الإعلانات المرفوضة..تساعد ضحايا كورونا

الإعلانات المرفوضة..تساعد ضحايا كورونا

العدد 714 صدر بتاريخ 3مايو2021

تراجعت أعداد الوفيات من جراء وباء كورونا في الولايات المتحدة بشكل كبير ولم تعد تزيد عن عدة مئات يوميا بعد أن كانت تتجاوز حاجز الثلاثة ألاق في بعض الأيام. ورغم ذلك لا تزال قيود الإجراءات الوقائية مفروضة على المسرح في حالات عديدة. والسبب هو استمرار حالات الإصابة في الارتفاع حث تجاوزت حاجز ال32 مليون حالة.
وهذه القيود أما أن تكون مفروضة من جانب السلطات المختصة نفسها أو أن تكون قيودا ذاتية تفرضها الفرق المسرحية على نفسها خوفا تعرضها لخسائر جسيمة في حالة إحجام المتفرجين عند الذهاب إلى المسارح.
وفى كل الأحوال تصبح النتيجة واحدة وهى فقدان الكثيرين من العاملين في المسرح _وليس الممثلين فقط - لوظائفهم ولمصدر دخلهم خاصة أن مثل هذه الوظائف لا تكاد في الغالب تكون مطلوبة في مجالات أخرى مثل فني الديكور والإضاءة وغيرهم.  ولم تعد حتى الإعانات التى تقدمها الدولة بكافية لتعويضهم عما فقدوه.
أمام هذا الوضع فكر مصمم الإعلانات والملصقات الشهير فرانك فريليزو  في حل غير تقليدى لمساعدة زملائه في مسارح برودواى التى صمم اللافتات الدعائية لكثير من مسرحياتها.
دفاتر قديمة
طبق فريليزو (65 سنة ) المبدا القائل “عندما يفلس التاجر يبحث في دفاتره القديمة”. وعندما عاد إلى هذه الدفاتر وجد شيئا قيما وهو عبارة عن الإعلانات والملصقات التى صممها لمسرحيات عرضت في برودواى ورفضتها الفرق واضطر أن يحتفظ بها لنفسه بعد ما بذله من جهد في أعدادها. وأحيانا لم يكن هو نفسه راضيا عنها فكان يحتفظ بها لنفسه قبل أن يعرضها على عملائه. وفى بعض الأحيان كان يقوم بتعليقها في بيته. وكان يرفع شعار ..كما تريد أن يشاهد الآخرون نجاحك،فلا باس أن يروا فشلك أيضا.
قرر فريليزو أن يقوم بطبع نسخ محدودة من هذه اللوحات وبيعها بمساعدة إحدى الشركات  لمن يريد في إطار مقابل 400 دولار للوحة الواحدة على أن يخصص دخلها لمساعدة زملائه عن طريق نقابة العاملين في مسارح برودواى. وحتى الآن تحقق مبيعات هذه اللوحات عائدا طيبا لا بأس به وليس كبيرا لكنه كما يقول مثلنا الشعبى نواة تسند الزير ويظل الزير بحاجة  إلى نوايا أخرى. 
وفى ذلك يقول فريليزو أنه قرر الإقدام على هذه المبادرة بعد أن لمس الأوضاع الصعبة والمأساوية للعديد من العاملين في هذا المجال من جراء كورونا.
تجربة سابقة
وأضاف أنه لم يبدأ التجربة من فراغ بل سبق أن مارسها بنجاح مع مساعدة مرضى السكر الذين يتزايد عددهم بشكل كبير في الولايات المتحدة حيث يصل العدد المؤكد منهم إلى 28 مليون مريض فضلا عن عدد يتراوح بين مليونين إلى اربعة ملايين لم يتم تشخيصهم   بعد. ورغم القفز الرهيب في الدين الامريكى العام من 19 تريليون دولار إلى 28 تريليونا في سنوات حكم ترامب الأربع فإن الدولة لم تقم بدورها في توفير الإنسولين لملايين المرضى بسعر مناسب مما جعلهم يعتمدون على الأقراص رغم خطورة ذلك. وكان لا بد للجهود الأهلية أن تتقدم لسد النقص. وساهم بنفس الطريقة وحقق عائدات معقولة ساهمت إلى حد ما في توفير الإنسولين للفقراء في ولاية نيويورك.
 وكانت  الملصقات المباعة هذه المرة خاصة بـ16 مسرحية منها عدد من المسرحيات الشهيرة مثل “الأسد الملك” و”كباريه” والمسرحية الموسيقية “ماتيلدا” و”حياة دمية“ و”يوم الأحد في الحديقة” وغيرها.
ويقول أن هناك مليون سبب يمكن أن تكون وراء رفض الملصقات الخاصة بالأعمال المسرحية ..فالأمر يشبه غرفة مليئة بالأفراد في مسابقة كبرى لملكات الجمال وكل شخص له ذوقه وأفضلياته.
وكل لوحة منها لها قصة.  فمسرحية ماتيلدا صمم إعلانها مستوحيا الحروف الأبجدية لكلمة ماتيلدا لكن المنتج رفضه واكتفى بالتصميم الذى عرضت به المسرحية خارج برودواى.
والأصل أن الملصق له دور لا غنى عنه في حياة المسرحية حتى من قبل أن يبدأ عرضها لأنه أول ما يطالعه الجمهور عنها. وهو يحرص على قراءة النص الأصلى والاستماع إلى الأغانى والألحان قبل البدء في التصميم.
ويعترف بأنه أحيانا كان يتفهم سبب رفض ملصقاته عندما يشاهد العروض.
عاشقة مسرح بريخت ...لماذا؟
إنسانى قبل كل شيئ
لم يقتصر إبداع مطربة السوبرانو الإيطالية ميلفا – ماريا ايلفا بيولكاتى كما يقول اسمها الحقيقى – التى رحلت إلى العالم الأخر عن عمر يناهز 82 عاما على مجال الغناء وحده.  فقد  باعت أغانيها (173 البوما ) أكثر من 80 مليون نسخة.  وكان لها جمهور واسع في إيطاليا وخارجها وفى اسيا خاصة في كوريا الجنوبية . وتعاونت مع عدد كبير من كبار الموسيقيين . وكانت قادرة على الغناء بأكثر من لغة  بمجرد أن تستمع إلى الأغنية مرة واحدة حتى ولو لم تكن تعرف اللغة التى تغنى بها. وأعلن وزير الثقافة الإيطالى داريو فرانشيسكينى بنفسه خبر وفاتها .
كانت لميلفا التى تصفها الصحافة الإيطالية بالمغنية التى لا تقهر والتى اشتهرت في الستينيات والسبعينيات، كانت لها إبداعات في مجالات أخرى منها المسرح. 
ويلفت النظر في ابداعاتها المسرحية انها شاركت في مسرحيات موسيقية عديدة . لكنها كانت اعادة لعروض مسرحية (ريبرتوار) تضيف اليها لمسات ونكهة جديدة بصوتها وأغانيها ولم تكتب لها اى عروض مسرحية خصيصا طيلة حياتها الفنية الطويلة.
لكن ما كان يلفت النظر في أعمالها المسرحية أن معظمها كانت من ابداع الشاعر والكاتب والمخرج المسرحى الألمانى «برتولد بريخت» (1898-1956). وكان هذا الأمر يعرضها لاتهامات بالشيوعية. وكانت الصحف تسميها ميلفا الحمراء نسبة إلى لون شعرها الأحمر وأحيانا كنوع من الاتهام بالشيوعية.
حياة حافلة
ذلك أن بريخت كان معروفا باعتناقه للفكر الماركسى الذى عبر عنه في العديد من أعماله. وبسبب هذا الفكر تعرض للملاحقة عندما تولى هتلر وحزبه النازى الحكم  عام 1933 واضطر إلى الفرار حيث تنقل بين عدة دول منها الدنمارك والسويد. وانتهى به المطاف إلى الولايات المتحدة. وبمجرد انتهاء الحرب بدأت الاتهامات بالماركسية تلاحقه في الولايات المتحدة من جانب مكتب التحقيقات الفيدرالى. واستدعاه مجلس النواب الأمريكى لاستجوابه من خلال لجنة عرفت باسم «لجنة الانشطة غير الامريكية» وناقشه في الاتهامات الموجهة إليه وأكد أنه غير شيوعى ولم يكن عضوا في الحزب الشيوعى الألماني الذى نشا في عهد جمهورية فايمر. لكن ذلك لم يفد وصدر قرار بإبعاده خارج الولايات المتحدة عام 1947 فتوجه إلى زيوريخ بسويسرا حيث عاش لمدة عام . 
وتواصل معه النظام الشيوعى في ألمانيا الشرقية ونجح في إقناعه بالعودة إليها على أن يضع تحت تصرفه كافة الإمكانيات لإنشاء فرقة مسرحية ودعمها لتقديم افضل العروض. وعاد بالفعل إلى المانيا الشرقية وانشأ فرقة «برلينر انسامبل» عام 1949 بالتعاون مع زوجته الممثلة المسرحية «هيلينا فيجل» وظل يديرها حتى وفاته عام 1958 من جراء متاعب في القلب . وحملت الراية بعده زوجته حتى وفاتها عام 1971.
ولذلك كانت ميلفى تتعرض لاتهامات بالشيوعية كانت ترفضها بكل قوة وتقول انها تعجب بأدب بريخت لانه ادب انسانى قبل أن يكون ادبا شيوعيا أو راسماليا. وكانت تقول انها تشعر بالراحة النفسية وبأنها تقدم فنا متميزا عندما تشارك في مسرحية لبريخت مثل اشهر مسرحياته «أوبرا الثلاثة بنسات» و«حياة جاليليو» و«الأم شجاعة وأطفالها». ويكفى أن كل مسرحياته  تقريبا تحولت إلى أفلام ومسلسلات بأكثر من لغة .


ترجمة هشام عبد الرءوف