بعد تكريمه بالمهرجان التجريبي.. القدير فهمي الخولى: المسرح عمري وأشعر أنه لم يمر بلا جدوى

بعد تكريمه بالمهرجان التجريبي.. القدير فهمي الخولى: المسرح عمري وأشعر أنه لم يمر بلا جدوى

العدد 682 صدر بتاريخ 21سبتمبر2020

المخرج القدير فهمي الخولي، مسيرة مسرحية مشرفة ورحلة عطاء استمرت لستة عقود، حيث عين في فرق التليفزيون المسرحية، فرقة المسرح الحديث في أكتوبر 1963 وما زال يمتعنا بعروض ناجحة عظيمة باهرة  سواء لمسرح الدولة أو للقطاع الخاص، عمل مع معظم نجوم الفن، ويرجع إليه اكتشاف الكثير من الفنانين مثل محمود حميدة وفاروق الفيشاوي ورغدة وأحمد زكي وعبلة كامل وغيرهم. كما كان له دورٌ محوريٌّ في تقديم أسماء كبيرة من كبار مخرجي المسرح الحاليين مثل خالد جلال وأشرف زكي. 
حصل على العديد من الجوائز مثل جائزة الدولة التشجيعية والتقديرية وجائزة التفوق.
وها هو اليوم يكرم في بيته في عرينه في مهرجان المسرح التجريبي للتأكيد على أهمية التواصل بين الأجيال وللتأكيد على فكرة احترام أصحاب الفضل والسبق والاعتراف بما قدموه وما يقدمونه خلال مسيرتهم الفنية. 
جريدة «مسرحنا» تهنئ المخرج الكبير على هذا التكريم وتنتهزها فرصة للتحاور معه حول مشواره الفني.
- بداية ماذا يمثل لك التكريم في الدورة الأخيرة من مهرجان المسرح التجريبي؟ 
المسرح التجريبي تحديدا يمثل لي حبّا خاصّا فقد كان لي الشرف أن أكون واحدا من ثلاثة كنا اللجنة التحضيرية للمهرجان، فبعد عودتي من أمريكا صدر قرار من الوزير الأسبق فاروق حسني بتكليفي أنا وأستاذ محمد سلماوي والدكتور حمدي الجابري بتكوين اللجنة التحضيرية لمهرجان المسرح الحر الشبابي فاجتمعنا وتساءلنا لماذا لا يكون مهرجانا تجريبيّا ودوليّا يحمل اسم مصر، ويصبح للقاهرة مهرجانها التجريبي المسرحي الدولي، فتحمس السيد فاروق حسني للفكرة وكان المهرجان على مدار 23 دورة، ثم تولى إدارة المهرجان بعد ذلك الدكتور فوزي فهمي شيخ النقاد، ثم توقف المهرجان واستطعنا كلجنة عُليا أن نعيد المهرجان مرة أخرى ووافق دكتور جابر عصفور وعاد المهرجان من جديد. 
- قدمت عروضا كثيرة ومهمة مثلت مصر في مهرجانات عربية وأجنبية.. هل من الممكن أن تحدثنا عن أهم هذه العروض بالنسبة إليك؟
الحمد لله خلال مسيرتي المسرحية قدمت عروضا لاقت نجاحا كبيرا كما ذكرتِ سواء داخل مصر أو الدول العربية أو حتى الأجنبية، فمثلا مسرحية «الوزير العاشق» بطولة سيدة المسرح السيدة سميحة أيوب والعظيم الراحل عبد الله غيث، وتأليف الشاعر الكبير فاروق جويدة. أيضا مسرحية «سالومي» بطولة النجم القدير ونجم الفيديو حينها نور الدمرداش ورغدة وكانت هذه المسرحية هي ثاني عمل لرغدة، حيث قدمتها من قبل لأول مرة في مسرحية «الرهائن» سنة 72.
 أيضا من أهم الأعمال لديّ مسرحية «لن تسقط القدس» للراحل نور الشريف وعفاف راضي ولقاء سويدان ونجوم كبار آخرين.  ومن المسرحيات التي أتذكرها جيدا في البدايات أيضا مسرحية «ليلة جواز سبرتو» المأخوذة عن «زواج فيجارو» التي أعدها الشاعر العظيم عبد الرحمن الأبنودي شعرا ودراما ومسرحا وكانت من ألحان إبراهيم رجب والوجه الجديد حينها عمار الشريعي.
- وماذا عن تجربتك كمدير عام للمسرح الحديث؟ ماذا تذكر عن تلك الفترة؟
حين كنت مديرا للمسرح الحديث، قدمت تجربة غير مسبوقة وهي تقديم خمسة عروض في اليوم الواحد على خشبة مسرح السلام. نبدأ بعرض للأطفال في الساعة الحادية عشرة صباحا ثم تتوالى بقية العروض الأربعة، أيضا افتتاح «قاعة يوسف إدريس» في المدخل القديم لمسرح السلام، وأستطيع القول إن مسرح السلام في عهدي كان لا يغلق بابه سواء بعروض أو بروفات. 
ومن خلال إدارتي للمسرح الحديث قدمت مخرجين هم كبار الآن ما يقرب من خمسة وثلاثين مخرجا منهم الكبير خالد جلال من خلال مسرحية «اللمبة» والدكتور أشرف زكي، حين كنت مديرا عاما لمسرح الغد قدمته في «شقيقة ومتولي» وحصل بها على جائزة الدولة التشجيعية. 
- تحدثنا عن مسرح الدولة فهل تسمح لنا أن نتحدث عن المسرح الخاص وتحديدا مسرحية «حمري جمري» ألا ترى مدى التباين والاختلاف بين عروض مسرح الدولة ومسرح القطاع الخاص بالنسبة إليك؟ 
 أجاب: «كل حاجة بموازينها» مسرحية «حمري جمري» مثلا استمرت في العرض لمدة خمس سنوات، ونجحت جماهيريّا حتى إنها حصدت 10 ملايين جنيه وقتئذٍ باعتراف المنتجين أنفسهم، وهو رقم مهول في وقتها، ومسرحية «عشرة على باب الوزير» بطولة فرقة الفور إم وهي مسرحية تليفزيونية استمرت تعرض لمدة ستة أشهر على مسرح الهوسابير ثم على مسرح المدبوليزم ثم عرضت في باريس في الأولمبيا. أنا مؤمن أن لكل مقام مقالا، حين أقدم عرضا  للقطاع الخاص فأنا مؤمن بأنني وكيل المنتج أعتبر نفسي أنا صاحب رأس المال ولا بد أن أرد لصاحب رأس المال أمواله ومكسبه أيضا، لأن هذه هي معايير المسرح الخاص. فمثلا اعتبر النقاد مسرحية «حمري جمري» مسرح الكباريه وكنت أوافقهم على ذلك فكان حسن الأسمر ينزل إلى الجمهور ويغني ما يطلبه منه الجمهور وترقص صابرين على هذه الأغاني، فهذه مقاييس المسرح التجاري، لكن حين أقدم «لن تسقط القدس» أو «الوزير العاشق» أو «سالومي» أو أي عمل من الأعمال الجادة سواء لمسرح الدولة أو حتى للقطاع الخاص فلا بد أن أقدمها بمعايير مسرح الدولة وبعلمي ومعرفتي  بجمهور مسرح الدولة، فجمهور مسرح الدولة يهمه أن يرى نفسه ويرى واقعه الذي يحلم به وما يتمناه وما يفكر فيه. وفي كل الأحوال سواء عام أو خاص لا بد أن تقدم المسرحية للجمهور المتعة السمعية والبصرية والوجدان والفكر وأيضا الضحك لا بد من متعة فلا يمكن أن يكون العرض جامدا جافّا، لان المسرح رسالة، من خلالها نخاطب وجدان المتفرج، المتفرج قبل العرض لا بد أن يكون مختلفا عنه بعد العرض،  لا بد من إضافة معرفة وتزويده بالثقافة ،وبذلك يكون هو أكبر دعاية للعرض. فمثلا مسرحية «اثنين تحت الأرض» كان الجمهور يدخل العرض أكثر من 15 مرة، وكانت للمسرح القومي بطولة فاطمة التابعي ومحمود مسعود وأحمد فؤاد سليم ومن تأليف محمد سلماوي، ورغم أنها قدمت خلال موسم الصيف فقد استمرت ستة شهور يوميّا «كومبليه» وكانت تقول إن الحياة في وسط المجاري تحت الأرض أفضل من الحياة فوق الأرض. فالجمهور كان يشعر أنها تعبر عنه وعن واقعه فكان يعود مع جيرانه أو أصدقاؤه أو أولاده.
- ماذا يمثل لك المسرح بعد كل هذه المسيرة؟
المسرح عمري وأشعر أنه لم يمر بلا جدوى، والتكريمات تؤكد لي أن العمر الذي فات لم يكن بلا فائدة، ورغم كل الأزمات التي يعانيها المسرح، لكن الأمل يعود إليَّ حين أُخرِجُ عرضا وأجد الصالة قد امتلأت والجمهور يعود مرة واثنتين وثلاثة، وهذا ما يجعلني أقول: «ما ضاعش العمر يا ولدي». 


هبه الورداني