محمود عقاب: المسابقة تفرز إبداعات جديدة وغير نمطية

محمود عقاب: المسابقة تفرز إبداعات جديدة وغير نمطية

العدد 758 صدر بتاريخ 7مارس2022

فازت المسرحية الشعرية “دموع من كأس أبى نواس “ للكاتب المسرحى محمود عقاب بالمركز الثاني فى جائزة الشارقة للإبداع العربي بدولة الإمارات العربية المتحدة في دورتها الخامسة والعشرين في مجال التأليف عن المسرحية الشعرية. عقاب شاعر وكاتب مسرحي من طراز رفيع تعددت مواهبه الإبداعية وهو عضو إتحاد الكتاب.  حصدت أعماله العديد من الجوائز على المستوى المحلى والعربي . ولد محمود عبد الله درويش عقاب عام  1985 بمحافظة البحيرة ، وله العديد من المنجزات الأدبية داخل وخارج مصر منها على سبيل المثال خيالٌ لا تُجمِّلُهُ المرايا، ديوان شعر، النشر الإقليمي الهيئة العامة لقصور الثقافة 2018م، مطرب الغابة، مسرحية شعرية للأطفال، الهيئة المصرية العامة للكتاب 2017م.، جحا وأشعب وجائزة السلطان، قصة للأطفال، عن المركز القومي لثقافة الطفل 2018م  ،  الغابة والحيلة العجيبة، قصة للأطفال، عن مكتب التربية العربي لدول الخليج الرياض 2020م ، الأسد وتاجه المفقود، قصة للأطفال، دار المعارف القاهرة 2019م ، حصل على عدة جوائز فى عدة محافل دولية ومحلية أهمها : جائزة أفرابيا للشباب العربي والإفريقي النسخة الرابعة، في مجال الشعر، من مجلس الشباب العربي والإفريقي، الخرطوم، جمهورية السودان 2018م.                                                                                                                                           وجائزة مكتب التربية العربي لدول الخليج، مسابقة سلسة الكتب الثقافية للأطفال المرحلة الثامنة، الرياض المملكة العربية السعودية 2018م.
وجائزة الهيئة العربية للمسرح، المرتبة الأولى بمسابقة النص المسرحي الموجه للطفل الدورة 12 الإمارات ، وجائزة راشد بن حمد الشرقي للإبداع القائمة القصيرة فرع أدب الأطفال الفجيرة، الإمارات 2019م، شارك بمهرجان المسرح العربي الدورة 12، لاستلام أيقونة أفضل نص مسرحي للأطفال الدورة 12 عمان، بالإضافة إلى جائزة وزارة الشباب المصرية في التأليف المسرحي لحصوله على المركز الأول على مستوى الجمهورية في مجال التأليف المسرحي بمهرجان إبداع مراكز الشباب الثاني، 2019م، وجائزة إحسان عبد القدوس في القصة عام 2018م، وجائزة متحف عميد الأدب العربي طه حسين مركز رامتان الثقافي في القصة عام 2020م، وجائزة وزارة الشباب والرياضة أيضا في الشعر، بمهرجان إبداع مراكز الشباب الأول عام 2018م، وجائزة المجلس الأعلى للثقافة لأعوام عديدة في أكثر من مجال أدبي، وجائزة دار المعارف بالتعاون مع وزارة الشباب في مجال التأليف المسرحي، لعام 2019م، وجائزة مركز طلعت حرب الثقافي في الشعر لعام 2020م أجرينا معه هذا الحوار لنقترب أكثر من تجربته.
- هل كنت تتوقع حصولك على الجائزة؟
بالفعل كنتُ أتوقع الفوز بجائزة الشارقة لهذه الدورة، بالرغم أني تقدمت بنفس النص إلى الجائزة في دورتها السابقة ولم يفز أو يحصل حتى على مجرد تنويه مع الأعمال المنوه عنها، ومع ذلك قررت التقدم به مرة أخرى في هذه الدورة الخامسة والعشرين، بالرغم من وجود نصوص كثيرة لديَّ في مجالات متعددة، ولكني تقدمت بالنص مرة أخرى ليحقق الفوز كما توقعت، لثقتي أني لا أكتب نصا خاسرا وإن لم يفز بجائزة ما
- من وجهة نظرك هل فكرة المسابقات الخاصة بالتأليف أفرزت كتابًا جددًا؟ وهل لدينا عدد مسابقات كاف يوازى هذا الكم من المبدعين ؟
مؤكد أن مسابقات التأليف تفرز إبداعات جديدة ومغايرة ومبتكرة وغير نمطية، كفيلة بأن تثري الحياة الثقافية والفنية في الوطن العربي، خاصة أن لجان التحكيم يتم اختيارها بعناية شديدة جدًا على اختلاف كل الذائقات، لتؤكد المسابقات أننا لا نحتاج للمسرح العربي نصوصًا مترجمة، وقد أفرزت المسابقات العربية كُتَّابا على درجة عالية من الحرفية والإبداع، ليثبت تاريخنا الحافل في كل مرحلة أننا أمة بيان وإبداع، والمسابقات ـ كثرت أو قلت ـ من شأنها القيام بعمليات فلترة بين المبدعين لإظهار الابداع الأعلى قيمة وجودة، وهي في هذه الآونة كثيرة ومتنوعة وبالتأكيد كثرتها وتنوعها يثري الحركة الإبداعية ويحفز المبدعين، وتعمل على اكتشاف الجديد من المواهب ، وتخلق جوًا ساخنًا من التنافس نحو الأفضل.
- ما أبرز أزمات الكتاب في مصر؟ وإن كان هناك أزمة ما هي الحلول إذا أردنا جيلاً من الكتاب والمؤلفين؟
أزمة الكتَّاب في مصر، أعتقد إنها أزمتان مادية ومعنوية معًا، حيث أنَّ الإبداع كثير ومتنوع جدًا في مصر التي هي بمثابة لوحة فنية بديعة نُقشت عليها أعظم حضارات الأرض، فالأزمة المادية هي ما يعيشه شباب المبدعين كغيره من بطالة وغلاء أسعار وأجور زهيدة بالكاد تكفي سد الاحتياجات الأساسية من مأكل وملبس وعلاج، فهل أولى بالأديب أن يشتري كتبا أم طعامًا وملبسًا لأولاده، أولى به أن يعمل معظم ساعات اليوم ليعول نفسه وأسرته، أم يضيُّعها على القراءة والكتابة وحضور الندوات التي أغلبها تكون ندوات مجانية وبلا جمهور لا يحضر فيها غير أصحابها، وهذه الأزمة ليست ببعيدة عن الأزمة المعنوية التي تنحصر في اهتمامات مصر شعبا ومؤسسات نحو تلميع نجوم السينما والطرب وكرة القدم، وهذا الأمر يذكِّرني عندما كنت ضيفا في ندوة بيت الشعر بالأقصر إذ تزامن معها مباراة كرة القدم لتكون الأزمة في أوج فداحتها فانصرف حتى محبو الشعر إلى مشاهدة المباراة، ليرى المبدعون من أصحاب الكلمة أن لا مكان لهم كنجوم مرموقين في بلدهم، ولذلك يتجه المبدع المصري إلى الدول الأخرى من حيث جوائزها ومسابقاتها ومهرجاناتها، ليجد القيمة المادية والمعنوية التي يفتقدها ويحلم بها، وكما نعلم أن هناك كتَّابا لم يُعرفوا في بلدهم ويُشار إليهم بالبنان؛ إلا بعد حصاد جوائز عربية وعالمية كبيرة.. بينما علاج كل ما يعاني منه المبدعون الكادحون في مصر، لن يتوفر إلا في صيدلية المؤسسات، فلن يتم إلا بإصلاح اقتصادي عادل بحيث تكون الثقافة والإبداع من ضمن الاحتياجات الأساسية كالمأكل والملبس والعلاج عند المبدع والمتلقي معا، وأن تحتفي الدولة بالكاتب المبدع وتسلط عليه كل الأضواء بالضبط كما يتم مع نجم السينما ولاعب كرة القدم، في هذه الحالة لن يشعر الكاتب بأي أزمة.
- دائما يتردد على مسامعنا كتاب جيل الستينيات فلماذا لا نسمع عن كتاب الألفية الجديدة ؟ وما تقييمك لهذا الجيل من 2000 وحتى 2022؟
جيلنا الحالي لا يقل إبداعا عن جيل الستينات وما قبله من المبدعين، بل ربما يتفوق تجددا وابتكارا ومغايرة، لكن تربة العامل الزمني والتاريخي هي المختلفة، فالبيئة الستينية بثقافتها وتلقيها ليست هي نفسها بيئة اليوم التي كثرت فيها الملوثات السمعية والبصرية وقد أصبح وجدان المجتمع مشوشًا وأكثر مادة وشراسة، وأصبح الفن الهابط وفن الجريمة من الأمور المسيطرة، ربما يعلن الدور المؤسسي عن عجزه وسط كل هذا الانفتاح اللاإرادي، وأحيانا يكون مشاركًا في ترويج تلك الملوثات بقصد أو بدون قصد، وبالرغم من كثرة وجود الفرص والمسابقات وتوسع شاشات الميديا وانتشارها قد يعاني المبدع الحقيقي ـ الذي ربما حصل على كثير من الجوائز والإنجازات العظيمة ـ من تحقيق ذاته الإبداعية وسط هذه المشوشات، ويتمنى أنه لو كان يعيش في تربة جيل الستينات وما قبله ليرى نفسه من الأعلام التي تعيش في العقل الجمعي المصري والعربي.
- التأليف يعد الخطوة الأولى في العملية المسرحية فهل وجود نصوص جيدة يعد مؤشرا لعروض جيدة أم أن الأمر يتطلب وجود مخرج جيد؟
بالتأكيد النصوص الجيدة شيء أساسي للعروض الجيدة، لكن في هذه الآونة أصبح المخرج المسرحي بمعزل عن الكاتب المسرحي، فالمخرج له طموحات قد لا تتلاقى مع طموحات الكاتب، والعكس صحيح، وأغلب الكتاب يتجهون في كتابة النص المسرحي إلى البعد الأدبي الذي يفتقد كثير من سمات التجليات الفنية والبصرية على خشبة المسرح، فهو يقولب فكرته البديعة في قالب أدبي كما يفعل الروائي بروايته، إذ أنَّ الرواية لن يتم تجسيدها إلا بوجود سيناريو يتفق مع طموحات المخرج السينمائي، وقد نرى أغلب المخرجين يتحولون إلى كتاب وما هم إلا معدون يأخذون نصًا وأفكارًا أخرى إلى خشبة المسرح لإخراج عرض يرضي طموحاتهم، وذلك لا يتم علاجه إلا بعمل ورش مسرحية جادة بين الكاتب المسرحي والمخرج حتى تتلاقي طموحاتهم ويتم إخراج نص مسرحي جيد ومتناغم إخراجًا وتأليفًا.
- هل يتراجع المسرح أمام الوسائط الأخرى: السينما والتليفزيون والسوشيال ميديا؟
شيء بديهي أن يقل الجمهور الذي يذهب إلى خشبة المسرح أمام السينما والتلفزيون وشبكات الميديا، لكن هذا لا يمنع من أن يتواجد مسرح جيد يعبر عن الشارع وهموم المواطن، ولا يمنع ذلك أن يكون المسرح موجودًا وفعَّالا، وتتناقله الشاشات، أحيانا كثيرة يفضل المشاهد مشاهدة مسرحية على مشاهدة مسلسل أو فيلم، وكذلك القارئ قد يفضل قراءة ، وتجسيدها يحتاج إلى كتابة سيناريو آخر، إذن لا يعد ندرة ذهاب الجمهور للخشبة نظرا للوسائل الحديثة مؤشرًا لتراجع المسرح كفن موجود ومتجذر.
- هل لدينا أزمة فى النصوص الخاصة بالطفل والمسرح المدرسي.. وهل أدى تراجع المسرح المدرسي إلى التأثير على الحركة المسرحية؟
  لا توجد أزمة في مسرح الطفل كنصوص، إنما ربما تكون الأزمة في العروض، لأن النصوص موجودة بوفرة والدليل ما تفرزه مسابقات التأليف المسرحي من هذا الكم الثري، والمسرح المدرسي هو البذرة الإبداعية التي يتربى ويترعرع عليها الطفل في المدرسة، والمفترض  أن المسرح المدرسي هو المنبر الذي يلقي العلم والحكم والمواعظ  في شكل بونبوني وحلوى شهية يتناولها التلميذ في سعادة، لكن للأسف هناك تراجع في دور المسرح المدرسي لا أعرف من المسؤول الحقيقي عنه، وبالتأكيد تراجع المسرح المدرسي يسهم في تفويت فرص كثيرة على  التلاميذ تربويًا، وإبداعيا للموهوبين منهم، ومن ثم يؤثر بطريق غير مباشر على حركة المسرح ككل.
- بعض المواسم الخاصة بمسرح الثقافة الجماهيرية يغلب عليها النصوص العالمية .. ما هي عناصر الجذب التي يجدها المخرجون فى النصوص العالمية؟
  النص العالمي مجرد حكاية حدث في بيئة غير البيئة ومجتمع غير المجتمع، ومجتمعنا العربي الشرق أوسطي ليس فقير بالحكايات الساخنة والوقائع اللافتة والموروث الحضاري والثقافي الذي ترسخت جذوره من قبل وجود تلك البيئات العالمية بآلاف السنين، وكذلك مجتمعنا ليس فقير بالكتَّاب الذين يصورن واقعهم بشكل إبداعي مدهش ومثير، والدليل كما ذكرت هو الزخم الذي تفرزه تلك المسابقات، فالمنطق لا يقرر أن هناك عناصر جذب، إلا إذا قلنا (عقدة الخواجة) غير المبررة لدي الكثيرين.
- ما شروط النص القابل للتقديم على خشبة المسرح؟
الشروط كثيرة أهمها أن يستطيع الكاتب تأدية كل الأدوار من ممثل ومهندس ديكور ومخرج ومهندس إضاءة تأدية ذهنية أثناء كتابة النص، لتكون الكلمات المكتوبة من لحم ودم، ويكون الكاتب بارعًا في إيجاد الحركة البصرية التي يستحضرها على الأوراق، التي تسمى السينوغرافيا،  حيث أنها ليست مجرد كلام يتم حشوه وسط الحوار من الحين للآخر، وكذلك جودة تداعيات وتلقائية الحوار لأنه هو المتنفس السمعي لعرض أحداث روائية لا تراها عين المتفرج، وعلى الكاتب المسرحي أن يبرع في أن يجعل المشاهد يرى بأذنه باٌلإضافة إلى عينه، وأن يجعل من كلامه كاميرا مثل كاميرا الفيلم السينمائي التي تتنقل في أي مكان وفي أي وقت. وذلك يرجع لمحدودية خشبة المسرح، حيث أنه يعرض أحداثا حدثت في أزمنة وأماكن عديدة ومختلفة على هذه الخشبة التي لابد وأن تنطق بكل شيء وتعبر عن كل صغيرة وكبيرة، وذلك أدعى أن يتم عمل ورش بين المخرج المسرحي وبين الكاتب حتى تذوب هذه الفجوات بين النص المكتوب والعرض الحي.
- حدثنا عن نص “دموع من كأس أبى نواس“ وما أبرز الصعوبات والتحديات  الخاصة بكتابة مسرحية شعرية؟
  يتناول النص جدلية الحكم على جودة الشعر ودهشته هل هو بمعيار فني أم بمعيار أخلاقي وديني، وتم اختيار شخصية الشاعر العباسي أبو نواس بثرائها لتكون محور هذا الجدل، فقد ارتكزت المسرحية على التكنيك البريختي، من حيث عمل مسرحية داخل المسرحية، فالمسرحية الخارجية تجمع بين مخرج العرض والشاعر مؤلف النص وشيطان الشعر المحبوس الذي تعطل الشاعر بسببه عن كتابة النص وكذلك تعطل سائر الشعراء، بينما الأصفهاني جاء مدافعًا عن شيطان الشعر المتهم بقصيدة ماجنة أوحى بها لأبي نواس، فيهم الأصفهاني بالذهاب إلى عصر أبي نواس من خلال كتابه الشهير (الأغاني)،حيت ننتقل إلى المسرحية الداخلية وهي حياة أبي نواس، فيكون هناك منولوج حواري بين  أبي نواس والأصفهاني متمثلا في ضميره، حيث يتتبعه الأصفهاني في كل مواقفه وحالاته هزله وجده عشقه مجونه وزهده، وذلك من أجل أن يأتي الأصفهاني بدليل براءة شيطان الشعر من نفس أشعار أبي نواس، ليعود إلى  قاضي الشعر في المسرحية الخارجية؛ ليُخلى سبيل شيطان الشعر فيعود الشعراء إلى أشعارهم، ويستطيع الشاعر كتابة نصه المتعطل ليقوم بإخراجه المخرج.
 والمسرحية الشعرية هي عمل درامي يمزج بين المسرح والشعر، إذ أنها تضيف للكاتب أكثر من مسؤولية لابد وأن تكون موهبته ومهاراته على قدرها، وإلا سيتعرض النص لكثير من الترهلات التي قد تضر بالنص إما من الناحية المسرحية فيكون النص عبارة عن غنائية أو حوار شعري يفتقد لحرارة الدراما من تشويق وصراع وحبكة، وإما أن تضر به من الناحية الشعرية فيكون النص مقحمًا للشعر مفتقدًا لقواعده ورونقه، فينعكس ذلك بالسلب على المسرحية حتى وإن كانت جيدة في مضمونها وفكرتها، ولخلق هذا التوازن مسرحيا وشعريا يحتاج الكاتب إلى مهارات خاصة بالإضافة إلى عشقه لهذا المحور النادر.
- لماذا نواجه ندرة فى المسرحيات الشعرية وهل تحتاج إلى مواصفات وشروط معينة لتقديمها ؟
   رغم صعوبة المسرح الشعري وتحدياته، فهناك من يجيده ويعشق كتابته، لكن ما يواجه المسرح العادي من معوقات وظروف، يواجه المسرح الشعري بشكل مضاعف، خاصة وأن هذه النوعية من النصوص كما أنها تحتاج إلى مجهود مضاعف وقدرات خاصة في الكتابة، فهي في المقابل ستحتاج إلى مجهود أكبر في العرض، لأن الممثل سيمزج بين لغتين لغة مسرحية ولغة شعرية، ولابد له من مهارات خاصة، والجميع أصبح يبحث عن الأسهل أداءً وتلقيا، قد كان ينتج في السابق  نصوص أمير الشعراء أحمد شوقي وعزيز أباظة، وصلاح عبد الصبور وغيرهم على خشبة المسرح، ولم يتكرر ذلك برغم وجود كتاب المسرح الشعري في كل عهد، قياسًا على ذلك المسلسلات التاريخية والدينية التي كانت تؤدَّى باللغة العربية الفصحى، وكنا نراها بوفرة في شهر رمضان المبارك من كل عام، لم نعد نرى مثلها ينتج كما سبق، ربما الأزمة في الأداء واستصعاب التنفيذ الذي كان سهلا في السابق، أو في التلقي حيث أنَّ التلقي حاليا ـ كما ذكرت ـ أصبح مشوشًا وسط الفنون المبتذلة والملوثات السمعية والبصرية ورتم العصر الذي أصبح أكثر صخبًا وسرعة وجفاءً، فالمتلقي عام 2022 ليس كالمتلقي في الستينيات وما قبلها، وحيث أن الإنتاج عرض وطلب وأي مُنتج لن يُقبِل على إنتاج عمل فني يرى فيه خسارته وإن كان هادفًا وعظيمًا، وهذا هو موطن الكارثة، ولذلك أصبحت المسرحيات الشعرية وكثير من الأعمال الأدبية العظيمة والهادفة منذ زمن تكتب للقراءة فقط لا للعرض والإنتاج.
- ما تقييمك لمسابقة الشارقة؟
 مسابقة الشارقة للإبداع العربي من أعرق المسابقات وأشهرها وأقدمها على الساحة الأدبية في الوطن العربي، حيث أن فوزي بها جاء في دورتها الخامسة والعشرين بعد ربع قرن من تفريخ أكبر المبدعين في شتى المجالات الأدبية في ربوع الوطن العربي، فقد حمل اسم الجائزة أسماء رنانة وأعلام خفًّاقة في عالم الإبداع، ما جعلني حريصًا كل الحرص على التقديم إليها منذ عام 2016 إلى الآن، فقد كنت أتقدم كل عام في مجالاتها المختلفة دون يأس أو فتور، محاولا في دأب الانضمام إلى تلك الأسماء، إلى أن حالفني التوفيق بالفوز هذه الدورة، لتكون الجائزة تتويجًا عظيمًا له مذاق خاص جاء بعد طول انتظار.


رنا رأفت