علاء قوقة: القيمة الفنية هي مرجعيتي الأولى في قبول الأدوار ولا أسعى للشهرة والمال

علاء قوقة: القيمة الفنية  هي مرجعيتي الأولى في قبول الأدوار ولا أسعى للشهرة والمال

العدد 600 صدر بتاريخ 25فبراير2019

ضمن فعاليات معرض القاهرة الدولي  للكتاب في دورته الخمسين « دورة اليوبيل الذهبي  استضافت قاعة « السينما «  ضمن محور»  لقاء مع نجم «  الدكتور والفنان « علاء قوقة « تكريما له  واحتفاء به كقامة مميزة وفاعلة في الحركة الفنية والمسرحية المصرية والعربية أيضا، وأدار اللقاء  الفنان د. أيمن الشيوى .
استهل الشيوى حديثه قائلا : أننا عندما نتحدث عن علاء قوقة فنحن نتحدث مباشرة عن  فن الممثل والمسرح المصري والعربي في نفس اللحظة ،أضاف: هو علاء الدين أحمد قوقة خريج كلية الهندسة بشبين الكوم جامعة المنوفية ،التحق بالمعهد العالي للفنون المسرحية، وحصل منه على درجة البكالوريوس  بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف، تميز قوقة أثناء دراسته و ظهرت ملامح النبوغ عليه في فن الممثل منذ كان طالبا، فشكل عاملا مشتركا في غالبية العروض بالمعهد العالي للفنون المسرحية،  وخاصة في مشاريع الدراسات العليا، وشرفت بمشاركته في بعضها  وبكونه مشاركا في مشاريعي الخاصة بمرحلة الدراسات العليا ، حصل قوقة على دبلوم الدراسات العليا قسم الإخراج المسرحي بتقدير عام جيد جدا مع مرتبة الشرف،  ثم ماجستير الفنون المسرحية بتقدير امتياز ، ثم حصل على الدكتوراه  في فلسفة الفنون في « فن الممثل» على وجه الخصوص بنفس التقدير مع مرتبة الشرف. وأضاف الشيوى:  حصد  الفنان د .علاء قوقه  جوائز كثيرة أبرزها جائزة أفضل ممثل بالمهرجان القومي للمسرح  المصري لأربع مرات، آخرها دورة المهرجان الأخيرة ، وهو ما تفرد به وحده عن كل الفنانين الذين شاركوا في كل دورات  المهرجان، كما حصل على جائزة الدولة التشجيعية  وأشاد الشيوي  بتميز قوقة في الدراسة الأكاديمية و بعمله أستاذا لفن الممثل قسم  للتمثيل والإخراج  بالأكاديمية، و خاصة فيما يتعلق بتدريس قوقة لمادة حرفية الممثل. واقترح الشيوى أن يكون اللقاء مع علاء قوقة من خلال  توجيه الأسئلة له من الجمهور  وإجابته عليها.
وردا على سال أحد الحضور عن سبب قلة مشاركاته في الدراما التلفزيونية والسينمائية، عدم مشاركته بمسرح القطاع الخاص أجاب د . علاء قوقة:  العمل بالسينما والتلفزيون يحتاج جهد خاص ، وأنا  لا أقبل المشاركة لمجرد الانتشار، والقضية ليست فقط السعي نحو الشهرة أو  المال إنما  القيمة الفنية فهي التي تبقي  بعد رحيل الفنان ، و أنا من هؤلاء الذين يحبون  أن يبقى تاريخهم الفني بقيمته وليس بكميته ، و  أن أبقى بتجارب قوية دون شوائب ، خاصة  لكوني  أستاذا  ومدربا داخل مصر  وخارجها، وأعي أن لدي التزامات نحو طلابي ونحو المكان الذي أنتمي له ،وكفنان ينتمي لمصر، وأضع هذا نصب عيناي دوما ، لذا لا أرضى أن  ينظر إلي أحد طلابي  نظرة سيئة ، فأنا قدوة  ودائما ما أراجع نفسي .
القيمة الفنية هي المرجعية الأولى
أضاف  قوقة: المسرح المصري مر بكبوات كثيرة ، و قدم أعمالا لا يمكن أن نعدها أعمالا فنية، وأنا لا أجرؤ على المشاركة في أي عمل  غير جيد  ،قد يسهم  في زيادة انتكاسة المسرح، غير أننا نرى بأعيننا أن  الفن بدأ ينهض في الآونة الأخيرة  بأعمال ذات قيمة، و إذا غاب الوعي بالدور الحقيقي عن الفنان نحو المجتمع  فسنجده  يقوم بأي  عمل  ليس له قيمة،  لذا اتجه في خياراتي ناحية القيمة، وأنا كنت أشارك بثلاث أعمال بمسرح الدولة في وقت واحد، وفخور بكل هذه التجارب ، و حين يعرض  على عمل جيد بالقطاع الخاص  سأقبل المشاركة فيه ، وشدد قوقة على أن  القيمة الفنية هي المحور الأساسي والمرجعية لاختياره و كذلك احترامه لثقافة المجتمع والجمهور .
المقياس الحقيقي  للعرض المسرحي  
و عن  سبب عدم  اهتمام مسرح الدولة  وتقاعسه  عن تصوير عروضه تليفزيونيا  وهو ما يؤدي لعدم شهرة فنانيه، قال قوقة: إن المسرح  خلق  لهذا اللقاء الحي بين الممثل والجمهور ،  أما إذا شوهد العرض بالتليفزيون فإنه يفقد جوهره، ونحن لا يمكننا أن نقيس قيمة العرض إلا  بالحضور المباشر، وهذا هو المقياس الحقيقي. أضاف:  المسرح في احتياج للدعم بالذهاب لمشاهدته .
فيما قال الشيوى :  هناك أحد  الآراء ترى أن تصوير العروض وتقديمها بالتليفزيون، خاصة بعض عروض القطاع الخاص،  أضر بالمسرح بشكل كبير، لاسيما عروض الكوميدية،  حيث رسخت لدى الكثيرين أن هذا هو المسرح.. أضاف: « الواد سيد الشغال» مثلا جعل الجمهور يبحث عن شاكلة  هذا النموذج.. في حين  أن المسرح المصري يزخر بعشرات النماذج المختلفة ، ونحب أن نؤكد دوما أن المسرح يجب أن يقدم كمائدة عامرة  بكل الأصناف، فنقدم التراجيديا والكوميديا، والفارس، والملحمي ، وكل الأشكال .  
وردا على سؤال: هل  الدراسة الأكاديمية لازمة لتكوين الممثل الجيد، وهل تغني الموهبة عن الدراسة قال قوقة:
نحن لانلغي قيمة الموهبة الفطرية، وهناك كثير من الفنانين الحقيقيين لم يدرسوا ، وقد أهلتهم فطرتهم لهذه المكانة مثال علي الكسار، ونجيب الريحاني، رشدي أباظة وغيرهم كثيرون ، بينما عندما يمتلك أحد الموهبة  ويدرس  فإن ذلك يحدث  فارقا كبيرا، مثال ذلك  الراحل أحمد زكي، ونور الشريف  وهما نموذجان مهمان في تاريخ الفن المصري ، أضاف: وهذا لا يعني أن الدراسة الأكاديمية هي المسار الأوحد  للتطور والنمو، فهناك أيضا المطالعة  والقراءة والبحث الذاتي  وهي وسائل أخرى  للتثقف  في كنه  الفن ، وعلى هذا فإن الدراسة الأكاديمية هي أحد المسارات فقط.  
فيما قال الشيوى: لقد وصلنا إلى مرحلة من التقدم العلمي في العلوم و في الدراسات الإنسانية ما جعل كل شئ يدخل في نطاق العلم وكذلك الفن ، وعلى ذلك فإن الدراسة تدفع من يمتلكون  نصف الموهبة أو حيز صغير منها إلى مراحل متطورة من الإبداع مثال ذلك نجده في  السينما الأمريكية وفنانيها .
ورش العمل لا يمكن مقارنتها بالدراسة
وفي إجابة عن سؤال : هل تغني ورش التمثيل عن الدراسة المتخصصة للفنون ، أجاب قوقة: إن الورش الفنية تعطي أحد الجوانب ولا يمكنها أن تغطي كل مناحي جوانب الدراسة، عكس  الدراسة الأكاديمية التي تشمل مناحي كثيرة يمارسها الطالب  ويشارك فيها خلال أربع سنوات من مواد دراسية نظرية وعملية  متعددة  تجعله أكثر علما ووعيا .
وعن سؤال: هل  جاء قرار دراستك التمثيل منذ البداية  في مقتبل عمرك، أم كان بعد دراساتك للهندسة واكتشافك لموهبتك؟  أجاب  قوقة   منذ طفولتي اكتشف بعض من حولي  أن لدي شغف بالتمثيل وموهبة ، لكني أتممت دراساتي  لتفوقي بالثانوية العامة شعبة رياضة ، ولتفادي حدوث الصدام مع عائلتي حصلت على بكالوريوس الهندسة  قسم ميكانيكا وتصميم ، لكني خلال الدراسة  بالهندسة كنت أمارس التمثيل ، ويرجع الفضل في ذلك  للفنان طلعت الدمرداش بالمنوفية, ومكتبتي التي  كانت حينذاك زاخرة بالمعارف المسرحية.أضاف قوقة: لقد  أفادتني الدراسة بالهندسة في منهجية التفكير، وخير مثال لتطبيق ذلك دراسة الشخصية  الدرامية  والولوج إليها  والتفكير قي تقديمها من كل الجوانب،  وجدانيا  وصوتيا وهو ما يضيف لرصيدي الفني .
روشتة  نمو وتطور مسرحنا المصري
وعن  نقاط الضعف والقوة  في المسرح  المصري  والعقبات  التي تقف في طريق ازدهاره  في سنوات الأخيرة
قال قوقة: إن الجانب الأول من  أزمة المسرح  تبدأ بالبنية التحتية، ولقرارات الدفاع المدني  الكثيرة حيث  باتت دور العرض غير مؤهلة لحماية المشاهد، والكثير منها مغلق ، أما الجانب الثاني فهو المؤلف، المبدع  الأول في العملية الفنية. موضحا أن المسرح يزدهر «عندما يوجد مؤلف قوي ، مثل مؤلفي مسرحنا الذي  مازلنا نفتخر به في  حقبة الستينيات  وكذلك في ظل وجود المخرج المبدع و كذلك الممثل ومهندس الديكور وغيرهما من العناصر الجيدة، مشيرا إلى أن   أزمة المسرح -إن وجدت-  فإنها تبدأ  من اختفاء النص الجيد الجديد ، أما الجانب الثالث  الذي ذكره قوقة فهو ضرورة الاهتمام بالدعاية التسويق ، مؤكدا أن روح العمل الفني هو جمهوره « فكيف نبحث عن إحداث تأثير في المجتمع  وصالات العرض فارغة؟» أضاف: المشاهد يجب ألا يغيب،  لذلك لابد من تسويق جيد للمسرح.   أما الجانب الرابع – تابع قوقة - فيرجع إلى المبدع « المخرج أو المنتج  ذاته» وهو  من  يأخذ « النص» ، ويصنع منه عملا فنيا قيما، يعي الواقع المعاش ويقدمه في صورة فنية مبدعة ، وهو ما يحدث سمعة جيدة للعرض، تابع قوقة: الجانب الخامس المهم لازدهارالمسرح المصري فهو الحركة النقدية  القوية حيث أنه عندما لا تتوافر حركة نقدية مواكبة للإبداع المسرحي وتسبر غوره وتكشف البواعث الكامنة في العمل الفني يفقد الفنان بوصلته، مشددا على أن  الناقد هو من يوجه  الفنان من أجل اكتمال العملية الإبداعية وتطوير مسيرته .
فيما قال الشيوى: مازالت مشكلات المسرح  المصري منذ حقبة الستينات في القرن الماضي كما هي، رغم الدراسات،  مشيرا إلى أن  التطور في المسرح يرتبط بالرغبة الجامحة في أن يكون لدينا مسرحا جيدا، و بحركة المجتمع، أضاف: و هناك عوامل أخرى تؤدي إلى عدم الاهتمام فجميعنا مشغولون دوما بوسائل التواصل الاجتماعي، نعيش في جزر منعزلة، ومع ذلك   فهناك حركة مسرحية واعدة في الدولة والقطاع الخاص نتمنى أن تكمل طريقها لتحدث التنشيط .
و تساءل الناقد وعضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للفنون المسرحية محمد رفعت يونس  عن تمكن علاء قوقة في  أداء وتجسيد الشخصيات الدرامية، وهل يرجع ذلك  إلى  استقراره على  مناهج  خاصة به في التمثيل.. أم أنه  مازال يتملكه القلق والاضطراب عند تقديم شخصية جديدة للمسرح؟
أجاب علاء قوقة: إن المرحلة الأولى هي التعرض الأولي  للشخصية،  حيث أتساءل في نفسي: كيف سأصل إلي جوهر الشخصية وما هو الجديد الذي سأقدمه من خلالها،  وهذه المرحلة الأكثر خطورة، وبناءا على هذا  التساؤل  اتخذ القرار بقبول تقديمه الشخصية أم رفضها ،  وأحيانا تقدم لي شخصية بمساحتها الكبيرة الممتلئة   بالدراما،  لكن ما يقلقني  منها هو الجانب الفكري  الذي سيقدمه  العمل ذاته، كذلك  الجانب الفني ووعي بالقدرة على تقديم الشخصية من كل الجوانب ، واستطرد علاء قوقة : التمكن والقدرة على الأداء القوي والجيد يأتي دوما من التدريب المستمر و الدائم، و نتاج خبرات متراكمة، غير أنني أبقى دائما بشعور خاص  حيال  لحظة المواجهة في  كل عرض ،  حريص على إدراك  ماهية جمهور في كل ليلة.
 عقب د. أيمن الشيوى بأنه  لاحظ بقوة أن  علاء قوقة قدم أداء  مختلفا ومميزا لشخصية « عامل التذاكر «  خلال عرض مسافر ليل «  وأنه قدمها بشكل مختلف ثلاث مرات.
 

 


همت مصطفى