أحمد سمير:«ليلة من ألف ليلة وليلة» إعادة قراءة للموروث القديم

أحمد سمير:«ليلة من ألف ليلة وليلة» إعادة قراءة للموروث القديم

العدد 616 صدر بتاريخ 17يونيو2019

المؤلف المسرحي أحمد سمير هو الشاب الطموح الذي خط بقلمه، في بداية ولوجه إلى عالم الكتابة، نصوصا شعرية  تعكس واقعنا الاجتماعي والثقافي والسياسي، كان ذلك  في سنوات طفولته وصباه، إلى أن  أخذه المسرح وشغف به،  وندهته نداهته السحرية، فغدا يتنقل كفراشة بين عوالمه الكثيرة ممثلا ومخرجا لبعض التجارب للمسرح الحر والمدرسي ، لكنه آثر الكتابة المسرحية والتوحد مع عوالم شخصياته الدرامية،  يكتب بالفصحى معتزا بقوتها والعامية لقربها من الشارع المصري، استطاع أن يتنقل في كتاباته بين الواقع والخيال مستلهما تراثنا  الأدبي الشرقي  العظيم،  نصه  المسرحي  « ليلة من ألف  ليلة وليلة  « قدم أكثر من عشرين  مرة  بالهيئة العامة لقصور الثقافة، و الفرق المستقلة والمسرح المدرسي والجامعي  ، إضافة إلى تقديمه بكلية جده بالمملكة العربية السعودية العام الماضي، بعد فوز هذا النص بالمركز الثاني في مسابقة  التأليف المسرحي ضمن فعاليات الدورة الرابعة لمهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي مؤخرا كان لنا معه هذا الحوار.
- هل لكَ أن تحدثنا عن بداياتك مع الكتابة المسرحية بشكل خاص، ومع لعبة المسرح بشكل عام ؟
 كانت بدايتي  من خلال قصر ثقافة بهتيم حين انضممت لنادي الأدب به آنذاك وكنت أكتب الشعر الغنائي  تأثرت كثيرا بالشاعر عبد الناصر أحمد، وكان نعم المعلم الصادق دفعني للقراءة  والمطالعة وكان دائما ما يمدني بكتب مكتبته الخاصة،  ثم استهوتني تجربة الغناء والموسيقى فانضممت لفريق الموسيقى العربيه بالقصر ذاته، وتعلمت كيفية تنظيم  الإيقاع دون خلل وكيف يُقدم  الغناء، ثم تحول مساري للمسرح عقب اختياري من قبل الشاعر عبد الناصر أحمد لأكون معه في فريق نشرة مهرجان شبرا المسرحي  الحر ، وكانت أولي خطواتي مع المسرح ومن هنا سُحرت به، وكان أول ما شهدته من عروض  مسرحية  “مؤامرة اغتيال رأس المملوك جابر”  لفرقة شبرا الخيمة المسرحية إخراج أحمد شحاته، وجدت نفسي بعدها منجذبا للمسرح فاتجهت للتمثيل بفرق مسرحية أضافت لي الكثير كفرقة قصر ثقافة بهتيم، و فرقة مركز شباب المنشية وفرقة فيوتشر الحرة ممثلا في بعض العروض  المسرحية،و تعلمت معهم كيف يكون المسرح وكيف تكون ضوابطه وأهدافه ، ثم قررت أن أخوض أول تجاربي الخاصة كمخرج ومؤلف  عام  2013، برفقة زملائي نهي ناجي وأحمد أفاتار ومهندس الديكور أحمد فتحي، وقدمنا سويا العرض المسرحي “نبأ عاجل” وكان أولى كتاباتي للمسرح، وحصدت مع العرض خمس جوائز في التأليف عندما قدم العرض في مهرجانات مراكز الشباب بالأقاليم مثال زفتى وسمنود، وميت غمر، ولم أحصد سوي جائزة إخراج واحدة، فبدأت أشك أنه مقدر لي أن أكون كاتبا ولا شيء سوي ذلك و تيقنت عندما كتب لي لقاء مع الدكتور طارق عمار الذي بدوره صحح مساري في أحلك فترات التشتت بعبارته الشهيرة  الراسخة في ذهني  ( يا ابني أنت مؤلف .. امسك قلمك إحنا بننقرض )  ومن هذي اللحظة  قررت أن أضع كل جهدي في الكتابة المسرحية و تتابعت  بعد ذلك نصوصي  المسرحية ، فكتبت  حتى يومنا هذا خمسة عشر نصا من بينهم “من يحكم الإله” و“مآذن تلفظها الأندلس”و“فاترينه قِزاز”و “ليلة زفاف” و“ثائر علي سرير العزلة “، “المصحة “ وقدم لي علي مدار العام السابق ما يزيد عن ثلاثين  ليلة عرض لأكثر من سبعة نصوص مسرحية قدمت ما بين فرق قصور الثقافة وفرق المسرح الجامعي و فرق الهواة والفرق  الحرة والمستقلة، ونوادي المسرح، نالت بعض  الجوائز  والمراكز الأولى فاز نص “ليلة من ألف ليلة وليلة “بجائزة المركز الثاني في التأليف المسرحي بمهرجان شرم الشيخ الدولي  للمسرح الشبابي في دورته الرابعة لهذا العام .

 - هل من الممكن أن تحدثنا عن بعض هذه  المشاركات  التي نالت نصيبها من الفوز أو الدعم المادي قبل  الفوز بالجائزة الأخيرة؟
لقد شاركت مؤلفا ومخرجا و نالت بعض العروض جوائز منها  الفوز بالمركز الثاني  بمسابقة مسرح التربية والتعليم عن نص “آلهة الريح” إخراج د.رضا بكري ، والمركز الثاني في التأليف بمسابقة المسرح المدرسي عن “بروفة جنرال”،  وكذلك التميز في التأليف بمهرجانات مراكز الشباب زفتي، وسمنود، وميت غمر المسرحية عن النص المسرحي “ثائر علي سرير العزلة”، ومركز ثالث تأليف بمهرجان أسيوط المسرحي  عن نفس النص، وتميز تأليف بمهرجان الساحر المسرحي عن نص “الليلة” كما  تم ترشيحي لجائزة الهيئة العربيه للمسرح عن نص “حكايات شهريار” وتم اعتماد أربعة نصوص من قبل الهيئة العامة لقصور الثقافة  أنتج منهم العام الماضي مسرحية “مطلوب مخرج” كما تم ترجمة النص المسرحي “ليلة زفاف” إلي الألمانية لتقديمه للجمهور في ألمانيا من إخراج “بيتر وانسر” وأخيرا حصلت علي أول جائزة دولية عن “ليلة من ألف ليلة و ليلة” بمهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي بعد محاولات دامت طوال الثلاث دورات السابقة،  وفي حقيقة الأمر لم أصدق أنه تم ترشيحي للجائزة حتي إعلان النتيجة بالمؤتمر الصحفي للمهرجان وكنت أظن أنني في حلم .

- كيف عرفت بجائزة التأليف بمهرجان شرم الشيخ، للمسرح  الشبابي وكيف تقدمت للمسابقة؟
بصفتي متابعا للحركة المسرحية المصرية والمحلية بشغف ومشاركا ببعض نصوصي التي أسعد بتقديمها بصورة فعالة من قبل بعض المخرجين الشباب، فأنا أيضا متابع جيد للمهرجان منذ انطلاق دورته الأولي وكانت المشاركة بالمهرجان ضمن أولوياتي وما إن تم الإعلان عن المسابقة تقدمت لها عبر منفذ المهرجان وصفحته الرسمية، بالنص المسرحي “ليلة من ألف ليلة وليلة”.

- حدثنا عنها؟ ولماذا اخترت هذا النص تحديدا للتقدم به إلى المسابقة؟
لم تكن المرة الأولى لهذا النص المسرحي أن يتم ترشيحه لجائزة دولية، فقد تم ترشيحه من قبل في شهر ديسمبر الماضي 2018 ضمن القائمة القصيرة لمسابقة الهيئة العربية للمسرح في التأليف المسرحي والنص المسرحي “ليلة من ألف ليلة و ليلة  “هو إعادة قراءة  للموروث القديم لحكايات ألف ليلة و ليلة،  بتسليط الضوء علي جانبها الديني عبر البحث في دوافع القتل لدي شهريار وإبراز دور الشيطان في ذلك، و جعله محور الحدث الأصلي علي مستوى الحدث الدرامي للنص “حيث يرتكز على  فعل القتل والرغبة  الشديدة فيه  عند  شهريار أو من جانب  حكايات شهرزاد نفسها ..، وكان اختياري لهذا النص  نتاج إحساس شخصي و لكونه كان مرشحا لجائزة الهيئة العربية للمسرح  في التأليف  قبل عدة أشهر قليلة .

ماذا تمثل لك الجائزة والفوز بالمركز الثاني في التأليف بدورة المهرجان؟
الجائزة تعني الكثير بالنسبة لي فهي مردود قوي لكل المحاولات السابقة  في الكتابة للمسرح خاصة وأنها تأتي ضمن فعاليات مهرجان دولي كبير كمهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي..، وأؤمن أن الكاتب أو المبدع عامة بحاجة دائمة إلى مثل هذا النوع  من التكريم، والفوز ليشحذ همته ، و ليكن دافعا قويا له  ليكمل  طريقه حيث  قرر أن يختار ليعبر عن أفكاره بالطريقة التي تناسب موهبته  ووعيه  بالعالم المحيط  والمجتمع، ويستمر في كتابته   .

- قدمت مؤلفاتك الفرق المستقلة، ومسرح الثقافة الجماهيرية والجامعي  ما رأيك في  المعالجات   التي قدمت لها ؟
التجارب  تختلف من عرض لآخر طبقا لآليات تقديم العروض وعناصر العرض مكتملة و أرى أن المسرح الجامعي  أرض خصبة لإخراج تجارب جادة وهامة و يتضح ذلك من خلال ما يقدمه سنويا من عروض تناقش هموم المجتمع وتعبر عن قضاياه، إضافة إلى مناقشتها لمشكلات الشباب أنفسهم بوعي شبابي جاد، وحلول تخصهم  .

- ما رأيك في الحركة المسرحية المصرية في الآونة الأخيرة وهل العروض قادرة على استعادة مكانة المسرح المصري ؟
إن الحراك المسرحي في مصر يشهد تطورا ملحوظا علي كافة الأصعدة  والاتجاهات والتيارات  المتعددة، نري عروضا مميزة في مسرح الدولة، بقطاعاته المتنوعة، وكذلك المسرح الجامعي  في كل محافظات وأقاليم مصر بزيادة عدد العروض  المشاركة عاما بعد عام  في كل جامعة،  والمسرح الخاص ومسرح الهواة إضافة الي ما يقدمه المسرح المدرسي، ولكن كل ما أخشاه هو القبضة الرقابية علي الفنون والمسرح بصفة خاصة، وأعتقد أن هذا هو ما يعرقل الحراك المسرحي في الآونة الأخيرة ويضيق الخناق على المبدعين.

  - بعض الشباب يؤرقهم عدم  الالتفات إلى  نصوصهم المسرحية، ما الحل الذي تراه مناسبا  في أزمة التواصل بين المؤلفين والمخرجين أو جهات الإنتاج ؟
أري أنه لو تم تنظيم وإقامة مهرجان يخص النص المسرحي المؤلف لزالت  الفجوة بين المؤلف والمخرج، وأعتقد أن المخرجين أيضا بحاجة إلي إعادة ترتيب  قراءاتهم وتوجهاتهم الأدبية من جديد، كما أن المجموعات الخاصة بالمسرح والمشاركين في مجالاته المتنوعة علي مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت نافذة جيدة وبديلا قويا للمؤلفين، وخاصة الشباب لنشر أعمالهم  والتسويق لها، والوصول بإبداعهم إلي شركائهم في المسرح  من المخرجين .  

- تقوم بتوظيف واستلهام التراث الشعبي  وخاصة ماله علاقة بالمجتمعات الشرقية والعربية في ما سبب اهتمامك بهذا ؟
 في وجهة نظري أن البحث  في تراثنا وقراءته من جديد، وإعادة تقديمه بأفكار العصر الحالي  وتقنيات حديثة مناسبة،  قد يعيد إلينا  في النهاية هويتنا الحقيقية التي غابت عنا ، وينبغي أن ننتبه أنه قد احتل ذائقتنا ثراث دخيل علينا ولا يشبهنا وليس من أفكارنا أو معتقداتنا الأصيلة في شيء.

- ما رأيك في الكتابات الجديدة للمسرح وهل تعبر حقيقية عن مشكلات الشارع المصري  وواقعنا الاجتماعي ؟
 هناك أفكار جديدة يتم طرحها لكتاب يعبرون حقا عن واقعنا ومشكلاتنا الاجتماعية، وهناك البعض ممن يري أن كتاباته يجب أن تعبر عن أفكار أكثر شمولية في ظل شبكة التواصل  التي تزداد  وتتداخل يوما بعد يوم  من خلال التكنولوجيا الحديثة، وتعبر عن إيديولوجيته في رؤية  المجتمع والعالم كله دون الانحصار في واقعنا وحدنا ، وهو أيضا أمر جيد، وظاهرة يجب احترامها وكلاهما يصنع للمسرح مكانة  كبيرة وقوية ، إضافة إلى أن تنوع  الكتابات يوسع دائرة التلقي.  

- ما  أمنياتك وطموحاتك؟
الأمنيات كثيرة منها ما يتعلق بالكتابة كهم ذاتي يعبر عني فقط، ومنها ما يتعلق بالمسرح ككل  فعلي المستوى الشخصي أسعي أن أتواجد بفاعلية حقيقية بأعمال تحفظ لي احترامي أولا لنفسي وتستطيع أن تستوطن  عقول المتابعين من الجمهور، وأن تعبر حقا عن همومهم وأحلامهم وهذا هو الضامن الوحيد لبقاء تجربتي، كما أحاول في كل كتاباتي السابقة والقادمة  أن أعبر صدقا عن الناس، دون تزييف أو تجميل،  وأن يصبح  للمسرح المكانة الأولي لدي الجمهور. 


همت مصطفى