من ورش مهرجان دبا الحصن الكوريوجرافي والبانتوميم في مسرح الصغار وتوظيف الأراجوز

من ورش مهرجان دبا الحصن الكوريوجرافي والبانتوميم في مسرح الصغار وتوظيف الأراجوز

العدد 603 صدر بتاريخ 18مارس2019

أقيمت ضمن فعاليات مهرجان دبا لحصن للمسرح الثنائي في دورته الرابعة ثلاثة ورش مسرحية خصصت لتدريب  مسئولي المسرح بالمدارس وتمحورت حول الكوريوجراف للمصمم مناضل عنتر، و المايم لسماء إبراهيم، و توظيف الأراجوز وخيال الضل لدكتور نبيل بهجت .
قال الفنان مناضل عنتر: تمحورت الورشة  حول كيفية تصميم الأداء الحركي والعروض الحركية في المسرح المدرسي لتحسين مستوى الطلاب و اكسابهم حركات متجانسة تعتمد على مفردات حركية طبيعية للوصول إلى أعلى مستوى فني. وتنمية شعورهم بالمكان والموسيقى، وتعلم النظام والدقة والعمل في مجموعات كبيرة للتعبير عن أفكار العروض بشكل أكثر احترافية.
وعن ورشة المايم التى قدمتها الفنانة سماء إبراهيم بعنوان « البانتوميم في مسرح الصغار « قالت الفنان سماء إبراهيم شعرت بسعادة من نوع خاص عندما تلقيت الدعوة لتقديم ورشة لفن البانتوميم في مسرح الصغار، ضمن فاعليات مهرجان دبا الحصن للمسرح الثنائي في دورته الرابعة الذي تنظمه إدارة المسرح في دائرة الثقافة بحكومة الشارقة ، و يديره الفنان  أحمد أبو رحيمة، وقام بتنسيق الفاعليات المسرحي عصام أبو القاسم.
واوضحت سماء إبراهيم : الاهتمام بفن البانتوميم وأثره الايجابي على سلوك الطلاب الصغار ، وإهتمام حكومة الشارقة العام بالمسرح يؤكد على أهمية الدور الذي تلعبه الفنون في صناعة النفس البشرية ، ولذا كان الاهتمام بتأسيس الاساتذة و تعريفهم بنوع مميز من الفنون مثل البانتوميم  ليصبحوا مصدرا ملهما معينا لطلابهم فيما بعد أمرا هاما نسعى لان يكون فعالا في كل المدارس بالوطن العربي  حيث تعتبر الإيماءة من أهم وسائل التعبير بشكل عام وخاصة عند الصغار فمن خلالها يمكن ان تقدم إيماءات الوجه وحركات الجسد جملا تعبرعن مشاعرهم وأفكارهم  وبالتالي يمكن من خلال البانتوميم أن يقدم من خلاله الصغار عملا مسرحيا مميزا .
ولجأت الفنانة سماء إبراهيم عبر برنامج ورشتها ووفقا للزمن المخصص أن تقدم أهم النقاط الخاصة بفن البانتوميم ، رغبا في جذب المتدربين لتذوق هذا النوع من الفنون، وكذلك التدريب العملي لأهم الخطوات والحركات التي تقود المتدربين لتنفيذ أفكارهم، خاصة وان الورشة في سابقة من نوعها يشارك بالتدريب فيها طلاب واساتذة، لذا اعتمدت على
القيام بتعريف المتدربين على بعض من المناهج والأشكال المتنوعة من الميم والبانتوميم من خلال مشاهدة مقتطفات فيديو وتحليل بعض العروض لمختلف الفنانين ، وكذلك القاء الضوء على كل من المدرسة الفرنسية – الايطالية – الشرقية لفن البانتوميم، ثم بعض التدريبات العملية عبر العاب مسرحية تعني بالتعبير بالجسد ، وقد أشترك في تلك الألعاب الأستاذة والطلاب ، واتسمت تلك الألعاب تحقيق حالة مزج بين المرح والفكاهة وبين المعلومة والإفادة .
اعقب تلك التدريبات التعرف على أهم الأدوات المسرحية المكونة للعرض المسرحي وخاصا للبانتوميم مثل ( الحركة – الايماءة – الملابس - المكياج – الموسيقى –  الاكسسوار- ....) ودراسة الاثر الفني من خلال التجربة العملية وبعض التدريبات مع الطلبة، فقد تم  استخدام العديد من الاكسسوار واستخدام المكياج ، وكذلك الاستماع الى العديد من المقطوعات الموسيقية لمعرفة تأثيرها المتنوع .
ثم قدمت الفنانة سماء إبراهيم عدة تدريبات على أهم الخطوات المعتمدة على الخيال في البانتوميم وذلك بمشاركة المتدربين وحضور الورشة مثل ( المشى في المكان – البالون – الحقيبة ...) وهو ما عزز كون البانتوميم من الفنون التي من الممكن ان تكون تفاعليه  وتسمح بإشراك الاخر.
وطرحت المدربة على المتدربين والحضور ( لماذا البانتوميم ... ورحلة البحث ) موضحة أن عرض البانتوميم ليس بالضرورة أن يكون مجرد حالة مرحة بل يمكن  أن يصبح عرضا مسرحيا يطرح أفكارا ويثير قضايا واقعية وفلسفية ، فهناك العديد من المواضيع الانسانية الهامة مثل التواصل الانساني وخاصا في ظل انتشار التكنولوجيا وما تصنعه من عزلة بين الافراد ، وكذلك قضية الحفاظ على الثروة المائية ، والعديد من المسرحيات الدرامية الشهيرة من الممكن ان تقدم من خلال البانتوميم .
وحول الورشة قالت الفنانة سماء إبراهيم : كانت تلك اهم النقاط  الخاصة بالورشة التي قدمتها بالشارقة بمهرجان دبا الحصن والتي حرص القائمون عليها  أن يكون المتدربين من الأساتذة والطلاب اللذين تنوعت مراحلهم العمرية وكان اغلبهم من الفتيات ، ليكونوا جميعا متدربين متفاعلين بصورة رائعة ، وكان أداؤهم جميعا كفيلا بأن يعبر عن مدى شغفهم ورغبتهم في المعرفة ، وأظهرت العديد من الطلاب المتميزين حركيا .
وانهت سماء تصريحاتها بقولها « أثناء رحلة العودة الى مصر كانت الصور تختلط في ذاكرتي  بين لقائي بدبا الحصن وشغف المتدربين وبين لقائي الأول بالبانتوميم بالإسكندرية وتحديدا في عام 1985م عندما قامت ادارة التوجيه المسرحي بالمدرسة بالتنسيق مع فنان البانتوميم حسام العزازي ليقوم بتدريبنا ليقدم بنا عدّة عروض بانتوميم،  تلك العروض التي كانت النواة الأولى لي لكي أعشق هذا الفن .»
وفي سياق ورش مهرجان دبا الحصن  قدم دكتور نبيل بهجت استاذ ورئيس قسم المسرح جامعة حلوان، والكاتب والمخرج ومؤسس فرقة ومضة لعروض الأراجوز،ورشة مسرحية بعنوان « توظيف فن الأراجوز فى المسرح المدرسي» والتي استمرت عل مدار يوم واحد، للأساتذة والطلاب .
واستعرض د. نبيل بهجت بداية الامكانات التربوية والتعليمية التي يمتلكها المسرح  الذي يستخدم فن الأراجوز، والذي دفع منظمة اليونسكو لوضعه على قوائم الفن الانساني بالعام الماضي، واشار بهجت لأن فن الأراجوز يعتبر أحد نماذج المسرح الثنائي، حيث يؤدى عبر لاعب الأراجوز والمساعد .
واستهل الورشة بمادة وثائقية فيلمية حول فن الأراجوز، للتعريف بهذا الفن،  وركز الفيلم القصير على الفنان صابر المصري، الذى كرمه الشيخ سلطان القاسمي عام 2016، كأحد الكنوز البشرية الحية .
أعقب الفيلم التعريف بالإمكانات التي يمتلكها فن الأراجوز لتوظيفه داخل المسرح المدرسي، مشيرا إلى سهولة التجهيز، وطريقة بناء مسرحه،  « البرافان» الذي يعتمد على ثمانية مستطيلات ذات بعد ثابت، وتثبت بطريقة معينة بحيث تسمح ببناء حاجز مغطى بالقماش، يجلس خلفه لاعب الأراجوز، ويقف بجواره المساعد ظاهرا،  ويسمج بظهور العرائس من فوق «البرافان»، وكذا يسهل طيه وتخزينه ونقله كقطعة واحدة بعد انتهاء العرض.
ثم انتقل بهجت مستعرضا طريقة صناعة دمى الأراجوز، وكيفية بناء النموذج الذي يؤثر سلبا وإيجابا في تصورات الطفل، مؤكدا ان هذا المسرح يبنى اولا في مخيلة الطفل، وهو ما يستلزم الدقة في انتخاب النماذج الإيجابية والموضوعات التي تقدم له، عبر شخصيات العرض، مشيرا إلى أهمية الخيال، وغرس القيم الكبرى مثل « الشر جزاؤه الشر والخير جزاؤه الخير» ، وربط كل ذلك بتصميم الدمة وصناعة الملابس، والإكسسوار والمساحة .
وانتقل بهجت إلى شرح ان التفاصيل هي التي تساهم في بناء الزمان والمكان بفن الأراجوز، مشددا على ان المكان الأول للعرض هو مخيلة الطفل، لذا تعتمد تلك العروض على القدرة على الايحاء، فالمساحة الصغيرة للبرافان يمكن ان تتحول لمدينة كبيرة نسير فيها اياما واسابيع، وذلك عبر الاهتمام بالتفاصيل الصغيرة بالعرض،
وأوضح بهجت أن عناصر العرض هي اللاعب والمساعد والدمي والبرافان والموضوع المفدم، والجمهور كعنصر أساسي ومستهدف،  وهو ما يتطلب ان تكون بيئة العرض تفاعلية مع الجمهور من الأطفال داخل العرض المدرسي، والذي يعتمد بالأساس كبداية على المشتركات بين العرض وجمهوره، مما يستثير الرغبة في المشاركة والفعل من بداية العرض، وطرح مثالا بان يستعل العرض بأغنية معروفة على سبيل المثال.
وتابع بهجت مؤكدا أن الغرض الأساسي دفع الأطفال للتفاعل والمشاركة والتفكير، وطرح السؤال، مشيرا إلى  أن الفكاهة إحدى ضرورات تلك العروض،  وصنع الفكاهة عبر التكرار والمقالب والمفارقات، والتداخل بين ما هو انساني وحي وما هو آلي أو جماد، وهو ما يتجلى في المساعد وعلاقته بالدمى، حيث ينبع الضحك من كل ما هو إنساني، مما يجعلنا نشير لدور المساعد الذي تقع عليه مسئولية بناء الحوار واستنفار الجمهور للمشاركة، فهو الجسر بين عالم الدمى والجمهور.
واختتمت الورشة بتطبيق عملي على ما جاء بها حيث قدم أحد المتدربين والفنان منير العمري عرضا فكاهيا تعليميا، على اساس ما جاء من تدريبات بالورشة.
واختتم د. نبيل بهجت الورشة بتقديم الشكر للحضور والمنظمون والشيخ القاسمي رائدا للثقافة والمسرح العربي، و إدارة  الثقافة بالشارقة ومن بينهم الفنان أحمد ابو رحيمة مدير المهرجان والناقد عصام أبو القاسم .


أحمد زيدان