رئيس المهرجان القومي يوسف إسماعيل: الدورة استثنائية لأنها تحمل شعار 150 عاما من المسرح المصري

رئيس المهرجان القومي يوسف إسماعيل: الدورة استثنائية لأنها تحمل شعار 150 عاما من المسرح المصري

العدد 690 صدر بتاريخ 16نوفمبر2020

أعلنت إدارة المهرجان القومي للمسرح خلال الأيام الماضية فتح باب تلقي طلبات المشاركة في فعاليات دورته الثالثة عشر، التي تحمل شعار «مائة وخمسون عاما من المسرح المصري» التاريخ الذي أثار الجدل خلال الفترة الماضية، ما يجعلها دورة استثنائية تقام في ظرف استثنائي بسبب جائحة كورونا التي أصابت العالم و تسببت في تأجيل وإلغاء العديد من الفعاليات الثقافية وإقامة البعض منها أون لاين، وتأجل بسببها المهرجان القومي للمسرح المصري أكثر من مرة حتى قررت إدارة المهرجان إقامته ديسمبر المقبل.. حول المهرجان ولائحته وجديد هذه الدورة وبعض القضايا الأخرى كان لنا هذا اللقاء مع رئيس المهرجان الفنان يوسف إسماعيل.

- ما الصعوبات التي واجهت إقامة المهرجان في ظل أزمة كورونا؟
 واجهنا تحديات كثيرة بدليل أن المهرجان أُجِّل مرتين حيث كان من المقرر إقامته في يونيو وثم  في أكتوبر ثم تم ترحيله لديسمبر، ودائما كان لابد من اتخاذ القرار قبل موعد إقامته بستة أشهر على الأقل لأنه يحتاج  الكثير من العمل. فالنشرة نناقش عملها منذ ثلاثة أشهر لأننا نريدها إضافة علمية مثل الكتب التي نضعها في مكتباتنا وأن نتخلص من كونها نشرة خبرية لتكون نشرة فنية بذوق وروح المهرجان والشكل الجذاب وليست مجرد أرشيف. وقد أخذنا قرار إقامته حين بدأت الأحوال تتحسن تدريجيا، فمنذ مارس كان كل شئ مغلقا لدرجة أننا فكرنا بالاتفاق مع  د.إيناس أنه  في حالة استمرار الوضع أن تقام الفعاليات على مسارح مكشوفة، مما كان سيحملنا أعباء إضافية، منها تجهيز المسارح من خشبة وإضاءة وصوت وأماكن لجلوس لجمهور، بالإضافة إلى أن بعض الفرق ربما لا يناسبها المسرح المكشوف وأخرى تحتاج لقاعات صغيرة، بخلاف العروض ذات الإنتاج المرتفع كعروض الأوبرا والمسرح القومي التي لا يصلح عرضها على المسرح المكشوف .. المسألة كانت معقدة جدا وقد وضعنا كل الحسابات وحتى الآن يسير الأمر بشكل جيد. 
تعرض الفنان أحمد عبد العزيز لنقد لاذع  عندما كان رئيسا للمهرجان الدورة السابقة، ألم  يجعلك ذلك تتخوف من تسلم المهمة هذه الدورة؟ 
على الرغم من إدارتي التي أرى أنها كانت ناجحة للمسرح القومي فإن الخوف من الفشل كان أول ما تبادر إلى ذهني، و كان هو نفس شعوري حين توليت إدارة المسرح القومي لأنها مكانة عالية ، ولكن الخوف من الفشل له جانب إيجابي حيث يجعلنا ندرس كل شئ بهدوء لتتخطى العقبات، فبدأت أتساءل أين أرشيف المهرجان والكيان الإداري للمهرجان والمقر الدائم للمهرجان.وكان التحدي الأول هو تخصيص مقر دائم للمهرجان حتى وإن كان غرفة صغيرة في أحد المسارح ، نجتمع بها  لنقيم كل العروض التي تنتج على مدار العام. 
- هل تعني لجنة لمشاهدة العروض ؟
 نعم، أن تكون هناك لجنة مشاهدة دائمة تمارس عملها، تتابع العروض التي تنتج على مدار العام، وتشاهدها في بيئاتها، وتقدم تقارير بالعروض المرشحة للمشاركة، بذلك يكون الاختيار أدق وعلى أسس علمية ما يعطي ثقلا للمهرجان. حين تتقدم الفرق المستقلة للمهرجان تقدم عملها مسجلا على CD بجودة منخفضة، والمسرح تختلف قيمته 50% باختلاف الوسيط،  والعرض المصور يتفقد روح الجمهور وكيف كان تفاعله مع العرض .لذلك بحثنا عن طريقة جديدة لاختيار العروض ونرى أنها ستخلق روحا جديدة بين الفرق.  فرقة في جنوب سيناء مثلا سوف تسعد كثيرا حين تجد لجنة تشاهدها في موقعها. 
- عاد المهرجان للعمل باللائحة القديمة وعودة المسابقة الواحدة .. كيف ستضمن المساواة لكل الفرق ؟ 
أقيمت  ثلاث مسابقات العام الماضي شاركت  فيها كل جهات الإنتاج  .. فأين الهاوي والشاب والمحترف؟؛ فالبيت الفني شارك في مسابقتين وهو جهة محترفة. إن تعريف الهاوي والمحترف في مصر ليس دقيقا، وتقسيم المسابقة يخلق حالة من عدم الرضا، لذلك  عدنا للأصل، وأصله هو المحافظة على نصيب وحقوق كل طرف، فجميعنا ينتج مسرحا.. الممثل أو المخرج أو المؤلف الذي يقدم عمله لأول مرة داخل المسابقة له نصيب من الجوائز، فهناك جائزة أولى لمحترف، وجائزة أولى لصاعد، و هناك معيار علمي واحد للتقييم، وكذلك الأمر في مسابقة المقال النقدي والدراسات النظرية. هناك لجنة علمية تحت إشراف د.هدى وصفي للتقييم ما يخلق حالة من الارتياح لدى الجميع. 
- يتحدث كثيرون عن  وجود مشكلة تتصل بإدارة  المؤسسات الثقافية وهي أن  كل من يتولى  الإدارة يسعى أولا لمحو كل ما سبق.. فكيف ترى ذلك ؟ 
على كل رئيس مهرجان أو مدير لموقع ثقافي أن يبني على ماسبق، فمن «العنترية» أن أهدم وأبني مرة أخرى. السابقون بالتأكيد هم  من المتخصصين، ولاشك في إخلاصهم للمسرح، فمن أنشأوا المهرجان أحبوا المسرح وأصحاب ريادة ومن «الشطارة» أن أطور وأكمل ما بدأوه وأضيف له لا أن أهدمه، فعلى مدار 19 عاما أدخلت أفكار تطويرات كثيرة ، ولابد دائما  أن يكون هناك تطوير، وهي تطورات يفرضها تغير الزمن. 
- ماذا عن مسرح الطفل هذا العام في المهرجان ؟
 مسار الطفل مشكلة كبيرة وضعتنا في حيرة ، ولذلك هو خارج المسابقة، ونحن في مرحلة اتفاق مع وزيرة الثقافة لإقامة مهرجان لفنون الطفل يشمل كل ماله علاقة بالطفل من مسرح خيال ظل وماريونت وأراجوز ..ألخ، فحين يقدم في سياق خاص به يمكن وضع تقييم ومعايير علمية له، لكن خلال المهرجان القومي لا يمكن استخدام المعايير العلمية نفسها  التي نقيم بها ، ومع ذلك  ربما يكون متاحا لعروض الطفل الحضور على هامش المهرجان، لعدم حرمانه من المشاركة نهائيا، لكننا لم نحسم الأمر بعد.
- وماذا عن عروض ذوي القدرات الخاصة ؟ 
هم ضمن المسابقة، وهناك لجنة منفصلة لعروضهم وعروض الفرق المستقلة و فرق النقابات والمؤسسات مثل البنوك والمسرح الكنسي.. كل هؤلاء شكلنا لجنة مشاهدة لاختيار عروضهم. 
- لماذا ألغيتم مسابقة التأليف المسرحي ؟
 أهم سمة للمهرجان هي تقديم ما أنتج ولسنا آلية إنتاج، لا يمكننا متابعة النص الحاصل على الجائزة و إنتاجه أو فرض إنتاجه على أي جهة يتقدم إليها ،وبالتالي فهي مسابقة تكميلية وليست أساسية، المهرجان يهتم بالعروض التي خرجت على خشبة المسرح والمقالات التي كتبت والدراسات التي تُخدم على المسرح، و النصوص المسرحية لها جهات داخل وزارة الثقافة مثل المجلس الأعلى للثقافة والمركز القومي للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية والبيت الفني جميعهم يمكنهم إنتاج النصوص الفائزة في مسابقاتهم، وهنا يكون الامر منطقيا ، وهو ليس كذلك بالنسبة للمهرجان القومي .
و لكن بالطبع هناك جائزة لنص العرض وكذلك النصوص المعدة؟ 
نعم، لنص العرض المسرحي جائزة وكذلك  للنص المعد ، فنحن كمسرح مصري نهتم كثيرا بالنصوص المؤلفة أنتجت ، خاصة التي تهتم بهويتنا وقضايانا. 
- هناك من يطالبون بتقديم أكثر من جائزة لكل عنصر فما رأيك؟ 
من الصعب تخصيص أكثر من جائزة لكل عنصر، فلدينا أول للكبار وأول للشباب و لايمكن تخصيص أول وثاني لكل واحدة منهم. 
يرفض بعض المسرحيين  فكرة التسابق والجوائز في المهرجانات.. ما رأيك؟
 أعلم أهمية الجائزة بالنسبة للفنان، فقد تذهب لشخص في حاجة إليها، وكما نعلم هناك من ينفق كل ما يملكه من أجل تقديم عرض، والجائزة على المستوى الإنساني شئ عظيم، وعلى المستوى التنافسي تخلق حالة جميلة. هناك من يرفض فكرة التسابق ويرى أن الفن للفن،  أما  أنا فمع خلق روح تنافسية وأمل للجميع بالفوز. 
ما الجديد الذي يمكن اعتباره إضافة للمهرجان هذه الدورة؟ 
هناك الموقع الإلكتروني الذي سيدشن خلال أيام ليكون أرشيفا له، فليس لدينا أرشيف أو إدارة ثابتة للمهرجان ،كل مدير يعمل لفترة زمنية ويرحل ولا نجد الأرشيف فنضطر للعمل من نقطة البداية على الرغم من أن كل المهرجانات لها أرشيفها وتوثيقها .. وفي هذا الصدد أوجه الشكر لماجدة عبد العليم المنسق العام للمهرجان لأنها قامت بجمع  وثائق الدورات السابقة جميعها في كتاب، بدونه لم نكن لنمتلك معلومات عن الدورات السابقة. حين أطرح اسما للتكريم مثلا  كيف أعلم إنه قد سبق تكريمه  في الدورات السابقة بدون أرشيف. كما سيتم جمع أعداد نشرات الدورات السابقة PDF في مجلد واحد،  بالإضافة لجمع كل الكتب التي صدرت خلال الدورات السابقة.
- وماذا عن المكرمين ؟ 
سيتم الإعلان عنهم خلال المؤتمر الصحفي الذي سيعقد مباشرة للإعلان عن بدأ المهرجان وبرنامجه. 
- ماذا عن شعار المهرجان 150 سنة مسرح؟ 
نحتفل بمرور 150 سنة على نشأة المسرح المصري المعاصر، ما يعني  أننا دولة عظيمة وكبيرة تنتج مسرحا حديثا أو معاصرا .. كان  لدينا أشكال أولية من المسرح قبل مائة وخمسون عاما، كخيال الظل و الأراجوز والأشكال الفرعونية الكنيسة . منذ  1870 ونحن ننتج مسرحا ، لكنني أتحدث هنا عن المسرح المعاصر الذي يتماشى مع نظرية أرسطو حتى نكون محددين علميا، وقد مررنا بالعديد من الأزمات والحروب وكان المسرح ينتعش وتخرج أفكار جديدة..  في كل الأوقات الصعبة أنتجنا مسرحا ، لذلك فأنا فخور بكوني مصريا.  و هذه الدورة استثنائية لأنها تحتفل  بكل من وضع»الطوبة» الأساسية ومن ضحى بحياته فهناك من استشهد على خشبة المسرح و آخرون باعوا إرثهم لينفقوا على فرقهم المسرحية، لدينا كتاب يوثق ذلك. و سوف نلقي أيضا الضوء على شرارة البداية والتي هي أضعاف عمر دول ، سوف ينعكس الشعار على كل محاور المهرجان وفعالياته و كل الندوات ، وقد خصصت لجنة لهذه الندوات، و هناك من يعمل على الخمس سنوات الأولى ومن يعمل على العشرين عاما الأولى أو الخمسين عاما.. إننا نؤرخ ونضع معايير علمية وتوثيق للتاريخ والأجيال القادمة، ولحسن الحظ كل ذلك سيتم تحميله على الموقع، مواد مسرحية مصورة ، بالإضافة لافتتاح وختام المهرجان وتكتب الندوات وتصور فيديو .. شعب بلا ذاكرة ليس له مستقبل، والذاكرة المصرية قوية .. و لدينا أيضا ثلاثة كتب عن شعار المهرجان، وهناك إصدار مهم للدكتور عمرو دوارة ربما نعيد طباعته ضمن الإصدارات» 150 عاما من المسرح المصري « بخلاف كتب المكرمين ودليل المهرجان والنشرة اليومية التي ستكون مختلفة هذا العام، فلدينا موضوع نعمل عليه وليست مجرد تغطيات خبرية، وكل من لم يستطيع تقديم أوراقه في الندوات يمكنه تقديمها من خلال النشرة . 
- تعاني المسارح بسبب الازدحام خلال فترة المهرجان.. فهل هناك خطة لتفادي الأمر ؟
 يشغلني كثيرا فكرة تنظيم حضور الجمهور للعروض بشكل دقيق منعا للزحام ، ونفكر في آلية جديدة، إذا توصلنا إليها خلال عشرة أيام سنعلن عنها حتى لا يكون مجرد «كلام». 
- هل نأمل ألا يكون هناك شكاوى من تجهيزات المسارح هذا العام؟ 
نحاول أن نلبي تقريبا معظم المتطلبات التقنية .. الفرق تعتمد على أن المهرجان هو المسئول عن ديكور العرض، وهذا غير صحيح،  فأنت تقدم عرضا أنتجته، أنت تحضر الديكور وأنا أوفر لك المسرح وأجهزة الإضاءة والصوت وبعض الخدع .
- ألم تفكروا في التنقل بدورات المهرجان في محافظات مختلفة  ليتاح للجميع فرصة متابعته ؟
 أمنية حياتي، ولكن أين المحافظة التي تضم عدد مسارح القاهرة. هذا العام قلصنا عدد العروض ل36 عرضا مسرحيا، أي أننا في حاجة لما يقرب من 15 مسرحا، فكرت في إقامته بالإسكندرية وأسوان وسيناء ولكننا في حاجة لأن تتوافر البنية الأساسية التي تحقق ذلك، بالإضافة لعمل النشرة وطباعة الكتب. 
- هل ترى أن المهرجانات في مصر تسير وفق خطة علمية؟ 
كل مهرجان له طابع وسمات مختلفة، فالمهرجان الدولي يختلف عن المهرجان القومي ، فالأخير يهتم بكل ما ينتج محليا، بينما الدولي يهتم بما ينتج محليا ودوليا حسب النسبة المسموح بها في لائحته، وكل مهرجان له سماته وطابعه فالقومي يختلف عن التجريبي يختلف عن مهرجان شرم الشيخ ،لكن في النهاية المهرجان القومي لابد أن يعكس الهوية المصرية لأنني لا أقدم عروضا للخواجة بل لأبن بلدي.
- أين ترى المهرجان خلال السنوات القادمة؟ 
في منطقة جيدة، وسيحاكي المهرجانات العالمية ، فكلما كان هناك صدق في تقديم هويتنا وخصوصيتنا كلما كنا متفردين ومميزين ، وحين يكون هناك هيكل إداري وموقع أصبحنا في منطقة أرقى نرى منها أشياء أخرى ونطورها، بدلا من الانشغال بمشاكل الجمهور والتأريخ للدورات السابقة. 
- ما تقييمك للحركة المسرحية بشكل عام ؟ 
المسرح يشبه الحياة، والحياة لا تسير وفق وتيرة واحدة ،إيقاعها ، ليس هناك عودة للخلف، وحين نتابع تطور المسرح نرى  أن المسرح الذي ينقل لنا منذ ستون عاما لا يشبه ما نراه الآن خاصة مع التطور التكنولوجي والعلمي والمعرفي ، نحن في تطور، ولكنالإنتاج المسرحي أقل من المطلوب، سواء من الجهات الخاصة أو الحكومية ، و أتمنى أن يكون الإنتاج غزيرا وأن لا تطفئ أنوار المسارح طوال العام، ولكن ذلك  يحتاج الى ميزانية وآليات مختلفة للدعاية ،وأرى أن الفرق التي تنجح هي التي تملك آلية تسويق ودعاية ليست مكلفة ولكنها منضبطة .
ماذا عن الإجراءات الاحترازية التي ستتخذونها خلال المهرجان؟ 
سيكون هناك التزام بقرارات الدولة و وزارة الصحة، تعقيم المسارح ، والحضور بنسبة 50% وارتداء الكمامات ، بالإضافة لبوابات التعقيم في جميع المسارح ،وتوفر أجهزة قياس درجة الحرارة، هذا في حالة لم يطرأ أمر جديد لأننا نسير وفق ظرف عالمي لا نعرف إلى أين سيأخذنا.


روفيدة خليفة