الثقافة تحتفى بمرور مئة عام على ميلاد «على الراعي» رائد الحركة النقدية

الثقافة تحتفى بمرور مئة عام على ميلاد «على الراعي» رائد الحركة النقدية

العدد 680 صدر بتاريخ 7سبتمبر2020

في إطار احتفاء وزارة الثقافة  بمرور مئة عام على ميلاد الدكتور على الراعي أحد أعمدة الثقافة المصرية سواء على المستوى الأدبي والفكري والنقدي، نظم المجلس الأعلى للثقافة بأمانة الدكتور هشام عزمي ومن خلال لجنة المسرح ومقررها الدكتور حاتم حافظ ، أمسية ثقافية بحضور عدد من النقاد والمثقفين والمسرحيين، حيث تناولت خلالها إسهامات على الراعي في الأدب والترجمة وفي المسرح والنقد المسرحي ، وذلك بحضور الناقد والكاتب جرجس شكري رئيس قطاع النشر بالهيئة العامة لقصور الثقافة، والدكتور أنور مغيث الرئيس السابق للمركز القومي للترجمة والناقد الدكتور خيري دومة، والناقد الدكتور عمرو دواره، والكاتب الصحفي سيد محمود، ونجلي الدكتور على الراعي  وهم الكاتبة الصحفية  ليلي الراعي ، والدكتور أحمد الراعي. 
وقد تم استعراض إسهامات الدكتور على الراعي في الحياة الثقافية المصرية، والذي عاش حياة حافة كرسها للفن والناس، وخلف وراءه إنتاجًا فكريًّا راقيًّا ووفيرًا ضم في جنابته شتى أنواع الفنون لاسيما المسرح منها. 
فقد قدم الراعي «نظرية المسرح وتاريخه»، وأهم أعلامه في الثقافتين العربية والغربية، فضًلا عن إبراز التفاعل بين المسرح والسياق الاجتماعي الذي يحيط به. 
كما اهتم الدكتور على الراعي بالإنتاج الأدبي في الرواية والقصة القصيرة والشعر، كما كان له دورًا بارزًا في اكتشاف المواهب الشابة، وتقديمها وإفساح المجال لها في الحقل الأدبي. 
 وبدأت الأمسية بكلمة الدكتور حاتم حافظ مقرر لجنة المسرح والذي رحب بالضيوف، موجهًا الشكر على حضورهم، وأوضح أنه تأصل لديه فكرة الاستمتاع بالمسرح، من كتابات الراعي، ومن أصبح يرى أن هو جزء أصيل من رؤية الناقد، ولهذا هو دائمًا ما يطالب طلابه حينما يكتبون عن عرض مسرحي ينبغي وأن تتحقق لديهم فكرة الاستمتاع. 
ومن جانبه وجه الناقد والكتاب جرجس شكري الشكر للدكتور حاتم حافظ، وللجنة المسرح بالمجلس الأعلى للثقافة، على الاحتفاء بالدكتور على الراعي وهو الاحتفاء الذي استمر قرابة شهر تقريبًا عبر الوسائط المختلفة. 
كما وجه شكري الشكر والتقدير لعائلة الدكتور على الراعي حيث قال :»أن الدكتور على الراعي محظوظ بعائلته والتي تعمل جاهدة في  إحياء تقديم كل الدعم لإحياء ذكرى والدهم، وأنه هناك شخصيات يحدث خلل في الثقافة المصرية والعربية بشكل عام، فنحن لا نتخيل الرواية بدون وجود نجيب محفوظ، ولا القصة القصيرة بدون يوسف إدريس، أو الفكر العربي، بدون طه حسين، وفي الحقيقة أن ما قدمه الدكتور على الراعي للمسرح المصري لا يمكن الاستغناء عنه، سواء على  المستويين النظري والفكري لكان سيحدث خلل كبير جدًا، لأن ما قدمه الدكتورة على الراعي هو حالة نادرة ومتفردة فلم يعمل قبله في هذه الأرض البكر». 
وتابع شكري قائلاً :»أن هذا الرجل كان محظوظًا - بلا شك- ، فقد عرف المسرح من ينابيعه الأساسية، بكل المقاييس سواء في طفولته، أو في الحياة أو في الدراسة، سواء الأراجوز الذي غير وجه نظره والذي وضعه على بداية الطريق في حب فنون الفرجة، والتي ستكون بوابة الدخول في المسرح المصري». 
مشيرًا إلى أن «على الراعي»  كان هو المؤسس لأغلب الفرق المسرحية في مصر، مثل الإدارة المسرحية بهيئة قصور الثقافة،والفرقة القومية للفنون الشعبية، وغيرها ، بل هو أول الذين أسهموا في تكوين ITI في اليونيسكو، وكانت مصر من أولى الدول، فإن إنجازات الدكتور علي الراعي عديدة جدًا وتحتاج إلى ندوات وليس ندوة واحده، لأن ما  قدمه الراعي هو عمل استثنائي لم يتكرر حتى الآن، وكنت أتمنى أن تكتمل مسيرة على الراعي مع الكثيرين حتى يكتمل مشروعه. 
وفي بداية حديثها قدمت الكاتبة الصحفية  ليلي الراعي ابنة الدكتور على الراعي خلال قدمت الشكر لوزارة الثقافة والدكتورة إيناس عبد الدايم، لاهتمامها بإحياء ذكرى ميلاد الدكتور على الراعي حيث قالت:» السادة الحضور في البداية أتوجه باسم عائلة الدكتور على الراعي بالشكر لوزارة الثقافة ، وأخص بالشكر الدكتور إيناس عبد الدايم وزيرة الثقافة، والدكتور هشام عزمي الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة، والدكتور هيثم الحاج على رئيس الهيئة المصرية العامة للكتاب، والدكتور حاتم حافظ مقرر لجنة المسرح» .
مؤكدًا على أن ما قدمه على الراعي خلال مسيرته جدير بإعادة طباعتها وتوزيعها، وإعادة الدراسة حتى يتثنى للأجيال الجديدة للتعرف على تراثه الفكري والأدبي». 
وفي سياق متصل تحدث الناقد الدكتور عمرو دواره عن الدكتور على الراعي ومسيرته وإسهاماته في المسرح المصري، والذي كشف خلالها عن مفاجئة جديدة تم اكتشافها بين أوراق الدكتور على الراعي. 
وأكد الناقد الدكتور عمرو دواره على أنه تجمعه مع أسرة الدكتور على الراعي علاقة صداقة أسرية، فكان صديق لوالده، مشيرًا إلى أن الراعي قد أسهم في تأسيس العديد من الفرق المسرحي، وكان مهتمًا بشكل خاص بالمسرح الشعبي». 
متطرقًا إلى نظرة الدكتور على الراعي ، واسهاماته على المستوي النقدي المسرحي ودوره الكبير في ظهور واكتشاف عدد كبير من النقاد، إذا أكد «دواره على أن الدكتور على الراعي كان ينظر إلى المسرح باعتباره فن وليس أدب فقط، كما كان له دورًا كبيرًا في اكتشاف كبير من المواهب الشابة، وذلك من خلال مسرح الأقاليم، مؤكدًا على أن الراعي كان يرى أن المسرح وسيلة للترفيه والتفكير، وكان له دور كبير في الحركة المسرحية فكان يتابع بجد كل ما يتم تقديمه، ويكتب عنه، فالراعي يُعد بمثابة المثقف الواعي، والمُدرك لهموم وطنه». 
 كما كشف « دواره» عن اكتشاف مسرحية بعنوان «الأراجوز» حيث قال :»حينما كنا نبحث في مكتب الدكتور الراعي برفقة ابنته ليلي الراعي، عثرنا على مجموعة من المخطوطات مكتوبة بالآلة الكاتبة، ومكتوب عليها بالرصاص، إخراج جلال الشرقاوي، والعودة للمخرج الكبير جلال الشرقاوي والذي أكد أنه بالفعل قام بإخراج المسرحية في عام 70 وكانت البطولة لمحمود ياسين وأشرف عبد الغفور، وللأسف انه لا يوجد شريط فيديو للعرض المسرحي،  وتميز الخطاب الدرامي لنص الأراجوز بأنه يحث على القيم والأخلاق، كما قدم من خلالها رؤية عصرية لتقديم فن الأراجوز. 
فيما استعرض الدكتور أنور مغيث رئيس المركز القومي للترجمة السابق إسهامات الدكتور على الراعي في مجال الترجمة، وكيف كان له الفضل الكبير في تدشين سلسلة المسرح العالمي، والذي وضع الأسس والمبادئ لها، وما قدمته تلك السلسلة في إثراء المشهد المسرحي المصري. 
وأكد الدكتور أنور مغيث على أن الدكتور على الراعي هو أول من قام بالترجمة لنفسه حيث قام بترجمة رسالة الدكتوراه الخاصة به «مسرح برنارد شو» دراسة تحليلية لأصوله الفنية والفكرية « والتي حصل عليها من جامعة برمنجهام عام 55، فكان لا يريد أن تظل الرسالة حبيسة في الجامعة وان يريد أن تكون في أرض الواقع حيث كانت كلمة الإهداء على النحو التالي» إلى العاملين في حقل المسرح أهدي هذه الدراسة». 
وتابع مغيث على أن الراعي قد أسهم بالعديد من الترجمات في سلسلة روائع المسرح العالمي والتي أسسها في فترة الوزير ثروت عكاشة وكانت أول ترجماته هي مسرحية الشقيقات الثلاثة، ووعرف عن الراعي بأنه كان مناضلا وكانت له عدة ترجمات سياسية وكانت أغلب تلك الكتابات والترجمات تحت أسماء مستعارة مثل استخدامه اسم حسن زاهر، وعلى الكاتب.. إلخ، مشيرًا إلى أن الراعي قد كشف على أن المسرح هو  الأكثر دعاية للفكرة عن الرواية، ومن هنا نجد أن حماسه للمسرح وفنون الفرجة كان كبيرا» 
كما أشار الدكتور خيري دومة على أن الدكتور على الراعي كان ينظر إلى النقد على أنه مسئولية وإبداع في نفس الوقت، وكان يعي كيفية انتقاء الكلمات وكيف يوجهها بعناية فائقة ودقة، فكان كل ما يكتبه الراعي عن المسرح العربي، كان يراه باعتباره مسئولية، إذا أن كان يرى أن النقد متعة في المقام الأول وأنه مسئولية أيضًا» 
مشيرًا أنه عندما تقرأ أعمال الراعي النقدية، والمتتبع لها، فإنه يجد نفسه أمام محتوى إبداعي نقدي من نوع خاص، فكان الراعي يمتلك لغة بسيطة وممتعة لها خلفية ثقافية متنوعة وكبيرة. 
ومن جانبه قال الكاتب الصحفي سيد محمود أنه لشرف كبير أن أتحدث عن الدكتور على الراعي، والذي جمعتني معه علاقة شخصية وعائلية، فقد تشرفت بعمل حوار معه، فكنت ألاحظ أن الدكتور على الراعي لديه قدرة على الكتابة عن الأعمال الأدبية. 
وأكد محمود على أن الاحتفاء بعلى الراعي قد تأخر كثيرًا ، ففي الحقيقة أن مقالات الدكتور على الراعي كانت شديدة الأهمية خاصة فيما كان يكتبه في مجلة «المجلة»، وأن المتتبع لمجلة «المجلة يلحظ أن مقالات الراعي كانت تنزح إلى الاستقلال، وكان يتبني رؤية نقدية جديدة، فالراعي يُعتبر من مؤسسي ما يسمي بـ «النقد الثقافي»، باعتباره أحد تلاميذ مؤسسيه في العالم. 
تواريخ هامة
ولد على الراعي عام 1920 بمحافظة الإسماعيلية 
توفى عام 1999 عن عمر يناهز الـ 79 عامًا 
كتب قرابة الـ 51 كتابًا للمسرح 


سمية أحمد