جورج سيدهم .. صانع الضحك (لقطات حية من حياته وفنه)

جورج سيدهم .. صانع الضحك (لقطات حية من حياته وفنه)

العدد 657 صدر بتاريخ 30مارس2020

الكوميديا فن من أصعب الفنون؛ والكوميديان هو الشخص القادر على الإضحاك ورسم الابتسامة على الوجوه والفنان الراحل جورج سيدهم واحداً من هؤلاء الفنانين الذين تمتعوا بملكة الإضحاك وابتكار الإفيه طوال سنوات احترافه للتمثيل ، حركته داخل فضاء المشهد كانت هي الأخري تحتوي داخلها علي عناصر الإضحاك ، كان يعرف جيدا كيف يستخدم يديه وساقيه لصناعة حركة مضحكة ، ملامح الوجه هي الأخري كان لها القدرة علي التلون ، لذا فقد جمع سيدهم بين عوامل صناعة الكوميديا الثلاثة وهي : كوميديا الكلمة «الإفيه» ، والحركة ، والموقف.
والرجل واحد من كوميديانات العصر الذهبي للمسرح المصري ، فقد بدأ رحلته للشهرة مع سمير غانم والضيف أحمد في فرقة « ثلاثي أضواء المسرح « ، وانطلقوا معا يقدمون تجارب كثيرة ومتنوعة في المسرح والسينما والتليفزيون ، وكانوا قادرين على نشر البهجة والمتعة ، وقد تم إسناد بعض الأدوار الصغيرة لهم في الأفلام السينمائية بسبب شهرتهم في فرقة الثلاثي ، أي أنهم ظلوا لفترة من حياتهم يظهرون في السينما كضيوف شرف في هذه الأفلام أو بلغة السوق كان يتم استثمار نجاحهم السابق في فرقة الثلاثي .
وبالرغم من هذا النجاح الذي بدأ في الظهور والإقتراب داخل عالم السينما وتطور بعد ذلك إلا أن المسرح ظل عشقه الأول ، والمكان الأهم الذي قرر تقديم فنه ورؤاه الفنية والفكرية من خلاله ، وقد حاول عبر مسيرته الفنية أن يُـحافظ طوال الوقت تقديم العروض المسرحية وبرغم تقلب الظروف على كيان فرقة الثلاثي بعد وفاة الضيف أحمد ثم بعد ترك سمير غانم لها ظل سيدهم لآخر لحظه يقدم العروض المسرحية.
مهندس الضحك:
«مهندس الضحك» .. لقب يمكن إطلاقه بجداره على سيدهم ، الذي ترك عمله كمهندس زراعي ليقتحم عالم المسرح والسينما والتليفزيون ويـُـقدم عشرات الأعمال التي مازلنا نستمتع بها حتى يومنا هذا بل تجاوز الأمر ذلك لأن تظل بعض المشاهد والعبارات من أعماله عالقة في أذهان الجمهور حتي الآن بل وتستخدم علي سبيل التندر في الأحاديث اليومية العادية.
ورغم مرور قـُـرابة الربع قرن على اختفاء سيدهم عن الأنظار وعن عالم الفن ، إلا أن أدواره الكوميدية مازالت بيننا ؛ فمن أشهر أدواره التي يعرفها جمهور المسرح : حنفي في عرض «المتزوجون» ، الدكتور الزناتي خليفة في « أهلاً يا دكتور « ، حسن في « موسيقى في الحي الشرقي « ، صفوت الشربيني في « الراجل إللي جوّز مراته « ... وأيضا يعرفه جمهور السينما بعدد من أدواره السينمائية : حسني في « الجراج «  وعبد الرحيم في « الشقة من حق الزوجة « ومنصور في « مدرسة المشاغبين « ، ولولا ــ فتاة ليل ــ في « ممنوع في ليلة الدخلة « ، وفي التليفزيون كانت من أهم أدواره : نوبار باشا في « بوابة الحلواني « ، شلومو في الجزء الثالث من « رأفت الهجان « ، علي صاروخ في « سنوات الضحك والدموع « ، حسن في « صرخة بريء « .. وعشرات الأدوار الأخرى التي قدمها خلال مسيرة عطاء أستمرت لأكثر من أربعين عام .
البداية ...جرجا ، والإنطلاقه في مسرح جامعة عين شمس :
ولـِـد جورج شفيق سيدهم في مدينة جرجا بمحافظة سوهاج ، يوم 28 مايو عام 1938 لأب يعمل في أحد البنوك ، وهو الابن الرابع بين خمسة أشقاء بينهم بنت واحدة ...  لم تكن الحياة في جرجا سهلة بالنسبة له ؛ فالطفل في صعيد مصر يجب أن يـُـصبح رجلاً منذ نعومة أظافره حسب تقاليد وعادات الصعيد في هذا الزمان ، وقد بدأ عشق سيدهم للتمثيل في صباه ؛ من خلال عشقه للتمثيل ، فكان يذهب للسينما الوحيدة في جرجا ، والتي كانت تعرض فيلماً واحداً على مدار أسبوع ويتم تغييره بفيلم جديد في الأسبوع الذي يليه ، كان سيدهم يشاهد الفيلم أكثر من مرة ، ومن تكرار المشاهده كان يحفظ أدوار الممثلين ، ليـُـقدم بعد ذلك عرضه المسرحي الخاص المُـقتبس من فيلم الأسبوع بغرفته ، كان هو الممثل والمتفرج في نفس الوقت ، وظل حــُـبه للتمثيل يكبر معه حتى أصبح رئيس فرقة التمثيل بمدرسته الثانوية وكانوا يقدمون معا مجموعة من الفقرات الفنية والتمثيلية لكن لم يوجد ذلك الكيان الفني الذي يشبع رغبات سيدهم ونهمه للفن .
ترك سيدهم جرجا وأخذ حـُـبه الوحيد معه ، توجه للقاهرة للالتحاق بكلية الزراعة جامعة عين شمس ، وكانت الجامعة هي بداية انطلاقه الحقيقية كممثل ؛ حيث قام بالتمثيل في العروض المسرحية بالكلية وشارك بالعديد من المهرجانات المسرحية التابعة للجامعات في هذا الوقت ، كانت تلك الفترة مشبعة له علي المستوي الفني فقد تعلم فيها حرفية التمثيل ومعني جماعية العرض المسرحي بمفهومه العلمي لكنها وبالرغم من ذلك لم تكن تلك المتعة التي حصل عليها باشتراكه في هذه العروض المسرحية كافية ن كان لديه حلم يكبر ويعشق التمثيل أكبر عن ذي قبل ، في تلك اللحظة لم يكن يعرف ماهي الخطوة التاليه ، لقد كان يمارس هوايته من دون أن يضع لها فلسفة خاصة.
بداية « ثلاثي أضواء المسرح»:
لم يخطر علي بال المهندس الزراعي جورج سيدهم تكوين فرقة مسرحية تحمل ذلك العنوان ، كان كل ما يشغله مواصلة هوايته كممثل ، لكن مقابلته القدرية مع الفنان سمير غانم هي ما شكلت لديهما هذا الخاطر ، فقد قابل سيدهم رفيق مشواره الفني في أحد مهرجانات المسرحي الجامعي ، وقتها كان غانم طالباً بكلية الزراعة بجامعة الإسكندرية ، وكان هذا أول لقاء جمع بين الرفيقين ، حيث كان التنافس على أشده بينهما كممثلين كلِ منهما يـُـشارك بعرض مسرحي يحمل اسم كليته ، جورج يشارك بعرض يحمل اسم جامعة عين شمس بينما ينافسه سمير غانم بعرض آخر يحمل اسم جامعة الإسكندرية ، كان تنافسا شريفا أدي لصداقه دامت طويلا ، وتكررت اللقاءات في مهرجانات جامعية تالية... وتمر الأيام ليتخرج جورج سيدهم من كلية الزراعة ليعمل بمنطقة « أبيس « كمهندس زراعي ويبدأ مشواره الإحترافي بعد تخرجه بفقرة صامتة بعنوان « دُش بارد « في برنامج « تسالي « التليفزيوني عام 1961 ، وذلك عن طريق حسن السيد إبراهيم ، المشرف الاجتماعى بكليته ومُـعد فقرات برنامج «تسالي».فتكون هذه الفقرة هي بداية نقطة الإنطلاق.
وبالرغم من المنافسة الشديدة بين جورج وسمير في مهرجانات المسرح الجامعي ، إلا أن هذا لم يمنع وجود احترام متبادل واقتناع حقيقي من جانب كلٍ منهما تجاه الآخر كممثل ، والدليل على ذلك كان اللقاء الذي تم على كوبري الجلاء ؛ حيث كان جورج يستقل أحد الأوتوبيسات  عندما لمح سمير غانم يسير على الكوبري ، فنزل من الأتوبيس مسرعاً ليتحدث مع سمير ويقترح عليه أن ينضم له للتمثيل بالتليفزيون بعدما علم أنه شاهد فقرته ببرنامج « تسالي « واعجب بها ، وذهبا معاً بالفعل لحسن السيد الذي كان وقتها يـقوم بإعداد برنامج جديد للتليفزيون بعنوان « مع الناس « والذي كان يقدمه الإعلامي فؤاد منيب .
كانت هذه هي بداية مشوار الثنائي ؛ قدما معا فقرة بالبرنامج بعنوان « سلامات حول العالم « ، وفي هذه الفترة انضم إليهما عادل نصيف ــ لاحظ لم تبدأ فرقة ثلاثي أضواء المسرح بالضيف أحمد كما هما معروف ــ وقدم ثلاثتهم ( جورج ، سمير ، نصيف ) فقرة كوميدية أخرى في نفس البرنامج بعنوان « الشحاتين حول العالم « ، لتكون تلك الفقرة بداية حقيقية لهم .
المهندس الزراعي يستقيل من عمله :
هذه الفقرة التلفزيونية كانت سبباً مباشرا في موقفين ؛ أولهما استقالة سيدهم من عمله كمهندس زراعي ، والثاني تعارفهم كثلاثي ( جورج ، سمير ، نصيف ) بالمؤلف والمخرج محمد سالم وبداية انطلاقتهم الفنيه معه ؛ فالموقف الأول ـ الخاص بالإستقاله ـ حكاه سيدهم في كتاب عنه حمل عنوان « ملاك البسمة « الذي أعده الكاتب الصحفي طاهر البهي عن جورج سيدهم ؛ حيث ذكر أن مراقب عام منطقة أبيس الزراعية التي كان يعمل بها ، شاهد الفقرة في التليفزيون ، واستدعاه لمكتبه في اليوم التالي وظل يوبخه ويؤنبه على ما قدمه في التليفزيون ، وقال له:
 ــ ده كلام لا يليق .. إحنا مهندسين مش عوالم..
 وهو ما دعاه لتقديم استقالته على الفور . أما الموقف الثاني ؛ والذي غير مجرى حياته فكان إعجاب محمد سالم بأدائهم الغنائي والكوميدي عندما شاهدهم علي شاشة التليفزيون ، والذي كان وقتها يـُـخرج برنامج اسمه « أضواء المسرح « ، ومن هنا جاء اسم فرقة « ثلاثي أضواء المسرح « ، وقرر عادل نصيف تركهم بعد شهر واحد من نجاح الفرقة بسبب سفره لاستكمال دراسته بألمانيا ، لينضم وقتها للثنائي الرجل الثالث في الفرقة الضيف أحمد.
وقد تعاون المخرج محمد سالم مع « ثلاثي أضواء المسرح « ــ الفرقة الكوميدية الأشهر في تاريخ الفن المصري لسنوات طويله ــ من خلال فوازير رمضان التي استمرت إحدى عشر عاماً متتالية ، كما قدموا معه مسرحيات ؛ منها: « براغيت ، حواديت ، طبيخ الملايكة « ، وفيلم « القاهرة في الليل « ، كما قدم الثلاثي بعد ذلك العديد من الأفلام والسهرات التليفزيونية والمسرحيات بالتعاون مع مخرجين آخرين في تلك الفترة .
وسافرت « فرقة ثلاثي أضواء المسرح « إلي دول عربية عدّة لتقديم مسرحياتهم واسكتشاتهم الكوميدية ، كما قاموا بعد تقديم مسرحية « حواديت « على مسرح بيرم التونسي بتأسيس فرقتهم المسرحية الخاصة والتي حملت اسمها التي عرفت به «ثلاثي أضواء المسلرح» والتي كانت البداية في المشوار الفني للعديد من النجمات من هؤلاء الذين تم ضمهم للفرقة من خلال عملهم في عروضها؛ ومنهم : صفاء أبو السعود ، هالة فاخر ، دلال عبد العزيز ، وبوسي.
فنان بروح المـُـقاتل:
بالإضافة لعمله الفني كان سيدهم عضواً ضمن مجموعة كبيرة من الفنانين الآخرين في تنظيم « لجنة الحرب» عام 1967 ، والتي كانت تضم نجوماً كبار ؛ منهم : فؤاد المهندس ، نادية لطفي ، سمير صبري ، نجلاء فتحي ، ونجيب محفوظ ... وكانت مهمة هذه اللجنة تتمثل في الذهاب للجبهة العسكرية ــ طوال فترة الحرب وحتى انتصار أكتوبر 1973 ــ والمشاركة في التخفيف عن الجنود المصابين وزيارة المستشفيات المتواجدين بها ، وكان سيدهم بجانب عمله التطوعي يقوم بالتبرع بدخل يوم من مسرح الهوسابير للمجهود الحربي .
سيدهم وغانم يبتعدان تدريجياً:
كان عام 1970 من الأعوام التي قدم فيها الثلاثي أعمالاً مختلفة من مسرحيات وأفلام ؛ كان آخرها فيلم « لسنا ملائكة « والذي لم يصوّر فيه الضيف أحمد آخر مشاهده لأنه توفي قبل الانتهاء من التصوير وظل الثنائي سمير غانم وجورج سيدهم متلازمان في المسرح ومبتعدان تدريجياً عن إلتزامهم في السينما والتليفزيون ، ورغم أن المتداول أن نهاية عمل الثنائي بالمسرح كانت بمسرحية « المتزوجون « عام 1976 ، نظراً لأنها واحدة من أشهر مسرحياتهم معاً إلا أن آخر المسرحيات كانت عام 1981 ؛ وهي مسرحية « أهلاً يا دكتور « .
انفصال الثنائي واحتراق الهوسابير :
عاش سيدهم أياماً صعبة بعد مـُـطالبة رفيق عمره سمير غانم له بالحصول على حقوقه المادية في « مسرح الهوسابير « ــ أو مسرح ثلاثي أضواء المسرح كما كان يـُـطلق عليه ــ ، وانفصاله عنه للعمل بمفرده ، بعد نجاح مسرحيتي « المتزوجون « و» أهلاً يا دكتور « .
ظل سيدهم بعد وفاة الضيف ، وابتعاد غانم عنه فنياً ، خلال السنوات التالية يقدم أعمالاً سينمائية وتليفزيونية ومسرحية أيضاً ، حتى احترق مسرح الهوسابير بكامل محتوياته في 26 فبراير 1986، وهنا بدأت رحلته الأولى مع المرض فأصيب بجلطة في القلب بعد هذا الحادث وسافر إلى لندن وأجرى عملية تغيير لأحد شرايين القلب ثم عاد من رحلته للعلاج لبناء المسرح من جديد.
  ميني مشوى
واحتراق مسرح الهوسابير جعل جورج سيدهم يـُـفكر بشكل مختلف مُحاولاً إعادة التوازن لحياته مرةً أخرى وذلك بافتتاح مطعماً للمأكولات الشرقية عام 1987 اسماه « ميني مشوي « وكان يطهو بعض وجباته بنفسه وأطلق على بعضها أسماء أعماله الفنية ؛ ومنها كباب « دكتور الحقني « ، و كفتة « أهلاً يا دكتور « ، ورقة لحمة « طبيخ الملايكة « ، وكان سيدهم موهوباً في طهي الطعام إلى جانب موهبته في  التمثيل  .وهذا المطعم الذي افتتحه سيدهم بمصر الجديدة ، وكتب عليه لافتة مكتوب عليها « كل وخد من وشي « ، ورسم بجوارها صورة كاريكاتيرية له واقفاً على كرسي وحاملاً بيده قائمة بأسماء الوجبات التي يـُـقدمها المطعم ، قال عنه سيدهم : « قررت دخول عالم الأعمال من باب الهوايات التي أجيدها وهو الطعام ، فأفتتحت مطعماً للمأكولات الشرقية ، أديره بنفسي وأطبخ بعض وجباته ، ولرغبتي الشديدة في الجمع بين الفن والطعام فقد اطلقت أسماء مسرحياتي وأداوري الشهيرة التي قمت بها على أنواع الأكلات التي نقدمها « ، وأعلن سيدهم وقتها أن احتراق المسرح كان السبب في ذلك وقال « وجدت نفسي عاطلاً وكان لابد لي من العمل ، وأنا لا أجيد شيئاً في حياتي إلا التمثيل والطهي لذلك قررت إنشاء مطعم ، يمكنني عن طريقه أن أعمل وأربح وأرضي هوايتي الثانية وهي الطهي « .
أشهر « عازب فى الوسط الفني « :
 بالبحث عن لقاءات سيدهم التليفزيونية قبل عام 1991 ، تجد أنه كان مُلقب بـ « أشهر عازب في الوسط الفني « حتى أنه أعلن في إحدى المرات أنه يرى أن « الزواج نظام اجتماعي فاشل « ، إلا أنه في هذا العام ، وبعد أن تجاوز الخمسين عاماً وجد ضالته ووجد أنه أمام امرأة لم يصمد أمامها وطلب منها الزواج في فترة قصيرة جداً ، لتنجح في إدخال الطائر الحـُـر قفص الزوجية وتصبح هي سنده الأوحد في مشواره مع الحياة منذ هذه اللحظة.
 يحكي الطرفان القصة بنفس تفاصيلها تقريباً ؛ فهناك حوار نـُـشر بمجلة « صباح الخير « عام 2004 مع الدكتورة ليندا مكرم زوجة جورج سيدهم سردت فيه الصدفة التي جمعتهما ، وهي نفس الصدفة التي ذكرها جورج سيدهم نفسه لطاهر البهي في كتاب « ملاك البسمة « ...
قال سيدهم « حكايتى مع ليندا قصة تصلح لأن تكون فيلماً سينمائياً ... إحنا جيران بشكل خاص ، فالصيدلية التي تعمل بها ليندا تقع بجوار المطعم ـ بتاعنا ـ وذات مرة طلبت دواءاً معيناً ، ولكن كان هناك نقص في السوق في هذا الدواء ، وبعد فترة وصلني الدواء من الصيدلية ، فرحت أشكرهم ، وكانت هذه هي المرة الأولى التي أرى فيها ليندا ، وطلبت دفع ثمن الدواء فرفضت لأنها طلبت هذا الدواء من خالها المقيم بأمريكا ، وخالها لن يأخذ ثمنه ... وبعد هذا اللقاء شعرت للمرة الاولى إني عايز أتجوز ، والخطوبة استمرت ثلاثة أشهر ، وهي مدة معقولة «
 وهذه الصدفة وهذه الإنسانية الحقيقية من جانب الدكتورة ليندا التي حرصت على إحضار الدواء لجورج سيدهم كانت سبباً في زواج استمر كل هذه السنوات ليقترن اسميهما معاً طوال ثمانية وعشرون عاماً .
الصعود والاصطدام مرةً أخرى:
لم يفقد سيدهم عزيمته رغم الظروف الصعبة التي مر بها طوال مسيرته ، ورغم أن عمله في السينما والتلفزيون لم يكن كثيراً بالمرّة ؛ فقط ربما عملاً أو اثنين كل عام أو أكثر قليلاً في بعض السنوات ، إلا أنه عاد ليـُـقدم مسرحية « نشنت يا ناصح « عام 1995 ، وحققت المسرحية نجاحاً جماهيرياً  واستمرت لعام 1997 .
ولكن دائماً تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن ؛ وكانت الضربة هذه المرة قاسية جداً لأنها جاءت من شقيقه أمير سيدهم ؛ والذي كان يعمل معه مديراً لفرقة ثلاثي أضواء المسرح ، حيث قام أمير بتصفية حسابات الفرقة دون علم جورج سيدهم وأستولى على كل أمواله وهاجر إلى الولايات المتحدة الأمريكية ، ليكون هذا التصرف سبباً في إصابة جورج بجلطة في النصف الأيمن من المخ افقدته القدرة على الحركة والكلام في عام 1997 ؛ ، لتكتب هذه الواقعة نهاية مسيرة جورج سيدهم الفنية .
وكانت آخر الأعمال التي قدمها جورج سيدهم عام 1997 عملين ؛ فوازير « الحلو مايكملش « ، ودور نوبار باشا في مسلسل « بوابة الحلواني « ، ليكون هذين العملين آخر ما قدم سيدهم في مسيرته الفنية التي تجاوزت الثلاثين عاماً من العطاء الفني بأعمال فنية متنوعة ؛ ما بين المسرح والسينما والتلفزيون والإذاعة والاسكتشات الكوميدية .


سلوى عثمان