المسرح المصري.. في 150 عاما

المسرح المصري.. في 150 عاما

العدد 644 صدر بتاريخ 30ديسمبر2019

«المسرح المصري» في 150 عاما تعد هذه المبادرة إنصافا لتاريخ مسرحنا المصري، وتوثيقا سليما بالأدلة والوثائق لحقيقة بداية «المسرح المصري» في عام 1870 على يد رائدها يعقوب صنوع، وهو ما تم إغفاله بالملتقى الفكري المصاحب لمهرجان «المسرح العربي» الذي نظمته «الهيئة العربية للمسرح» في يناير 2019، حيث تم إسقاط خمس وثلاثين عاما من تاريخنا وتحديد البداية بعام 1905 لأسباب لا نعلمها! كذلك قامت بعض الأبحاث بحذف أربع سنوات من تاريخ مسرحنا - وذلك دون تقديم الوثائق - ليصبح «سليم النقاش» رائدا للمسرح المصري ببدايته عام 1876 وهو ما يبتعد تماما عن الحقيقة. وبالتالي فإن هذه المبادرة الجادة والمهمة - التي أطلقها د. دوارة من خلال مجلة الكواكب - للاحتفال بذكرى مرور 150 عاما على بداية «المسرح المصري» تهدف للحفاظ على تراثنا المسرحي وتقديم الكثير من الدراسات عن جميع الفعاليات والعروض طوال 150 عاما.
وجدير بالذكر أن المسرح المصري قد بدأ على يد رائده «يعقوب صنوع» - مؤلفا وممصرا ومخرجا - في عام 1870 واستمر حتى عام 1872، وهو تاريخ إغلاق مسرحه ونفيه إلى «فرنسا» بتوجيهات الخديوي إسماعيل، ومع ذلك فقد استمر «صنوع» بعد نفيه يكتب إلى عام 1910 مسرحيات صحفية مصورة أطلق عليها «اللعبات التياترية»، ورسم بالصور رؤيته الإخراجية. كما يذكر أن الرائد المسرحي محمد عثمان جلال قام بتمصير بعض كوميديات «موليير» قبل وفود الفرق الشامية إلى «مصر» وتقديمها للتراجيديات باللغة العربية الفصحى. لقد صدر لي حديثا كتاب «يعقوب صنوع رائد المسرح المصري ومسرحياته المجهولة» في الهيئة العامة لقصور الثقافة، وذلك بعدما استطعت الحصول على الكثير من الأخبار والإعلانات التي تؤكد ريادة صنوع في الدوريات الصادرة من 1870 - 1872 أي فترة عرضه لمسرحياته. وقد ألفت هذا الكتاب حرصا مني على إنقاذ هذه الفترة المهمة من تاريخ مسرحنا من يد العابثين والمغالطين، وحتى أؤكد بصورة نهائية وقاطعة وبالوثائق ريادة «يعقوب صنوع» للمسرح المصري، وأرد على المهاترات والمغالطات حول هذا الموضوع، التي لا أعرف لصالح من يتم إثارتها؟! فصنوع يهودي مصري يحمل الفكر الماسوني وتأثر كثيرا بالتراث الشعبي، كما تأثر بالمسرح الغربي، وقد ظهر كل هذا واضحا في مسرحياته المعروضة أو الصحفية المسماة باللعبات التياترية.
وبمناسبة هذه المبادرة أقترح طباعة كل المسرحيات المخطوطة التي ما زالت متوافرة ولا تجد من يهتم بها اهتماما كافيا، وذلك مع تشجيع الباحثين على دراسة هذا التراث المسرحي المصري، كما أتمنى إعادة تقديم المسرحيات التراثية وبصفة خاصة الغنائية (مثل: العشرة الطيبة، شهرزاد، معروف الإسكافي، كليوباترا، مارك أنطونيو، الدرة اليتيمة، الانتخابات، إش). فلماذا لا يتم عرض التراث المسرحي كما يعاد تقديم تراث الموسيقى العربية؟ هذا علاوة على أهمية الدراسات المتخصصة في أعمال الكتاب وأيضا لبعض الأعمال المسرحية المهمة، وأن يتم ذلك برعاية «وزارة الثقافة» وبالاشتراك مع «المركز القومي للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية».
وأملي أن تنجح هذه المبادرة بتقديمها للوثائق والمستندات المهمة في الرد على المغالطات والمهاترات المغرضة التي حاولت تزييف الحقائق، وإغفال سنوات طويلة من عمر مسرحنا، وفي النهاية أقول انتبهوا أيها السادة هناك محاولات لإهدار حق المسرح المصري، ولا بد أن نتفق أن تاريخ مسرحنا المصري ليس للعبث.


نجوى عانوس