنون جميعها مرتبطة بعضها البعض، والفنان ذو الحس الموسيقى ستجدين لديه حس مسرحى وبالفنون بشكل عام، والموسيقى تُعبر عن الحدث الدرامى، فسواء ذلك داخل الورشة أو على المسرح فإنهم قادرون على الإبداع، لأن كما ذكرت سابقًا الاحتواء ومُصادقتهم سر ومفتاح التعامل معهم.
-هل مازال هُناك تخوف فى المجتمع من التعامل مع أصحاب الهمم؟
نسبة بسيطة جدًا، فالغالبية العُظمى متقبلين جدًا لذلك، ونظرية الدمج جعلت تلك الحواجز تذوب شيئًا فشيئًا.
-هل هُناك عقبات ومعوقات تُقابلكم فى ورشة الغناء والموسيقى أو فى الفرقة بشكل عام؟
ربما لا نشعر بوجود أى معوقات أو عقبات، لأن الفنانة القديرة وفاء الحكيم تقوم بهذا الدور على أكمل وجه، فلا تشعرنا بوجودها من الأساس.


إيناس العيسوي