قراءة في كتاب يهودي المسرح

قراءة في كتاب يهودي المسرح

العدد 674 صدر بتاريخ 27يوليو2020

يقدم لنا المؤلف الدكتور عمر فرج دراسة جديدة في الساحة المسرحية يقول عنها استاذنا الدكتور كمال الدين عيد في مقدمته لهذا الكتاب ان المؤلف يهتم بخصائص الشخصية اليهودية عبر التاريخ فى توسّع شيق، فيتناول لغة اليهود، والسمات الجسمية – الفيزيقية، العقيدة، التلمود، بروتوكلات حكماء صهيون . كما يشير إلى النظام الاقتصادى لليهود، والاجتماعى والتقاليد اليهودية، وأطماعهم، وحبهم للمال لدرجة العبادة (والعياذ بالله)، كما إلى الجبن الذى يتمتعون به، وإلى صنوف الخداع والحقد وتدبير المكائد، ومنطق الغاية تبرر الوسيلة، والكذب والإفتراء والنفاق، ونقض العهود، والتوجه إلى السيطرة على وسائل الإعلام، والحنث بالقسم والأنانية، وإلى اقتباس عادات ورزائل أخرى غير إنسانية وظالمة .
يبرز الكتاب – فى تفصيل مُحكم – شخصية اليهودى فى مسرح كريستوفر مارلو – يهودى مالطة، وفى غير انفصال عن تاريخ المسرح الأوربى إبان عصر النهضة وحكم الملكة إليزابيث الأولى (1558 – 1603) . كما يُقدم الكتاب وليام شيكسبير صاحب دراما تاجر البندقية واليهودى شيلوك أو شيلوخ وفى كثير من التحليل والتفصيل الجيد الموثق بالبعد الاجتماعى، والنفسى، ووحدة الموضوع، والإنتماء إلى الميكافيلية، وحب الذات، والمال، والكذب، وانعدام الضمائر، والربا، والوقيعة بين البشر، وقسوة القلب، وانعدام الرحمة والشفقة، والتمسك الكاذب بنظرية الجنس السامى أو شعب الله المختار . ويقتطف الدكتور عمر فرج حوارا من المسرحيتين ليدُلل به على صدق رؤيته البحثية الجادة .
 وقد قسم هذا الكتاب على بابين رئيسين: الأول: القسم النظرى: وقدم فيه الحقائق التاريخية والوقائع الموثقة التى تشكل لنا فى النهاية خصائص وسمات الشخصية اليهودية . أما القسم الثانى: فهو القسم التحليلي: والذي قام فيه بالتحليل الدقيق للنصوص المختارة لهذا الكتاب للوقوف على أبعاد وخصائص الشخصية اليهودية كما أظهرها كريستوفر مارلو ووليم شكسبير وكتاب المسرح المصرى فى مسرحهم، وقد اعتمد الجزء التحليلى على البحث عن الأفكار الأساسية والشخصيات الرئيسية  للمسرحيات المختارة، وعن النتائج المنطقية التى خرجت بها هذه المسرحيات، وهل كان الوصول إلى هذه النتائج بطرق منطقية أم تعسفية ؟، وهل البناء الدرامى للشخصية اليهودية كان بناءاً سليماً من حيث الشكل والمضمون، أم غير ذلك، وقد ركز المؤلف بشكل رئيس على قراءة تفسيرية للنصوص المسرحية والمقدمات المنطقية لهم، وبناء الشخصية اليهودية الموجودة فى هذه النصوص - لأنها هى التى تعنينا فى المقام الأول – وكذلك ركزت على وحدة الحدث، أما باقى عناصر البناء الدرامى من صراع وحبكة وحوار... إلخ فقد تناولها بشكل مختصر .
 وقد قسَّم هذا الكتاب إلى قسمين الأول: ويشمل دراسة تاريخية للشخصية اليهودية منذ نشأتها وحتى الآن من وجهة نظر المؤرخين والكتاب – مدعماً هذا بالقرآن الكريم -، ودراسة خصائص الشخصية اليهودية عبر التاريخ . القسم الثانى وينقسم إلى جزءين: الجزء الأول: ويشمل الشخصية اليهودية فى المسرح الإليزابثى، والشخصية اليهودية فى مسرحية يهودى مالطة، والشخصية اليهودية فى مسرحية تاجر البندقية . أما الجزء الثانى: فيشمل الشخصية اليهودية فى المسرح المصرى، ويتضمن الشخصية اليهودية فى أربعة مسرحيات هى: شيلوك الجديد، اليهودى التائه، النار والزيتون، ويا آل عبس .وقد تناول – فى هذ الكتاب - الجانبين الموضوعى والفنى
 وقد اكتفى المؤلف بدراسة الشخصية اليهودية فى المسرح المصرح فى نصف قرن – تقريباً - بداية من سنة 1944م الذى ألف فيه على أحمد باكثير أول مسرحية تتناول الشخصية اليهودية بشكل رئيس حتى سنة 1992م التى نُشرت فيها مسرحية «يا آل عبس» للمؤلف: صلاح عبدالسيد التى تناولت الشخصية اليهودية بشكل رئيس ومختلف أيضاً . وهذا يرجع إلى ارتياح المؤلف إلى أن المسرحيات المصرية – عينة البحث والنقد – قد عبَّرت بشكل كبير عن رؤى وأفكار أغلب كتاب المسرح المصريين تجاه الشخصية اليهودية، كما أنها غطت المراحل التاريخية المميزة فى تاريخ الصراع العربى الإسرائيلى وهى الفترات الممتدة من بداية تمركز اليهود فى فلسطين وإعلان دولتهم حتى بعد قيام السلام بين مصر وإسرائيل وعمليات التطبيع بين البلدين،
وقد توصل الباحث الي مجموعه من النتائج اهمها
•أوضح الجزء النظرى من هذه الدراسة أن اليهود ليس لهم جذور فى فلسطين كما يدعون، وانما جذورهم انحدرت من صحراء شبه الجزيرة العربية، ثم هاجروا إلى فلسطين ثم إلى مصر، ثم خرجوا من مصر ودخلوا فلسطين غزاة واستعملوا القسوة والوحشية ضد السكان الأصليين . واقتصر وجودهم على التلال الداخلية ولم يفرضوا سيطرتهم ونفوذهم على كامل التراب الفلسطينى . كما أنهم ظلوا فى حروب مستمرة مع سكان فلسطين الأصليين حتى تم إخراجهم منها، أى أنهم لم يقيموا دولة مستقرة فيها، وهذا يثبت أنهم قوم احتلوا وعاشوا فى فلسطين بالقوة والحرب، أى ليس لهم حق تاريخيا فيها كما يزعمون .  وأكدت  جميع المسرحيات المصرية – عينة الدراسة – على هذه الحقيقة التاريخية .
•كشفت الدراسة التاريخية لهذا البحث عن أن تعصب اليهود لجنسهم وغدرهم ومكيافيلتهم وأنانيتهم وجشعهم ليست صفات مستحدثة، ولكنها صفات قديمة ولاصقة باليهود منذ نشأتهم وحتى الأن . وأكدت جميع المسرحيات – عينة الدراسة – هذه الحقيقة التاريخية بإستثناء مسرحية «اليهودى التائه» ليسرى الجندى الذى رأى أن هذه الصفة مقصورة على اليهود الأغنياء فقط .
•كشفت الدراسة التاريخية على أن جميع الأمم التى عاش فيها اليهود عانت من أفعال وتصرفات اليهود، مما جعل هذه الأمم أن تمقتهم وتنبذهم ومن ثم تطردهم شر طردة من أرضيها . وهذا ما أكدت عليه جميع المسرحيات – عينة الدراسة – بإستثناء مسرحية «اليهودى التائه» التى رأت أن اليهود كان طوال تاريخه شعب طبيعى ومسالم، وأن السبب فى اضطهاده هم شعوب العالم الآخرى.
•تأثر وليم شكسبير بكريستوفر مارلو ؛ حيث كتب «تاجر البندقية» متأثراً بمسرحية مارلو «يهودى مالطة» وأوجه التشابه كثيرة بينهما، كما تأثر على أحمد باكثر بشكسبير ؛ حيث كتب مسرحيته «شيلوك الجديد» متأثراً بمسرحية «تاجر البندقية».
•أظهر كتاب المسرح المصريون صورة اليهودى بشكل أقل سوءاً من كريستوفر مارلو و وليم شكسبير .
•استخدم كتاب المسرح المصريون – عينة الدراسة - اللغة العربية الفصحى فى حوارهم المسرحى لتوصيل فكرتهم بإستثناء أجزاء من حوار مسرحية «يا آل عبس» التى جاءت باللغة العربية العامية المصرية، وبعض الجمل الحوارية فى مسرحية «النار والزيتون» التى جاءت بالعربية العامية الفلسطينية. أما مسرحيتى «تاجر البندقية» و «يهودى مالطة» فحوارهما مترجم باللغة العربية.
•كشفت الدراسة أن صورة اليهودى ارتبطت بشخصية المرابى فى العقل الغربى وعبر التاريخ الغربى . والربا بين اليهود أنفسهم محرم، ولكنه حلال إذا أُستعمل مع غير اليهودى . وعمل اليهود بالربا كان من عوامل اضطهاد الشعوب لليهود عبر تاريخهم لأن التعامل بالربا واستغلال المواقف الحرجة لمن يضطرون للتعامل معهم يخلق نوعاً من الكراهية والحقد التى يغذيها السلوك اليهودى لتأخذ طريقها نحو السلوك التنفيذى المتمثل فى الإضطهاد . وأكدت الدراسة التحليلية لمسرحيتى يهودى مالطة و تاجر البندقية هذه الحقيقة التاريخية، حيث كان عمل اليهودى شيلوك فى مسرحية تاجر البندقية السبب الرئيس لكره أهالى لإضطهاد أهالى المدينة له، ونفس الشئ حدث مع باراباس بطل مسرحية يهودى مالطة
•اتفقت المسرحيات المصرية الأربعة – عينة الدراسة – على ضرورة التمسك بالأمل فى تحرير الأرض الفلسطينية المحتلة، وضرورة اليقظة والحرص من العدو اليهودى، واعداد العدة له تحسباً لمواجهته فى أى وقت .
•أكدت جميع النصوص المسرحية – عينة الدراسة – أن الغش والمكر والخداع والحقد وتدبير المكائد والخيانة والغدر صفات أصيلة فى الشعب اليهودى . وهو ما أكدته الدراسة التاريخية أيضاً .
•أكدت الدراسة أن الكذب والإفتراء والنفاق ونقض العهود واغتصاب حقوق الغير والحنث بالقسم وحب السيطرة على جميع البشر وحب العزلة والإنطواء وحب القتل وسفك الدماء سمات أساسية فى شخصية اليهود.
•كلاً من مارلو وشكسبير كتب مسرحيتهما «يهودى مالطة» و «تاجر البندقية» فى ظروف متشابه، من حيث الزمان والمكان والفكر والثقافة، فالإثنان ينتميان لنفس البيئة، وعاشا فى عصر واحد له تقاليد فنية واحدة وله نفس الثقافة التى كانت تكره اليهود، فالمجتمع الإليزابيثى هو مجتمع مسيحى يكره اليهود نتيجة لأفعالهم وتصرفاتهم اللاإنسانية التى مارسوها واشتهروا بها فى أوربا كلها فى قبل وأثناء هذا العصر، كما أن المسيحيون لا ينسون الدور الذى لعبه اليهود الأول فى عملية صلب المسيح .
•التزم مارلو بأفكار ومعتقدات المسيحيين – فى عصره – عن اليهود فخلق شخصية بعيدة تماماً عن البشرية، حيث جرد براباس من كل الصفات البشرية، وجعله شخصية قاتمة ومعقدة ومريضة وشحنها بكم هائل من الحقد والكراهية دون سبب منطقى، أما شكسبير فقد جعل شخصية شيلوك شريرة وقاسية إلا انه وضع لها بعض المبررات لذلك، كما وضع فيها أبعاداً انسانية .
•كان مارلو قاتماً وكئيباً – ربما أكثر من اللازم – فى رسم مسرحيته، فلم تتخلل الكوميديا أحداث مسرحيته اطلاقاً، وربما كان يقصد هذا ليرفع من شأن مسرحيته باعطائها سمواً ورفعة، أما شكسبير فأضحك المتلقى دون أن يبتعد عن جدية الموضوع، وأثبت أن سمو المسرحية ليس مرتبطاً بسمو أشخاصها، ونستطيع أن نقول أن شكسبير كان أشياء كثيرة فى حين كان مارلو شئ واحد .
•أوضح النص المسرحى «شايلوك الجديد» أن اليهود لم يتغيروا منذ عصر شكسبير وحتى عصر على أحمد باكثير اليهود، بالرغم من الفارق الزمنى الذى يقترب من 400 عام .
•اتفقت الدراسة التحليلية لجميع المسرحيات - عينات الدراسة – مع الدراسة التاريخية على أن الولايات التحدة الأمريكية هى حليف إستراتيجى تاريخى يدعم الكيان الصهيونى بكل السبل والوسائل .  
•عكست مسرحية اليهودى التائه صورة لليهودى المظلوم، المجنى عليه طوال مئات السنين، وأنه «ذاق صنوفاً من العذاب والبلاء والحمق والعبودية على أيدى البشرية .
ورأت مسرحية اليهودى التائه ليسرى الجندى أن العزلة التى اشتهر بها الشعب اليهودى عبر تاريخه الطويل هى عُزلة فُرضت عليه من قبِل آثرياء اليهود الذين كانت مصلحتهم فى أن يعزلوا شعبهم عن بقية الشعوب الذين يعيشون بينهم، ذلك لأن هذه العزلة لم تكن فى صالح هؤلاء اليهود الأغنياء.
•يبرئ النص المسرحى «اليهودى التائه» اليهود من كل ما قيل ويقال عن اضطهادهم بسبب أفعالهم الغير إنسانية، ويرجعها إلى صراع المستغلين، وتصادم وتعارض المصالح، واهتزاز المنفعة المتبادلة بين أغنياء اليهود وبين الطبقات الحاكمة .
•رأى النص المسرحى «اليهودى التائه» أن ظروف اليهود وتشتتهم ومعاناتهم عبر تاريخهم الطويل هى التى خلقت منهم أناساً أشرار، وجعلتهم يقتلون شعب فلسطين ويغتصبوا أرضه ليقيموا عليها وطنهم حتى يتخلصوا من معاناة تشتتهم وانتظارهم للخلاص .
•أكدت مسرحية «النار والزيتون» على أنه بالرغم من قيام دولة لليهود على أرض فلسطين إلا أنهم لا يرغبون فى الإنفصال عن أصولهم الغربية ؛ ويعتبرون أنفسهم جزءاً من الإستعمار الغربى ؛ لأنهم يروا أن ارتباطهم بعلاقات قوية بدول الغرب آماناً وقوة تساعدهم على مواجهة الشرق
•ناشدت مسرحية لصلاح عبدالسيد الحكام العرب بألا ينفصلوا عن رعاياهم.. لأنهم بدونهم لا يساووا شيئاً، هم السند والقوة والحماية لهم وقت الشدائد، ويطالبهم بأن يمنحوا شعوبهم جزءاً من حقه فى هذا الوطن، لأنه لن يحمى أرضاً لا يملك فيها شبراً « ؟!!.  يرجوهم أن ينحوا شعوبهم حريتهم المسلوبة حتى تصبح هذه البلد حرة، فلا يوجد بلد حر إلا بشعب حر.
•عارض النص المسرحى «يا آل عبس» عمليات التودد والتقرب من الولايات المتحدة الأمريكية والإنصياع لها، ويدعو إلى تجنبها والبعد عنها لأنها تعمل لمصلحتها فقط، وتساعد اليهود فى إسرائيل مساعدة كبيرة، وتعمل على تخريب وتدمير مصر لأن مصر هى عدو إسرائيل حليفتها الأولى فى العالم .
• رأى النص المسرحى «يا آل عبس» أن إسرائيل لا تكتفى بحدودها الحالية بل تخطط لتوسعات مستقبلية لإقامة دولة إسرائيل الكبرى .
•رأى النص المسرحى «يا آل عبس» أن اليهود هم أعداء مصر والعرب الأساسيين، وأنهم يتربصون لنا لكى ينقضوا علينا فى أى لحظة، وهدفهم الإستيلاء على الأراضى المصرية والعربية لتحقيق حلمهم فى إنشاء إسرائيل الكبرى، كمات أنهم يخططون لتدمير الشعب المصرى .
•نحن أمام دراس جاده وكتب مهم يؤطر لقضيه شديده الأهمية


محمود سعيد