مسرحة الرواية.. هل تصب في مصلحة المسرح؟

مسرحة الرواية.. هل تصب في مصلحة المسرح؟

العدد 656 صدر بتاريخ 23مارس2020

من خلال استعراض الأعمال المسرحية المصرية المعروضة في الفترة الأخيرة، يمكن ملاحظة أن الكثير من النصوص المسرحية هي عن نصوص روائية لاقت نجاحًا كبيرًا ثم أعيد معالجتها مسرحيًا لتعرض على خشبات المسرح.
فكان لا بد من إلقاء الضوء على هذه المسرحة وسؤال المختصين حول هذا الموضوع، هل هذا في مصلحة المسرح، أم لا؟
هل يحدث هذا نتيجة فقر في  النصوص المسرحية الجيدة أم لا؟
وهل هذه المسرحة هي في صالح العمل المكتوب أم ربما تكون سلاح ذو حدين وربما تلحق بعض الأضرار بالعمل الأصلي ؟
من خلال سؤال أسماء يحيي الطاهر عبد الله ابنة الراحل الكبير يحيي الطاهر عبد الله صاحب رائعة الطوق والأسورة، الرواية التي قدمت كفيلم سينمائي كما قدمت على خشبة المسرح، وعن المقارنة بين العمل بأشكاله الثلاثة؟ أجابت بأن  كل وسيط يختلف عن الآخر، وأن كل وسيط منهم لعب على لغة مختلفة، و يصعب أصلًا المقارنة بين وسائط مختلفة، وأن كل له ميزاته ولغته وله تلقي مختلف عن الآخر.
وعن رؤيتها في أن مسرحة الرواية ربما تكون سلاح ذو حدين، فيمكن أن تكون إضافة  لجمهور الرواية ويمكن أن تضر حين تفشل الرواية كعرض مسرحي؟ أكدت بأنها مقتنعة تمام الاقتناع أن النص المسرحي نص إبداعي جديد له شروط جديدة مختلفة ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن ينقص من قيمة العمل الأصلي، لأن العمل الأصلي يظل كما هو، ولا هو بديل عنه، والتعامل مع كل وسيط مختلف عن الآخر. أضافت : الرواية عندها حرية أكبر بتفاصيلها الكثيرة جدا وبتعاملها مع خيال المتلقي، أما المسرح _ وهو أيضًا يتعامل مع خيال المتلقي_ لكنه في النهاية يعطيه صورة محددة، فهو يقود الخيال لصورة محددة وتصور محدد عن الشخصيات وعن المكان مع  توفر مساحة أقل لخيال المتلقي تجعله أحيانًا يكمل هو الصورة، فمثلًا حين أرى الفنانة وهي تقوم بدور شخصية معينة في المسرح، مؤكد بدون قصد أراها بشكلها وملامحها، لكن في الرواية أتخيل أنا كمتلقي شكل الشخصية وملامحها، وفي نفس الوقت يضيف المسرح والسينما معاني جديدة لم أكن أرها أصلا.
وعن الفرق بين الوسيطين الرواية والمسرح من خلال طبيعة الأخير  القائمة  عل السمات الشخصية وأبعادها المختلفة مثل الطيبة والخبث والمكر وغير ذلك  كما في مسرح شكسبير، وبين فكرة تركيز السينما على الأحداث أكثر؟ أجابت بأن المسرح من أيام أرسطو وهو يركز على الحدث، الفرق هو التوجه المعمول به العرض المسرحي، فهناك عروض تقوم على فكرة الشخصية لأنه قائمة على مهارة الممثل، كما في زمن شكسبير، أو قائمة على القصة والحبكة مثل أيام مسرح أرسطو، فكل له توجهه، وهناك وجه ثالث قائم على فكرة الرؤية البصرية، أن النص مليء بملامح التراث ويمكن اللعب عليها وكذا الشخصيات التراثية والشكل التراثي، فهنا التركيز على الشكل هو القائد لا الشخصية ولا الحدث، ولذلك فهو يقف على توجه المخرج، فالرواية قابلة أن تتحول لمسرحية بالآلاف من التوجهات المختلفة ويظل كل توجه له جماله، لأن كل مدخل يختلف عن  المدخل الآخر.
وأوضحت أسماء أن كل الروايات تصلح للمسرح، والأمر يتوقف على مدى علاقة المبدع بالرواية، فهناك مبدع يتحرر من سلطة الرواية، يحركه شيء استفزه في الرواية ربما لمناقضتها أو حتى محاورتها، كما حدث معها حين اشتغلت على النص المسرحي للطوق والأسورة والذي كتبه دكتور سامح مهران. فرأت أنه يحاور الرواية ويضيف تعليقه على الشخصيات كما أنه أضاف شخصيات تعلق على الحدث وتعلق على الشخصية وأيضًا تعلق على الرواية نفسها. بمعنى أنه عمل جدل بينه وبين الرواية وليس فقط أنه أخذها واختزل أحداثا لكي يجعلها تصلح للمسرح، لا، فهو لعب معها .ولذلك في رأيها أن أي رواية تصلح لتحويلها على المسرح، بمحاورتها مثلًا، برؤيتنا لها أنها عالم درامي قائم سهل تحويله لبناء درامي مسرحي، رؤيتنا للشخصيات واضحة وجميلة، وتصلح أن تقدم كما هي، أو ربما أرى فيها شكلا جديدا يمكن أن  يعرض على خشبة المسرح، وبالتالي أي رواية قابلة  جدا لأن تتحول لألاف من المسرحيات وليس لمسرحية واحدة. وأوضحت أنها لا تؤمن بسلطة أي نصوص عموما، لا بسلطة رواية ولا بسلطة نص مسرحي، هو من الأساس نص إبداعي، يتعامل مع الواقع بدون سلطة، هو لا يبني الواقع، هو يأخذ رؤية معينة للواقع، وجهة نظر للواقع وهذا لا يجعله مقدس، لا يجوز التعامل معه بشكل آخر.
- أما المخرج ناصر عبد المنعم والذي قدم للمسرح عشرة أعمال مسرحية مأخوذة عن روايات لكتاب مصريين وعرب، منها مسرحية الطوق والأسورة ، والذي يرتكز مشروعه المسرحي على مسرحة الرواية فيرى أن تحول الرواية إلى عمل مسرحي عملية شاقة لإختلاف الطبيعة الأساسية لكل منهما. مشيرا الى أن الرواية تعتمد تقنيات السرد، والمسرح يعتمد تقنيات الفعل، وبين السرد والفعل مسافة شاسعة تتطلب جهدًا كبيرًا،  ببساطة يمكن التدليل على ذلك بأن السرد بوسعه التنقل الحر في الزمان والمكان، بينما المسرح  فيستقر في زمن حاضر حضور مباشرا داخل مكان محدد ب « الآن وهنا «.
ولكن الرواية - في رأيه - تمنح المسرح أجنحة للتحليق بعيداً عن البنية التقليدية للعرض المسرحي، ولذلك فهو كما أخبرنا عن نفسه، مولع بمسرحية الرواية.
أما بالنسبة لتجربة الطوق والإسورة تحديدًا فهو يراها  قطعة فريدة في تاريخ الأدب المصري والعربي، و أن اختياره لها نابع من تمكن الروائي الكبير الراحل يحيى الطاهر عبد الله من النفاذ بقوة إلى قلب الشخصية المصرية  في جنوب مصر ، وخاصة المرأة الصعيدية التي تدير شئون أسرتها وسط دوامات من الحرمان والجهل والفقر وتسلط الخرافة على العقول في إطار مواضعات اجتماعية تخدم العقلية الذكورية وتجعلها حاكمة للوقائع والأحداث، هذا النفاذ البارع لقلب حياة البسطاء في الجنوب هو ما دفعه لتقديم المسرحية .
أما بالنسبة لمعايير اختياره للرواية التي يمسرحها، فليس ضروريًا عنده أن تكون الرواية معروفة وناجحة وتم تقديمها في السينما أو التليفزيون، المهم أن تكون رواية جيدة تتناول موضوعات تمس الوجود الإنساني والواقع الذي نعيشه، وأن تحمل في نفس الوقت قيمًا جمالية تثري وجدان المتلقي مثلما تحترم عقله.
وأضاف أن اللجوء للرواية لا يعني فقر المكتبة المسرحية أو نقص في كتاب المسرح، قد تكون فقر في الأفكار التي يدور حولها بعض كتاب المسرح، دون تعميم، ربما تقودنا الرواية الى عوالم وحيوات لم يتطرق لها المسرح من قبل .
وأشار إلى أنه   يرفض أن يتحول الإخراج إلى وظيفة، لانه هم يسكن المخرج فيسعى إلى التعبير عنه ومشاركة جمهوره فيه ، لذلك فهو لا يقوم بالإخراج إلا لو أحس بضرورة لتقديم عمل معين في زمن وواقع محددين ، ولذلك نجد أعماله  قليلة  بمتوسط يقدر بمسرحية كل ثلاث أو أربع سنوات  وهو سعيد بذلك .
أما المخرج محمد يوسف والذي قدم مؤخرًا مسرحية «أفراح القبة» المأخوذة عن رواية نجيب محفوظ فيرى أن تحويل الرواية لعمل مسرحي يتوقف على الكاتب وخياله،  فهل خياله قادر على تطويع بعض المشاهد،أو لا،  فأحيانًا يرى المعد  أن بعض المشاهد لا تليق بأن تقدم على المسرح، لكن في النهاية قد يأتي معدٌّ آخر، خياله يلهمه بإمكانية ذلك. فأفراح القبة مثلًا، كثيرٌ من الناس قالوا بصعوبة تحويلها إلى مسرح، لكنه استطاع أن يقدمها فالعبرة بقدرة المعدّ المسرحي على إيجاد حلول للمشاكل التقنية التي قد تقابل المخرج، وقدرته على تطويع العمل على استلهام روح المسرح، رغم كتابته الروائية الأصل.
 وأشار يوسف  إلى أن اختياره لأفراح القبة، جاء بسبب تناوله لقضية مهمة تشغله وتهمه على المستوى الشخصي، وهي قضية (نسبية الحقيقة) أي أنه  من الممكن أن يعيش اثنان نفس الحدث بكل تفاصيله، لكن كلًّا منهما يرى الحدث من منظوره، من بعده الثقافي والاجتماعي، فيؤوِّل هذا الحدث تأويلًا مغايرًا. هذه القضية التي تشغله جدًّا،  وهو يؤمن أن المخرج لا بد أن يكون مؤمنًا بقضية العمل، وليس مجرد كونه  مخرجا  فقط. وهذا ما حرَّكه  لعمل الرواية، إلى جانب أن وجد أنه سيكون لها مذاق خاص على المسرح، لأنها تحكي عن حياة أعضاء فرقة مسرح.
وعن تخوفه من مقارنة الجمهور بين مسلسل أفراح القبة وبين المسرحية، أوضح أن المقارنة بالطبع واردة، خصوصًا أن المسلسل كان لأسماء مهمة جدًّا، و من أهم نجوم مصر، لذا كان متخوفًا من المقارنة، لكنه تشجع وتوكل على الله وقدمها، ومما شجعه أكثر هو شعوره بأن التجربة على المسرح، سيكون لها مذاق غير موجود على التليفزيون، أو لم يحدث في الفيديو.
أوضح أن قضية نسبية الحقيقة هذه، من الصعب أن يستمتع بها أحد في التليفزيون، لأنها تقتضي أن يشاهدها المتفرّج على مرةً واحدة، سواءٌ في فيلم سينمائي أو مسرحية، أما المسلسل فأن يرى المشاهد حكيًا في يوم، وبعد عدد من الحلقات يسمع  لحكي شخصية أخرى، فإن انقطاع التواصل هذا يضيّع جانبًا من الاستمتاع، لذلك أدرك أن الرواية  على المسرح سيكون لها بريق مختلف.
وعن سؤاله عن كيفية التعامل مع نص لنجيب محفوظ المعروف  أنه يشير لأبعاد كثيرة في نصوصه بجانب البعد المباشر لخط الأحداث وهو ما يسميه النقاد بالرمزية عند محفوظ؟  أكد أن عظمة نجيب محفوظ أنه دائمًا عنده خطوط كثيرة، هو دائمًا ما يترك للقارئ مساحة للإبداع الفكري، فيجعله  يفكر بشكل كبير، وهذا جزء كبير من إبداعه، أن يكون دائمًا هناك خطوط درامية أو إسقاطات أخرى، وبالطبع لا يمكن للمخرج أن يتناول الموضوع بخطه المباشر فقط، لكن ربما يأخذ بإرادته جانب الخط المباشر، ولا يلتفت للخطوط الفرعية الموجودة، لكنه يرى أن الخطوط الفرعية مهمة جدًّا ولا بد من وضعها في الحسابات، فإذا أراد تهميشها بإرادته فلا بد أن يكون واعيًا لذلك، وإذا كان سيحمّل عليها، فلا بد أيضًا  أن يكون منتبهًا، لكن لا ينبغي أن يعمل دون الالتفات لها.
أما الكاتبة رشا عبد المنعم والتي قدمت رواية «قواعد العشق الأربعون» للمسرح فترى أنه إذا  لم تستفد الرواية من الدعاية و تحويلها لوسيط مرئي مثل السينما أو التليفزيون أو المسرح، فهي لن تضار بشيء ، لأنها مكتوبة و محفوظة، و سواء كان هذا الوسيط ضعيفًا أم  قويًا، فهو يخاطب حواسا مختلفة عند المتلقي بعد ما صنعت الرواية آثارها عنده .
المسرح في رأيها قادر على تخليق الدراما من أوقات غير درامية، فما بالنا لو كان من نص درامي من الأساس، فالرواية أساسًا عمل درامي، يمكن تحويله لمسرح مثلما يمكن عمل مسرح من خبر في جرنال.
وعن رأيها في المساحة التي تتاح للكاتب في الرواية وغير المتاحة في التمثيل على المسرح، أوضحت أن المعالجة المسرحية لا تتطلب شروطا معينة في العمل الذي ستحوله ، لكنها تتطلب مهارات معينة عند المعد نفسه: كيف يقوم بالنقلة الدرامية، كيف يستنطق الشخصيات، ويخلق حوارات متوازية، بمعنى أنه يخلق حوارا بينه وبين النص الروائي،  أو  بينه هو وبين وسائط أخرى خارج  النص الروائي. رشا عبد المنعم ترى أن مسرحة أي شيء يتطلب بحث، شغل معالجات درامية «الدراماتورج» هو  في الأساس شغل قائم ع البحث، والبحث ليس معناه أخذ النص ومسرحته بشكل مباشر، ولكن لا بد من المعالجة الدرامية ومراعاة النقلات النوعية وغيرها. اضافت:  في تجربة «قواعد العشق الأربعون» فبجانب أن النص  ممتع كان لا بد من عمل قراءات كثيرة في كتب جلال الدين الرومي بشكل منظم، ومعرفة الكتب التي ألفها قبل لقائه بشمس التبريزي، و التي ألفها بعد اللقاء، ثم دراسة اختلاف أسلوب الرومي، وذلك تطلب قراءة  مصادر كثيرة عن حياة جلال الدين الرومي.وأشارت إلى أن أن  كتب الرومي، كان صعبًا جدًا  العثور عليها مترجمة. كما أن الرواية كان ينقصها نحت شخصيتي جلال الدين الرومي والتبريزي نحتًا دراميًا لتقديمهما على خشبة المسرح، بينما قام  العمل بالتركيز على الشخصيات وأبعادها، ثم كتابة أولى ثم كتابة ثانية وثالثة كل ذلك استغرق حوالي ستة شهور.
 تابعت : وبعد أن كانت الكتابة تمشي مع الخط الزمني الخاص بالرواية، تم استبعاد الخط المعاصر نهائيًا، و الاكتفاء بخط الرومي مع التبريزي. ثم جاء بعد ذلك العمل على الرؤية: من أين تبدأ؟ وماذا تريد أن تقول؟ وما هي الشخصيات التي ستصدرها، وهكذا ثم خلق الصراعات وإبرازها كالصراع الخاص بابن الرومي (علاء) والتبريزي، فالرواية لم تكن تركز على الجزء العاطفي في الصراع، فكان لا بد من  إبراز المعالجة للمشاعر في الصراع. أضافت :في تجربة مسرحة رواية قواعد العشق الأربعون لم تنحصر المسرحية في النص الروائي فقط ولكن تم الانفتاح على مصادر أخرى والدخول في علاقة جدلية مع الرواية نفسها.
والمقصود بهذا أن من يقوم بالمعالجة الدرامية ليس عليه فقط أن يكون كاتبا ولكن أيضًا عليه أن يكون باحثًا  يوسع مصادره ثم بعد كل ذلك يستطيع العمل في إطار الشروط الدرامية التي يحددها الوسيط الذي يعمل من خلاله و هو المسرح هنا، فالمسرح يحتاج لمساحات حوار أكثر بين الشخصيات، فكيف يتم تحويل الأجزاء السردية الكثيرة إلى حوار، وكيف يمكن خلق مساحات تفسير وجدل، عبر الوسيط المسرحي، فلا يكون هناك مستوى تفسير واحد، بل مستويات.
وبسؤال للمخرج أحمد صبري غباشي، الذي أخرج مسرحية عزازيل للكاتب يوسف زيدان، هل نجاح المسرحية ، اعتمد على نجاح الرواية سلفًا أم كان نجاحًا مسقلًا تمثيلًا وأداء وإخراجا؟
أكد أن نجاح المسرحية كان نتيجة الأمرين معا، أشار إلى أن الرواية كانت ناجحة حققت أعلى مبيعات ، وكان هذا هو التحدي الذي أمامنا، ، و لو لم يكن العمل قويًا لما لقيَ قبولًا مطلقًا، والحمد لله أنها نجحت، فالنجاح بسسب العنصرين معًا الرواية، والجهد المبذول في العناصر الفنية الخاصة بالمسرحية.
اضاف: عزازيل رواية مهمة جدا وضخمة جدا وصعبة جدا، لأنها تدور في فترة تاريخية معقدة، وفيها صراعات كثيرة، واللغة فيها ثقيلة، والأسلوب أدبي لا يستسيغه كل العوام. هذا أولًا، أما ثانيًا فكتابة الرواية نفسها عبارة عن خواطر مسترسلة للراهب هيبا بطل الرواية، والدراما فيها ليست مقسمة بشكل واضح، يسهل تحويله.
لذلك استمر التحضير لعزازيل اسمر شهورًا، في مرحلة الكتابة فقط قبل بدء البروفات، و أعتقد أنها خرجت بالشكل اللائق وتركت أثرًا مع الناس جماهيريًّا ونقديًّا.
وبسؤاله عن الصراعات الكثيرة في الرواية والقضايا المفخخة،  التي حملتها، هل كان يمكن أن يمثل ويناقش على المسرح؟
قال  أنه لم يناقش ذلك على المسرح، وإنما مر عليه فقط، مر على مراحل الصراع دون الخوض في تفاصيلها لأنه ربما يسبب  بعض الملل، أو أن المسرح ليس هو مكان مناقشته، لكنه استعرض هذه اللمحات فقط.
 وعن تحويل النصوص الروائية لمسرحية، هل يكون ذلك  بسبب افتقارنا لنصوص مسرحية جيدة؟ أجاب:  نعم .. هناك فقر رهيب وفاضح في النصوص المسرحية في أخر عشرين أو ثلاثين أو حتى أربعين سنة. فليس هناك منتج يعبر بشكل حقيقي عن الناس حاليًّا. لا توجد كتابات مسرحية تليق. أضاف : لا شك أن هناك  فلتات تظهر كل بضع سنين، لكنها ليست على المستوى المطلوب، لذا يكون اللجوء للرواية وتحويلها  حلا عبقريا جدًّا، لأن العمل الروائي عمل متين، والشخصيات مبنية جيدًا،  على حسب الكاتب أيضًا، والرواية عادةً تحفظ لنا طابع الأصالة، و تكون نابعة من قلب المجتمع ومن قلب هويتنا،  وهذا يكسب العمل المسرحي مزايا، لأن معظم ما يقدم الآن أعمالا عالمية بعيدة جدًا عن ثقافة المجتمع واحتياجاته وطريقة تفكيره، ولا  داع الآن لتقديم أعمالا عالمية.
وعن الصعوبات التي تواجه المخرج في تحويل النص الروائي لمسرحية، أوضح أن الموضوع صعب جدًّا، وأن له تجارب كثيرة في هذا الموضوع، حيث  أخرج سبع مسرحيات معظمها هو كاتبها ،  منهم تجربتين أو ثلاثة  عن رواية أو نص أدبي لكاتب كبير مشهور، أشهرهم عزازيل، في 2012، وتجربة (أولاد حارتنا) عن نجيب محفوظ. وقصة  لنجيب محفوظ أيضًااسمها (حارة العشاق) لا يعتقد هو أن  أًحدًا  تطرق لها، وأشار إلى أن الموضوع صعب جدًّا لأن طريقة بناء الرواية غير طريقة بناء المسرحية، كل واحدة لها أسلوبها، وتعتبر وسيطا مختلفا.
تابع: في الرواية الكاتب حر جدًّا في كتابته وسرده، وشكل كتابته، يروح ويجيء في الزمن كما يشاء، وكل رواية تختلف عن الأخرى. فإذا أردنا تحويلها إلى وسيط بصري في المسرح تحديدًا، لأنه  مكان للفكر وللدراما بشكل أساسي، فلا بد من إعادة صياغة المشاهد، وأوضح أنه توجد روايات سهلة، وروايات صعبة جدًّا، فلا قاعدة مطلقة، بل إن لكل رواية ظروفها الخاصة.
أما عبد الله الشاعر الذي قدم «أرض زيكولا» على خشبة المسرح فيرى أن إعادة تقديم النص الروائي على خشبة المسرح نتيجة فقر شديد في   النصوص المسرحية منذ فترة طويلة جدا  ربما منذ ظهور موضة «السيت كوم أضاف:  المسرح لم يعد يحقق أرباحًا كبيرة لذا كان من الطبيعي أن يبتعد  كاتب للمسرح، لأنه بعد قضاء أوقات كثيرة في العمل، ربما  لا تعرض المسرحية،  أو تعرض دون أن تدر الدخل المنتظر ، فلا يستطيع أن يكمل، والشق الثاني هو أن كل  مخرج يبحث عن فكرة، بالإضافة إلى أنه في الأصل يبحث عن جمهور ليحقق نجاحا، ولا يمكن إغفال فكرة إن بعض الروايات قد حققت  نجاحا كبيرا وهذا بدوره يسهل فكرة الدعاية للمسرحية ، و لكن  في النهاية الجمهور هو الحكم، وهو سلاح ذو حدين كما قلنا، لأن جمهور الرواية الذي عاش الرواية وشخصياتها لو وجد أن العرض المسرحي أقل من طموحاته أو أن  الشخصيات مختلفة، فمن الممكن هنا أن تكون الدعاية سلبية للمسرحية نفسها.وأضاف أنه  وكل المخرجين دائمي البحث عن نصوص جيدة بأفكار جديدة، لأن كثير من الأفكار تمت مناقشتها أكثر من مرة، والجمهور يعرف الحدوتة جيدًا، وهذا يجعل المخرجين يبحثون عن الأفكار الجديدة، و عن مؤلفين شباب أو يكتبون  لأنفسهم كما يفعل هو، تابع : المهم هو الفكرة الجديدة فلا يمكن أن نستمر في مناقشة نفس الأفكار التي تمت مناقشتها من خمسين أو ستين سنة
أضاف أنه يرى حالة ثراء مسرحي على مستوى مسرح الهواة بغض النظر عن المعوقات التي يواجهونها في الرقابة أو في الإنتاج أو من أصحاب المسارح المتحكمين في نسبة التذاكر بطلب أرقام فلكية. وهناك مهرجانات الجامعة والمعاهد و معظمها يقدم نصوصا مؤلفة حديثًا، لكن المشكلة في عدم تسليط الضوء عليهم وعدم اهتمام الدولة بأن تجعل من  المسرح المحرك الأساسي للشباب.
 وبالنسبة لمسرحة (أرض زيكولا) أكد أنه قارئ عاشق للرواية عمومًا، و أنه بحكم كونه  مخرجا للمسرح ومؤلفا  وكاتب سيناريو وشاعر غنائي ، فالطبيعي أن يكون قاريء لكل أنواع الفنون.
وأشار إلى أن ما حركه نحو اخراج « زيكولا»  لم يكن فكرة المكسب المادي أو  ضمان جمهور الرواية،  لكنه أحب الفكرة وتواصل مع دكتور عمرو عبد الحميد، كاتب الرواية الذي كان مستاءا من تقديمها  من فرقة أخرى  أساءت للنص من وجهة نظره،  لدرجة أن الجمهور ترك العرض وغادر قبل الانتهاء.  
أوضح  أن مخرجين كثيرين مسرحوا الرواية ، و فشلت تجربتهم، بسبب الاستسهال، ومنهم مخرجين لم يفهموها ا جيدًا، لكنهم جروا وراء نجاحها .
وعن سهولة تقديم الروايات الممسرحة أو صعوبتها، أجاب بأنه لا يوجد مخرج يفضل البحث عن رواية ثم  يقوم بتحويلها إلى نص مسرحي، وأن  توفر النصوص المسرحية يوفر مجهود التحويل، خصوصًا إن كاتب الرواية لا تحكمه معايير مسرحية، وهو ما يصعب التنفيذ على المسرح فنبدأ بالبحث عن حلول كثيرة لتحقيق فكرة الرواية ، بالإضافة إلى المشكلات الكثيرة التي تقابل الإنتاج.


هبه الورداني