بعد أن كرمها القومي سميرة محسن: سعيدة بالتكريم مع أستاذي جلال الشرقاوي

بعد أن كرمها القومي سميرة محسن: سعيدة بالتكريم مع أستاذي جلال الشرقاوي

العدد 570 صدر بتاريخ 30يوليو2018

كرم المهرجان القومي للمسرح في دورته الحالية برئاسة د. حسن عطية عدة شخصيات بارزة في الحركة الفنية والمسرحية، بوجه خاص، ومن بين هؤلاء المكرمين د. سميرة محسن، أستاذ التمثيل والإخراج بالمعهد العالي للفنون المسرحية، التي ترأست قسم التمثيل والإخراج بالمعهد قبل ذلك، ولها الكثير من الإسهامات في المجال الأدبي والفني كممثلة ومنتجة ومؤلفة، حول هذا المهرجان والتكريم وقضايا مسرحية أخرى كان لنا معها هذا اللقاء.
 بداية، تكريمات كثيرة وتاريخ حافل، ماذا يعني تكريم المهرجان القومي للمسرح بالنسبة لك؟
بالطبع، سعيدة بهذا التكريم، لا سيما وأن هذا التكريم يتزامن مع تكريم أستاذي الدكتور جلال الشرقاوي في المهرجان نفسه، وهو ما يدعو للسعادة والفخر، وأعتقد أن هذا يسعده أيضا، أن تكرم تلميذته معه في يوم واحد وتم تكريمي كثيرا قبل ذلك في عدة فعاليات في مصر وخارجها.
 ما أبرز هذه التكريمات داخل مصر وخارجها؟
تم تكريمي عدة مرات بالمعهد العالي للفنون المسرحية، في فترة عمادة كل من د. فوزي فهمي، د. حسن عطية، د. أشرف زكي، وتم تكريمي أيضا في عيد المرأة، وحصلت على جائزة أفضل تأليف في مهرجان تلفزيون الخليج، وكرمت في مهرجان “تاشقيند” بروسيا عن فيلم شيء من الخوف عندما كنت طالبة بالمعهد، وفي مهرجان السينما عن إنتاج فيلم ملاكي إسكندرية، وعضو لجنة تحكيم وتكريم في مهرجان المسرح التونسي، وتم اختياري رئيسا للجنة التحكيم في مهرجان شرم الشيخ للمسرح الشبابي في دورته الأخيرة وتم تكريمي هناك أيضا.
 ما رأيك في اختيار اسم الكاتب الراحل محمود دياب لتحمله دورة هذا العام؟
تكريم تأخر كثيرا، محمود دياب من أهم الكتاب الذين تركوا بصمة في المسرح المصري، وكنت أتمنى أن يكون حيا ليحس بقيمة هذا التكريم.
 ما دور المهرجان القومي وأثره من وجهة نظرك في الحركة المسرحية؟
أتابع المهرجان القومي منذ تأسيسه وحتى الآن، وأراه يتطور من عام لعام، لكنني أتحفظ على ما أثير في العام الماضي حول جائزة التأليف، لأنه من غير المنطقي أن يحصل عرض مسرحي على كل هذه الجوائز، ويلاقي كل هذا النجاح الجماهيري، وتشير اللجنة إلى ضعف في النص والتأليف على الرغم من أن مؤلفه كاتب بارع، بل من أروع الكتاب الشباب في مصر، وقد شاهدت هذا العرض مرتين (تشير إلى عرض يوم أن قتلوا الغناء ومؤلفه محمود جمال الحديني) المهرجان هو بمثابة نتاج، ودوره هو ما يقوم به من إتاحة الفرصة لتقديم هذه العروض وتوصيات تعمل على تطوره من عام لآخر، أما عن مردوده فلست أرى مردودا لأي شيء بعد 25 يناير، فالمفاهيم قد تغيرت واختلطت، وهذا طبيعي بعد كل الثورات في العالم، كما كان يحدث في العصور السوداء. ونحن الآن نحاول إزالة هذا الظلام، ولن نشعر بجدوى أي شيء إلا بعد أن يتم ذلك، فالثورة أخرجت من هم تحت الأرض، ولن نتمكن من فعل أي شيء إلا عندما يهبطون تحت الأرض مرة أخرى.
 إذن هل كان للمسرح مردود أكبر قبل 25 يناير نفتقده الآن؟
لا، فالمسرح قبل 25 يناير لم يكن مزدهرا، فالجهات المتخصصة لم تكن مهتمة بالمسرح قدر اهتمامها بتغييب الفكر عبر الشاشة الصغيرة، وبالتالي لم تساهم في تحريك ركود الحركة المسرحية، التي بإمكانها إشعال شعلة الانفتاح الثقافي، حزينة جدا على حال المجتمع الذي لم يعد لديه أي فكر سياسي أو ثقافي، فالوطن يحتاج للبناء والبناء لا يتأتى (بعفريت) سندريلا الذي يهديها ملابسها، البناء يكون بالصبر والكفاح، لذا على الشعب أن يتحمل ويتكاتف لإعادة البناء لا سيما في وجود الحرب داخلية وخارجية، وفي ظل انهيار اقتصادي وسياحي، وانهيار في الصحة والتعليم والمستشفيات.. إلخ، لذا لا يكون إعادة البناء إلا بإزالة بقايا الحطام.
 البعض يقول إن الحركة المسرحية في مصر تشهد ازدهارا في الآونة الأخيرة، ما رأيك في ذلك لا سيما وقد عاصرت ما يسمى بنهضة مسرح الستينات؟
أسميها نهضة السبعينات، ولا يمكن مقارنة هذا الازدهار للحركة المسرحية بتلك الفترة التي صنعها جيل من الأساتذة تعلموا في الخارج مثل سعد أدرش وكرم مطاوع ونعمان عاشور وصلاح عبد الصبور وعبد الرحمن الشرقاوي وغيرهم، أما ما نشهده اليوم فهو جيد لأنه يأتي بعد انتكاسة، أو بعد موات للمسرح، ولو أنه ازدهار محدود اقتصاديا، إلا أنه يعدّ حراكا، وطالما وجد هذا الحراك فإن ذلك يعني تطورا. وأبرز الداعمين لهذه الحركة اليوم هو الفنان يحيى الفخراني الذي يصر على العمل مع مسرح الدولة رغم الميزانيات الضعيفة مقارنة بالقطاع الخاص، لذا أدعو النجوم للوقوف بجانب مسرح الدولة ليستعيد عافيته مرة أخرى.
 إذن هناك مؤشر لتطور الحركة المسرحية، هل يمكن له أن يوازي حركة السبعينات كما تسمينها؟
بالطبع، هناك مؤشر للتطور، لكن ليس لدينا نفس الأشخاص، مديرو المسارح اليوم شباب لكن ليس بينهم كرم مطاوع أو سعد أدرش، فكل زمن وله صنّاعه، وربما مع الوقت والخبرة يصيرون كذلك.
 هل تتابعين مسرح الثقافة الجماهيرية؟
مسرح الثقافة الجماهيرية بالمحافظات، وقد دعيت لأكون عضو لجنة تحكيم بمهرجانه الختامي بالقاهرة، وكان عندي شغف كبير لمتابعته، ولكن كان هذا يتعارض مع بروفات الطلاب في المعهد، فلم أتمكن من قبول الدعوة. ولكن أرى أن مسرح الثقافة الجماهيرية يحتاج لخطة زمنية محددة على مسارح القاهرة لكي يتمكن الناس من مشاهدته، فهو مصاب بالتعتيم الإعلامي رغم تنوع وسائط الدعاية اليوم كالسوشيال ميديا وغيرها.
 وما رأيك في مسرح القطاع الخاص؟ وما يطلق عليه “مسرح الفضائيات”؟
المسرح للجميع، أي يستطيع الجميع دفع ثمن التذكرة، ولا يوجد اليوم مسرح قطاع خاص، ما تقصده يمكن أن يطلق عليه مسرح محطات القطاع الخاص، أو مسرح الصفوة الذين يملكون ثمن تذكرته.
 وما رأيك فيما تقدمه هذه المحطات؟
هي ليست مسرحيات، هي مجرد اسكتشات، ولكن رغم ذلك أستطيع أن أقول إن أشرف عبد الباقي أعاد الجمهور لصالات المسارح لكنه جمهور الصفوة (من يملك ثمن التذكرة) تبقى الإشكالية، عندما يزدهر مسرح الدولة هل جمهور مسرح الصفوة الذي اعتاد الاسكتشات والكوميديا سيذهب لمسارح الدولة؟ إذن، على مسرح الدولة أن يبني جمهورا آخر. وهذا يتأتى بتعليم الأطفال، بعودة المسرح المدرسي الذي كان يدرس لنا فيه الأستاذ نبيل الألفي ومحمود السبّاعي وغيرهم.
 ونحن على أبواب عام دراسي جديد، تتجدد أحلام شباب كثيرين بالالتحاق بالدراسة بالمعهد العالي للفنون المسرحية؟ ما الذي تسديه من نصح لهؤلاء الشباب؟
بداية، أود التأكيد على أن اختبارات القبول قد تغيرت، فقد تم إضافة ثلاثة اختبارات تحريرية (اختبار لغة عربية – لغة إنجليزية – ثقافة مسرحية)، بالإضافة إلى مشهدين أحدهما بالفصحى والآخر بالعامية، ونصيحتي للشباب ممن ينوون التقدم فهم ما يؤدون وقراءة النص كاملا، فأغلبهم يقرأ المشهد الذي يقدمه فقط. والاهتمام بمخارج الألفاظ والتركيز وفهم الشخصيات.
 وماذا عمن لم يتم قبوله ولا يزال التمثيل حلما يراوده.. هل يتنازل عن حلمه؟
الجميع يرى في نفسه الموهبة، بل يمكنني أن أقول إن نصف الشعب المصري يرى نفسه ممثلا والنصف الآخر يرى نفسه مطربا، فهم يرون أن التمثيل هو التقليد. نحن نبحث عن الموهبة “بمنكاش” بدليل يظهر كل عامين - على الأقل - من المعهد سوبر ستارز، والمعهد لا يخرج ممثلين فقط وإنما يخرّج ممثلين ومخرجين ومساعدي إخراج، ومن قسم الدراما مؤلفين ونقاد وصحفيين، ومصممين أو مساعدين أو منفذي ديكور من قسم الديكور.
 لماذا لا توجد فروع للأكاديمية بالمحافظات؟
لدينا وحدة إسكندرية، وبعض الأساتذة من المعهد يحاضرون بكلية الآداب قسم المسرح بجامعة المنيا وجامعة حلوان، وتم إنشاء معهد باليه في المنيا وتقدم له 120 طالبا وطالبة وهو مؤشر للتطور.
 هل ترين أزمة في التأليف المسرحي كما يقال؟
نعم، رغم وجود مخرجين ومصممي ديكور وإضاءة جيدين جدا، لكن العجز في التأليف.
 كيف يمكن إفراز مؤلفين جدد؟
بالثقافة والاطلاع، والثقافة ليست مسرحية فقط، فالمؤلف لا بد أن تكون لديه ثقافة متنوعة سياسية واقتصادية وفلسفية.. إلخ، مع توفر الموهبة بالطبع.
 ماذا عن الحركة النقدية في مصر؟ وما الذي ينقصها؟
ينقصها النقاد، والقارئ، مع انتشار التقنيات الحديثة زادت الفجوة بين القارئ والناقد، القارئ اعتاد الخبر السريع على الموبايل، وبدأت الجرائد تشكو من قلة المبيعات.
 بم تفسرين تراجع وندرة البعثات العلمية في الآونة الأخيرة؟
الدول هي التي كانت ترسل هذه المنح، وقد قلت هذه المنح في العالم كله، فالعالم الآن يطرد العمالة الزائدة وهذه المنح مكلفة جدا.
 ماذا عن حركة الترجمة للمسرح اليوم؟
الكتب تأتي مترجمة من البلاد العربية، كالمجلس الوطني للثقافة والفنون بالكويت. رغم أن الدكتور فوزي فهمي أسس قسما للترجمة بالأكاديمية.
 كيف يمكن النهوض بحركة الترجمة؟
لا يمكن حدوث نهضة لحركة الترجمة دون حركة نقدية ومسرحية وشعرية وقصصية وروائية، أقصد حركة فنية كاملة، فهي مسألة متصلة وغير منفصلة، وهذا لن يتأتى إلا بعد قيام البلد من كبوتها.
 أمنياتك وطموحاتك للمسرح المصري؟
أتمنى لمصر أن تقوم من كبوتها، وأن يعود المسرح لازدهاره وبقوة كما كان في السبعينات، نحتاج للأمل، فالإنسان دون أمل يموت.

 


عماد علواني