كيف تكتب مسرحية؟(1)

كيف تكتب مسرحية؟(1)

العدد 677 صدر بتاريخ 17أغسطس2020

يقول الكاتب الأمريكي “تيودور روثك” المعلم هو الإنسان الذي يكمل تعليمه أمام الناس
وأنا لا أزعم أني صرت معلما ولكني أحاول نقل خبرتي في هذا المجال _لعل وعسى _ أن يستفيد منها إنسان .
اتمنى أن أوفق في هذا العرض لكتابي “كيف تكتب مسرحية” وهو لايزال تحت الطبع
كذلك أنا مدينة بالشكر والعرفان لكل الورش الفنية التي انتظمت فيها سواء كمدرب أو متدرب والتي تمنيت أن تضيف إلى خبراتي نذرا ولو يسيرا فأفدت منها جميعا أكثر مما توقعت، واذكر المدربين والمتدربين وتجمعني بهم صلات إنسانية حتى الأن ..
ولنبدأ
يتضمن الكتاب أثنتي عشر فصلا عدا المقدمة، وفي كل فصل تفصيص لعناصر البناء الدرامي .. تعريفها ، اهميتها ، كيف نستخدمها .
ثم:اضافة من عالم السيناريو لعالم المسرح _حيث لم يوجد من قبل في كتب تعليم الكتابةالمسرحية أجزاء خاصة بكتابة المعالجة_ واستعارة من عالم الرواية في الجزء الخاص بالتحرير الأدبي ماهو وما اهميته، وأخيرا الشحن والتفريغ. 
وفي نهاية كل فصل #نصائح_على_ما_قسم وهي نقاط مختصرة جدا لخبرات طويلة جدا لكتاب سابقين . كذلك بعض الروابط المفيدة للكاتب المسرحي سواء مبتدأ أو مخضرم وبعض التمارين .
اعتمد الكتاب بشكل عام منهج تبسيط العلوم  وظهر ذلك جليا في التعريفات التي تبدو معقدة في المراجع الأصلية .
وفيما يلي اختصار لبعض فصول الكتاب .
_1_ لنكتب مسرحية سيئة
أولا: عليك أن تعرف ليس هناك روشته أو وصفة سحرية ستتبعها لتصبح كاتبا هذا وهم لا يراد به إلا الخداع .، فعمل الكاتب بشكل عام عمل شاق ومضن يحتاج لمن يملك الشغف ويشعربمتعة التأليف والخلق . لإن التأليف ليس موهبة فحسب إنما إستعداد وحرفه ايضا .
والمقصود بالاستعداد هنا هو (حب اللعبة) أن يكن لديك استعداد للتضحية بالوقت والجهد وبالمال احيانا .
أما فيما يخص الحرفة فهذا ما يتبادل فيه الناس الخبرات منذ عصور وقد قامت التجربة الأوروبية _وهي السباقة في هذا الفن _ بإنتاج كتب مهتمه بتعليم  الكتاب المبتدئين ومن يرغب في احتراف تلك المهنة ومن ثم تعتمد على نقل الخبرات من الكتاب المعروفين أو الأكبر سنا .، ولما تتميز به طبيعة اغلبهم من صدق فإن التجارب تنقل بشكل حرفي تقريبا ثم يأتي من ينقحها بالبحث والترتيب .
على مدار رحلتنا سويا على هذه الصفحات سنسأل كثير من الأسئلة وآمل في نهاية هذه المحاولة التي أقدمها لي ولك معا أن تؤمن مثلي بأن المجد للأسئلة ..   
ماهي الدراما ؟؟
ببساطة :
الدراما : شخص يريد شئ  ما “بشده وإصرار” وهناك ما يمنعه من الحصول عليه بنفس الإصرار .
ومتطلبات الدراما ثلاث :
_ لابد أن تكون لدينا شخصية  تتصرف من اجل تحقيق شئ ما
_ يجب أن تواجه الشخصية الرئيسة صراعا
_ حينما ينتهي كل شئ يجب أن يكن للقصة معنى
وفي المسرح  نسرد القصة من خلال مشاهد تحتوي على حوار وأحداث والتحدي هو الطريقة التي تنتقل بها تلك الأفكار بحيث تجعل المشاهد يتابع ويستمر .
ليس عليك أن تكون عميق النظرة كي تتوصل إلى موضوع. لكن عليك أن تكون صادقا فيما تقول . العاطفة وتحتها مائة خط العاطفة هي العامل العظيم الذي يوحدنا كبشر.
 اعتادت معظم الكتابات السابقة في” فن كتابة المسرحية “ أن تبدأ من الفكرة وتسهب في سرد المقصود منها .، ثم تمر بمراحل محدده . وأنا أقل لك بقلب مطمئن أن ليس دائما الفكرة هي الأساس الذي تبدأ منه عملك المسرحي . فمن الجائز جدا أن تبدأ من شخصية _ دون وجود فكرة واضحة لديك_أو من مشهد يتكرر في خيالك .، إذن اكتبه، ثم مشهد آخر وليس ثمة علاقة بينهما ، اكتبه ، ثم غيره وهكذا .. المهم هو أن تكتب وتكتب لأن ذلك فقط هو ما يساعدك على الخلق وأن تتعرف على نفسك ككاتب وتتلمس عاداتك وترى أسلوبك وتعرف عيوبه ومن الجائز جدا أن تسفر كتابتك تلك عن عمل ينمو ويتطور . 
في كتابها Becoming a writer تقترح الكاتبة “دوروثيا براند” أن الطريقة المثلى لأن تبدأ كتابك ليس الانطلاق من فكرة أو شكل ، بل أن تطلق كل ما في ذهنك من أفكار على لوحة المفاتيح وتقترح عليك أن تصحو كل يوم وتتوجه مباشرة إلى مكتبك وتبدأ في العمل .أكتب كل ما يرد إلى ذهنك ، حتى قبل أن تستيقظ تمام اليقظة ، قبل أن تقرأ أي شئ أو تتحدث إلى أي شخص .، أي قبل أن تسلم زمام عقلك لعالم المنطق والواقع والقوانين والقواعد.                                       
إذن أن تبدأ من الفكرة ليست قاعدة .. وأنا أفضل عليها أن تبدأ من سؤال ، ماذا أريد أن أقول من خلال هذا العمل؟؟؟
ماالقصة التي تعبر عن مقولتي تلك دون الوقوع في فخ المباشرة ؟
ثم تأتي الفكرة بعد ذلك على شكل logline في سطرين أثنين 
أخطر شئ في تلك المرحلة
في هذه المرحلة يلح عليك (شيطان ، ناقد ، نزناز) في رأسك يحاول إثباط عزيمتك يحكم على عملك بالفشل قبل أن يبدأ أو تتضح معالمه ، أو يسفهه من عملك كله ويحاول أن يثنيك عن عزمك بأقوال مثل لماذا تكتب ولما كل هذا التعب والجهد وهل لما تفعل قيمه حقه ، ولكي تنتصر على هذا العدو عليك أولا بتجاهله والاستمرار في الكتابة أي ما كان مستوى ما تكتب فالحكم عليه وتنقيحه لم يأتي أوانه بعد . عليك ايضا أن تعرف كتبت أم لم تكتب ذلك لن يضيف أو ينقص  من العالم شئ. لكن من المؤكد أن ذلك سيكون فارقا معك أنت لذا فلتفعلها لأجل نفسك أولا .
_2_ البناء الدرامي
البناء الدرامي للعمل المسرحي يتكون من مجموعة من العناصر:
الحدث، الصراع، الحبكة، الشخصيات (الترتيب غير مهم فكلها مهمه)
من الممكن أن تبدأ من أي منها كما أسلفنا وما يحدد ذلك هو إجابتك عن سؤال رئيس هو:
 ماذا أريد أن أقول ؟؟ وما أفضل قصة تعبر عنه ؟؟ ومن هي شخصياتي؟؟
تجتمع تلك العناصر حول ما يسمى التيمه وهي كلمة مستعربة عن اللاتينيه ومن المعروف أن هناك ثلاثة وثلاثين تيمه رئيسية تدور حولها الدراما منذ زمن الأغريق إلى يومنا هذا وهي على سبيل المثال :
_ القتل            _الخيانة               _الانتقام                     _الحب
_التشابهه (تبادل الأدوار بين المليونير والشحاذ مثلا) وأقدم مثال لها هو “سجين زندا” لـ“انطوني هوب” من درس الأدب الأنجليزي يعرفها جيدا
_السحر
ومن كل تيمة سابقة تتفرع عدة تيمات فرعية
_ القتل (مرضي متسلسل ، بدافع الانتقام ، الحرب ، السلطة ، خطأ ....)
_الخيانة (الزوجية ، الوطن ، الصداقة  ،النفس..........)
_الحب (من طرف واحد ، من طرفان لكن هناك ثالث يحول بينهما ، مثلث حب ......)
وحديثا تم استحداث تيمات أكثر رحابة وشاعرية :
_ الكذب             _ المرأة             _ الحرب             _الفقد
ومما ييسر عملك كثيرا هو معرفة التيمة التي سيدور حولها العمل.
الشخصية
هناك تعريفات كثيرة للشخصية الدرامية  وأنواع البطل متوفرة في الكتب وعلى الانترنت ومن الممكن أن تلم بها من باب الثقافة ولكنها _عن تجربة_ لا تفيد الكاتب بقدر ما تفيد الناقد ما يفيد الكاتب حقا هو أن يرى الشخصية ويبدأ في رسمها في خياله أو على الورق ثم يأتي دور الناقد ليحدد أن تلك سمات البطل التراجيدي وهو شخصية نبيلة تسقط في خطيئة وتتعثر وتنال عقاب مروعا . ذلك أن بها صفة تعد خطيئة كبرى كالغرور مثلا أو الشرهه .
أو أن تلك السمات تنطبق على مايسمى البطل المهزوم .، أو البطل بالصدفة ..... ألخ
ومما يساعد الكاتب على عمله هو:                                 
الأسئلة :
فمثلا: رواية “المريض الإنجليزي” بدأت مع كاتبها “مايكل أونداتجي “ بمجموعة من الأسئلة
من ؟؟ أين ؟؟ كيف ؟؟ متى ؟؟؟ ولماذا ؟؟
_3_ الحدث
أي قصة تتكون من مجموعة من الأحداث وما يربطها هو السياق . ولا قصة دون حدث ولا دراما بلا فعل .
الدراما لغة اختزال بمعنى لا تعطي شئ مجاني أي لاتضع سكينا في يد البطل إن لم يكن سيستخدمه وسيؤثر ذلك على الحدث ويثري الصراع .
ومعرفتك بحكاية مسرحيتك في خيالك أوعلى الورق (على مستوى قصة تحتوي معلومات وأخبار وأحداث ) سيجعل من اكتشافك للحدث الرئيس مهمه أقرب للتحقق .
والخبر في القصة يجيب عن أسئلة ثلاث ، كيف وقع ؟؟ وأين ؟؟ ومتى ؟؟ والسؤال الرابع والأهم هو لم وقع ؟؟ ولكي نعرف لما لابد أن تظهر الدوافع التي من أجلها وقع الخبر بتلك الكيفيه لابد أن نتعرف على الشخصية أو الشخصيات التي فعلت ذلك أو تأثرت بوقوعه .
أركان الحدث :
فعل، فاعل، معنى. تشكل جميعها وحدة لا يمكن تجزأتها يساند كل منها الآخر ويقوم على خدمته  كأعضاء الجسم الحي كل منها يقوم على خدمة الآخر. فليس للفعل والفاعل قيمه إذا لم يكشفا عن معنى. لا وجود لحدث لا غرض له .
كاتب القصة غير كاتب التاريخ حيث يكتفي الأخير بتسجيل الحدث لكن الأول ينفعل به. ذلك أن الحدث يعني بالنسبة إليه شيئا معينا .
أخطر شئ في هذه المرحلة
التحور
الكتابة مغامرة دائما . وأنت لا تعرف أبدا ما ستؤل إليه الأمور . وأسوأ ما يحدث إذا ارتكبت خطأ هو أن تقضي أياما قليلة تعيد كتابة شئ لم يعد ينفع .
الأحداث الفرعية ..
تكمن أهمية الأحداث الفرعية في أنها تثري الحدث الرئيس وتدفع باتجاه الذروة كما وأنها تبين بعض السمات في الشخصية الرئيسية وبعض المحيطين بها مما له علاقة بفكرتك (مقولتك الرئيسية) .
الأحداث الفرعية ستكشف عن نفسها تباعا إذا مشيت في خط سليم ،أما إذا عرجت واهتممت بالتافه من الأمور فالعمل سيبعثر سدى .
#نصائح_على_ما_قسم
_لا شئ يصنع كاتبا إلا ممارسة فعل الكتابة نفسه
_اقترب من المسرح وصناعه والعاملين فيه فو معرض هائل لنماذج من البشر
_إن أضعف حبر يكتب به شئ على الورق لهو أقوى من أقوي ذاكرة 
يتبع


نسرين نور