سميرة عبد العزيز: عرض «أحمس» درس في التاريخ والوطنية

سميرة عبد العزيز: عرض «أحمس» درس في التاريخ والوطنية

العدد 547 صدر بتاريخ 19فبراير2018

عادت النجمة القديرة سميرة عبد العزيز لتزين خشبة المسرح من جديد، من خلال تجسيدها دور أم أحمس في العرض المسرحي «أحمس» لفرقة الرقص الحديث بدار الأوبرا المصرية، الذي عرض مؤخرا لمدة 3 أيام على خشبة مسرح الجمهورية. دراماتورج د. مصطفى سليم وإعداد موسيقي المهندس خالد درويش ومهندس الديكور أحمد زايد وملابس هالة محمود وإضاءة ياسر شعلان وتصميم وإخراج محمود مصطفى. تكشف الفنانة القديرة في حوارها لـ«مسرحنا»، عن سر قبولها المشاركة في عرض راقص، وطلبها عرضه في الشركات والمصانع والمدارس والقرى والنجوع.

كيف كانت مشاركتك في العرض الراقص «أحمس»؟
حدثني مخرج العرض أن الأوبرا رشحتني لدور أم أحمس، رحبت جدا، وكان لي تجربة سابقة مع فرقة الرقص الحديث مع وليد عوني مؤسسها، فكان لدي خلفية عن طبيعة عملها، فضلا عن أنني أميل دائمًا للفن الراقي، وطلبت أن يشرح لي الفكرة ومضمونها، وبعد أن قرأت النص وجدت أنه يحمل معاني وطنية شديدة، لأن أحمس أنقذ مصر وحافظ على النيل وطرد الهكسوس.
_ حدثينا عن طبيعة دورك خلال الأحداث وأهم خطوطه الدرامية؟
كنت على علم بتاريخ تلك الحقبة الزمنية التي يتناولها العرض، ووجدت أن دور الأم مفيد جدا، يؤخذ بحديثها وكلمتها مسموعة للجميع، هذه عوامل شجعتني على المشاركة، وشعرت بشرف كبير أن أشارك في عمل يحمل معاني الوطنية، بمشاركة عدد من الشباب الواعي المتميز جدا، وممتع في شغله وحركاته، فضلا عن اهتمام المخرج بالعرض وهدفه أن يقدم شيئا جيدا للجمهور.
_ ما الوقت الذي استغرقه العرض في التحضير؟
الاستعدادات استغرقت 10 أيام فقط، لأنهم عندما أخبروني كانوا جاهزين منذ فترة لأن بروفات الرقص والاستعراض تحتاج لوقت طويل وتمرين مستمر، أجريت بروفات لمدة ثلاثة أيام وكنا جاهزين للعرض، الفكرة كانت قيد التنفيذ لكنهم كانوا في حالة بحث عن ممثلة تصلح لدور الأم.
_ هل كانت هناك صعوبات في الدور؟
كنت خائفة من أن تكون حركتي ثقيلة، مقارنة بالشباب المشارك معي، لكنها كانت محدودة تقتصر على طلوعي السلم ونزولي منه فقط، لم تكن حركة عنيفة، وتتناسب جدا معي.
_ ما أبرز ما جاء بالحديث الذي دار بينك وبين المخرج قبل العرض؟
سألته عن شكل التعبير ماذا سيكون، وكيف لفرقة رقص تقدم عرضا حركيا أن أكون من ضمنها، وماذا عن وضعي؟.. تساؤلات كثيرة كانت تدور في رأسي أفرغتها رد عليها المخرج.
_الجيل الحالي عازف عن القراءة يكتفي بالعروض المسرحية والأعمال الفنية كيف لعرض يحمل معاني كثيرة من التاريخ أن يقتصر على 3 ليالي عرض فقط؟
استنكرت ذلك وقلت يجب أن يعرض في كل مكان، وأن ندعو له كل يوم مدرسة لتشاهده وتفهم مغزاه وتتعلم منه، وطلبت ذلك من مدير الأوبرا الجديد وقلت «حرام عرض زي ده يخلص في 3 أيام دي رسالة في الوطنية»، فوعدني بأنه سيتم عرضه مرة أخرى.
_ ما هو الشكل الأنسب لتقديم هذا العروض حتى يصل لأكبر شريحة من الناس؟
الناس تعشق الرقص وتحب سماع الموسيقى، والعرض ظلم في الدعاية ولم يروج له بشكل كافٍ، فضلا عن فترة عرضه القليلة جدا، لا أعرف كيف لعرض بمثل هذه التكلفة تكون فترة عرضه قصيرة، فعلى الأقل يظل شهرا ليتابعه الأطفال والشباب، كما يشاهده الجميع.
_ البعض يرى أن العرض به إسقاط سياسي على الواقع الحالي فما تعليقك؟
أؤيد هذا الرأي، بالطبع به إسقاط وتجسيد لما نعيشه حاليا، وقد شعرت أنه يتحدث عن تلك الفترة. العرض نجح في أن يجسد الإرهاب في صورة الهكسوس الذين هاجموا أحمس، والدول التي تسعى للاعتداء علينا.
_ دائمًا هناك شكاوى من أهالي القرى والمحافظات بأن العروض الجيدة تقتصر على العاصمة فقط فما تعليقك؟
هذا حقيقي، والدليل أن عرض مثل «أحمس» وهو عمل هادف ووطني وتعليمي وتنويري يعرض لفترة قصيرة ولم يفكر أحد في عرضه بالمحافظات حتى يراه الشباب في كل مكان، كما أننا يجب أن نكسر حاجز اقتصار عروض الأوبرا على فئة معينة من الجمهور، لا بد أن تعرض وتفتح الباب أمام الجميع للمدارس والمصانع والشركات، وهذا أهم من المكسب المادي وسيأتي الناس بمفردهم.
_ ماذا عن كواليس العرض مع الشباب؟
شباب متعاون إلى أقصى درجة، وقد شعروا بأنني أمهم حقيقة، واهتموا بوجودي، منهم من يحضر لي كرسيا ومنهم من يساندني عند صعودي السلم، كانوا سعداء جدا وكنت في غاية السرور، وهذه هي المرة الأولى التي أحتك فيها مع هذا الجيل من الفرقة، سبق وأن اشتغلت مع الفرقة الأولى لفترة طويلة وقدمت معهم عرض «إيقاع الأجيال».
_هل كانت هناك نصائح معينة وجهتيها لهم؟
الشاب الذي جسد دور «أحمس» عندما كان يحدثني كان ينظر إلى الأرض فطلبت منه أن ينظر إليّ وقت الكلام، قلت له نصا: «لما أمك تكلمك لازم تبصلها»، حتى يأخذ منها المعاني التي تقولها، وجميعهم كانوا يعملون بجودة عالية واجتهاد واضح.
_ هل تخوفت من الدور؟
بالعكس، وجدته في نفس السكة التي أسير فيها، ومن ضمن أدواري التي أؤمن بها، ولو كان في الدراما كان نال إعجابي أيضا، لم يكن غريبا عني، والشيء المختلف الوحيد هو الوقوف وسط راقصين، وهذا أضفى على الموضوع صورة جمالية.
_ ماذا تمثل خشبة المسرح للفنانة سميرة عبد العزيز؟
أعتبر المسرح معبدي الخاص، أذهب قبل الميعاد بساعتين على الأقل، أجلس فيه وأعيش أجواءه، وأراقب تفاصيله وأستمتع بوجودي وسط الديكور، المسرح بالنسبة لي حالة عشق تخللت قلبي منذ لحظتي الأولى.
_ ما أبرز أوجه الاختلاف بين المسرح قديما وحديثا وهل في صالحه أم ضده؟
حاليا المسرح لم يعد به مسرحيات كبيرة مثل التي كان يقدمها المسرح القومي، استبدلت بنوع آخر «تهريجي» مثل مسرح مصر، الذي أعترض عليه، لم أشاهده ولا أنصح أحد بمتابعته نهائيا ولا حتى أولادي، لأنه لا يمس للمسرح الحقيقي بصلة، مجرد أشخاص يهرجون والناس تضحك فقط، عادل إمام قدم أعمالا مسرحية كوميدية هادفة وكذلك الفنان محمد صبحي، وأنا ضد «اللي طالعين يهبلوا دول»، وهذا يعكس تقصير الدولة في إنتاج العروض الجيدة وانتشارها، لكن واضح أن الحالة الاقتصادية مؤثرة بشكل كبير، حتى المؤلفين الجدد كتابتهم «وحشة»، مؤخرا كنت في حفل توزيع جائزة ساويرس وطلبت من سميح ساويرس أن يطلق جائزة للإنتاج مثل جائزة التأليف المسرحي بحيث يتم إنتاج العرض الجيد والاستفادة منه مسرحيا أو في مسلسل.
_ وهل أوجه القصور متعلقة بالدولة فقط أم هناك أخطاء فردية من الشباب؟
لدينا قصور في المؤلفين الجيدين، لم يعد لدينا أشخاص مثل سعد الدين وهبة وألفريد فرج، وغيرهم. هؤلاء قدموا مسرحا رائعا، شاركت مرة في لجنة قراءة فوجدت أن جميع النصوص ركيكة وسيئة جدا، لا أعلم السبب الحقيقي في هذا.. هل التعليم أم الحالة الاقتصادية؟ هل التفاهة أصبحت الشيء السائد في زماننا؟ لا أدري، ربما التلفزيون له تأثير لأن محتواه تدنى وأثر على الشباب، وللدولة دور لأنها تنازلت عن الإنتاج ولم تعد تقدم إنتاجا ضخما ينافس القطاع الخاص، عندما كان يعرض مسرحيات عالمية، الآن حتى المسرح القومي بدأ يقدم عروضا تجارية، حتى الدراما التلفزيونية التي تدخل كل بيت أصبحت سيئة، والجمهور استسلم للمتاح لأنه السائد ولم يعد أمامه خيار.
 _ ما سر عزوف النجوم الكبار عن الأعمال المسرحية؟
هناك عدد كبير هدفه الوحيد هو المكسب فقط، وأنا شخصيا اشتغلت كثيرا دون مقابل وما زلت وهذا واجبي، لكن هناك من لهم حسابات أخرى سمعتها من أحدهم، قال: لن أعمل بمقابل قليل أو بدون لأني أقدم الكثير، وفي نفس الوقت الدولة لن تدفع أكثر بسبب حالتها الاقتصادية، وهي تعمل بنظام الموظفين ففي كل مسرح فرقته التي يجب عليها تقديم أعمال.
_ ما رأيك في المسرح المستقل والعروض التي تنتج لنفسها؟
بعضها جيد وعلى رأسها عروض الجامعة التي شاهدتها ولكنها تفتقد للأضواء، وأنا لو مكان التلفزيون المصري أسجلها وأعرضها بدلا من الرقص والتفاهة، أعلم الناس ما هو المسرح الحقيقي.
_ هل مسرح الدولة منصف في الاهتمام بالمواهب أم لا تزال تسيطر عليه «الشللية»؟
ليس هناك عدالة في الاختيار، وبالفعل لا يزال نظام الشللية قائما، والمصالح الشخصية موجودة بكثرة، وأصبح هناك استسهال ولا يفكر أحد في النزول للأقاليم للبحث عن مواهب جديدة ومساعدتها: «محدش عايز يتعب نفسه في حاجة»، يجب أن نشجع الجيد ونوفر عليه «الدوخة» ونهتم بتعليمهم، ونرسل لهم العروض الجيدة.
ما هي النقاط التي تريدين أن تهتم بها وزيرة الثقافة؟
د. إيناس إنسانة نشطة جدا، وأنا مستبشرة خيرا بوجودها، وأعلم أنها ستعيد مهمة الثقافة الجماهيرية وستلقي الضوء عليها، لدي ثقة كبيرة بها لأن لديها بعد نظر في كل الأمور، ومثلما أنعشت الأوبرا ستنعش الثقافة بأكملها.
_ متى ستحل أزمة الفجوة بين الجيلين الكبار والشباب؟
أحب أن أوجه نصائح للمؤلفين بأن يكتبوا للأدوار الكبيرة مثل الشباب ويعملوا جنبا إلى جنب، كما كنا نفعل. فأنا اشتغلت بجوار نعيمة وصفي ومحمد السبع وعبد الله وحمدي غيث، وأنا مبتدئة، وحاليا أحب أن أوجود بجانب الشباب يتعلمون مني كما تعلمت من الأساتذة الكبار.
_ما الدور الذي ترغبين في تجسيده على خشبة المسرح؟
أرحب بتجسيد أي عمل جيد، ولكن أمنيتي أن أقدم دور أم أسير، سبق وأن قدمت دور أم شهيد، وهذه المرة متحمسة لهذا الدور، وأطالب الشباب بكتابة نص جيد لتنفيذه، لأن هذه مشاعر مختلفة ولا بد أن يكون للمؤلف خيال حتى يخرج بنص معبر، فكرة الأم التي تعيش طوال الوقت على أمل أن يعود لها ابنها الغائب، تسمع جرس الباب يتهيأ لها أن ابنها عائد وكل ما هاتفها أحد تنتظر أن يسمعها خبرا عنه، وهكذا.
_ أستاذنا الراحل محفوظ عبد الرحمن كان من عمالقة التأليف ماذا تعلمت منه سميرة عبد العزيز في المسرح؟
ما أثار أعجابي به كانت مسرحية ألفها وقدمتها فرقة كويتية اسمها «حفلة على الخازوق»، ووجدتها جميلة جدا، وجميع أدوارها جيدة وعجبني تقديره للمرأة، وبعدها تابعت أعماله واشتغلت معه معظمها، ولاحظت أن كل أدوار المرأة التي كتبها قوية وشخصيتها ذكية، وحين تزوجنا وجدت أن معاملته للمرأة وتقديره لها لم يتغير، رأيه على الورق هو نفسه في الحياة، كان يقدرني ويحترم عملي ولم يعترض أو يغضب لو تأخرت في التصوير، بالعكس كان يشجعني ويحمسني على قبول أدوار ترددت في قبولها، كان قامة فنية وثقافية كبيرة جدا، حقا من أبدع لن يموت.


سحر عزازي