«أبو صامولة» يناقش خطورة الجهل ضمن مبادرة (اضحك-فكر-اعرف)

«أبو صامولة» يناقش خطورة الجهل ضمن مبادرة (اضحك-فكر-اعرف)

العدد 671 صدر بتاريخ 6يوليو2020

  من خلال مبادرة “اضحك فكر اعرف” التي أطلقها البيت الفني للمسرح وتبث  على موقع وزارة الثقافة على اليوتيوب “أون لاين”  قدمت فرقة المواجهة والتجوال بالاشتراك مع فرقة المسرح القومي  بتقديم عرض مسرحية “أبو صامولة”  عن قصة قصيرة لتشيكوف بعنوان  “سبق الإصرار” كتابة مسرحية وإخراج محمد مرسي, وبطولة رضا إدريس, وإسلام عبد الشفيع, ديكور وليد جابر, موسيقى محمد شحاتة, إضاءة إبراهيم الفرن.
تدور قصة “تشيكوف” “مع سبق الإصرار” حول فلّاح ماثل أمام المحقق يتّهمه بسرقة صامولة من الصواميل التي تثبت بها قضبان قطار السكة الحديد، فيقرّ الفلاح بذنبه بطلاقة وثقة، مبرِّراً فعلته بأنّه يصنع منها ثقالات السنانير. وعندما واجهه المحقّق بحجم فعلته وبأنّه كاد أن يتسبّب في كارثة بشرية لأنّ ما أقدم عليه  يعرّض أرواح الناس للخطر، دهش الفلاح لأنه ورفاقه يفعلون هذا الأمر منذ زمنٍ بعيد. ثم يستأذن من المحقّق بالانصراف لشئونه فيجيبه المحقق بأنّ سجنه سيكون طويلاً، وستوجَّه إليه تهمة التخريب وتعريض وسيلة النقل العامة للخطر، فيدهش الفلاح، ويستعصي عليه من شدّة بساطته أن يستوعب الأمر، ويظنّ بأنّ أحد كارهيه يريد الإيقاع به.
القصة بسيطة يطرح فيها تشيكوف قضيتين أولاهما الجهل وعدم الوعي الذي يمكن أن يصيب الجميع بكارثة. كما  ينتقد  الحكومات والسلطات التي تسببت بسياساتها الطبقية الظالمة في هذا الجهل والفقر للبسطاء ثم تحاكمهم وتحاسبهم على جهلهم وعدم وعيهم.
وفي الإعداد المسرحي للقصة قام المخرج محمد مرسي بتناول القصة من خلال  ديودراما : هما طبيب نفسي  ومتهم محول للكشف عن قواه العقلية, تهمته هي فك الصواميل من قضبان السكك الحديدية، لم تصدقه السلطات، وتم تحويله للطبيب. ومن خلال أحداث المسرحية يكتشف الطبيب أن المريض غبي، وليس لديه أي وعي، يكشف العرض بشكل عام عما يحدثه عدم الثقافة والوعي في المجتمعات .
ويوضح المخرج ومعد النص المسرحي الفنان محمد مرسي أنه يتحدث عن النتائج الفادحة التي يتسبب فيها عدم الوعي. اضاف:   التجربة جديدة استمتعت بالعمل فيها. وأنتظر رد الفعل بعد إذاعة العرض فهو الذي سوف يحدد مدى نجاحها. وهذه أول مرة أعمل من خلال القصة القصيرة, فقد عملت من قبل من خلال روايات كبيرة مثل خالتي صفية والدير وغيرها, وهي فكرة ممتعة أن أقوم بتحويل قصة قصيرة إلى عمل مسرحي, وهي بالنسبة لي مازالت في طور التجربة حتى أشاهد رد فعل الجمهور . ولاشك أن اختيار تشيكوف هو اختيار جيد خصوصا أنه   يكتب  قصصا كوميدية خفيفة متضمنة عمقا في المعنى, تناسب فكرة الأون لاين و أن تكون المسرحيات قصيرة وباسمة .
تابع : ورغم قصر مدة العرض لكنها بالنسبة لي تعد تجربة مسرحية متكاملة, ينقصها الجمهور حتى تكتمل أركان المسرح . ومن الضروري استمرار هذا الشكل من المسرح حتى بعد انتهاء أزمة الجائحة، فهو من الإيجابيات التي ظهرت بسببها ، وأعتقد أن الفترة القادمة ستفرض مبادرات كثيرة مختلفة بأفكار أخرى من خلال الأون لاين برؤوس مواضيع مختلفة.
وعن دوره في العرض يتحدث النجم الكوميدي الفنان رضا إدريس بقوله: أقوم بدور متهم تم تحويله إلى طبيب نفسي  للكشف عن مدى سلامة قواه العقلية, حيث أن تهمته هي فك الصواميل من قضبان السكك الحديدية, ونكتشف أنه يفعل ذلك لأنه صياد سمك ويستخدم تلك الصواميل كثقل لسنارة الصيد, ونعرف بعد ذلك أن كل أهل قريته الصيادين يفعلون ذلك. وهو غير مقتنع أن هذا خطأ وأنه كارثة, وهو مقتنع أن انقلاب القطارات يكون بسبب عيب في القضبان وليس بسبب فعلته, وعندما يطلب منه الطبيب الوعد بعدم فعل ذلك مرة أخرى يرفض لأنه لن يكف عن ذلك لأن هذا هو أكل عيشه،  خصوصا أن هذه الصواميل متوفرة ولا يدفع  أي نقود للحصول عليها.
أضاف : أرى أن فكرة مسرحيات الأون لاين فكرة جيدة جدا وهي تمثل حلا مؤقتا أثناء انتشار الوباء. كي يعمل الجميع وفي نفس الوقت يمكن للجمهور أن يشاهد المسرحيات دون أن يعرض نفسه لخطر النزول من المنزل. لكنها بالنسبة للممثل  أقل من المسرح الحي لعدم وجود  الجمهور , فلابد من وجود ولو عدد قليل من الجمهور في الصالة يخلق نوعا من التفاعل بين الخشبة والصالة،  فيستطيع الممثل أن يعطي أكثر ويبدع أكثر في الشخصية التي يؤديها. خصوصا مع الكوميديان الذي ينتظر سماع ضحكات الجمهور. لكنها عموما فكرة ناجحة جدا خصوصا أنها حققت نسبة عالية من المشاهدة على الإنترنت.
ويقول الفنان إسلام عبد الشفيع عن دوره في العرض: أقوم بدور الطبيب النفسي. والعرض يتحدث عن  أن الجهل وعدم الوعي يؤديان  بالمجتمع إلى الكوارث التي تواجهه, مثل حوادث القطارات, وقس على هذا أشياء أخرى كثيرة, فعلى سبيل المثال نحن لا نلتزم بالإجراءات الاحترازية للجائحة التي تحمينا منها وهكذا.
أضاف : شخصية الطبيب لا أؤديها بطريقة الطبيب النفسي المتعارف عليه في الأعمال الفنية . والذي يعاني هو أيضا من مرض نفسي, , لكني قدمته كطبيب عادي أي شخص طبيعي جدا, لأن الحلول كلها تقدم على لسانه فلا يجوز أن يكون الطبيب والمتهم معا مرضى, وإلا سيكونان بحاجة إلى طرف ثالث يعالجهم. فلو أن الطبيب لديه أزمة ما في عقليته فلن يكون هناك توازن في العرض, هي  حالة التناقض بين الشخصيات, التي يجب أن تكون موجودة في العمل الدرامي .. هو طبيب ذو شخصية ثابته ويتحدث من خلال العلم, حتى تصل الرسالة  والمعلومة من خلاله إلى المتلقي, وتكون الرسالة مقنعة للمتلقي.
لكن المشكلة هي  عدم وجود الجمهور, فالمسرح أصلا هو تفاعل بين الممثل والمتفرج وهو ما يخلق حالة فنية عالية , من خلالها يستطيع الممثل أن يقيس مدى تفاعل الناس معه, فالممثل يجذب الطاقة من المتفرجين, هل هم متقبلين ما يقدمه أم لا , هل متابعين للحدث فعلا أم لا, ومن هنا كان علينا أن نعتمد على الإحساس وكنا نقيس على جمهور  البروفة من خلال باقي الزملاء في العرض من فنيين وغيرهم, لكن الحالة نفسها جديدة, أن نعرض بدون جمهور, حتى الانفعال المسرحي كان متوسطا لوجود كاميرات التصوير، والأداء يختلف أيضا لذلك, فهنا نحن لسنا ممثلين مسرح فقط بل فيديو أيضا, مع التوازن بينهما.
تابع : الفكرة أشجعها حتى بعد عودة المسرح إلى طبيعته, فالأعمال تكون موثقة وبشكل محترم وأعتقد أننا الدولة الوحيدة التي بادرت بمثل هذه المبادرة على مستوى العالم, فنحن الذين بدأنا الحفلات أون لاين, والمسرح أون لاين, ويمكن أن يصير نهجا تقلده الدول الأخرى, وهي لها ردود أفعلا جيدة مع الجمهور.
وقال  مصمم الإضاءة الفنان إبراهيم الفرن : قديما كان العرف في المسرح أن المخرج يقوم بتصميم الإضاءة بنفسه ولم يكن هناك مصمم إضاءة, لكن مع التطور استحدثت فكرة مصمم الإضاءة وأصبح هناك وجهة نظر أخرى تضاف إلى الموضوع مما يجعل هناك تطورا في الرؤية , نحو صورة أفضل وتقنية أعلى خصوصا أن كل يوم  يظهر جديد في مجال الإضاءة .
اضاف: إن فكرة مسرح أونلاين وتصميم وتنفيذ الإضاءة بدون جمهور لايف لابد أن تتم بشكل مختلف لأنها تنفذ بعدسات مختلفة. والفكرة جديدة وممتعة بالنسبة لي. ويتم التنسيق بيني وبين مخرج الفيديو ومدير التصوير, لاسيما أن اللحظات الخاصة يقل عددها جدا عن العروض اللايف ويتم معهما اختيار اللحظات وضبط الكاميرا حتى نصل لأقرب شيء للجودة. إضافة إلى أنه في الفيديو يكون استخدام الألوان قليلا لأن الكاميرا لا تقرأ الألوان في الإضاءة بشكل صريح ويضطر المخرج للعمل مثلا على الديكور وليست حالات صريحة مائة في المائة.
وختم بأنه بالنسبة لمصمم الإضاءة تكون مسألة وقت العرض مهمة  خصوصا مع قصر الوقت في الأون لاين, فيحتاج المصمم لعمل تنوع  كي لا تكون العين ثابتة طوال الوقت على مستوى واحد من الإضاءة ما يشعر المشاهد بالخمول. ففي خلال خمسة عشر أو عشرين دقيقة لابد أن يكون هناك تأثير مختلف بالإضاءة.   
وفكرة الأون لاين  فكرة استثنائية وهو شيء جديد ومهم أن تكون العروض مصورة ومتوفرة على اليوتيوب, و يصبح لدينا مادة كثيرة موجودة, ويزداد حجم المكتبة المسرحية.


أحمد محمد الشريف

ahmadalsharif40@gmail.com‏