الرسوم الجديدة للرقابة.. تفتح باب الجدل بين المسرحيين

الرسوم الجديدة للرقابة.. تفتح باب الجدل بين المسرحيين

العدد 647 صدر بتاريخ 20يناير2020

أحدث القرار الأخير للرقابة على المصنفات الفنية بفرض رسوم إضافية على الفرق الحرة والمستقلة غضب المسرحيين، نظرا لكون  هذه الفرق تعتمد على الدعم الذاتي، ما يضيف المزيد  من العبء المادي عليها،وبرغم صدور اللائحة المنظمة للقرار وقد حددت لترخيص النصوص والعروض المسرحية ألف جنيها للأعمال التي لها أهداف تجارية احترافية، و 10% من هذه الرسوم أي مايعادل 100 جنيه للهواة والمستقلين،..حول  هذا القرار، في ظل ما تحتاجه الفرق بالفعل من دعم الدولة  كان لنا هذه المجموعة المتنوعة من اللقاءات .
قال المخرج هشام السنباطي رئيس مؤسسة «في عشق مصر» :
إنه من الطبيعي أن ترتفع التعريفة نظرا لارتفاع الأسعار،وكان الاعتراض لأن القرار شمل الجميع في بدايته، وهي رسوم مناسبة للمسرح التجاري وليس للهواة والمستقلين نظرا لتكبدهم تكاليف العرض المسرحي بالإضافة لتحملهم ارتفاع أسعار إيجار المسارح و بعضها خيالي، كما أنه في نفس اليوم 5 يناير ارتفعت ضريبة التذاكر بواقع جنيهين على كل تذكرة، الفرقة تدفعها بجانب ال10% مما يشكل زيادة  في مجموع ما تنفقه الفرقة من  ميزانية العرض. أضاف: أقدر طبعا إعفاء مسارح الدولة وذوي القدرات الخاصة .
تابع»السنباطي»: هناك مسألة هامة يمكن أن تساهم في حل أزمة الترقيب، على سبيل المثال نص «هاملت» تقدمه أكثر من فرقة، فما المبرر لإعادة ترقيبه في كل مرة يُقدم فيها،لماذا لا يكون هناك أرشيف في الرقابة بالنصوص المرقية بحيث لا يُعاد ترقيبها مرة أخرى، إلا إذا كان نصا معدا بشكل مختلف، ويحفظ أيضا في الأرشيف، فالثقافة الجماهيرية مثلا تقدم الكثير من النصوص المكررة وكذلك الجامعات وبدلا من قراءة مئات النصوص تنشأ قاعدة بيانات على الإنترنت لتسهيل الأمر وحل مشكلة الرقابة.
قال ايضا: هناك بعض الأشياء الغير مفهومه من الرقابة مثل فرضها أن تعرض الفرق النسخ على الرقباء وبعد كتابة الملاحظات، عليها أيضا  إخطار الرقابة لمشاهدة البروفة النهائية،في هذه الحالة ما الذي يضمن للرقابة التزام الفرقة بما جاء في البروفة النهائية، كيف ستعاقب الرقابة الفرقة في عرض الليلة الواحدة، وهي  لا تستطع حتى تحرير محضر لعدم توافر شكل قانوني لها، أيضا من الأشياء الغير مفهومة التفرقة بين الأماكن التي تمارس الأنشطة مثل الشباب والرياضة فهم يقدمون أنشطة مثلهم مثل الهواة والمستقلين و ليسوا محترفين،  فكيف يتساوون مع المحترفين!!
 وعن استغلال بعض الفرق تصريح الرقابة للعرض ليلة واحدة والعرض لأكثر من ليلة، علق السنباطي: على الرقابة التوضيح كتابيا لأن ما كتب غير واضح للبعض (يصرح له رقابيا بليلة عرض ويجب إخطارنا في حالة تقديم العرض)الصيغة مبهمة ونحن نفترض حُسن نوايا الفرق لأن معظمهم يجهل الأمر،أما إذا أرادت الرقابة حسم المسألة تماما فلتكتب صراحة أنه في حالة إعادة العرض ليلة أخرى تدفع  الفرقة رسوما إضافية.
أما السؤال حول ما تحتاج إليه هذه الفرق قال: فكرة الاعتماد الكامل على الدولة ماتت في العالم كله، هناك تنمية ثقافية تعتمد على عدة اتجاهات،نحن مثلا مؤسسة مجتمع مدني هدفها التنمية الثقافية ونتعاون مع الدولة في بعض المشاريع مثل مهرجان آفاق أو مسابقة cairo star من خلال التعاون مع وزارة الشباب والرياضة،الدولة ليست فقط المسارح التابعة لها بل مؤسسات المجتمع المدني ومسارح خاصة وكيانات أخرى، ولن أكرر وأطلب فتح المسارح للفرق فلتُفتح أولا لمسارح الدولة، وعلينا الاعتراف بأننا نخرج من سنوات عجاف استنزفت فيها الدولة وانهارت البنية التحتية، ويجري حاليا إعادة بناء للقوى، لكن في نفس الوقت يفترض أن نعطي الفرصة للشباب لأنهم المستقبل، وإن لم يجدوا منفذا لطاقاتهم وقدراتهم سينفجروا، ولا أعلم لماذا لا ينتبه المسئولين لهذا الأمر،  خاصة وأن الأعداء  يتربصون بالشباب ويحاولون  استقطابهم بأموال خيالية، في حين أن الشباب لا يريد سوى العمل تحت مظلة الدولة ورعايتها دون أن تدفع له.. الرياضة والغناء والتمثيل والفن عموما أنشطة إن تم كبتها ستتحول لقنبلة، ولا أقصد منحها الحرية المطلقة،  إنما  مع التنبيه عليها بالبعد عن الدين والسياسة والالتزام بأخلاقيات مجتمعنا الشرقي،وحتى وإن قدم سياسة يقدمها بدون تجريح.
فيما قال المخرج محمد فوزي صاحب فرقة كيان ماريونيت: إن الحل الوحيد لمساعدة الفرق المستقلة هو تفعيل وحدة دعم الفرق المستقلة التي سبق ووافق عليها د.جابر عصفور وزير الثقافة الأسبق، إنهم يتبرأون من هذه الفرق وما جاء في نص قرار الرقابة يؤكد ذلك، حيث أعفيت المسارح التابعة للدولة من الرسوم على الرغم من أن العائد منها يرجع لوزارة المالية وليس الثقافة، وهناك نقطة هامة أيضا وهي أن المؤلفين المتعاملين لا يعملون في تلك المؤسسات، فهل القرار يشمل كل التعاملات مع البيت الفني بالمجان حتى وإن لم يكن المؤلف عاملا به.؟
وأضاف «فوزي»: الأغلبية العظمى من الفرق المستقلة ماتت ويأس مؤسسوها بسبب المشاكل الكبيرة في الإنتاج، بالإضافة للمشاكل الأخرى التي تطرأ بشكل مستمر، كنا نطالب بإلغاء الرقابة وأن تكون الرقابة من المجلس الأعلى للثقافة من خلال وحدة الدعم التي من المفترض أن تدعم الفرق، أما الآن فلا أدري من أين تخرج القرارات ومن يوافق عليها؟  فهل المسرح حكر على المؤسسات؟ إن الدستور قال إن حرية الإبداع من حق المواطن المصري ولم يقل الموظف الحكومي.. فهل يعد القرار سعى لتقنين المسرح بفرض الكثير من التعقيدات والرسوم.
وفي تعجب تساءل فوزي: كيف سيتأكد موظف الرقابة أننا فرقة مستقلة، ويميز بيننا و بين القطاع الخاص؟ القرار نشر في الجريدة الرسمية ثم قيل أن الوزيرة تدخلت ولها كل التقدير لاستجابتها لنا، ولكن كل ذلك لا ينفي أن هناك تمييز وعنصرية لصالح  المؤسسات الرسمية دون مراعاة أن من حقنا ممارسة الفن ضمن  أي جهة، وتابع:  بدأنا ممارسة الفن كنا في مراكز الشباب والشوارع ويتابعنا أبناء المناطق الشعبية ومنهم الطبيب والمهندس والأكاديمي والصنايعي،كان الأمر حقيقي بعيدا عن الصور الزائفة للمسئولين والإعلام الزائف، كثير من الفنانين قدموا فنهم في القرى والنجوع والمحافظات ولا يعرف عنهم أحد شيئا  لكنهم قاموا بدور إيجابي وحقيقي أكبر من الخطط والإستراتيجيات التي تقوم بها بعض المؤسسات، فالفنان الموظف ليس أفضل منا وهناك تشريعات وقوانين نحترمها، لكن لتطبق على الجميع دون تمييز.
وأكمل : كثير من المؤلفين أصابهم الملل لكثرة وتعقيد إجراءات ورسوم حقوق الملكية الفكرية فكيف هو حال الفرق التي تنفق لتسجيل جميع عناصر العرض المسرحي من موسيقى وديكور وتأليف، خارج مصر لا فرق بين فرق الدولة و بين الفرق المستقلة، موظف الدولة يحصل على راتبه ومكافآت العروض، و المستقل لا يعني أنه يرتزق ويكسب أموالا، بل هو مستقل بأدواته وإمكانياته وأفكاره .. ونؤكد أنه  ليس مستقلا عن الدولة، ابحثوا عن Germany independent theatre  وتعرفوا  على الدعم الذي تقدمه الدولة لها .. كفرقة مستقلة أطلب من الوزارة إنتاج العرض وأن تمنحني مكانا و لا تلفظني لأني خارج مسرحها أو لأني غير نقابي، بينما نحن نخلق العراقيل أمام  الفن طيلة الوقت،و أحب أن أشيد بالمخرج عصام السيد الذي  كان يستضيف الفرق المستقلة حين كان مديرا للمسرح، فأين الدور الحقيقي لمديري المسارح الآن.
المخرجة الشابة منار زين قالت: الهواة والمستقلين ليسوا قطاع خاص و ليس  لديهم دعم، وعلى الرغم من إقرار أكثر من وزير بوحدة دعم المستقلين لكنها لم تطبق، واستغرب أن وزارة الثقافة ليس لديها فكرة أنه عليها دعم هذه الفرق بدلا من أن ترهقهم أكثر، وكون الوزارة تراجعت عن القرار الأول ووضعت ضوابط لحماية الفرق الحرة والمستقلة فتلك شجاعة تحسب لوزيرة الثقافة  د.إيناس عبد الدايم،لكننا نطمع في أن يكون هناك دعم  للهواة حتى ولو كان لوجستيا، لعدم توافر مسارح مما يضطرهم لتحمل نفقات إيجار مرتفعة لتقديم ما يحبونه،  وذلك باستضافة  هذه الفرق في مسارح الدولة وفقا للنظام الذي لا يعطل هذه المسارح عن عملها.
وتابعت «زين : «أستاء حين أقرأ عن المسرح المعاصر وأجد كل المسرحين المعاصرين في أوربا أقاموا مختبرات نتيجة للدعم المادي الذي كان جزء منه خاص وأخر تمنحه لهم الوزارة على الرغم من كونه مسرحا خاصا، هذا المسرح هو سبيلنا لتجنب الاصطدام بشباب متطرف وجاهل، لدينا وزيرة إنسانة قبل أن تكون فنانة وأتمنى أن تحتوي الفرق أكثر من ذلك.
أما المخرج شادي الدالي فأكد على ضرورة توفير تسهيلات للشباب ليبدع ويخلق حركة مسرحية تصب في مصلحة المسرح المحترف بقطاعيه العام والخاص، وأضاف:   من غير المنطقي أن نصرح دائما بأننا نشجع الشباب على العمل وممارسة الأنشطة البناءة مثل الفن ولا نساعدهم على ذلك،علما بأن هذه الأنشطة تشغل الشباب و تقدم للمجتمع رؤية الشباب التي نحن في أشد الحاجة إليها.
أضاف «الدالي»: مسرح الجامعة والهواة والمستقل مسرح محترف، ولكنه مستقل إنتاجيا بعيدا عن مسرح الدولة والقطاع الخاص الذي أعتبره نادرا وأتمنى أن يعود وينتعش،أما عن قوانين الرقابة فالأمر مبهم بالنسبة لي حتى الآن وقد نُشر القرار في الوقائع المصرية ولم نتعرف على الاستثناءات سوى بعد ذلك، و كان من المنطقي إعفاء  مسارح الدولة ولا أرى أزمة في القرار بعد التعديل، حيث  كانت التكلفة قبل ذلك  مائة جنيها أيضا،   لكن ما لا أفهمه هو : هل نأخذ أذنا بالعرض أم أنها ضريبة؟!!وهل الأموال أهم أم الرؤية الفنية للعمل؟ فمن حق كل الناس أن تعمل وتعرض أعمالها على الرقابة ومن حق الرقابة أن تقوم بعملها كما نفعل جميعا بالنظام المعمول به في مصر منذ زمن،أما عن المسرح الخاص فمن حق الدولة إذا كان يقدم عروضا مسرحية ناجحة جماهيريا تحصيل الرسوم التي تستحقها منه ومن السينما، ومن حق الرقابة تحصيل رسم بسيط جدا من الفرق المستقلة والهواة،ولكن علينا تشجيعهم حتى تكبر الحركة المسرحية والسينمائية وتعود مصر لمكانتها الفنية.
فيما قال المؤلف أحمد البنا: أشعر أن وزارة الثقافة منذ فترة غير راغبة في مسرح الهواة والمستقلين، وتريد تقليص دور المسرح علي ما تعرضه الثقافة الجماهيرية والبيت الفني، و مع الأسف يتم غلق منافذ الهواء عن الهواة . وأضاف:  أتمني أن تكون أخبار تعديل القرار صحيحة وسيظهر ذلك حين تبدأ الفرق في خوض تجربة رقابة المصنفات، لأن جميعها عناوين و واجتهادات شخصية للبعض على صفحاتهم .
فيما قالت المخرجة منال عامر مؤسسة فريق كيان المسرحي:  نحن كهواه نعمل بالجهود  الذاتية، نستقطع من وقتنا و رواتبنا لنمارس هوايتنا، ومسرحنا يحول دون وقوع الشباب  تحت وطأة الفكر المتطرف. وأضافت:  كانت الدولة تهتم بنا وتستعين بمخرجين ومصممين إضاءة وديكور وتعلمنا مجانا، لكن لم يعد لديها اهتمام بعمل ورش لدعم الشباب فنيا، كما نضطر لتأجير القاعات والمسارح في حين أن هناك مسارح تابعة للهيئة العامة لقصور الثقافة مغلقة، أيضا نضطر لدفع تصريح الرقابة عن كل ليلة عرض وإخطار الرقابة قبل العرض بأسبوع.
تابعت:  بدأت الدولة في دعم ذوي القدرات الخاصة وخصصت لهم أماكن لممارسة المسرح، وإذا لم تدعم فرق الهواة والمستقلين فستلقي بهم في متاهة مخيفة، وكما أعفت الدولة مسارح البيت الفني عليها إعفاء الهواة والمستقلين أيضا من كافة الرسوم لأنه مسرح لا يهدف للربح.
وقال المخرج عمرو الطيب مدير فرقة أبيض مسود المسرحية : تعمل الفرق الحرة من أجل الفن ولها رسالة وهدف، و لها  أثر إيجابيا يساعد في تغيير فكر وذائقة الجمهور،و تقوم بدور نبيل دون سعي للمكاسب المادية بل على العكس تماما يدفعون من جيوبهم ومن جهدهم من أجل تفريغ طاقاتهم وحبهم في المسرح.
وأكد  على ضرورة اهتمام الدولة بدعم هذه الفرق وذلك من خلال استقبال قصور الثقافة ومراكز الشباب والنوادي لهم  بدون مقابل،بالإضافة لتنظيم مهرجانات داخلية تحت رعاية وزارة الثقافة ووزارة الشباب والرياضة،وأن يدعموا المواهب ممن لم تتح لهم فرصة الالتحاق بالمعهد العالي للفنون المسرحية.
أما  الناقد والمخرج المسرحي محمد النجار فقال: مما يستحق الفخر أن يكون لمسرح الثقافة الجماهيرية إدارة تحميه، ذلك أنه بعد صدور القرارات الخاصة بزيادة رسوم الرقابة ونشرها في الجريدة الرسمية تحركت الإدارة بشكل رسمي لمخاطبة أصحاب القرار، فكان إعفاء مسرح الثقافة الجماهيرية من كافة الرسوم هي بادرة طيبة وراقية.
وأضاف»النجار»: لابد أن نعرف الفارق بين الفرق الحرة المستقلة التي لا لا تسعي للربح، وبين فرق القطاع الخاص التي تتربح من العروض الجماهيرية،وعلي ذلك لا يجوز مساواة هذا بذاك، فإذا كان ولابد من فرض رسوم فالأحرى أن تكون تلك الرسوم علي عروض القطاع الخاص فقط،أما عروض الشباب خاصة في الأقاليم وعروض المسرح الجامعي فهي الأولى بالدعم والتشجيع، لأنها  عروض غير ربحية ولابد من تحركات من أدارة الجامعات والمجتمع المدني بشكل يضاهي تحرك إدارة المسرح بالهيئة العامة لقصور الثقافة.
وأكد النجار على أن المسرح هو الرئة اللي يتنفس بها الشباب،ومن غير المنطقي أن يدفع أموالا ولا  يدر أي مكاسب مادية.


روفيدة خليفة