ضمن ورش التجريبي والمعاصر البناء بالحركة والمزج بين الرقص التقليدي والمعاصر

ضمن ورش التجريبي والمعاصر البناء بالحركة والمزج بين الرقص التقليدي والمعاصر

العدد 632 صدر بتاريخ 7أكتوبر2019

شهدت فعاليات مهرجان القاهرة للمسرح التجريبي والمعاصر في دورته السادسة والعشرين  حقيبة متنوعة من الورش الفنية التي صاحبت المهرجان ومنها ورشة مشروع كومبي للمدرب الأوغندي جينجو إسماعيل ، والتي عقدت في الفترة من الاثنين 16 سبتمبر وحتى الخميس 19 سبتمبر .
بدأ جينجو  إسماعيل مسيرته الفنية كمدرس وراقص منذ 2015 من خلال مشروعات فرقة بلاكيس، ستديوهات الرقص ، مشروع جالكسي للرقص. وهو متخصص في عدة أشكال للرقص مثل الرقصات الأوغندية التقليدية، الرقص المعاصر، الهيب هوب، البريك دانس مع تحليه بقدرة فائقة على الدمج بين الأشكال المختلفة. قدم إسماعيل موهبته الفنية على عدد من مسارح العالم.
ويتعاون إسماعيل مع عدد من الفنانين المحليين والأجانب في التخصصات المختلفة كما يتعاون مع منظمات وفرق دولية وهو ما يميز مسيرته بشدة.
استهل ورشته  بمجموعة من تمارين إحماء بسيطة  ومنها إلى أداء بعض الجمل الحركية التي تنتمي للرقص الإفريقي .. وهي حركات تعتمد على الجسد بأكمله (اليدين والقدمين والخصر ) . كمحاولة منه  لاكتشاف إمكانات وقدرات المتدربين.
ثم يوضح جينجو أن التدريبات اليومية  ستتنوع بين تمارين الإحماء .. وبعض الجمل الحركية من  الرقص الإفريقي التقليدي.
وقد اهتم بالتأكيد على شكل الجسد .. والتدريب على خلق (حركة موجية ) بالجسد أثناء أداء هذه الجمل الحركية التي تعدّ بمثابة تكنيك سريع للإحماء ، لافتا إلى أن هذه الحركات هي من رقصات خاصة تشتهر بها بعض القبائل الإفريقية ويمارسونها في  بعض المناسبات وخاصة  حفلات ( الختان ) .
ثم طلب من المتدربين تأدية جميع الحركات التي تم التدريب عليها خلال الساعتين الأولى من الورشة متتابعة ، وتتنوع هذه الحركات فتارة تؤديها المجموعة بشكل جماعي، ثم يؤديها كل فرد على حدة أمام المجموعة ، ثم تؤديها المجموعة في شكل ثنائيات .. وهكذا.
ولفت  إلى أن محتوى الورشة سيعتمد على إضافة بعض الحركات الجديدة يوميا ليضيف لرصيد كل متدرب حركات جديدة متقنة كما لو كنا بصدد تصميم تابلوه راقص سيكون معدّا في اليوم الأخير للورشة .
وقد أوضح أن الورشة ترتكز بشكل أساسي على بناء هذه الحركات التي تعتمد الدمج بين الرقص التقليدي والمعاصر . ويضيف أن كلمة ( كومبي ) kumpe  تعني التذكر والبناء ، موضحا أن الرقص هو عملية بناء لمجموعة حركات متتابعة، وأنه يساعد على التواصل مع الآخر بل مع الأشياء ، إضافة إلى أن الراقص يستطيع أن يشعر بجسده تماما .
وأكد أن مشروعه في هذه الورشة يعتمد الدمج بين الرقص التقليدي سواء في مصر أو أوغندا أو إفريقيا بشكل عام ، وبين ما هو معاصر، وذلك  عن طريق  البناء الذي يبدأ من حركة بسيطة تضاف لها حركة أخرى ثم حركة ثالثة ، لتصبح حركة راقصة .
في بداية اليوم الثاني يطلب من كل متدرب خلع حذائه، موضحا أنه على  المتدرب أن يكون حافي القدمين .. ليتخفف ويكتسب حرية الحركة،  ثم يبدأ  بالحركة العشوائية في المكان .. ثم الثبات والحركة ..  مع إشارة المدرب  وهكذا ..
ثم ينتقل إلى الحركة البطيئة ليستطيع كل متدرب التحكم في جسده، واستمر ذلك لمدة 20 دقيقة تقريبا .. ويواصل  تمارين الإحماء بأن يقف المتدربين في دائرة ويبدءون في عمل حركة جماعية بالقدمين  لعمل إيقاع واحد متناغم .. يبدأ بطيئا ثم يكتسب سرعته تدريجيا ..  ويعود بطيئا مرة أخرى وهكذا.. ثم يضيف إسماعيل حركة جديدة مع حركة القدمين وهي حركة اليد اليمني كجناح طائر .. ويبدأ مجموعة المتدربين في تنفيذ الحركة والدوران حول مركز الدائرة .. أو التقدم نحو المركز والعودة لأماكنهم على محيط الدائرة مرة أخرى .. مع التبديل بين حركة اليد اليمني ثم حركة اليد اليسرى . ثم تكتسب التمارين حيويتها  أكتر .
و ينتقل المدرب إلى حزمة جديدة من تمرينات الإحماء تعتمد على حركة الكتفين  واليدين .. ثم يضيف لها حركة عنيفة متتابعة وسريعة بالقدمين .. ليعمّ التأثير جميع أجزاء الجسد
ثم تنتهي تمارين الإحماء التي استغرقت قرابة الساعة ونصف بمجموعة من تمارين التنفس .  
وتبدأ مجموعة جديدة من تمارين الرقص الأنثوي، ويوضح إسماعيل أن هذه الرقصات تعتمد على حركة الخصر .. وطلب من جميع المتدربين الذكور والإناث أداء جميع الحركات معا بشكل جماعي.
و في الجزء الثالث من الورشة يتساءل  هل سمعتم عن أدوات الكوريوجراف ؟ كم أداة تعرفونها منها ؟
ويجيب : سنتعلم في هذه الورشة بعض مفاتيح التصميم الحركي وهي تصلح لجميع أشكال الرقص كالشرقي والإفريقي والمودرن وغيرها.
ويوضح أن الأداة الأولى من أدوات التصميم الحركي هي الارتجال الحركي، مشيرا  لعلاقة الراقص بالفراغ/ المكان، وأن الراقص عليه استخدام المكان والحركة. وأن الرقص هو عملية بناء لمجموعة من الحركات المتتابعة، ليكوّن جملة حركية وهو ما اسماه بمستويات الحركة .
ثم يطلب من كل متدرب ارتجال الحركة على مجموعة متنوعة من الموسيقات والأغاني الإفريقية متباينة الألحان والإيقاع .
ويقول المدرب إن على الراقص أن يخلق قصة في خياله أثناء ارتجاله الحركة. ويستمر المتدربون في أداء تمارين الارتجال الحركي متنوعة بين الارتجال وقوفا، ثم ارتجال الحركة مع ثني الركبتين  توسطا بين الجلوس والوقوف .  ثم الارتجال الحركي على الأرض.  الخ من التنويعات التي يتسم بها الرقص المعاصر.
وفي بداية اليوم الثالث  يعرض إسماعيل على مجموعة المتدربين فيديو لأحد العروض الفنية الراقصة التي صممها من قبل لفرقته،  والعرض يستخدم فيه  الأسلوب الذي يعتمده في الرقص وهو الدمج بين الرقص التقليدي والمعاصر، في محاولة منه لإثارة خيال المتدربين للابتكار والإبداع،  فقد طلب من كل منهم التفكير في تصميم حركات جديدة ومبتكرة مستعينا بما شاهدوه في ذلك الفيديو . ثم انتقل إلى تمارين الإحماء اليومية المعتادة، والتي يبدأ فيها بالرقص مستخدما القدمين، ثم اليدين ثم باقي أجزاء الجسد. وينهي إسماعيل  مجموعة تمارين الإحماء بتمارين استطالة واسترخاء الجسد.
وفي الجزء الثاني من الورشة يستكمل ما بدأه حول الارتجال الحركي، حيث قام بتقسيم المجموعة لمجموعتين، وطلب من كل مجموعة ابتكار حركة ثم تقوم بالبناء عليها حركة أخرى حتى نصل لثلاث لحركات كما وضح في اليومين السابقين .. وبعد ذلك يقوم هو بدمج الحركات الثلاث من كل مجموعة ليكونوا معا رقصة واحدة، مشيرا إلى أهمية تنوع الحركات الثلاث بين مستويات ثلاث  ( وقوفا، وفي المنتصف ، وعلى الأرض ) وتنوع إيقاع الحركات الثلاث بين الحركة البطيئة والحركة السريعة،  وقد أوضح أن الحركة الارتجالية هي الركيزة الأساسية في هذا التمرين و أن عملية البناء هي الآلية المستخدمة فيه، وأن أي حركة أيا كانت يمكن البناء عليها وتطويرها لتصبح رقصة، ثم ارتجل بنفسه أمامهم مجموعة من الحركات ليثير خيالهم لتطويرها لتصبح رقصة، موضحا أنه  ليس من الضروري تقليد نفس الحركات، وإنما التعرف على كيفية استخدام المساحة والزمن بهدف خلق حركات ورقصات مبتكرة.
واستمرت المجموعتان بابتكار الحركات وبناءها لتكوّن رقصة، وهو يتابعها ويطورها معهم .
ثم طلب من كل مجموعة أن تجهز قصة للغد ليتم تقديمها في شكل راقص لمدة 10 دقائق ، مؤكدا على ضرورة التركيز على الارتجالات الحركية التي ابتكرها المتدربون اليوم لإعادة تقديمها في الغد .
وفي اليوم الرابع والأخير وكالمعتاد بدأ ببعض تمارين الإحماء التي استمرت لمدة الساعة تقريبا، ومن الملاحظ أن مجموعة المتدربين قد اعتادوا هذه التمرينات بمرور الوقت، فلم تعد ترهقهم، بل أصبحوا يؤدونها بكل يسر .
ثم تساءل هل أعددتم القصص التي أشرنا إليها بالأمس؟ وكان قد طلب من كل مجموعة إعداد قصة يعبر عنها مجموعة المتدربين في شكل راقص، فبادرت كل من  المجموعتين  بسرد القصص و  الأفكار  ليختار منها المدرب ما هو أنسب للتعبير الراقص .
فاختار إسماعيل قصة تعبر عن الحرب، وقام بتشغيل مقطعا موسيقيا يراه معبرا عن ذلك ، وبدأ في الارتجال الحركي وتقلده المجموعة .
وعندما أتقن المتدربون أداء هذه الحركات المرتجلة  قام بتوزيع هذه الجمل الحركية على مجموعة المتدربين ليؤدونها على التوالي.. واستمرت مجموعة المتدربين في أداء الجملة الحركية على التوالي ، كل متدرب حركة واحدة يبدأ بها ويظل في وضع الثبات ( جست ) حتى ينتهى الجميع من حركاتهم ثم يبدأون في الرقص الجماعي. وبعدها ينطلقون في حالة ركض عشوائي في كل مكان ( حالة رعب وخوف كتعبير عن الحرب )  كما لو كان كل منهم يبحث عن مكان للاختباء
ثم قاموا بتوزيع الأدوار فيما بينهم، فمنهم الجندي والمصاب والمختبئ والمساعد الذي يساعد المصابين والمستسلم ... الخ.
ويضيف المدرب بعض الحركات لكل شخصية على حدة .. ثم بعض الحركات الجماعية .. التي تنتهي بهيستريا بين الضحك والصراخ معبرة عن الحرب وأهوالها،  حتى تكوّنت اللوحة الراقصة التي وعد بها في أول أيام الورشة .. وأتقنها جميع المتدربين ..
وفي الختام عبر المتدربون عن سعادتهم  وأجمعوا على أن اليوم الأخير كان الأكثر متعة .. حيث استطاع إسماعيل خلق تابلوه راقص بمنتهى البساطة والخفة.
وعقّب المدرب: أنتم الآن تستطيعون ابتكار حركات ورقصات جديدة وهذا ما فعلتموه اليوم.
الاعتماد على التجريب وخلق الصور كان هو الركيزة الأساسية طوال أيام الورشة والنتاج كان تابلوه راقص تم خلقه وابتكاره من أفكاركم رغم ضيق الوقت .
 

 


عماد علواني