سباعي السيد «فرصة معرفية وإنسانية مهمة»

سباعي السيد  «فرصة معرفية وإنسانية مهمة»

العدد 805 صدر بتاريخ 30يناير2023

كان الصديق الباحث والمترجم والمسرحي المصري الراحل سباعي السيد من أوائل من أطلقوا موقعا الكترونيا مسرحيا عربيا متخصصا.. إلى جانب المسرحي العراقي الراحل قاسم مطرود وموقعه (مسرحيون).
موقع (مسرحيون) لقاسم مطرود وموقع (المسرح دوت كوم) لسباعي السيد كانا الموقعين الإلكترونيين الوحيدين وقتها في الفضاء الأزرق في وطننا العربي وخارج حدوده طبعا. وهما اللذان شجعاني على أن أضيف إليهما موقعا ثالثا (الفوانيس المسرحية).. لتأتي بعدها فيما بعد مواقع إلكترونية أخرى.
 أسس سباعي السيد موقعه الإلكتروني العام 2002. وكان الموقع المسرحي العربي الوحيد المرفق بمنتدى مسرحي يلتقي فيه العديد من المسرحيين العرب، وقد كنت واحدا من أعضائه والمنخرطين في نقاشاته و»سجالاته» المباشرة. كان المنتدى حقا نافذة مسرحية ومعرفية مائزة. ومن الموقع أطلق سباعي السيد مبادرة الجمعية العربية لنقاد المسرح وجعلني واحدا من أعضائها المؤسسينمع كوكبة من المسرحيين العرب..
كنا على تواصل دائم عبر النيت ومن خلال الإمايلات.. سألتقي بالصديق سباعي السيد أول مرة في الرباط مطلع شهر يناير 2015 بمناسبة مهرجان المسرح العربي وستجمعنا معا منصة ندوة «التوثيق المسرحي.. مسؤولية من؟» التي كنت منسقها وقدم فيها سباعي السيد ورقته العملية التي ذهب فيها إلى أنه لا يمكن أن نكتب تاريخ المسرح العربي دون توفر وثائق محكمة ومنضبطة..»
 كانت فرصة معرفية وإنسانية مهمة لأتعرف أكثر على رصانة بحثه وجديته واجتهاده عن قرب وكذا عن دماثة أخلاقه وعن شخصيته الودودة.. وربطتنا صداقة وثيقة.. كان يبعث لي بجل ما يكتبه من مقالات وأيضا ما ينشره من كتب.. ساهم معي في الكتاب الإلكتروني «عزلة المسرح في زمن كورونا»، الذي شارك فيه عدد كبير من المسرحيين والباحثين والنقاد، بمقال «المسرحيون ودرس كورونا» كان يرى بأن «التكنولوجيا وإن غيرت الوعي الإنساني وحاولت أن تجعل الفنون البصرية والسمعية كما نعرفها تغدو بالتدريج عتيقة، إلا أن المسرح يستعصي على التكنولوجيا، لأنه استوعب الفنون الرقمية مع احتفاظه على خصائصه الأساسية من حضور وتواصل مباشر»
وكان سباعي السيد أول مسرحي أبدأ معه حلقات (اقرأ كتب الهيئة) كانت الحلقة الأولى معه وحول كتابه القيم «الدراما الرقمية والعرض الرقمي.. تجارب غربية وعربية» بعث لي تسجيل فيديو - من قطر حيث كان يقيم إلى الإمارات حيث كنت أقيم - حول كتابه، والفيديو منشور على قناة الهيئة.. إلا أنني لم أتمكن من أن أقدم معه الحلقة مباشرة لأنه كان في قطر وكنت في الامارات.. وكانت الأوضاع حساسة وقتها. ولربما ما تزال كذلك!
كان الراحل يعرف أن موعد رحيله قريب في الآونة الأخيرة ففي مطلع الشهر الماضي (4 ديسمبر) نشر على صفحته سيرة ذاتية مختصرة ذيل عنوانها «سيرة ذاتية سباعي السيد» بتلويحة الوداع التالية: (من باب الذكرى).. نم في سلام يا صديقي سباعي السيد، سنذكر ونتذكر وستبقى في الذاكرة بكتاباتك وإسهاماتك الفكرية وببحث الدكتوراه الذي أكملته والموسوم (أثر السيميوطيقا في تطور الخطاب النقدي المسرحي في مصر) ومنعك المرض الخبيث من مناقشته، حتما سينشر البحث لينضاف إلى كتبك وأبحاثك ودراساتك ليستفيد منها الباحثون والطلبة والمهتمون بالشأن المسرحي عامة.. 


عبد الجبار خمران - المغرب