قوة الأشياء في بيئة السينوغرافيا

 قوة الأشياء  في بيئة السينوغرافيا

العدد 593 صدر بتاريخ 7يناير2019

توحي تيارات الأداء المعاصر، والوسائط المتعددة، والمسرح ذو الخصوصية المكانية، أكثر من ذي قبل، بأن مواد السينوغرافيا – المكان والإضاءة والصوت والهياكل والأشياء والأقمشة والأنسجة والألوان – تلعب دورا مركزيا في تجربة المشاهدين. ومع ذلك، فإن فهمنا لهذا الدور الذي تؤديه المواد هو فهم ناقص، إذ تطور أعمال الفيلسوف موريس ميرلوبونتي، ولا سيما كتابه “المرئي واللامرئي The Visible and Invisible” تفسيرا ظاهراتيا للمفهوم من حيث العلاقة غير التسلسلية بين الذات والموضوع. والمشاهد هنا ليس هو المراقب من بعيد، بل إنه بالأحرى الذي يعايش العالم من الداخل، “... الوزن والثقل وسمك لكل لون وكل صوت، وكل ملمس للنسيج...”. إذ يصف العلاقة المنعكسة بين الرائي والشيء المرئي حيث يحدث نوع من التبادل فالأشياء تمر إلينا كما نمر نحن داخل الأشياء. وهذا الانعكاس بين الرائي المرئي هو استخدام تبادلي وتضافر لأحدهما مع الآخر، وهذا يشير إلى إمكانية لظاهراتية مادية ذات تضمينات عميقة لفهم دور السينوغرافيا في الأداء المسرحي.
وسوف تدعم أفكار الانعكاس عند ميرلوبونتي فكرتي من خلال التقاطع والتبادل بين الإنساني واللا إنساني في السينوغرافيا. وتتجلى عملية فهم السينوغرافيا هنا باعتبارها عملية تبادلية ومستمرة حيث تؤثر «قوة وتدفق» المواد علي الذات بقدر ما تحاول الذات فهم المادة. حيث إن ميرلو بونتي يبدأ من منظور فهم الجسم، ويصل في النهاية إلى التعارض Chiasm الذي هو عبور بين الرائي والمرئي، وقد ركز (تيم انجولد Tim Ingold) وآخرين مثل (حين بينيت Jane Bennett) على قوة المواد نفسها. واتباعا لاهتمامات النزعة المادية الجديدة، ذهب كل من بينيت وأنجولد إلى أبعد من ميرلوبونتي في دراستهما «إلى أي مدى يمكن أن تنسب الحيوية والقوة إلى المادة، بشكل مستقل عن وساطة البشر». وباستخدام ميرلوبونتي، من الممكن أن نفهم كيف يلتزم الرائي والمرئي في علاقة تبادلية وكيف تطبق الانعكاسية بين الذوات والأشياء على ممارسة السينوغرافيا. ولكن الأبعد من ذلك، ما هو ذلك الذي تقدر عليه المواد والأشياء نفسها؟
وبؤرة تركيز هذه الدراسة هي جانب البحث الذي يقوم على معايشة البيئة السينوغرافية المعدة لاستكشاف إمكانيات الأشياء والمواد في سياق المشاركة في الأداء. ويستخدم منهجا توافقيا للاستكشاف والصنع، يدمج المشاركة بين العوامل البشرية وغير البشرية ويسهل المشاركة الارتجالية مع الأشياء بالسينوغرافيا. وسوف أقدم مراجعة مختصرة للطريقة التي يزود بها التفكير الظاهراتي الطرق التي نتصور بها الأشياء والمواد السينوغرافية حتى الآن، وسوف أتأمل أعمال تادوش كانتور وهاينر جوبيلز باعتبارهما من مخرجي المسرح الذين يمنحون للأشياء والمواد دورا فعالا. فما هو هذا الدور وهل يمكن أن نقول إن الأشياء والمواد في أدائهما لهما قوة؟ وماذا يمكن أن يكون نوع هذه القوة؟
الظاهراتية والأشياء السينوغرافية:
بينما يتضح من البحث في البعد الظاهراتي للمسرح أن السينوغرافيا هي أحد المواد المهمة التي يصنع منها المسرح نفسه، إذ كان تركيز ظاهراتية المسرح على الإنساني فضلا عن غير الإنساني. وفي نفس الوقت، قد مالت الاعتبارات المؤثرة في السينوغرافيا إلى تأكيد القصد الفني للمصمم لتقديم السينوغرافيا باعتبارها فرعا من الفنون البصرية التي تستخدم الأساليب الدلالية (السيميوطيقية) لتفسير العمل. وهذه الأساليب ارتكزت تأويليا بشكل عام على اعتبارات السينوغرافيا وتردد أصداء ما اصطلح أنجولد على تسميته نموذج التمازج بين المادة الشكل:
 “برهن أرسطو أن أي شيء هو مركب من مادة hyle وشكل Morph، يحضران معا في فعل خلق هذا الشيء. ولذلك، يبدأ الصنع بشكل في الذهن وكتلة عديمة الشكل من المادة الخام، وتنتهي عندما تتحد المادة مع الشكل في نتاج صناعي كامل. وفي تاريخ الفكر الحديث، هذا التمازج بين الشكل والمادة قد ترسخ بشكل متزايد وأصبح غير متوازن. وأصبح الشكل مرئيا كما هو مفروض بشكل فعال، بينما أصبحت المادة – المقدمة بشكل سلبي خامل – وفقا لما هو مفروض عليها”.
يحظى اعتبار التمازج بين الشكل والمادة بمصمم سينوغرافي يعد العامل الرئيس الذي يفرض الشكل علي المواد والجمهور الذي يقرأها بشكل مقلوب “من الشيء التام الصنع إلى القصد الأولي في ذهن العامل”.
وتذكرنا مقاربات المسرح الظاهراتية أن السينوغرافيا لا تبدأ حصريا في مجال له نهاية ولا هي، مثل أي عمل فني، مؤشر لقصد الفنان الذي يمكن تفسيره ببساطة بأنه “السبب والنتيجة”. ويذهب برت أو ستاتس Bert O.States إلى أبعد باتجاه تصحيح وجهات النظر المختصرة للسينوغرافيا بإعطاء اهتمام مساو للأشياء والممثلين. ويضم تفسيره للمواجهات الإدراكية مع المسرح مفهوم خشبة المسرح باعتبارها صورة متحولة في الزمان والمكان، تكونت بواسطة تفاعل الأحداث البصرية والشفهية، حيث يمتزج العنصران الأدبي والتصويري بطريقة تجعلنا يمكن أن نقول “إن الأذن ترى المشهد والعين تسمعه”. هذه الانقلابات المثيرة تعيد إلى الأذهان ملاحظات ميرلوبونتي حول الإدراك الحسي والتواصل بين الحواس:
 “يرى المرء صلابة الزجاج ولمعانه، وعندما ينكسر مع رنين الصوت، ينتقل هذا الصوت بواسطة الزجاج المرئي.. إذ يرى المرء وزن كتلة الحديد التي تغوص في الرمال، وسيولة الماء ولزوجة الشراب. وبنفس الطريقة، أسمع صلابة والتفاوت بين الحصى في حشرجة عربة النقل، ونتحدث بدقة عن الصوت الناعم والصوت الباهت أو الحاد”.
يدرس ميرلوبونتي هنا الطريقة التي تكون بها حواسنا البصرية والشفهية جزءا من فهمنا المجسد لكيفية شعور الأشياء، ووزنها وحركتها، والطريقة التي تساهم بها المادة في إدراكنا لمادة أخرى. فالمواد تتفاعل مع بعضها البعض وتنتج بامتزاجها شبكة من المادة الحساسة التي يمكن أن يكون المشاهد جزءا منها.
وفي المسرح، فريما يكون من المغري أن نميز بين الصورة والنص، والفراغ المادي والمكان الخيالي، ولكن (ستاتس) يرى بشكل حاسم أن تمازج الصورة والنص يعني أن “فراغ خشبة المسرح وحدث خشبة المسرح هما شيء واحد: فهما وجودان متبادلان”. ومن ثم يستتبع ذلك أن يكون هناك المستوى الذي لا يمكن التمييز فيه بين الممثل وقطعة الأثاث. ويذهب (ستاتس) بعيدا عن أغلب المنظرين الآخرين من خلال إزاحة العنصر البشري عن مركز العملية المسرحية. وتؤكد تفسيرات كثيرة، أثناء اعترافهم بعدم الاستقرار الظاهراتي للأدوات المسرحية، أن فراغ المشهد والأشياء التي بداخله قد تجسمت في مجال الرؤية حتى يجذبها الممثل إلى المجال الجسدي وتوحي بأن الممثل هو الذي يضفي المعنى على الأشياء.
وتنعكس رؤية (جاي ماكولي Gay McAuley) للوضع المركزي للمؤدي في الكلمات التي نستخدمه لوصف أدوات خشبة المسرح. وترى أن الأداة تقترح الشيء كدعم للممثل، وفي نفس السياق، فان المعني الفرنسي لكلمة “أداة Prop” – هو accessoire – يتضمن وظيفة ثانوية وغير ضرورية. بينما يوحي مصطلح “خصائص properties” أن الأشياء تستطيع أن تنقل معنى أصيلا بواسطة تجسيد خصائص الشخصية أو المكان، وبالنسبة لماكولي، فإن قوة دلالة الأشياء تتحدد بواسطة الناس الذين يختارونها ويضعونها على خشبة المسرح. والاستخدام المؤثر للأشياء في هذا الشأن هو ذلك الذي يبدو عشوائيا أو غير المبرر (وبهذا يبدو أن لهم وظيفة مادية واتصالية في الأداء) ولكنهم مع ذلك يظلون يطاردون ذاكرة المتلقي ويقدمون صورا شاعرية أو صورا مزعجة:
 “هذه هي القطيعة مع العالم الحقيقي، وعدم القدرة علي إضفاء وظيفة، وإدراك أن الشيء لا يمكن أن يفهم ولا يمكن السيطرة عليه مما يعطي مثل هذه الأشياء السيريالية قوتها”.
وتعترف (ماكولي) بأن تشغيل الأشياء يمكن أن يكون مستقلا عن المؤدين، ولكنها انزعجت من تلك الأشياء الفائضة التي تهدد بأخذ الأسبقية على الممثلين وتختزل مهمتهم إلى خدمة السطح المتألق لإعداد المشهد.
وفي كتابه “المسرح بعد الدرامي Postdramatic theater”، يناقش هانز - ثيز ليمان Hasn - Thes Lehmann عدة أمثلة لمخرجي المسرح الذين لا يجدون مشكلة أن يكون للأشياء في مسرحهم الأسبقية على الممثلين بل هو فرصة. وقد تحفز تادووش كانتور، باعتباره من أوائل المؤيدين لمغزى الأشياء في الأداء المسرحي، لتقدير قيمة الأشياء والمواد في الحدث المرتبط بالمشهد عموما. وقد استخدم كانتور المواد المهملة، مثل عجلات العربات الكارو، والألواح الخشبية والأثاث القديم، التي شعر بأنها قادرة على التسامي على وظيفتها السابقة والضعف الشديد الذي كانت عليه عندما كانت تظهر على خشبة المسرح. وهنا كان عدم قيمتها في الحياة الفعلية معكوسا فأصبحت بؤرة التأمل ومصدر الإلهام. فأجسامه الحيوية، قدمت هجينا بين الشيء والممثل، حيث كان المؤدون مرتبطين بالأشياء البالية مثل الأزياء، فكل جزء متمم يؤثر ويتأثر بالجزء الآخر. وفي عرض “الطبقة الميتة The Dead Class” 1975 يحدث نوع من التبادل، حيث يحمل المؤدون من البشر العارضات بالحجم الطبيعي التي هي ذكريات عن ذواتهم الماضية.
 «يغيرون خشبة المسرح إلى مشهد للموت، حيث يوجد انتقال سلس بين البشر (عالبا ما يتصرفون مثل الدمى) والعرائس الجامدة (تبدو وكأنها تتحرك بواسطة أطفال). ويمكننا أن نقول تقريبا أنه يتم استبدال الحوار اللفظي في الدراما بحوار بين الناس والأشياء”.
وفي أمثلة أخرى في المسرح بعد الدرامي، تؤدي الأشياء بدون ممثلين، فمثلا العرض الذي قدمه (هاينر جوبلز) “الغطاسون ٍStifter’s Dinge” عام 2007، هو تكوين من خمس آلات بيانو بدون عازفين، والعرض بدون مؤدين. والأشياء في هذا العرض هم الأبطال الذين يتفاعلون مع المواد السينوغرافية الأخرى، مثل الإضاءة والأصوات والثلج والماء والضباب، لابتكار مسرحية بدون ممثلين. وفي حوار مع (هانز - ثيز ليمان Hans - Thes Lehmann) يقول جوبلز:
“أهتم بابتكار مسرح حيث تصور فيه كل الوسائل التي تصنع المسرح كل منها الأخرى ولكن بدلا من ذلك، يحتفظ كل شيء بقوته مع أنهم يعملون معا، ولا يعتمد شيء على التسلسل التقليدي للوسائل. وهذا يعني مثلا، عندما يمكن أن تكون الإضاءة قوية فإنك تشاهد الإضاءة فقط وتنسى النص، وعندما تتحدث الملابس لغتها أو توجد مسافة بين المتكلم والنص وتوتر بين الموسيقى والنص. إنني أمارس المسرح باعتباره شيئا مثيرا عندما تستطيع أن تفهم المسافات على خشبة المسرح التي أستطيع أن أعبرها كمتلقٍ”.
يقدم كانتور وجوبلز أمثلة لطريقة الممارسة السينوغرافية التي تستخدم مجموعة غنية للكائنات البشرية وغير البشرية حيث يتم إعادة تكوين التسلسلات الهرمية المعتادة لخشبة المسرح، وحيث يكون التواصل بين الحواس الذي اقترحه ميرلوبونتي هو أساس التجربة السينوغرافية. وللتفكير من خلال العلاقة بين الذوات والموضوعات في السينوغرافيا بمزيد من التفصيل، سوف أتأمل ما إذا كان ما تفعله الأشياء يمكن فهمه في إطار الطاقة.
يتعامل كل من كانتور وجوبلز مع الأشياء وكأن لها طاقة في ذاتها. فهل هي كذلك؟ إن كان الأمر كذلك ما هو نوع تلك الطاقة؟ عند كانتور هناك منهجان: أشياء في أدنى درجة تتحول خلال الأداء لكي تصبح أشياء للتأمل والحقيقة وتنشط خيال المشاهدين، في حين أن الأشياء العضوية – امتزاج المؤدين مع الأشياء ومواجهتهم معها – تعبر عن مفاهيم الفن الدرامي في شكل مادي. ولكن هل تعمل هذه الأشياء بشكل مستقل أم أنها معتمدة فعلا على العامل الإنساني؟ في التناول الأول، يمكن أن نجادل بأن قدرة الشيء على إشراك المشاهدين تعتمد على التأطير المسرحي واختيار الأشياء في المقام الأول بينما في التنول الثاني، يتم جعل الشيء يفرض تأثيرا ماديا وتأثير واضح على المؤدي والتأثير على نوع من التغيير الجسدي. فحساسية كانتور كفنان يقود عملية اختيار وتطوير الأشياء ويتحكم فيها، هو بالطبع فنان مهم في هذين التناولين.
يصف (أنجولد) فيما سبق كيف أن الرؤية التقليدية للأشياء واحدة حيث الفنان هو النموذج المركزي في اختيار ومعالجة المواد الجامدة لابتكار شيء يستطيع المشاهدون قراءته من خلاله. ولذلك يتم تعريف الشيء أنه على الرغم من أنه قريب فإنه يظل بعيدا وكاملا في ذاته. ويبدو أن الأشياء عند كانتور تلاءم هذا الوصف لأن دوره كفنان يجعله مسئولا عن اختيار المواد وتسمية الأشياء. ولكن هذا لا يعني أن يقول إن كانتور يرى الأشياء خاملة. بل على العكس، فإنه ينجذب إلى طاقة المواد واكتشاف الأشياء يمنحها حضورا قويا دون حاجة إلى المؤدي، رغم أنه لا يتضح ما إذا كان كانتور يرى هذا باعتباره قوة صوفية أو ميتافيزيقية أو مادية. ويصف (جوبلز) تجربة إدراكية يشارك فيها المتلقي وبين لغات مختلفة لعدة أشياء ومواد مسرحية – النص والمؤدي والملابس والإضاءة والصوت. ويقترح أن هذا قد تتم ممارسته باعتباره مسافة بين الأشياء والمواد، ولكن من الواضح أنها ليست المسافة التي تتولد من الأشياء الكاملة التي يشير إليها (انجولد). ويؤكد (جوبلز) على تجربة المشاهد باعتبارها عملية صناعة المعنى المستمر ويحول الانتباه عن نفسه كمبادر، على الرغم من أن الأداء، ولا سيما في عرض «الغطاسين»، باعتباره كينونة تتم معايرتها بعناية.
ومشكلة إعطاء طاقة إلى الأشياء في هذه الأمثلة هي أن مصطلح «شيء object» يميل إلى تضمين الفنان الصانع ويقودنا للرجوع إلى فكرة العامل البشري الفعال الذي يفرض قصده على هذه المواد. ولذلك، ربما فضلا عن سؤال كيف تكون للمواد طاقة، ربما من الأفضل لنا أن نركز على طاقتها لكي تصبح مشارك فعال، وإمكانيات ناقصة أو كما يقول (أنجولد) “مواد في حالة صيرورة” التي تقدم مع مواد أخرى تجمع لمواد في حالة حركة. ويقتنع (أنجولد) بحيوية المواد يتجنب فكرة طاقة كل من المادة والإنسان من أجل نظرية “الحياة الحيوية” التي تشمل المواد والأجسام، وتلعب دورا فعالا:
 “يتحرك الجسم باعتباره حزمة من الإمكانيات في مجال قوي وطاقات تتكشف باستمرار ويتم تحريكه، ليس لأنه مدفوع بطاقة داخلية ملفوفة في الحزمة, ولكن بمجرد أن يتجمع ويلف نفسه بها، فإنه يتفكك إلى الأبد، ويتنفس
 بالتناوب من الداخل والخارج”.
في الوقت الذي يفضل فيه (أنجولد) الاستغناء عن فكرة القوة تماما، فإنه يرى قوة المواد وتدفقها أمرا محوريا بالنسبة لإمكانياتها في المشاركة الفعالة مع بعضها البعض. وهذه المشاركة الفعالة مستمرة ولا تتميز ببداية ونهاية واضحتين كما هي الحال فيما اصطلح علي أنه “القوة الداخلية”.
وبالمثل يتأمل (بينيت Bennett)، الذي يهدف بالمثل إلى الهروب من الارتباط بالأشياء الخاملة والموضوعات المقصودة، أن قوة التجمعات. وتميز هذه الفكرة مدي توزيع القدرات التوكيدية علي أداء الأدوار التفاعلية الكبرى والصغرى وهي تعمل متحدة معا. ويصر (بينيت) أن طاقات المواد المميزة وقواها الفعالة التي تمنحها إمكانيات خارجية غير مقصودة ومطالبات بأن أي شيء له تماسك كاف لصنع الفرق، ويقدم مؤثرات، يغير مسار الأحداث، يمكن أن تكون له قوة من نوع ما. ومصطلح (بينيت) «قوة الشيء» الذي هو “الحيوية الجوهرية لمادية الشيء” يمكن أن ينطبق علي كل أنواع الأجسام غير البشرية والقوى والأشكال، ويمكن أن تتجلى مؤثراته رغم أنه يقاوم الانتقال التام ويتجاوز فهمي الشامل.
يوضح كل من (أنجولد) و(بينيت) أن المواد تتضمن كل الأشياء، البشرية وغير البشرية، وأن حيوية المواد التي تعيش في كيفية التفاعل بين المواد قد تثير ذوبان الحدود بين الذوات والأشياء. وبناء على أفكارهما، أود أن أجادل لفهم القدرة الخاضعة للأشياء والمواد، على أساس ميل المواد أن تعمل في علاقة مع مواد أخرى في حالة ترابط مستمر فيما بينها. وهذا يقدم طريقة لتصور تبادل المعاملة بالمثل غير المقصود بين الأجسام والمواد وبذلك تقدم تأملا للقوة التي تركز علي مشروطية الطاقات للانعكاس، والإفصاح الإبداعي والتحول بالتوازي مع ما يصفه (ميرلوبونتي) بأنه الجسم. وتقييمه للجسم هو تضمين الذات في الموضوع (والعكس بالعكس) في جسد مشترك يرفض أن يخضع لضرورات الانفصال الواضح أو الهوية المنطقية. والفروق بين الذوات والموضوعات تقع بعيدا مما يؤدي إلى كينونة جسدية مشتركة intercorporeal being. وبينما يقدم هذا تنميطا وتشابك بين الإنساني وللا إنساني، فإنه لا يعالج إمكانيات المواد نفسها. ورغم ذلك، في تأسيس الطبيعة الجسدية المشتركة للجسم، يضع ميرلوبونتي إمكانية إجراء عمليات مستمرة ومحددة للمواد التي اقترحها المفكرون الماديون مثل (بينيت) و(أنجولد).
 - - - - - - - - - - - - - -- -- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
- جوسلين ماكيني تعمل استاذا للسينوغرافيا بكلية الفنون بجامعة ليدز، وقد نشرت هذه الدراسة في مجموعة دراسات روتلدج في المسرح ودراسات والأداء في عام 2015.
 

 


ترجمة أحمد عبد الفتاح