أحمد سمير: النص الفائز يتناول صراع ملوك الطوائف وسقوط الأندلس

 أحمد سمير: النص الفائز يتناول صراع ملوك الطوائف وسقوط الأندلس

العدد 641 صدر بتاريخ 9ديسمبر2019

يعمل مرشدا سياحيا، لديه شغف بإعادة قراءة التراث، له الكثير من المؤلفات المسرحية منها على «من يحكم الإله، ليلة زفاف، فاترينة قزاز، ثائر على سرير العزلة، مطلوب مخرج، المشهد الأخير، مصرع مشهد في نهاية ما، المصفقون، تذكرة إلى حلم مجاني، ليلة من ألف ليلة»، والأخير أنتج وقدم أيضا بالسعودية، قدمت له عروض بالمسرح المدرسي وفرق الهواة ونوادي المسرح والجامعات، رشح لعدد من الجوائز منها جائزة الهيئة العربيه للمسرح للنص الموجه للكبار 2018 عن النص المسرحي «حكايات شهريار» كما رشح لجائزة كايرو شو للنص المسرحي 2019 عن «ليلة زفاف»، كما رشح أيضا لجائزة الهيئة العربية للمسرح للنص الموجه للطفل 2019عن «مصرع مشهد في نهاية ما»، فيما حصل على عدد من الجوائز منها جائزة أفضل نص مسرحي بمهرجان ميت غمر للمسرح الحر ومهرجان زفتى للمسرح الحر عن نص «نبأ عاجل»، جائزة أفضل نص بمهرجان أسيوط عن نص «ثائر على سرير العزلة» وجائزة أفضل نص مركز ثان بمهرجان شرم الشيخ الدولي وأفضل نص بمهرجان الساحر للمسرحي الكوميدي عن النص المسرحي «ليلة من ألف ليلة وليلة»، وأخيرا حصل المؤلف أحمد سمير على جائزة أفضل نص مسرحي مركز ثانٍ بمسابقة الهيئة العربية للمسرح للتأليف للكبار عن نص «مآذن تلفظها الأندلس»، فكان لنا معه هذا الحوار.
ماذا عن النص الفائز «مآذن تلفظها الأندلس»؟
سبق وتقدمت للمسابقة بنص «حكايات شهريار» ورُشحت ضمن القائمة القصيرة لكن لم يحالفني الحظ، وكان لدي إصرار لخوض التجربة مرة أخرى والحصول على الجائزة، فكتبت نص «مآذن تلفظها الأندلس» للمشاركة به، بالإضافة لنص آخر في مسابقة التأليف الموجه للطفل «مصرع مشهد في نهاية ما»، والنص الفائز يتحدث عن آخر حقبة في التاريخ الإسلامي الأندلسي، وهي حقبة الصراع بين ملوك الطوائف، حيث اشتد الصراع جدا بين اثنين من الأمراء، المعتضد بن عباد أمير العرب وباديس بن حبوس أمير البربر، فقد أصبح القتال طائفيا بين المسلمين وبعضهم البعض، العرب ممن أتوا من شبه الجزيرة العربية والبربر الذين أتوا من شمال الأطلسي أو الشمال الأفريقي وقد اشتد الصراع بينهم على من الأحق بتولي أمر الأندلس والمدن الجديدة التي افتتحت، وكل منهم يرى أن الآخر من الخوارج، فأصبح للأندلس خليفتان عربي وآخر بربري، حتى سقطت الأندلس.
 - ولهذا أسميت النص بهذا الاسم؟
نعم، لأن الأندلس لم تعد تريد الإسلام لديها وكان الاسم يعبر عن ذلك، كما أنني أشرت في النص للحظة الآنية التي تمر بها المجتمعات العربية من الانقسامات والقتال الداخلي، عربي يقاتل عربي ومسلم يقاتل مسلما، وصلنا لمرحلة من الخطورة هي التي دفعتني لكتابة هذا النص.
 - ولماذا اخترت هذا النص تحديدا للمسابقة؟
مسابقات الهيئة العربية للمسرح معنونة وتطلب موضوعات محددة فكان موضوع العام «نكتب نصوص اليوم من أجل الغد» فرأيت أن النص رسالته من أجل الغد وإن لم يدركها الجيل الحالي فحتما ستأتي أجيال أخرى وتستوعب فكرة التوحد وعدم الاقتتال والانقسام، وتؤمن بفكرة الصف الواحد.
 - على المستوى الشخصي ما الذي تعنيه لك هذه الجائزة؟
لم أكن مؤمنا بنفسي على مستوى الكتابة أو مدركا لأهمية مشروعي ولكن المحيطين بي آمنوا أن لدي مشروعا مهما حتى تم ترشيحي للمشاركة في مسابقة الهيئة العربية للمسرح العام الماضي، ثم حصلت على جائزة التأليف في مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي، وبدأت العمل على فكرة عدم الارتباط بالمحلية والمشاركة في المسابقات الدولية وبالفعل شاركت في عدد من هذه المسابقات، وأرى أن الجائزة في حد ذاتها دافع كبير لمزيد من الخطوات القادمة لاستكمال مشواري فاليوم شاركت بمسابقة للمتحدثين باللغة العربية وغدا أترجم نصي لمسابقات بلغات أخرى، فكل شخص طموحه وهدفه أن يصل لنوبل وأتمنى أن أصل لمرحلة متقدمة تؤهلني لها.
 - نصوص المسابقات تختفي في الغالب فهل ننتظر النص قريبا على خشبة المسرح؟
أشعر بالسعادة حين يعمل أي من المخرجين على نصوصي، ولست حريصا على فكرة اختفاء النصوص فبعد جائزة مهرجان شرم الشيخ، النص قدم على خشبة المسرح من خلال الهيئة العامة لقصور الثقافة، لكن بعض المسابقات لها شروط خاصة مثل الهيئة العربية وهو عدم تنفيذ النص ثلاثة أعوام وألا يطرح إلا من خلالها، وبالتأكيد إن طلبه أحد سأتواصل مع الهيئة بعد التأكد من عدم محدودية إنتاجه لأنها مشكلة قائمة لدينا ومعظم العروض لا تصل للناس.
 - كيف ترى أهمية أنشطة الهيئة العربية للمسرح؟
لها دور كبير ومميز في تقديم الأنشطة، خاصة للجيل غير المعروف والبعيد عن الأضواء، حيث حددت فئة عمرية بعينها للتنوير على النماذج الجديدة التي تنتمي إليها وتحاول الوقوف على أرض صلبة، دورها عظيم حيث تقدم مسابقة تعد محط أنظار الجميع، خاصة مع دعوة الفائزين لحضور المهرجان الذي يُقام كل عام بدولة عربية مختلفة، فالعام القادم في الأردن وهذا حافز كبير لجيل الشباب الذي يكتب لأن يتحمس للكتابة والوصول لمرتبة مميزة في مسابقات الهيئة.
 - لنتحدث عن علاقتك بالشعر الغنائي وكيف اتجهت للمسرح؟
البداية كانت حبي للغناء، وكنت أحاول تقديم شيء بمشاركة أصدقائي، فبدأت بتعلم شكل الأغنية حتى التحقت بفرقة الموسيقى بقصر ثقافة بهتيم، وبالصدفة علمت أن هناك نادي أدب انضممت إليه لمدة عام ونصف، وبالصدفة أيضا علمت أن هناك اختبارات لفريق المسرح وقُبلت بالفرقة، ثم البداية الحقيقة كانت من خلال مهرجان شبرا الخيمة الحر، حيث شاركت بنشرة المهرجان، وكانت المرة الأولى التي أشاهد فيها عروضا مسرحية، وبدأ تعلقي بالمسرح، شاركت في أدوار صغيرة ممثلا في أول مسرحيتين «الحياة حدوته» و«أخبار أهرام جمهورية»، ثم انضممت لفرقة الشباب المسرحية، ثم فرقة فيوتشر حتى انتباتني رغبة لخوض التجربة بشكل أعمق، وكتبت فكرة «نبأ عاجل» وشاركت بها في مهرجان زفتى وسمنود وحصلت على جائزتي تأليف وإخراج، بالإضافة لبقية جوائز العرض، ثم التقيت د. طارق عمار رئيس لجنة تحكيم مهرجان زفتى، الذي وجهني إلى أن مكاني هو التأليف، ومنذ ذلك الحين أستشيره بشكل دائم فيما أقدم عليه، وعلى مدار السنوات الماضية أنتجت لي الهيئة العامة لقصور الثقافة نصين هما «ليلة من ألف ليلة» و»مطلوب مخرج»، بالإضافة لمشاركتي العام الماضي بمسابقة التأليف للكبار التابعة للهيئة العربية للمسرح، ولم يحالفني الحظ للفوز بالجائزة.
 - ترجم نصك «ليلة زفاف» للألمانية.. فما الذي يميزه عن غيره من نصوصك؟
أعمل مرشدا سياحيا وعلاقتي بالسائحين جيدة وتنشأ كثير من علاقات الصداقة بيننا، وفيما كنت أعلن عن كتابتي للنص سألني عنه صديقي الألماني «بيترهاونج» الذي يمتلك دار نشر في ألمانيا ومهتم بالأدب، فشرحت له الفكرة وأعجبته كثيرا لأنه لا يتطرق لمجتمع بعينه بل يناقش فكرة إنسانية تهم العالم أجمع، فطلب النص ليترجمه للألمانية لرغبة إحدى الفرق في تقديمه، ويدور النص حول نزول سيدنا آدم إلى الأرض والصراع الدائر بينه وإبليس من خلال تبديل الأدوار وفرضية «ماذا لو» كانت حواء خُلقت في الأصل لإبليس وليست لآدم وما مستجدات الموضوع، هل سنمر بنفس النهاية أم كان الأمر سيختلف!! و»ماذا لو» سجد إبليس من البداية: هل كنا سنستمر جميعا في السماء أم كنا سنلقى نفس المصير وهو السقوط من السماء أي أنه قدر كان سيحدث في كل الحالات.
 - لديك تجربة مع التربية والتعليم حدثنا عنها؟
قدمت بها عددا من النصوص منها «بروفة جنرال» 2012، وحصدت المركز الثاني على مستوى الجمهورية ضمن نشاط شرق مدينة نصر، ثم قدمت على مستوى الإخراج عرض «تيجي نحبظ» وحصل على المركز الأول جمهورية، بالإضافة لبعض العروض الأخرى مثل «التلامذة», «مطلوب مخرج» و»إله الريح»، و»أربعة في الميه».
 - ما تقييمك للمسرح المدرسي من خلال تجربتك معه؟
مسرح مهم يستقطب شريحة عمرية مهمة جدا على مستوى الممثلين والجمهور، وهي شريحة طلاب المدارس، وأهميته تأتي من فكرة التنشئة من خلال المسرح، خاصة مع وجود وسائل الميديا المختلفة والأفلام التي لا يمكننا التحكم فيها، وتبث أفكارا تشوه مجتمعنا، والحل يكمن في المسرح المدرسي، الطالب حين يمارس أو يشاهد نشاطا مسرحيا هادفا يرتفع وعيه وتنمو ذائقته.
 - هل تكتب نصوصا تتناسب وهذه الفئة العمرية؟
لا أهتم في المطلق بالفئة العمرية بقدر الاهتمام بأن تكون الفكرة متوسطة تصل لكل الناس لا المثقفين فقط، حتى وإن وجدت فكرة بهذا العمق أحاول دائما إيجاد حلول ليفهمها الجميع، بالإضافة لبعض النصوص التي تتسم ببساطة أفكارها مثل «مطلوب مخرج» و«ليلة من ألف ليلة» و«آلهة الريح» وهي نصوص مختلفة وأعمل دائما على كسر اللغة العربية الفصحى بمسار آخر عامي، من خلال خطين دراميين بحيث أقرب المسافة أكثر من الجمهور ولا يكون هناك عائق أمام الفهم.
 - بمناسبة كسر اللغة هل تعد «ليلة من ألف ليلة» إعادة قراءة لتراثنا؟
لست متأكدا إن كانت قراءة جديدة أم لا، ولكني حاولت العمل عليها لإعادة قراءة حكايات شهريار وشهرزاد من خلال تقديمها من زاوية مختلفة وهي الزاوية الدينية، ففكرة القتل عند شهريار كان لها أسباب ودوافع، إذن فالشيطان نفسه هل كان له دور في المسألة؟ هذا ما أتساءل عنه من خلال استحضاري لمجتمع الشياطين وهم يتابعون عمليات القتل التي يمارسها شهريار كل يوم، ويدور الصراع حول من هو الأمهر: الشيطان أم الإنسان ومن سينتصر في النهاية خلال القصص التي ترويها شهرزاد، هي حواديت تقدم نفس المنجز الأدبي وهو الصراع بين الإنسان والشيطان، وسعت اللغة لصناعة كوميديا بالانتقال من الفصحى للعامية بشكل مفاجئ.
 - كيف يمكننا إعادة قراءة تراثنا بحيث يتناسب وعصرنا الحالي؟
نحن بحاجة لإعادة قراءة التراث وتقديمه بما يناسب العصر، الأمر يحتاج لفكرة جديدة ومتطورة من المؤلف الذي سيعيد تقديم العمل، وأنا شخصيا عملت على عدد من الموضوعات منها، كليوباترا وصراعها مع بطليموس، وعملت على التدخل المغولي في الشرق الأوسط، أهتم بهذا الأمر كثير، وأرى ضرورة الاهتمام به خاصة مع محاولات تغريب المسرح المصري، بتقديم أعمال مثل ديزني وقد نُقلت حرفيا بكل ما قدمت به في الأفلام، والكارثة أن يكتب عليها تأليف، فهل الهدف هو العمل على شيء ناجح من الأساس لضمان نجاحه أو لأن العمل يعرفه الناس مثل علاء الدين وسندريلا لمسرح الطفل، إن كانت تلك هي المسألة إذن لدينا مشكلة كبيرة.
 - ما أهم التحديات التي ينطلق منها جيلك من المؤلفين؟
أهمها الإيمان بنا، فحين بدأت مشاهدة وكتابة المسرح للأسف اصطدمت بأسطورة أن المؤلف المصري مات، أنا لم أمت، وأرفض الفكرة لأنها أكذوبة، لدينا أساتذة كبار جدا في التأليف علمونا معنى المسرح، ولدينا شباب جيدين، وجائزة الهيئة هذا العام جاءت بتوقيع مصري خالص، حيث رشحت تسعة أعمال لمؤلفين مصريين فاز منهم ثلاثة، وذلك أكبر دليل أن المؤلف ما زال حيا ومستمرا في المحافل الدولية وينتزع منها الجوائز، ليس هذا العام فقط، فالعام الماضي الحاصل عليها مصري أيضا، من التحديات التي نواجهها أيضا لجوء المخرجين للأعمال الأجنبية المكررة، مما يضيق مساحة الطرح والأفكار الجديدة وأعتقد أنه في ظل الأسماء الجديدة المطروحة فلن يكون للمخرجين حجج، ولا بد من أن يبحثوا عن النصوص الجديدة، لكونها بالتأكيد تعبر عنا كمصريين وعن مجتمعنا، وهذا ما نحتاج إليه الآن وليس الشكل «الحلو» فقط حتى يمكننا تغيير أنفسنا من خلال أداة التغيير الأولى وهي المسرح.
 - احتل اسم المخرج الصدارة في العمل المسرحي فكيف ترى ذلك؟
يفترض في العلاقة بين المؤلف والمخرج أن تكون تكاملية، حين يريد المخرج تغيير شيء بالنص فعليه الرجوع للمؤلف، لكن أن يتناول النص من جديد ويضع عليه أفكارا جديدة، إذن فعليه كتابة نصوصه بنفسه بعيدا عن النص الذي اختاره، هذا إن كانت العلاقة تكاملية كما كان الجيل القديم يفعل، سواء في المسرح المصري أو العالمي، التكاملية هي القادرة على صناعة مسرح جديد على مستوى التقنيات الإخراجية والكتابة، وبسببها أصبح لدينا مادة علمية وأسس تمثيل وإخراج وكتابة مسرحية، نحتاج لنفس الشكل في العلاقة بين المؤلف والمخرج،، فبعض المخرجين يعتقدون أن تصدر المشهد يصنع نجوميتهم فيلجأون لإضافة التفسيرات كأن المؤلف رحل!
هل ترى أن المؤلف المصري في حاجة لمهرجان؟
بالتأكيد لا بد أن يكون هناك مهرجان مستقل للمؤلف المصري بجانب مسابقات التأليف المستقلة، وبهذا الشكل سيكون لدينا عدد كبير من النصوص الجديدة يمكن للمخرجين الاستعانة بها بدلا من النصوص الغربية مما يثري الحركة المسرحية بشكل كبير.
 - هناك مواهب في التأليف من طلاب المدارس كيف يمكن التنوير عليهم؟
لا بد من أن تكون هناك مسابقات للتأليف خاصة بالمسرح المدرسي داخل المهرجانات بجانب مسابقات التأليف للكبار، فالصغار في حاجة لنفس المحفزات والأساليب لاكتشافهم، لدينا ما يقرب من 52 إدارة تعليمية إن رشحت كل منها نصا واحدا فسيكون لدينا عدد كبير من النصوص المؤلفة بأيدي جيل من طلاب المدارس يمكن الاستفادة بها.. المسابقات أفضل طريق للوصول لكتاب جدد.
 - ما الجيد لديك سواء على مستوى الكتابة أو العرض المسرحي؟
أكتب نصا بعنوان «دوشن» يتحدث عن مرض خطير يصيب الأطفال وهو الضمور، ليس له علاج، المريض ينتظر الموت في أي وقت، أحاول من خلال النص لفت النظر إلى هذا المرض، قد يحدث تغييرا ويكون أهم ما قدمت في حياتي على مستوى الكتابة، هذا بالإضافة لوجود عرضين بالهيئة العامة لقصور الثقافة لنص «ليلة من ألف ليلة وليلة».


روفيدة خليفة