حازم عزمى “الفاعل عبر الثقافة”

حازم عزمى  “الفاعل عبر الثقافة”

العدد 578 صدر بتاريخ 24سبتمبر2018

هكذا تم التعبير عن حازم عزمى فى الاحتفال به فى القاعة الشرقية بالجامعة الامريكية بحضور عدد كبير  من المحبين والصحفيين والكتاب وبعض الزملاء من بينهم البروفوسيور مارفن كارلسون والذى رافق عزمى فى آخر مؤتمر مسرحى والفنانة نورا امين، والفنانة منحة البطراوى، والكاتبة رشا عبد المنعم ومصمم الديكور حازم شبل، وعدد من احبائه وتلاميذه وأفراد اسرته والمتحدثين عن المسيرة المشرفه التى عاشها  حازم عزمى داخل وخارج مصر وكيف كان سفير وحلقة الوصل بين الأساتذة والطلاب والثقافات المختلفة .
استهلت د. إيمان عز الدين حديثها بالشكر للأستاذ سامى محرز لاحتضانه لهذه الاحتفالية وتابعت حديثها بمقولة للكاتب صلاح عبد الصبور عن الحرية والموت وهى أقول لكم بأن الموت مقدور، وذلك حق ولكن ليس هذا الموت حتف الأنف، وهل مات لم يترك ذكرى فى حنايا القلب ، مشيرة إلى أن هكذا كان حازم عزمى أخذه الموت وترك لنا ذكرى فى حنايا القلب وأفكار منيره وقوراب للأبحار فى عقولنا ،
وأوضحت د. إيمان عز الدين حول دراسة د. حازم عزمى الخاصة الذى قرر دراستها لطلبة المستوى التانى بقسم دراما ونقد بجامعة عين شمس العام الماضى ، وقالت ان اهتمامه بنص “قضيتى” حتى قبل أن يشرع كاتبه فى كتابته واعتمادا لهذا على مقالة حازم عزمى “بسلام النساء” لـ لينين الرملى من النص المقتبس الى الواقع الملتبس والعكس.
وتابعت د. إيمان عز الدين حول اهتمام د. حازم عزمى بقضايا الانسان وقبل الغزو الأمريكى للعراق دعا عزمى عددا كبيرا من المسرحيين لمشروع الاستراته الذى قام على الاحتفاء لنص اريستوفانيس كمناضل للحرب من خلال قراءة مسرحية له وتزامت كلها على مستوى العالم لعام 2003  فى ظاهرة احتجاجية مسرحية على سيادة منطق العنف وهيمنة الدعاية السياسية الزائفة المروجة لضرب العراق، مشيرة إلى أنه بفضل هذا الحدث السياسى الفنى ولدت فكرة مشروع جديد فى ذهن الباحثة اليونانية كتمانى وطرحت أطروحتها حول التقديمات الحديثة لمسرحية اسستراته ونجحت فى تبنى مشروعهم، ومشيرة إلى أن عزمى كان همزه الوصل بين كتمانى ومشروعها وبين الكاتب لنيين الرملى ، وهو همزة الوصل بين المجتمع المسرحى الدولى ومصر، وكانت المسرحية لأريستوفانيس “سلام النساء” ظلت شبه مجهولة بواقعنا المصرى المعاصر، قدم توفيق الحكيم مسرحية براكسا المستلهمة أيضا من “برلمان النساء” وتم تهميش أريستوفانيس كمؤلف أصلى للنص وهذا أثار جدلا ولم يذكر سوى أنه سقط سهوا من توفيق الحكيم اقتباسه للنص الأصلى ،وزاد حيرته عندما لاحظ احترام الغرب واحتلال النص الأصلى منزلة قوية فى المجتمع الأوربى .
واستطردت الدكتورة إيمان عز الدين : يرى عزمى أن عمل لينين الرملى على “سلام النساء”  يحتل موقعا شديد الأهمية فى مسيرة لينين الرملى الفنية والتى كانت جزء من رسالة الدكتوراه لحازم عزمى، حيث التأمل العميق والحرفية الكوميدية العالية.
وتابعت عن عزمى انه ترجم مقتطفات موجودة على مواقع الانترنت وترجم أيضا مقالا لـ لينين الرملى ، ولولا اهتمامه بالموضوع لما خرجت الترجمة على هذا القدر من التميز والاتقان ، مشيرة لأن هذه الدراسة كانت مقررة العام الماضى بقسم الدراما والنقد وجاءت ببعض النماذج من الطالبات التى تقول أن دراسة عزمى كانت فى كيفية استخدام النصوص للعالمية وكيفية توظيفها لعالمنا المحلى وكانت أكبر مثال للتنقل الثقافى عبر النصوص المسرحية .
و انهت حديثها بالرثاء على د. حازم عزمى بقولها “لقد غادرنا حزم عزمى ولكنه ترك رسم مشعا على عقول وأفئدة طلابيه وحرك الكثير من الرواقد فى بحيره ادراكهم “
وعبر الانترنت تمت مداخلة حية من الدكتور سامح حنا وهو صديق وزميل عزمى الذى ستهل مداخلته بامتنانه لمن طلبوا منه المشاركة بالحديث عن حازم عزمى ومن بينهم سامية محرز وقسم الدراسات بالجامعة الأمريكية على المبادرة بالتكريم والاحتفاء واتاحة لفرصة للحديث عن شخص استثنائى واصفا إياه بـ “لفاعل عبر الثقافة”.
وتابع حنا قائلا أن مشاركته تحت مسمى ترجمة المسرح ومسرحة الترجمة ، تدفع لأسئلة كثيرة طرحت بغيابه لأنه لم يتتم الكثير من مشاريعه ولا يستطيع أحد غيره أن يتمها ولعل الأسئلة تعبر عن حضوره لا غيابه ، واسهامه فى المسرح بروحه وعقله، واصفا عزمى بأنه شخصية تحب الحوار وتسعى إليه، واهتم عزمى بوظيفة المسرح وهويته وطرق الترجمة وأهمية اختلاف الإبداع والثقافة الشعبية والأنا والأخر، وتعامله مع هذه المفاهيم عبر تفعيل الثقافة بطريقة غير مألوفة كما يجعل التوصيل والتواصل والشخص الذى يلعب هذا الدور يفهم ذائقة الجمهور من خلال ورش العمل والكتابات النقدية التى تضع العمل بسياقه وألقاء الضوء على أهميته ويضع أمامه مفاتيح وعى، ويرسم لهم خارطة الأبعاد،
واشار إلى أن هذه الوساطة ليست مجرد جسر ولكن هى أشبه بالتفاعل الكيميائى ،ولا نجد افضل من مصطلح “الفاعل عبر الثقافة” وصفا لما أنجزه دكتور حازم عزمى.
وعن الترجمات التى قام بها حازم عزمى واصل حنا حديثه بقوله أسهم حازم فى الترجمة فى البحث والتدريس، مشيرا إلى أن الترجمة بالنسبة له عبارة عن تجسيد والمسرح هو ترجمة عبر وسائط ، و من خلال تحليل بعض العروض المسرحية يسعى عزمى فى كتابه الى تقديم نموذج يتجاوز التساؤلات والثنائيات وسمى بالبحث القائم على المبارزة كما ذكره
 وتابع حنا اصطدمت بالصانع من جهة والباحث من جهة أخرى ،فالباحث الواعى مشبرا لعزمى يعرف أن هناك مسافة بين المدرس والطالب وكان يراعى فرق التواصل وأكد ان الواقع المسرحى دائم التغير سواء فى مصر وفى كل دول العالم قال فعزمى باحث ودراماتورج يمتلك أدواته النقدية وفى نفس الوقت يفهم جيدا أليات هذه البواطن بالفوارق، وأن صفحة واحدو من  كتابات حازم تجعله يسير لجانب شكسبير جنبا إلى جنب فى مساره الفنى والنقدى.
مختتما مداخلته بقوله لحازك عزمى “ يا صديقى الغال على قدر ما كسرتنى بغيابك على قدر فرحى بالأسئلة التى خلفتها لنا فى حياتك أسئلة جعلتنا اليوم نحتفى بك ودائما حاضرا غائبا .
وتحدثت الكاتبة رشا عبد المنعم ومدربة الورشة الكتابية بمنظور أنثوى والتى أقامت عددا من الورش فى مسرح العرائس وفى فنون الحكى فى مصر وخارجها ، وبدأت حديثها بكلمة حازم صانع القوام واقتبست منه (  اخرج وقل للعابر أن يعد، ترك ظلا هنا ،ظلا فيه شوارع فيه وديان وفيه ناس علقو به وهو يعبر)، كانت هذه كلمات من كتابات عزمى ، واصفة إياه بالفراشة التى تنقل العبير بخفه، ،وأنه ترك العديد من القوارب التى استطعنا من خلالها اكتساب ثقافات مختلفة، وكان مفهوم الدراماتورج الحديث من القوارب الذى صنعها حازم عبر ابحاث وورش ونظريات وأنه ليس فقط بمجرد نقل النص ألادبى  إلى عمل مسرحى إنما هو المقدم للمقترحات المسرحية دائما، المختلف للمخرج والمؤلف والممثلين .
وأوضحت الكاتبة رشا عبد المنعم أن عزمى كان يعقد عليه كثير من الأمال فى تطوير المسرح المصرى ولكن برحيله توقفت كل هذه القوارب ،
القارب الثانى * المسؤليه الاجتماعيه * قالت ان عزمى يميل إلى العروض التى تعكس نبض الشباب والذى يجد من خلالها جدال معهم سواء سياسية او اجتماعية شريطة أان تتمتع بالصدق الفنى والرؤية الجادة، أما القارب الثالث “ الايمان بالجماعة المسرحية” فاهتم عزمى  بحركة الجماعة وإعادة تأسيس الهيئة الدولية للمسرح وإعادة مهرجان المسرح التجريبى الذى كان له فضل فى فض بين طرفى النزاع وأطلق عليه المهرجان المعاصر التجريبى، اما القارب الرابع فهو “فتح شفرة النظام الفاسد” أطلقت عليه أنه كاشف للفساد وأليات التخفى فبمجرد شعور حازم بأنه سيصبح فاسد يبتعد فورا بل وكان يبادر بفضحه دون تجريح وكان يتفهم الفروق الفنية ، ورفض مناصب كانت لتخلق منه فاسدا .
أما القارب الخامس فهو “مواربة الباب ليتسلل الأمل” فكان يحترم الدستور والقانون ولكنه لم يفقد الأمل قالت أنه كان يؤمن بالشباب ها فقط القادرين على التواصل وعبر أبواب وأعمار سنيه مختلفه تفتح لنا أبواب من النقاش والفن المختلف المعاصر ،
لتنهى الكاتبة رشا عبد المنعم مداخلتها بقولها “ إن تلك القوارب التى جعلت من حازم عزمى مميزا بين تلاميذه وأساتذته وزملائه وشخص نضع كلنا الأمل فيه وعليه ، فكان الابحار متعته الاساسية لا الوصول وهو الآن فى قاربه فى محيط واسع .

 

 


منال عامر