مسرحية الكتاب تحرض أطفال دمياط الجديدة على القراءة

مسرحية الكتاب تحرض أطفال دمياط الجديدة على القراءة

العدد 613 صدر بتاريخ 27مايو2019

على مسرح قصر ثقافة دمياط الجديدة وفي الليلة الثانية عشرة من ليال شهر رمضان المباركة، كنا على موعد مع باكورة إنتاج نوادي مسرح الطفل بإقليم شرق الدلتا الثقافي، ومسرحية للأطفال من إنتاج إدارة الطفل التابعة للدرسات والبحوث بالهيئة العامة لقصور الثقافة، والعرض مسرحي غنائي استعراضي بعنوان “الكتاب” من تأليف (محمد رخا) وهو مؤلف شاب يتحسس طريقه في واحدة من أصعب أنواع الكتابة المسرحية وهي الكتابة للأطفال التي تتطلب مجهودا أشق وأصعب مما هو مطلوب للكبار الذين يمكنهم الفلترة والاختيار، بينما الطفل بحاجة إلى تبسيط ودراسة وعمق أكثر من الصانع لكي يستطيع أن يصل بالمعلومة الثقافية والمعرفة الدرامية والخبرة الحياتية إلى عمق أفكار الطفل المتلقي والتي تتطلب صيغة من صيغ السهل الممتنع وهو ما تحقق بالفعل في بعض عناصر تلك الصيغة الدرامية التي اتجهت نحو الجديد باستخدام لغة الحركة التعبيرية في مناطق كثيرة من العرض، وهي اللغة التي يجيد (كريم خليل) مخرج العرض التعبير بها أكثر ربما من الحركة المسرحية التقليدية، الأمر الذي أوجد تباينا بين مشاهد المسرحية التي تتحدث عن عمة تعمل معلمة للتاريخ، ولذا يزعجها أن يكون أبناء شقيقها جهلة بالتاريخ فتأمرهم أن يقرأوا كتاب التاريخ الذي تركه لهم الجد وهي تفعل ذلك من دون أن تقودهم في أول خطوات رحلتهم لتكون لهم السند والأمان، وإنما تدعهم يعتمدون على أنفسهم بالرحلة وعندما يقرر الأطفال أن يخدعوها بقراءة أولى الصفحات وآخرها كي يوهموها بأنهم قرأوا ما أجبرتهم على قراءته، يظهر لهم الجد ويقودهم بنفسه إلى رحلة مع الأجداد، وإذا به يفتح أول قصة في زمن الفراعنة فتكون حكاية أم الأبطال (الملكة أياح حتب) وهي والدة الملك الشهير أحمس التي ضحت بولدها ذي السنوات التسع وألقت به في خضم المعركة مع الهكسوس من دون تردد، رغم أنها فقدت في المعركة نفسها والده وابنها الأكبر، لتصبح بذلك أول ملكة في التاريخ الفرعوني القديم تضحي بهذا العدد من الأحباب في سبيل الوطن حيث تتبنى شعار “أن يموت واحد أفضل من أن نفقد الآلاف عندما يتوغل العدو الهكسوس في بلادنا ويفقدوننا كل ما نملك”.
وكانت الحكاية التالية عن شجرة الدر التي حكمت مصر لمدة ثمانية وثمانين يوما، واستطاعت بحكمتها وفطنتها أن تنجو بمصر من معركة أخرى للحفاظ على الأرض.
أما الحكاية الثالثة، فكانت عن نبوية موسى أول فتاة مصرية تحصل على البكالوريا.
وهكذا، نكتشف أن العرض يتجه نحو البطولات التي حققتها السيدات في التاريخ المصري، هذا لا بأس به إن كان تضمنه العنوان الذي يجب أن نستشف منه العمل ونتوقع القادم أو أن يقدم مبررات للتعمييم في فواصل الدراما تؤكد على ذلك ولا تترك الأمر عاما على هذا النحو عندما يتحدث عن الكتاب وهو عنوان غير محرض على المشاهدة وغير جاذب للمتلقي، ورغم ذلك كان العرض في مجمله جيدا بفضل كثافة عدد الأطفال المشاركين في العرض وكثرتهم وانضباطهم فوق المنصة ليحتفظ لدمياط بألقها في مجال مسرح الطفل، وذلك بفضل خبرة المخرج في التعبير الحركي وتصميم الاستعراضات التي كانت البطل الحقيقي للعرض بما أظهرت من مواهب المشاركين في العرض.
في هذا النوع من التعبير الدرامي الذي تميز فيه المخرج (كريم خالد) وتميز فيه عدد كبير من المشاركين حيث الدراما الحركية بكل ما تتطلبه من قدرات خاصة تفوق الدراما الكلاسيكية هي الطبق الرئيسي على مائدة الدراما الحلوة التي فتحت عددا من النوافذ على التاريخ القديم والحديث والمعاصر من خلال مجموعة من الحكايات المفيدة والممتعة والخفيفة أيضا بحيث تناسب سهرات رمضان.


محمود كحيلة