نحن والآخر.. أورودرام ومسرحنا العربي

نحن والآخر.. أورودرام ومسرحنا العربي

العدد 658 صدر بتاريخ 6أبريل2020

أعلنت الشبكة الأوربية للدراما المترجمة Eurodram أورودرام مؤخراً عن قائمة النصوص المسرحية المرشحة للترجمة إلى لغات العالم لعام 2020. واختارت الشبكة ثلاثة نصوص عربية هي (قاع) للكاتب العراقي عمار نعمة جابر، و(الخوف) لمحمد سامر إسماعيل، و(بهية- خمسة وجوه مصرية) للكاتبة المصرية لكرمة سامي. وهذه هي قائمة النصوص المكتوبة في لغاتها الأصلية التي ترشحها الشبكة للترجمة الى اللغات الأخرى. وتضمنت القائمة التي نشرتها الشبكة، الى جانب النصوص العربية الثلاث، نصوصاً مسرحياً من لغات أخرى مرشحة للترجمة من اللغات الروسية والتركية والألمانية وغيرها.
الحقيقة أن الخبر استرعى انتباهي لعدة أسباب، لعل أهمها أن هذه الشبكة، وهي جمعية غير حكومية لا تسعى الى الربح، تهدف الى الترويج للدراما المسرحية وتشجيع الترجمة والتبادل الثقافي في أوربا ودول البحر المتوسط، وهو هدف رائع في ذاته. السبب الثاني هو أن هذه الشبكة داخلة في شراكات عديدة مع مؤسسات ثقافية أوربية، ليس من بينها مؤسسة عربية واحدة، ثالثاً: خلط البعض بينها وبين الهيئة العالمية للمسرح، مع أنها مؤسسة أوروبية وليست عالمية، وتداولت المواقع هذا الخطأ البين دون أن يراجعه أحد.
ولأن هذه الشبكة مبادرة جديدة نسبياً بالمقارنة بمؤسسات مسرحية أوربية أخرى، فكانت تلك فرصة للتعرف والتعريف بهذه الشبكة وأهدافها وآلية عملها، من خلال موقعها الرسمي على شبكة الإنترنت.
?ورودرام شبكة أوروبية هدفها الرئيسي هو التعريف بالنصوص المسرحية الجديرة بالترجمة ــ من وإلى اللغات الأوروبية ولغات آسيا الوسطى ومنطقة البحر المتوسط ــ من وجهة نظر خبراء وأساتذة المسرح كي يتم إيصالها إلى صناع المسرح وجمهوره. تأسست الشبكة في 2001 كمؤسسة أوربية لكنها وسعت من نطاق عملها في 2011، بحيث ضمت حوض البحر المتوسط، ولغات آسيا الوسطى.
وتتألف شبكة أورودرام من ثلاثين لجنة لغوية مختلفة، تضم حوالي 300 عضو. وتعمل كل لجنة على قراءة النصوص المسرحية التي تتوفر لها، لترشيح الجديرة بالترجمة من بينها. ويقوم نظام مؤسسة أورودرام على الاستقلال الإداري للأقسام اللغوية المختلفة الموجودة به، بحيث يحمل القائمون على كل قسم أعباء البحث عن التمويل المادي اللازم للنهوض بالدور المنوط بهم.
وماذا عن اللجنة العربية المنوط بها اختيار النصوص المسرحية العربية؟ هذه اللجنة تضم عدداً من دارسي المسرح وكتابه ومترجميه ومخرجيه من بلدان عربية مختلفة ومن بلاد المهجر أيضاً، مثل حنين البرازي، ومنتجب صقر، وأنور عبد المغيث، عادل عبد الوهاب، آنّا عكّاش، إيمان عون، ودينا نعمان، وغيرهم. وبحسب الموقع، يؤكد القسم العربي أنه ينوي ألا يتوقف دوره عند التعريف بكتّاب المسرح والترويج لأعمالهم الإبداعية، وإنما يتجاوز ذلك إلى الاضطلاع بترجمة تلك الأعمال ونشرها، في لغتها العربية أو اللغة المترجمة إليها، وكذلك إنتاج بعض المسرحيات الجديرة؛ وذلك كله مرهون بإمكانية توصل القسم إلى مصادر تمويل تفي بتلك الأغراض ، آملين أن تعطي مساعينا ثمارها.
 واختارت الشبكة لنفسها آلية عمل تسمح لأعضائها بالعمل بشكل مريح ويضمن سلامة اختياراتهم، حيث تقوم كل لجنة لغوية في الأعوام الزوجية : بتجميع النصوص المسرحية ــ بالطرق المتاحة لها ــ ليتم قراءتها ومناقشتها، ثم اختيار ثلاثة نصوص من بينها لترشيحها للترجمة.أما في الأعوام الفردية فتقوم اللجنة اللغوية بتلقي النصوص المترجمة إلى لغتها، ثم اختيار ثلاثة نصوص من بينها لعرضها على دور النشر وعلى المخرجين .
 الواقع أن هناك مبادرات دولية عديدة في مجال ترجمة الأعمال الإبداعية المسرحية إلى لغات العالم، لعل أشهرها مشروع معهد جوته لترجمة النصوص المسرحية الجديدة الى لغات العالم. ولكن في ظني أن شبكة أورودرام، بدعمها للغة العربية والمسرح العربي مشروع ثقافي هام جداً . هذه مبادرة تستحق الدعم والمؤازرة من قبل مؤسساتنا الثقافية العربية سواء الحكومية أو غير الحكومية. ليس لأنها ترشح النصوص الجديرة بالترجمة إلى لغات العالم فحسب، وإنما لأن في ذلك احتفاء وتشجيع لكتابنا الجدد، ورداً للاعتبار إلى النص والكاتب المسرحي.
لدينا في عالمنا العربي العديد من المسابقات والجوائز في الكتابة للمسرح، والمؤسسات المعنية بالترجمة أيضاُ، لكن ترجمة الإبداع العربي والابداع المسرحي خصوصاً من وإلى لغات العالم، وهي مسألة غاية في الأهمية، لا تلقى العناية الكافية من قبل هذه المؤسسات. والدليل على ذلك أن كل مجموعات النصوص المسرحية المترجمة التي نشرت في العقد الماضي تبنت ترجمتها دور نشر أجنبية في الأساس.
لقد كان للترجمة فضل عظيم على مسرحنا في بداياته، وأسهم المترجمون الأوائل في نقل ابداعات الغرب إلى الثقافة العربية، وشاركوا بترجماتهم في مسيرة المسرح العربي عبر أكثر من مائة عام. وأثروا المكتبة العربية بروائع المسرح العالمي، وكتب نظرية المسرح وفن الكتابة المسرحية وتاريخ المسرح، ويجب أن يستمر هذا الدور بتشجيع ترجمة النصوص المسرحية، والدراسات أيضاً، وترشيحها بل وتمويل ترجماتها، في ضوء إلتزام دور النشر العربية بحقوق الترجمة وحقوق الملكية الفكرية، وعدم الاهتمام بالكتاب المسرحي عموماً مقارنة بغيره. وأن نستثمر هذا الاهتمام الغربي بإبداعنا المسرحي.
الترجمة هي أداتنا الهامة للتواصل مع العالم في هذه القرية الصغيرة، ولنتبين موضعنا وأين نقف في هذا العالم. واهمالها في ظني هو فقدان للبوصلة.
كل التهنئة للفائزين في مسابقة أورودرام لهذا العام، وكلنا أمل أن نرى نصوصهم بكل لغات العالم.

 


سباعي السيد