جولة فى شارع المسرح الامريكى

جولة فى شارع المسرح الامريكى

العدد 625 صدر بتاريخ 19أغسطس2019

  مؤسسة مسرحية  فريدة فى نوعها وتشكيلها  ولا يكاد الكثيرون يعرفون عنها شيئا حتى من بين عشاق المسرح والمهتمين بشئونه.
انها الفرقة الملكية المسرحية للكاريبى بمدينة ميامى بولاية فلوريدا الامريكية. وهذه الفرقة متخصصة  بشكل رئيسى  فى تقديم المسرحيات على السفن او العبارات.
تقوم الفرقة حسب طلب الشركات المالكة للعبارات باعداد العروض المسرحية للتقديم على العبارات خلال رحلاتها للترفيه عن ركابها. وحسب هذا النظام تقوم الشركة بالتعامل مع الجزء المخصص للاستخدام كمسرح وتحويل النص المطلوب الى عمل مسرحى وكافة المهام الاخرى من تدريب الممثلين والديكور والالحان وغيرها. ويتم ذلك بالطبع مع مراعاة طبيعة السفينة التى   تجوب اعالى البحار فيتم الاختصار فى عدد الممثلين والاعتماد على التسجيلات الموسيقية وتقليل الديكورات وغيرها من الاعتبارات التى يتم تعويضها بتقنيات مناسبة . كما انها تعتمد على العروض الخفيفة التى تناسب  سائحين يفضلون الاسترخاء. وفى حالات كثيرة تقدم الفرقة مسرحيات شهيرة حققت نجاحا كبيرا فى عروضها على المسارح العادية ولكن بممثلين غير معروفين. وهى تركز على الجانب الاستعراضى. وتقدم بعض المسرحيات بغير اللغة الانجليزية ولحساب شركات اجنبية خاصة فى استراليا والصين والبرازيل.
ممثلون أخرون
وتلقى هذه الفرقة اقبالا كبيرا حتى ان الاحصائيات تشير الى انها قدمت العام الماضى 134 عرضا على 26  سفينة. وكانت منها عروض سبق تقديمها فى برودواى ولكن بممثلين اخرين. ودفع نجاحها مسارح   عادية الى  السعى للتعاون معها  حتى انها تعاونت العام الماضى وحده فى 54 مسرحية قدمتها فرق متوسطة وصغيرة فى العديد من ولايات الجنوب والوسط الامريكى. واضطرها ذلك الى انشاء اكاديمية لتدريب الممثلين والراقصين. ويتم اختيار الممثلين من بين هؤلاء. ويحلو للبعض ان يقول انها باتت منافسا قويا لبرودواى فى نيويورك ووست اند فى لندن ولكن فى البحر  .  ومن لا يتم اختياره يمكنه ان يعمل فى المسارح العادية فى الولايات المختلفة التى تقبل على خريجى الاكاديمية بسبب مستواهم المرتفع.
 كما اقامت الفرقة ورشة خاصة بها لتصنيع الملابس والديكورات  . وتبلغ مساحة ورشة الملابس وحدها ستة الاف متر.    وتملك الشركة 14 استديو للتدريب البروفات ومثلها للتسجيلات الصوتية. ويستطيع مقرها الرئيسى توفير الاقامة لعدد 480 من الممثلين والفنيين العاملين فى العروض المسرحية فى وقت واحد. وتضم ايضا قاعة للمحاضرات وصالات للتدريب لرفع اللياقة البدنية.
رؤية جديدة
وتقول نانسى داى المدير الفنى للفرقة ان فكرة العروض المسرحية على السفن ليست جديدة. لكن لم ينظر اليها على انها نوع من الفن الجاد بل مجرد فن ترفيهى للسائحين. وبمرور الوقت ومع ارتفاع المستوى الفكرى والثقافى لركاب العبارات  تغيرت النظرة الى هذا الشكل الفنى وظهر الاتجاه الى تجويده كما هو الحال مع العروض المسرحية العادية التى تقدم على اليابسة. وتبتسم قائلة ...ربما وجدنا مستقبلا مسارح الطائرات او مسارح الفضاء .
وكانت احدث المسرحيات التى اعدتها الفرقة لصالح احدى الشركات المالكة للعبارات المسرحية الكوميدية الموسيقية “ماما ميا “ وهى مسرحية عرضت فى برودواى عام 1999 وحققت نجاحا كبيرا وتحولت الى فيلم  سنيمائى عام 2017 . تم اعداد المسرحية واخراجها برؤية خاصة تناسب العرض على السفن.
وتشير داى الى انه عادة ماتقدم الشركات المالكة للعبارات ثلاثة عروض فى الرحلة الواحدة وليس عرضا واحدا. ويتم عادة تقديم العروض الثلاثة بالتناوب او مرة كل ثلاثة ايام بنفس الطاقم مما يشير الى الجهد الشاق الذى  يبذله طاقم المسرحية حيث يحتاج العرض الواحد الى تدريب لفترة تزيد عن عشرين يوما.  ويشير أيضا الى ضرورة اعداد ديكورات بسيطة يسهل تفكيكها وتركيبها. كما يتم تدريب الممثلين ليعتادوا اهتزازات السفينة والحفاظ على ملابسهم وادواتهم لصعوبة استبدالها.
وتدرس الشركة المالكة للفرقة بناء خمس عبارات مع تزويدها بمسارح ضخمة مزودة لاحدث التقنيات المسرحية ليكون ذلك بداية لعصر سياحة “المسارح البحرية” ولو ليوم واحد او ساعات محدودة.
وعادة ما يرتبط الممثلون بعقود تصل مدتها الى تسعة شهور فقط ثم يتم احلالهم. وقد لا تكون اجورهم كبيرة الى الحد الذى يحصل عليه ممثلو المسارح العادية.لكن عليهم ادراك انهم يكونون غير مشهورين ويتمتعون بالرحلة بدون مقابل.
وداعا صاحب ال21 تونى
اساليب السنيما...فى المسرح
بعد مرض قصير ومفاجئ رحل الى العالم الاخر  المنتج والمخرج المسرحى الامريكى هارولد برينس عن عمر يزيد عن 91 عاما. كان ذلك فى نهاية جولة اوروبية حيث كان ينتظر الطائرة التى ستقله الى نيويورك فى مطار العاصمة الايسلندية ريكيافيك عندما اصيب بأزمة قلبية  ودع بعدها الحياة.
اثارت وفاته  حالة من الحزن فى شارع المسرح الامريكى بسبب تاريخه العريق   فى عالم المسرح الامريكى.  فهو  صاحب رقم قياسى فى تاريخ  جوائز تونى المسرحية المرموقة فى الولايات المتحدة حيث فاز بها 21 مرة كمنتج وكمخرج فى مجال المسرحيات الموسيقية فقط على مدى حياة مسرحية امتدت لاكثر من 50 عاما .وتضمنت جائزتين تقديريتين لمجمل اعماله.    وتم اطفاء انوار برودواى لمدة يومحدادا على وفاته.  
ويرى النقاد ان هال –كما يناديه اصدقاؤه -    لم يكن مخرجا أو منتجا تقليديا.   فقد   قدم عددا كبيرا من العروض الموسيقية الغنائية  المتميزة ساهم خلالها فى توسيع حدود المسرح الموسيقى الى حدود اخرى غير تقليدية. وهذا ما اتضح من مسرحياته الموسيقية المتعددة مثل “شبح اوبرا” و”كباريه “ و”الشركة”.
غير تقليدى
ويقول النقاد  ان اهم مايميز هال اختيار بعض اساليب الاخراج السنيمائى وتطبيقها فى المسرح الموسيقى بنجاح . وكان يختار بعض الموضوعات غير التقليدية التى يسود الاعتقاد بأنها لا تناسب المسرح الموسيقى ويصر عليها ويقدمها بكل رائع يحقق فيه النجاح والمعادلة الصعبة ويثير الاعجاب لدى الجميع. وتتعدد الامثلة على ذلك مثل مسرحية “اليابان الى الغرب”التى تتناول قصة حلاق يقتل ضحاياه ويقوم بشى اجسادهم. وانطبقت هذه القاعدة على مجموعة اخرى من مسرحياته مثل “لعبة البيجاما” و”الامريكيون الملاعين” و”شئ مضحك حدث فى الطريق الى الندوة” و”عازف الكمان فوق سطح المنزل” وهى المسرحية التى قدمها عام 1972 وكانت اطول المسرحيات الموسيقية عرضا فى برودواى.
وقد بدأ حياته المسرحية منتجا ثم قرر اقتحام مجال الاخراج باعتبار ذلك افضل وسيلة للتعبير عن افكاره فى العروض التى يتصدى لانتاجها.
ويقول ناقد دالاس مورننج ستار والموسيقار ديفيد يزبك ان هال ترك بصمات لاتنكر على المسرح الموسيقى الامريكى. ويمكن القول بان المشتغلين بهذا النوع من المسرح فى الولايات المتحدة من منتجين ومخرجين وكتاب سيناريو وموسيقيين قد تأثروا به جميعا بدرجة او بأخرى. وبدوره كان يشجع كل هؤلاء ويمدهم بنصائحه. ويمضى يزبك قائلا انه اضاء غرفة يسعد الجميع بالتواجد فيها. وكان يثير الاعجاب بالاهتمام بأدق التفاصيل.
وهذا لايمنع من وجود بعض الاعمال التى لم تحقق نجاحا له مثل مسرحية “معا نمضى فى مرح” التى عرضت عام 1981  لمدة 16 يوما فقط. وهناك “حياة دمية” التى عرضت خمسة ايام فقط.
ويقول هال  المولود فى 30 يناير 1928 فى نيويورك ان عشقه للمسرح جاء اساسا من والديه اللذين كانا من عشاق المسرح. وقليلا مايمر يوم سبت دون ان يصحب الابوين اطفالهما الى حفلات الماتينيه المسرحية فى برودواى او خارجها. وهو لا ينسى حتى الان مسرحية يوليوس قيصر لشكسبير التى قام ببطولتها اورسون ويلز التى شاهدها عندما كان فى الثامنة من عمره فكانت بداية عشق للمسرح لازمه حتى نهاية حياته. وكانت بدايته بعد عودته من المشاركة فى الحرب الكورية حيث انتج اول مسرحية له وهى “المدينة العجيبة”. وبدأ رحلته مع الاخراج عام 1962.


ترجمة هشام عبد الرءوف