جولة فى شارع المسرح العالمي

جولة فى شارع المسرح العالمي

العدد 657 صدر بتاريخ 30مارس2020

 «عينات فايتسمان» مخرجة يهودية تدافع عن الفلسطينيين تجسد شخصية دارين طاطور فى أحدث مسرحياتها

ملكى اكثر من الملك...عبارة نرددها دائما لمن يتعصب للامر اكثر من اصحابه الاصليين. ويكون ذلك مؤسفا عندما يكون اصحاب الامر الاصليون على باطل ويكون هذا التعصب على حساب الحق.
 وهذا ما يحدث حاليا فى فلسطين. ففى الداخل الفلسطينى (الأرض المحتلة عام 1948 ) يعيش أكثر من 1,6 مليون فلسطينى يحملون الجنسية الإسرائيلية. وتضرب الغالبية الساحقة من هؤلاء كل يوم أروع الأمثلة فى الصمود امام حكم عنصرى صهيونى متعصب. وهناك اقلية نادرة تسعى إلى التقرب من نظام الحكم الصهيونى حتى لو كان ذلك على حساب قضايا شعبهم الفلسطينى. ومن هؤلاء «أدهم جمال».
وادهم جمال هو النائب الفلسطينى الشاب لرئيس بلدية عكا الصهيونى شمعون لانكرى. فهو لا يكف عن التقرب الى النظام الصهيونى بزعم انه جاء الى منصبه ليكون فى خدمة الجميع عربا ويهودا وليس الفلسطينيين الذين ينتمى اليهم فقط.
وواصل سياسة التقرب الى اليهود لدرجة غريبة تثير الاشمئزاز. فى العام الماضى وجدناه ينضم الى لانكرى فى تأييد قرار وزيرة الثقافة الاسرائيلية مارى ريجيف بمنع عرض مسرحية «اسرى الاحتلال» للمخرجة الاسرائيلية اليهودية الشابة عينات فايتسمان « فى مهرجان عكا المسرحى المعروف باسم «المسرح الاخر». وهذا المهرجان من الاحداث الثقافية المهمة فى الوسط العربى الفلسطينى ويجذب مشاركين من فلسطين وخارجها. كما يجذب العديد من الفرق المسرحية اليهودية. ويخرص على حضوره مهتمون بالمسرح من انحاء العالم .
 وتحكى المسرحية التى قدمت بالعبرية والعربية على عدة مسارح معاناة الاسرى الفلسطينيين فى سجون الاحتلال الاسرائيلى واسرهم من خلال مراسلات متبادلة بينهم . واستندت ريجيف فى قرارها على ان عينات التى وصفتها باليسارية المتطرفة تحرض فى مسرحيتها على قوات الاحتلال التى تسميها جيش الدفاع الاسرائيلى. وكان المؤسف ان ينضم ادهم جمال ابن عكا وفلسطين الى رئيس البلدية لانكرى فى تأييده لقرار ريجيف وامتناعه عن استخدام اى صلاحيات لتجميد قرار ريجيف.
 وجاء ذلك رغم ان بعض الشخصيات المسرحية اليهودية من ممثلين ومخرجين وشخصيات عامة عارضت قرار ريجيف وامتنعت عن المشاركة فى المهرجان الذى يقام للعام الاربعين. وقاطعت ست فرق مسرحية يهودية المهرجان. واستقال بالفعل اثنان من المسرحيين اليهود من عضوية اللجنة المنظمة للمهرجان وهما شمعون ليفى استاذ الادب المسرحى ودانيلا ميخائيلى وهى ايضا مخرجة يهودية تتعاطف مع الشعب الفلسطينى.
وكتب الاثنان فى خطاب الاستقالة المسبب ان قرار منع المسرحية يتجاهل طبيعة عكا كمدينة مختلطة بين العرب واليهود «يتعايشون فيها « وان منع المسرحية يسئ الى مشاعر العرب ويعد تجاهلا لان ابناء عكا جزء من الشعب الفلسطينى. وجاء فى الخطاب ان الامر يتعلق بمحاولة خنق الحياة المسرحية العربية حيث سبقت ان قطعت الوزارة التمويل عن مسرح الميدان العربى فى حيفا لانه عرض المسرحية بنفس الزعم...التحريض على «جيش الدفاع والتماهى مع المخربين الفلسطينيين».
فلسطين سنة الصفر
وكاد «ادهم جمال» ان يؤيد ايضا منع مسرحية فلسطينية هذه المرة الفتها واخرجتها عينات فايتسمان ايضا وهى « فلسطين سنة الصفر” التى قدمتها فرقة مسرح القصبة الفلسطينية فى رام الله بعد ان اعترضت عليها ريجيف بنفس حجة العام الماضى. لكنها تراجعت وعرضت المسرحية وفازت بجائزة العرض المميز. وفاز بطلها جورج ابراهيم وهو مدير الفرقة بجائزة احسن ممثل. ولم تفز المخرجة باى جائزة رغم اشادة النقاد بالاخراج. وقدمت المسرحية بالعربية والعبرية كما هو الحال مع معظم العروض المسرحية الفلسطينية. وهي مسرحية وثائقية تقدم برؤية كوميدية من تأليف وإخراج عينات فايتسمان، عن سمسار عقارات سعى إلى تقدير الأضرار اللاحقة ببيوت هدمت في القدس ونابلس وغزة.
 وتدافع عينات فايتسمان عن نفسها قائلة ان ماتقدمه فى مسرحها امر طبيعى لكنه لايرضى الحكومة اليمينية اسيرة المستوطنين التى تسعى الى إلغاء كلمة «احتلال» من القاموس السّياسيّ وتحويل كلمة «سلام» إلى شتيمة؟ . وكانت اربع من المسرحيات التسع التى قدمت فى المهرجان تتناول القضية الفلسطينية، وهذا برهان على انّ القضيّة الفلسطينيّة وبخاصّة الاحتلال الاسرائيليّ كانا وما زالا لُبّ التّفكير للمواطن الاسرائيليّ ومصدر همّه ولا يمكن لقادة اليمين الاسرائيليّ الحاكم تغطية الشّمس بعباءة مهما كانت سوداء! وتمضى قائلة إنّ مسرحيتها «لا تمجّد الإرهابيّين ولا تمدح المخرّبين» بل تعالج ظروف الاسرى الفلسطينيّين في السّجون الاسرائيليّة وما يفعله السّجن بهم وما أثره على عائلاتهم. وتضيف: بأن المسرحية لا تُقاضي ولا تحاكم الاسرى على ما فعلوه بل تصوّر وضعهم الحالي في السّجون، وهذا ما يقلق الاحتلال». وعلى نتانياهو ومعاونيه ادراك أنّ هناك بين اليهود فنّانين ومبدعين ذوو ضمائر حيّة . واضافت انها طلبت تشديد الحراسة على اسرتها حتى لا تتعرض للاعتداء من جانب المستوطنين.
ورغم منع عرض المسرحية فى مهرجان عكا تمكنت من عرض المسرحية على مسرح صغير فى تل ابيب ليشهدها عدد من اليهود تباينت ردود افعالهم عليها. وقالت عينات انها سوف تسعى لعرض المسرحية فى الخارج. ذلك ان ضميرها لايقبل عمليات الاعتقال العشوائيىة التى يتعرض لها الفلسطينيون بلا عقل او منطق دون تفرقة بين رجل وامرأة وطفل.وتضيف عينات ان كثيرين ممن شاهدوا المسرحية من اليهود فوجئوا بحقائق لا يتحدث عنها الاعلام الاسرائيلى.
انا دارين طاطور
وتؤكد فايتسمان انها لن تتراجع عن موقفها المساند للفلسطينيين فى كفاحهم ضد الاحتلال. وسوف يتضح ذلك فى مسرحيتها القادمة «انا دارين طاطور» . التى شاركت فى تاليفها مع صاحبة الشخصية وهى اسيرة محررة وشاعرة من فلسطينيي الداخل فى الجليل. وكانت دارين (36 سنة) تعرضت للاعتقال عام 2015 بسبب قصيدة بثتها على حسابها على موقع التواصل الاجتماعى فيس بوك باسم «قاوم يا شعبى». وبثت معها صورا لشباب فلسطينى ملثمين يقذفون قوات الاحتلال الاسرائيلى بالحجارة. وتزامن ذلك مع مقتل عدد من جنود الاحتلال بايدى الشباب الفلسطينى.وستقوم عينات بدور البطولة وتجسد شخصية دارين لكنها لن تخرجها هذه المرة.. سوف تعهد بها الى مخرج اسرائيلى اخر هو نيتسان كوهين. وسوف تجرى حوارا معها فى نهاية المسرحية. وكانت فايتسمان قد تعرضت لحالة طاطور ضمن ما تعرضت لهم من الاسرى فى مسرحيتها الاولى» اسرى الاحتلال « لكنها قررت تناولها بشكل مستقل فى مسرحية «انا نادين طاطور» باعتبارها مثالا لمعاناة المرأة فى سجون الاحتلال وبصفتها من حملة الجنسية الاسرائيلية الذين لا تلتزم حكومات اسرائيل المتوالية بحقوقهم القانونية التى يتمتع بها السجناء اليهود مهما كانت بشاعة جرائمهم ولا يدافعون عن حقوق مشروعة لهم.
أضافت ”الناس يسألونني: لماذا أواصل ذلك؟. وأنا أسأل: لماذا يلزم الجميع الصمت؟. يُقبض كل ليلة على رجال ونساء وأطفال دون سبب في بعض الأحيان ودون محاكمة. هم الآن في السجن“.
وكنا نتمنى ان نقدم لقارئنا العزيز معلومات عن عينات فايتسمان لكن تعذر ذلك بسبب حجب عدد من المواقع التى كان يمكن الحصول على معلومات منها. وكل ما ستطعنا الوصول اليه هو انها عضو منتخب فى بلدية يافا – تل ابيب . وقد خاضت الانتخابات عن قائمة عربية فى يافا التى تقيم بها.


ترجمة هشام عبد الرءوف