أفضل مخرج بالمهرجان العربي زكي طليمات ضياء زكريا: لم أخطط لأكون مخرجا لكن «غرفة بلا نوافذ» شجعني

أفضل مخرج بالمهرجان العربي زكي طليمات ضياء زكريا: لم أخطط لأكون مخرجا لكن «غرفة بلا نوافذ» شجعني

العدد 606 صدر بتاريخ 8أبريل2019

طالب بقسم التمثيل والإخراج بالفرقة الأولى بالمعهد العالي للفنون المسرحية، تعددت مواهبه بين التأليف والإخراج والكريوجراف، قدم عددا من التجارب خلال ثلاثة عشر عاما مع صديقه عمر رضا، حصل على عدد من الجوائز كممثل وكريوجراف، شارك بعرضه «معتدل بهدوء غاضب» بالمهرجان القومي للمسرح، وها هو يحصل من خلال مهرجان المسرح العربي دورة الفنان زكي طليمات على جائزتي أفضل عرض مسرحي وأفضل إخراج عن عرضه «الشاطئ» المقتبس من النص المسرحي «غرفة بلا نوافذ» للكاتب والأديب والمفكر الكبير د. يوسف عز الدين فكان لـ»مسرحنا» مع الفنان ضياء زكريا هذا الحوار.
 - ماذا تشكل لك الجائزة خاصة وأنك حاصل على جائزتي أفضل عرض وأول إخراج؟
«الشاطئ» تجربتي الأولى إخراجيا وبالتأكيد تشكل شيئا كبيرا بالنسبة لي لأنها حققت نتائجها بعد عمل شاق وجهد كبير، بالإضافة لأهميتها الخاصة لأنها تقدم على خشبة مسرح معهد الفنون المسرحية، وأنا سعيد جدا تكليل هذا الجهد بالجائزة يشعرني بالتقدير، وأنني على الطريق الصحيح وأن ما قدمته كان مختلفا وبه فكرة جديدة.
تتسم كتابات يوسف عز الدين بفلسفيتها فلماذا اخترت نصا له تحديدا؟
أولا لا يعرف الكثيرون يوسف عز الدين رغم عظمة كتاباته سواء الرواية والقصة أو المسرحية، بالإضافة لكونه درس العلوم، فكان عالما ليس فقط في دراسته إنما في الأدب، وثانيا لأنه صاحب وجهة نظر فلسفية تعجبني كثيرا وأفضلها لخروجها «بره الصندوق» ليست مكررة بل أفكار جديدة تساعدنا على الابتكار والإبداع، وقد تعرفت على نص «غرفة بلا نوافذ» منذ خمس سنوات وبالصدفة قرأته مرة أخرى وشغفني تقديمه فبحثت عنه لأسبوع كامل حتى وجدته ولم يكن ضمن حساباتي الإخراج.
 - وما الرسالة التي أردت إرسالها من هذا النص؟
رسالتي التي أردت التركيز عليها أن الله لم يخلقنا فقط للمأكل والمشرب وفعل الأذى بالناس، ولكن لشيء أسمى كثيرا من ذلك، فنحاول تقديم ما يتذكره الناس، ففؤاد المهندس لن يمت طالما وجدت أعماله، وأينشتاين سيظل حيا طالما نستفيد من قوانينه، وغيرهم كثير، خلقنا لنحقق ما يبقينا أحياء في التاريخ وهذا هو المكسب والفائدة وما أريد تحقيقه.
 - ما السبب في اختياركم لاسم الشاطئ؟
أردنا الخروج لفكرة عدم تعلق الجمهور بفرض موضوع معين أو دخول الجمهور وهو يعرف ما الذي سيشاهده فاخترنا اسما لا يرمز لأي شيء مما جاء في العرض، ولم نقصد إسقاطا محددا وإلا كنا أطلقنا عليه «الغرفة» أو «غرفة الانتظار» لكن هذه الأسماء كانت ستجعل الموضوع يحترق بينما «الشاطئ» لن يفهم الجمهور المقصد منه. أؤمن أن التسويق هو سبب نجاح أي شيء والاسم نفسه تسويق للمنتج وبقدر اختيارنا لما هو خارج الصندوق سيكون الإبهار لناخذ الجمهور إلى المكان الذي نريده حتى يبدأ هو في فهم الأمر بنفسه وتحليله والحكم عليه من خلال ما شاهده وليس ما عرفه عن العرض قبل دخوله.
 - هل واجهتك صعوبات أثناء التجهيز للعرض؟
واجهنا الكثير منها أننا استغرقنا وقتا طويلا لكتابة العرض حيث إنه تأليف مقتبس عن نص «غرفة بلا النوافذ»، واضطررنا لاستبدال الكثير من الأوراق والأفكار والشخصيات، أيضا واجهنا صعوبة في فكرة العرض لليلة واحدة، أيضا فكرة فهم وتدريب الممثلين على الاستعراضات ولا يعرف أحدهم شيئا عن الرقص والاستعراضات فأهلوا من البداية وبالطبع استغرقوا وقتا في البروفات حتى تخرج طاقة الجسد والحمد لله نجحنا في ذلك.
 - ما تقييمك للمهرجان ورأيك في فكرة إقامة مهرجان خاص بالأكاديمية؟
أعتبره نشاطا ناجحا ولولا هذا النشاط لما قدمت العرض، أراه نشاطا مثمرا لنا جميعا حين يكون هناك إثنا عشر مخرجا يحاولون تحقيق شيء منهم من كانت أول تجاربه ومنهم من سبق أن قدم الكثير من التجارب، وأهميته تكمن في محاولتنا للإبداع والعمل ومواجهة السوق، وأتمنى أن يكون مسرح المعهد متاحا لي ولأصدقائي خلال المهرجان لليلتين لأن ليلة واحدة مسألة ظالمة.
 - وكيف كان تعاون فريق العمل معك وهي التجربة الأولى؟
هناك من تخلف عن العمل ولم يكن على ثقة أن العرض سيخرج بالصورة المطلوبة لأنها التجربة الأولى، وبالنسبه للفريق الذي عمل معي فبالتأكيد بدونهم وبدون ثقتهم بي وبالعرض والورق والحدث الدرامي لم أكن لأحقق شيئا، ودائما أردد أن لهم الفضل في كل شيء لأنهم العنصر المرئي والأهم بالنسبة لي.
- كلمنا عن تجربتك مع عمر رضا في «كيميت»..
تمتد صداقتنا لثلاثة عشر عاما قدمنا خلالها عددا من العروض، فبداية خوضه للتمثيل كان من خلال نص من تأليفي وكذلك أول تجربة تمثيل لي كانت لنص من تأليفه، فقدمنا على سبيل المثال لا الحصر عرض «معتدل بهدوء غاضب» وتعتبر هذه التجربة ذاتية المضمون والشكل من حيث أداء الممثلين وسردهم لعدة مواقف حياتية الصنع وناتجة عن واقع مر به المجتمع واتسم بفكرته الجديدة والمختلفة وغير النمطية، لأنني ضد النمطية في تناول العروض، وأفضل دائما تقديم عرض له بعد فلسفي وفكرة وطريقة وتناول مختلف حيث تشكل كل هذه الأشياء فارقا كبيرا في نجاح العرض وترك أثر، وقد عرض بالجامعة الألمانية وأيضا بالمهرجان القومي، بالإضافة لعرضه في مهرجان «كيميت» ومركز الإبداع الفني، وأيضا على خشبة المعهد العالي للفنون المسرحية لـ13 ليلة عرض، بالإضافة لعدد من العروض الأخرى.
 - كلمنا عن طبيعة عملك ككريوجراف قبل التحاقك بالمعهد ومدى إمكانية تقديم عرض تعبير حركي وتأدية الرسالة المطلوبة منه بدون حوار منطوق؟
قدمت عددا من تجارب التعبير الحركي في البيت الفني للمسرح وحصلت على عدة جوائز، بالإضافة لجوائز التمثيل والتأليف، وجميعها تجارب أفادتني كثيرا في تجربتي الإخراجية، فكان منهجي تعبيريا وعبثيا وواقعيا، منهج بفكر معين بعيدا عن النمطية، ولم أكن مدركا لمدى نجاحه أو فشله، كما أنني لم أكن قادرا على توظيف نفسي، وبالتأكيد يمكنني تقديم عرض تعبير حركي بدون حوار منطوق لكن المهم كيف سأقدم الفكرة وأشرح رؤية المخرج ويلزم أن أكون على دراية بكيفية توظيف الجسد فيما يسمى بلغة الجسد ليتحدث الجسد لا اللسان، التعبير الحركي أمر صعب ويحتاج لبروفات أكثر من التمثيل ولكن رغم صعوبتها فهي عملية ممتعة جدا صعبة لكنها ليست مستحيلة ومن المحتمل أن أخوض قريبا تجربة مماثلة.
 - هل يجب أن يكون الفنان دارسا أم أن الموهبة وحدها تكفي؟
الموهبة تدعم الدراسة والاثنان في علاقة طردية معا وكلما كنت مدركا لموهبتك فلن تعرف أدواتك إلا من خلال الدراسة، وهذا حدث معي شخصيا، لم أعرف أدواتي وكيفية استخدامها إلا بعد التحاقي بالمعهد، فبدأت استيعاب الكثير وفهمت ما هي المدارس الإخراجية، دخلت لعالم جديد أضاف لي بالفعل الكثير، لن يحقق أيا منا شيئا إذا امتلك الموهبة وأهمل الدراسة، وليس شرطا أن تكون المعهد إنما القراءة والاطلاع والبحث والفرجة والسمع والابتكار المستمر والتجديد والبعد عن النمطية والتعرف على الثقافات المختلفة، فعادل إمام لم يصبح عادل إمام إلا من خلال فكره وتجدده واطلاعه، الموهبة والدراسة مثل الأرض الخصبة كلما وضعت بها بذرة ورويتها تحصد ثمارها.
 - هل تؤيد اللجوء لنصوص قدمت مرارا وتكرارا على خشبات المسارح؟
لست ضد الفكرة، لا مانع أن نقدم جميعا نص كـ»هاملت» ولكن لماذا التكرار في حين أنه يمكننا تقديم عروض أخرى دون التقيد بنمط معين، ودون التقيد بفكرة الشاب والفتاة والخيانة والحب والكراهية، هناك أفكار أخرى كثيرة يمكن التنوير عليها، لكن في النهاية إذا كان التكرار يحمل رؤى مختلفة ومتجددة فلست ضده لكنني للأسف على سبيل المثال شاهدت أحد العروض ولم أر المخرج من خلاله لأنه لم يقدم جديدا أو شيئا مختلفا فلا يجب أن نستسهل في المهنة؟
 - يوجد بالمهرجان جائزة أفضل بوستر دعائي.. من وجهة نظرك ما أهمية ذلك بالنسبة للعروض؟
في ظل أنه لدينا مشكلة من الأساس في فكرة التسويق والدعاية فيعتبر نوعا من التشجيع لابتكار الجديد، فكم من عروض وأشخاص عظيمة لم ينجحوا لسوء التسويق، حيث التسويق مرتبط ملازم لجودة العرض، فطالما العرض تسويقه جيد سينجح في جذب الناس إليه، والبوستر هنا مهم وليس مجرد بوستر كتب عليه أسماء فريق العمل إنما ما الجديد الذي تقدمه في تناول البوستر وشكله غير النمطي لجذب الجمهور ولولا أهميته ما كانت هناك إنفاقات بالمليارات على فكرة الدعاية والتسويق للمنتجات في التلفزيون.
 - تعددت مواهبك بين التمثيل والإخراج والتأليف فأيها الأقرب إليك؟
أنا ممثل لدي هوايات متعددة منها الرقص، بينما الإخراج فقد قدمت العرض لأنه شغفني وصدقته وصدقه معي الجمهور، لكن حبي هو أن أكن موجودا على خشبة المسرح نفسها ولا أرى نفسي مخرجا عظيما في المستقبل ولا أعتقد أنني سأخرج عروضا أخرى إلا القليل مما يؤثر في.
 - ما الذي تطمح إليه الفترة القادمة؟
العرض سيعرض على خشبة المعهد مرة أخرى وكذلك في المهرجان القومي للمسرح، وأتمنى أن يأخذ العرض حقه في التقديم ومعرفة الجمهور به بشكل أكبر وأن يظل عالقا في الأذهان.


روفيدة خليفة