النيل للآلات الشعبية وبيت الغناء الشعبي

النيل للآلات الشعبية وبيت الغناء الشعبي

العدد 569 صدر بتاريخ 23يوليو2018

مع دوام مشاهدتي لعروض وبرامج فرقة النيل للآلات الشعبية التابعة لإدارة الفنون الشعبية بالهيئة العامة لقصور الثقافة- والتي يشرف عليها الفنان الكبير الأستاذ عبد الرحمن الشافعي - أمتلئ بالمتعة وأتشبع بجوهر روح الوطن وفنونه , وأتألم أيضاً عندما يخطر في بالي أن تلك الفرقة العظيمة – لأسباب كثيرة – قدد يتآكل وجودها أو أو يختفي , وقد يأتي يوم نترجم على برامجها وفنانيها الشعبيين بحق , لذا أقترح على الهيئة العامة لقصور الثقافة إنشاء (بيت الغناء الشعبي) للحفاظ على الموورث الفني الشعبي الحقيقي غير المشوه , وإتاحة الفرصة لتفريخ كوادر جديدة من الفنانين الشعبيين في إطار بيئة حاضنة وداعمة .
بيت الغناء الشعبي :
تتسم الثقافة المصرية بعدة سمات ومن أهمها التنوع , الذي يخلق ثراء يستند على عدة عوامل: أولها : توالي الراقات الثقافية زمنياً وإسهامها في تشكيل الثقافة المصرية والشخصية الوطنية .
 وثانيها : الموقع المكاني الذي جعلها بوتقة لانصهار الإثنيات والثقافات في إطار واحد بلا تباين أو تنافر, بل بتكيف وانسجام يسمح بالدفع إلى الأمام وتوافر الشروط اللازمة لعمليات تطور ثقافة الجماعة.
وثالثها : قدرة المجتمع المصري على الاستفادة من عمليات التثاقف التي يدخل فيها دوائر متعددة ومتنوعة مثل الدائرة الثقافية الأفريقية والدائرة الثقافية والدائرة الثقافية العربية والدائرة الثقافية المتوسطية ..... وبنسب تأثير وتأثر تختلف وتباين حسب ظروف المجتمع . لذا لا نستطيع بشكل علمي الحديث عن نمط ثقافي مصري موحد وثابت جامد , بل هناك إطار مرن يحوي داخله تفاعلات تنويعات ثقافية متعددة , تأخذ من الإنسان وتعطيه وتأخذ من الظروف الإيكولوجية وتعطيها ..وهو ما يشكل خريطة ثقافية شديدة الثراء وشديدة العراقة ..تحوي ثقافات الساحل والصحراء وثقافة المجتمعات الزراعية وثقافات الواحات ....
وهو ما ينعكس على الأغنية الشعبية بمختلف أنواعها وأقسامها , إذ تتشكل الأغنية الشعبية في ضوء الثقافة السائدة وتقوم الأغنية الشعبية بدور مهم في الحفاظ على البناء الثقافي شكلاً ومضموناً ، وفى الوقت ذاته تقدم للأفراد المنافذ التي يرضى عنها المجتمع، ويباركها كي ينفسوا عن أنفسهم من خلالها، ويتخلصون – في بعض الأحيان – من الإحساس بعدم القدرة على التكيف مع هذا البناء أو الاستجابة لما يفرضه عليهم.
 تتسم الأغنية الشعبية بالمرونة وقابليتها للتغير والتشكل بمواجهة الأنماط الجديدة في الحياة , والتعبير عنها ,وهذه السمة أو الخاصية تساعد على بقاء الأغنية في ذاكرة الناس فيرددونها كجزء من ثقافتهم.
 والمشروع المقترح هو ( بيت الغناء الشعبي) الذي يقوم بتقديم عروض غنائية في إطار خطة علمية للجمع والتوثيق والترويج والتدريب للأغنية الشعبية الحقيقية المعبرة عن ثقافة الشعب المصري وشخصيته وهويته , في قاعة تخصص لذلك الغرض , لا يتجاوز عدد مقاعدها المائة مقعد , أو يتم تخصيص بيت من البيوت الأثرية بالتعاون مع صندوق التنمية الثقافية .
 وسيهتم البيت بالأغاني الشعبية في مختلف التنويعات الثقافية جمعاً وعرضاً للجمهور للتعريف بمختلف التنويعات الثقافية المصرية وفنونها , بداية من أغاني دورة حياة الإنسان مروراً , بفن الموال , والسيرة , والقصص الاجتماعي , والغناء الديني بأنواعه المتعددة ...إلخ
 ويتم العرض الجماهيري في إطار مواسم محددة في يوم محدد أسبوعياً , مع رفع المادة على موقع الهيئة , وحفظ نسخة من المادة في أرشيف خاص بالبيت .


محمد أمين عبد الصمد