في ندوة عرض «كوكب سيكا» العرض للأطفال فى المقام الأول ويحمل الكثير من القيم

في ندوة عرض «كوكب سيكا» العرض للأطفال فى المقام الأول ويحمل الكثير من القيم

العدد 593 صدر بتاريخ 7يناير2019

أقام المركز القومي للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية، الأسبوع الماضي، ندوة عن عرض الأطفال «كوكب سيكا» ، وذلك في إطار الندوات التطبيقية الشهرية التي ينظمها المركز القومي للمسرح. «كوكب سيكا» إنتاج المسرح القومي للأطفال، ويقدم على مسرح متروبول.
بطولة إيناس نور، سيد جبر، منصور عبد القادر، محمد خليل، هناء سعيد، حمدي العربي، وأيمن بشاي، محمود الصغير، وائل إبراهيم، على حسن، بمشاركة الفنان القدير محمود حسن، تأليف عبده الزراع، إخراج سيد جبر.
تحدث في الندوة الفنان القدير جلال الهجرسي، والناقد المسرحي باسم عادل، وأدارها الباحث علي داود، في حضور مخرج العرض الفنان سيد جبر ومدير المسرح القومي للطفل الفنان حسن يوسف.
بدأ الناقد والفنان جلال الهجرسي حديثه موضحا أنها الندوة الثانية له في المسرح القومي للأسرة والطفل. وأوضح قائلا: ما زلت أصر على هذا العنوان “الأسرة والطفل” لأن الأب والأم يصاحبان الطفل، وهما جزء مهم من متفرجي الصالة، فالعرض موجه لهم مع الطفل، ولذلك يجب أن يحقق العرض لهم متعة مع الأطفال ولا يكون بعيدا عن اهتماماتهم ووجدانهم.
وانطلاقا من هذه التسمية أريد أن تبدأ الندوة بصاحب العرض الأصلي والتعرف على انطباعات عينة من الأطفال.
قال الطفل محمد جمال 13 عاما إن العرض نال إعجابه كثيرا لأنه يوضح قيمة العمل، بينما قال الطفل يوسف مصطفى 8 سنوات إنه تعلم أن العمل عبادة وأن المصريين القدماء أول شعب عمل، بينما قالت الطفلة ليلى محمد 6 سنوات إن العرض جميل والعمل ضرورة هامة وإن ما يميز العرض الفنان سيد جبر الذي يتمتع بخفة ظل كبيرة.
تابع الهجرسي موضحا أن الأعمار التي تحدثت تساوي مرحلتين من مراحل توجه عرض الطفل: المرحلة الأولى هي بداية سن المغامرة، والمرحلة الثانية هي بداية الخيال والرومانسية.
وأضاف: إذا قمنا بحسبة افتراضية فإن 50% من جمهور العرض أسرة و50% أطفال صغار ومن هنا صعوبة توجه العرض للفئتين، فالفئة الكبيرة تريد أن تستمتع فنيا ونفسيا والطفل له متعته الخاصة لذا يجب أن يكون ما يقدم غير تقليدي.
وتابع: فرقة المسرح القومي من أهم الفرق المسرحية في مصر والعالم العربي لأنها تربي المتلقي المسرحي منذ طفولته، والطفل يعتاد معها على الذهاب إلى المسرح ويرى خشبة المسرح ومكان الجمهور، وبالتالي تصبح عادة سلوكية لديه تبدأ من عروض الطفل، لذا فهو صاحب الفضل في تكوين الذائقة وإعادة الأسرة إلى المسرح.
وعن العرض المسرحي «كوكب سيكا» قال: أحداث العرض تقوم على رحلة من عالم الأرض إلى أحد الكواكب يسمى “سيكا” وأنا من محبي هذا الاسم لأنه أحد المقامات الموسيقية، معروف عنه الفرحة والبهجة والطاقة الإيجابية، وقد بدأت الرحلة إلى الكوكب بخطأ غير مقصود وعفوي من خفراء جهلاء قاموا باللعب في أدوات سفينة فضاء فتحركت السفينة بهم وذهبوا إلى كوكب سيكا الذي يعاني من أزمة وهي أن شعبه فقد القدرة على الحركة والفعل، وملكة الشعب تعاني وتريد أن يعود أفراد الشعب إلى الحركة فكان العلاج من وجهة نظر الشخص الفرعوني هو “العمل” فمصر هي أول حضارة في التاريخ قامت بالعمل وأعلت من شأنه وتركت لنا آثارا عظيمة ورائعة، وهنا تتضح قيمة العمل بجانب قيمة الانتماء الوطني.
واستطرد: هذه القيم التي نزرعها في طفل اليوم شديدة الأهمية، وأنا لا أتحدث عن تحليل عناصر العرض كناقد، فالقيمة التي قدمت تحوي متعة شديدة وهناك استعراضات رائعة قدمها الأستاذ حسان، وهناك عناصر متعة وضحك وروح تلقائية تنطلق من خشبة المسرح إلى الصالة وهذه أحد أهم أهداف وتوجهات المسرح القومي للأسرة والطفل.
أضاف: للوهلة الأولى نرى توقف الحدث الدرامي كثيرا ولكن على العكس فهذا البناء إذا قدم على خشبة مسرح آخر ووجه لجمهور آخر فمن المؤكد ستختلف بنية العرض، فنحن أمام طفل بأحواله وتفاعلاته مع انفصاله مع أسرته وكيف استرده بعد الانفصال، وقد تم ذلك بمجهود كبير من مجموعة من الفنانين الكوميديين ومنهم الفنان منصور عبد القادر وحمدي العربي ومحمد خليل، بالإضافة إلى مجموعة شعب سيكا. قال أيضا: إن عناصر الإمتاع في العرض بدأت بتحريك خيال الطفل بمكان محدد يحوي شاشة عرض وسعت نطاق الرؤية وفتحت مجالا لمشاهدة سفينة الفضاء صعودا وهبوطا حتى أدخلنا العرض إلى العالم غير الواقعي، وقد تغلب المخرج على أزمة تعدد الأماكن إلى جانب ميكانزمات الديكور البسيطة التي تحول المشهد من مكان لآخر، وأحيي المخرج ومهندس الديكور وأوجه التحية إلى فكرة المؤلف الشربيني يونس رحمه الله.
وقال الناقد باسم عادل إن النقد حلقة الوصل والربط بين المبدع والمتلقي على كافة مستوياته على الرغم من أن البعض يراه من أثقل الأشياء في المنظومة الفنية، موضحا أن تقديم عرض للأطفال ليس بالأمر اليسير ومن يتصدى لهذه التجارب يتعامل مع طبيعة جمهور مختلفة تحتاج إلى ثلاثة أشياء أساسية: الأولى حجم إنتاج مختلف على مستوى الصورة لأننا نقدم خيالا وخيال الأطفال أكبر وأخصب بكثير من الكبار، وبالتالي إذا لم يتم تحقيق ذلك على مستوى الصورة وتم التعامل فقط مع الحوار تصبح هناك أزمة، قد تصل الرسالة ولكن سينساها الطفل عقب انتهاء العرض. والصورة هنا تعني ممثلين واستعراضات وديكورا. وضرب عادل مثلا بتجربة ديزني وما حققته من نجاح في مجال «الأنيميشن».
تابع: النقطة الثانية الأساسية في عروض الطفل مناديا هي ضرورة وجود تربوي مهمته أن يكون مستشارا فنيا والعين المركزة على ما يقدم ويمرر من قيم وكيف تصل بشكل مناسب.
أما النقطة الثالثة فهي تخص الفئة العمرية التي يقدم لها العرض، وهل من الممكن أن تشاهد الأسرة العمل، والفئة العمرية متصلة بالأساس أيضا بفكرة. وأوضح الناقد باسم عادل أنه نشأ في «المسرح القومي للطفل» وتفتح وعيه به منذ صغره، لافتا إلى أهمية أن يعي المبدع ماذا يقدم وأين ومتى. وقال إن هناك بناء دراميا جيدا يرسخ لقيمة العمل ولكن المدة الزمنية للعرض طويلة، وفي الجزء الأول للعرض قدم الممثلون الكثير من الضحك والإفيهات، وهذا ليس سيئا، ولكن النقطة الحقيقة فنيا وتربويا بدأت منذ أزمة تفجر مشكلة «كوكب سيكا» وهي بداية الاستيعاب الحقيقي على المستوى الفني وعلى مستوى التلقي.
وقدم عادل بعض الملاحظات على العرض وكان منها تمتع الممثلين بخفة ظل ولكن كان هناك خروج عن النص لم يضف للعرض ولكنه خصم من رصيده، وهناك مناطق أخرى تتصل بالجانب التربوي وتقدم الصورة النمطية التي يتم استعراضها لبعض الشخصيات ومنها شخصية الصعيدي، وهو ما يرسخ للنمط السائد، مشيرا إلى أنه فخ كبير يقع فيه الكثير من الممثلين قد يجلب الضحك والكوميديا ولكنه يرسخ لهذا النمط التقليدي.
أضاف: وهناك منطقة هامة لا يجب إغفالها وهي منطقة الدمج بين الأقزام مع الأشخاص الطبيعيين وهي منطقة أحيي عليها مخرج العرض. وفيما يخص ديكورات العرض قال: نعلم أن مشكلة الإنتاج عامة وقد استعاض المخرج بالبروجكتور مع بعض الموتيفات لتغيير الديكور وللتغلب على فقر الإمكانيات. تابع: فكرة تكرار المعلومة شيء هام في عروض الطفل لترسيخ الأفكار والقيم ولكن إذا تم تغليفها بشكل درامي يكون أجود على المستوى الفني حيث نبتعد عن فخ المباشرة وإن كان هذا مطلوبا إلى حد ما في عروض الطفل لتأكيد الرسالة والقيمة.
وأعرب المخرج سيد جبر عن سعادته بهذه الندوة ووجه الشكر والتحية للمركز القومي للمسرح وللفنان أحمد شحاتة المخرج المنفذ للعمل واصفا إياه بالجندي المجهول وأحد أسباب نجاح العرض بصحبة فريق عمله خالد فوزي، محمد علي حسن، نيرمين، زهرة، عادل عبد النبي، وكذلك الفنيين الذين يقفون خلف الكواليس.
وقال جبر إن هذا العمل هو أول عرض مسرحي له مع بداية تولي الفنان حسن يوسف إدارة المسرح، مضيفا أنه قدم له هذا النص ولكنه رفضه في البداية لعدم قناعته بالنص، ولكن جبر أصر على إخراجه وبعد جلسة جمعت بينهما والفنان وائل إبراهيم وتم عمل “بلوف” بواسطة حسن يوسف أضافت للعرض وهي فكرة الأيدي التي لا تعمل.
تابع: إن هدفه في هذا العرض هو تقديم مسرح جماهيري داخل المسرح القومي للطفل مثل القطاع الخاص الذي تعلم فيه على يد عمالقة مثل جلال الشرقاوي وسيد راضي، مؤكدا أن جميع نجوم المسرح القومي للطفل بدون استثناء قادرون على توصيل المعلومة للطفل من خلال العروض التي تقدم على خشبة المسرح، مؤكدا أيضا أنهم رقباء على أنفسهم وهم يقدمون أي عمل مسرحي للأسرة أو للطفل. أضاف جبر أن نجوم القطاع الخاص لديهم الإمكانيات التي تجعلهم يقدمون مسرحا جماهيريا وأن هؤلاء النجوم خرجوا من مدارس مسرح الدولة ولكن للأسف لا توجد الإمكانيات التي تدفعهم لتطوير أنفسهم، متذكرا حديثه مع الكاتب والمؤلف أحمد الإبياري عندما قال له إن مسرح الطفل هو الذي يستمر والباقي سيندثر مع الوقت إذا لم يتم تطوير المسرح الحكومي. واختتم جبر كلمته قائلا: إن مسرح الطفل هو أهم مسرح في مصر والشرق الأوسط.
بينما وجه فارس عبد المنعم مدير المركز القومي للمسرح الشكر للفنان حسن يوسف مدير المسرح القومي للطفل وكل فريق عمل الفرقة على حسن اختيار العروض التي يقدمها المسرح لجماهيره، مؤكدا أن “كوكب سيكا” من العروض التي تمتلك عناصر فنية كبيرة على درجة عالية من الإبداع والكوميديا التلقائية غير المبتذلة التي تناسب الأسرة والطفل.
واتفق الفنان حسن يوسف مدير المسرح القومي للطفل مع الناقد جلال الهجرسي، وقال إن شعاره من البداية هو أن المسرح بالفعل مسرح الطفل والأسرة ونحن نملك قناة على الـ«يوتيوب» بهذا الاسم وهذه هي استراتيجية الفرقة. وعن قلة الإنتاج أكد يوسف أن القومي للطفل يعاني من قلة الإنتاج بالفعل وأن الفرقة تحتاج إلى دعم لإنتاج عروض جديدة، موضحا أن الميزانية يتم تخفيضها وهو أمر غير مقبول لأننا نقدم فنا لا نبيع سلعة يصلح بها “الفصال”، مشيرا إلى أنه طالب المسئولين أكثر من مرة أن يكون هناك مخصص مالي يستطيع إنتاج عروض طوال العام ويتم المحاسبة عليه.
تابع يوسف أن في بداية توليه المسئولية أنتج أربعة عروض جديدة ولم تتكرر مرة أخرى وكأنه «عقاب» على ما فعله، فأصبح يقوم بإنتاج عرض واحد في العام «بالتيلة» بسبب المضايقات المالية.
وعن وجود تربوي بالمسرح قال يوسف إن الفرقة لديها بالفعل متخصص تربوي وهو المخرج باسم قناوي، بالإضافة إلى أن كل فنان داخل المسرح القومي للطفل كفيل بأن يقوم بتدريس كيفية المعاملة مع الطفل.
الفنان محمود حسن ممثل ومخرج بفرقة القومي للطفل وأحد أبطال العرض، قال: تناولنا الفكرة بشكل كوميدي أكثر منه درامي دون استخدام أي ألفاظ خارجة أو إسفاف وهذه هي استراتيجية مسرح متروبول في إنتاج عروضها المسرحية. وتابع: أردنا من خلال “كوكب سيكا” أن يكون لنا السبق بتغيير هذا المفهوم عن (الأقزام)، مؤكدا أنه يرفض أن يطلق عليهم هذا الاسم فهم فقط قصار القامة وهذا لا يقلل من شأنهم.


محمود عبد العزيز _ رنا رأفت