نحن هنا أيها العالم المهيمن والمسيطر

نحن هنا أيها العالم المهيمن والمسيطر

العدد 525 صدر بتاريخ 18سبتمبر2017

الحقيقة الغائبة!! إن من أهم الأدوار التي تقوم بها الجامعات في أي مكان في العالم إن لم يكن أهمها على الإطلاق هو تنمية المجتمع المحيط بها والعمل على حل مشكلاته وتنمية موارده ،والارتقاء به على جميع الأصعدة اجتماعياّ واقتصادياً وثقافياً وفنياً،ومن ثم يتم بناء الإنسان الذي يستطيع النهوض بدولة حديثة بمعناها الشامل. إن تنمية الإنسان ثقافياً تعني بناءه حضارياً وهذا البناء الحضاري هو حجر الزاوية في بناء مجتمع ناهض يقدس قيمة الإنسان.والبناء الحضاري لايتم-في نظري-إلا إذا قامت الجامعة بدورها المنوط بها داخل المجتمع المحيط بها،وقد أغفلت الجامعة هذا الدور إلا من رحم ربي،ومن هنا كانت جامعة المنيا صاحبة السبق والريادة في ربط الجامعة بالمجتمع ؛فأطلقت مبادرة رائدة هذا العام بالتعاون مع وزارات البيئة و الشباب والتعليم والثقافة،حيث قامت بتجربة التنمية الشاملة في قريتي(دمشاو هاشم وبني قمجر) وهما قريتان تحت خط الفقر!! وقامت بالرعاية الصحية والبيطيرية والتشجير والتجميل وعقدت ندوات ثقافية واستضافت فرق الكورال والمسرح لمدة شهر كامل..تجربة أتت ثمارها ..وتكاد تكون المرة الأولى التي نرى فيها رئيسا للجامعة ونائبا للرئيس وسط البسطاء يشرفون بل ويعملون بأيديهم فتحية خاصة للأستا ذ الدكتور جمال أبو المجد الذي أشرف بنفسه على توصيل مياه الشرب لعدد50 منزل في القريتين والنائب المحترم أ.د محمد جلال حسن نائب الرئيس لخدمة المجتمع وتنمية البيئة الذي تواجد يوميا وسط البسطاء ومسك الفرشاة ورسم بنفسه الجداريات..تجربة اعتمدتها وزارة البيئة أنموذجا وكذلك وزارتي التعليم العالي والثقافة. والأهم هو ماتقوم به الجامعة من دراسات علمية وبحثية لخدمة المجتمع المحيط بها وآخرها الإشراف على رسالة علمية تعد -في نظري- من أهم الرسائل الجامعية في مصر من حيث الريادة في ربط الجامعة بالمجتمع؛ إذ إنها تعد أول رسالة تتناول إبداع جيل كامل من أبناء المنيا في مجال المسرح مبرزة- وهذا الأهم-خصوصية هذا الإبداع وتميزه وتفرده..إن الجامعة بمثل هذه الأبحاث تبرز الخصوصيات الثقافية وتفردها،إن ما يقوم به قسم الدراسات الأدبية في كلية دار العلوم بجامعة المنيا تنفيذا لخطة علمية مدروسة بعناية فائقة بإشراف عميدها المجتهد أ.د محمد الريحاني من جهد نقدي حول إبداع أدباء الصعيد بشكل عام وإقليم المنيا بوجه خاص يعد من أهم الأدوار التي تقوم بها الجامعة وكان آخر ماقدمه قسم الدراسات الأدبية رسالة الماجستير المتميزة التى قدمتها الباحثة الواعدة هبة جمال محروس بعنوان”خصوصية التجربة المسرحية في إبداع كتاب إقليم المنيا في التسعينيات” بإشراف أ.د محمد عبد الله حسين والتي تعد أنموذجا لحائط صد قوي أمام الثقافات الدخيلة تحت دعاوى العولمة الثقافية.
إن أقاليم مصر تزخر بالمبدعين،والجامعات المحيطة بهذه الأقاليم ما أكثرها ! فهل تحذو هذه الجامعات حذو جامعة المنيا في القيام بهذا الدور وتقدم الإبداع الحقيقي لملح الأرض الذي يعكس ثقافة حقيقية ضاربة بجذورها في عمق العمق لتكتمل الرؤية ويصبح لنا ملامحنا الثقافية الخاصة التي تستعصي على الاختراق والتبعية!! إنني من هنا أناشد القائمين على أقسام اللغة العربية والدراسات الأدبية والنقدية وأقسام علوم المسرح والصحافة والإعلام وأكاديمية الفنون وكليات التربية النوعية...الخ القيام بهذا الدور المهم الذي لايقل أهمية بأي حال من الأحوال عن مواجهة الإرهاب والتطرف الخارجي!!فبالفكر والفن نقتلع جذور الإرهاب الذي يحاول أن يتمدد في التربة المصرية. لابد من نظرة شاملة ليس فقط على مستوى الإبداع المكتوب بل على مستوى العروض المسرحية التى تقدم على مسرح الثقافة الجماهيرية وهو مسرح فقير شكلا لكنه مؤثر مضموناً وفنا ًزاخراً بالمواهب الحقيقية من الهواة الذين لا هدف لهم سوى تقديم فن يبني الإنسان ويمجد القيم النبيلة في المجتمع في قالب فني مائز في معظمه...ليس ذلك فحسب وإنما هناك جناح آخر آن الأوان للالتفات إليه وعودة نشاطه الفعال إنه المسرح الجامعي..أرجوكم ثم أرجوكم أعيدوه للحياة من جديد ،هو سبيلكم في تنمية الذوق ومحاربة التطرف الفكري...أنظروا إلى أنفسكم وإلى طاقاتكم إنكم تستطيعون.... يجب على مؤسساتنا البحثية أن تنظر بعمق إلى العمق..إلى داخلنا إلى كياننا.. عندها فقط تكتمل هويتنا التي منها ننطلق إلى عالم أرحب وأوسع..عندها فقط نستطيع أن نقف ونقول نحن هنا أيها العالم المهيمن والمسيطر.


محمد عبدالله حسين