اعتقال حقيقة من أجل إخفاء التاريخ

اعتقال حقيقة من أجل إخفاء التاريخ

العدد 566 صدر بتاريخ 2يوليو2018

هل يمكن للحقيقة أن تعتقل! أم في عالمنا هذا لا يُعتقل سوي الحقيقة ؟ و ما هي الحقيقة بالنسبة لكل منا ؟ قد يري البعض أن الحقيقة كل ما هو صحيح و قد يري البعض الآخر أن الحقيقة هي ما حدث بالفعل سواء كان صحيحاً أو خاطئاً و هنا نجد أن الحقيقة تكمن في التاريخ ، و لكن ماذا إذا طُمث التاريخ فاختفت الحقيقة ؟!
عرض اعتقال حقيقة قدمه فريق القربان المسرحي علي خشبة مسرح الهوسابير في ال21 من الشهر الجاري ، العرض من تأليف إسلام رمضان و من إخراج كريم سيد .
 تدور أحداث العرض حول ثلاثة من الشباب الذين قدموا مشروعاً لقسم العلوم ليحصلوا على الدكتوراة و هم ( فاطمة ، عبد العزيز ، چورچ ) و لكن تم رفض ذلك المشروع و ساعدهم في تطبيقه عملياً استاذهم الدكتور شوكت و ذلك بتجميع مجموعة من الناس تضم( زوجته ، الدكتورة هالة و هي زميلة له ، صحفي ، و دكتور في الفيزياء ) ، و المشروع عبارة عن آلة تستطيع السفر عبر الزمن و استطاعة الشخصيات المسافرة علي التعايش كشخصيات من الزمن نفسه الذي تم السفر إليه فسافروا إلي عدة أزمنة من الماضي كزمن الخمسينات من القرن التاسع عشر و زمن آخر أشبه بزمن المماليك و ماتوا جميعاً في تلك التجربة العملية ما عدا كلاً من فاطمة و عبد العزيز ، و تم كشف أن هناك خائن تسبب في قتلهم في تلك التجربة و هو صاحب الفكرة الأساسية في المشروع ( عبد العزيز ) الذي تواطئ مع دكتور بوزارة الآثار حتي لا يتم كشف حقيقة التاريخ من خلال تلك التجربة مقابل المال و الوظيفة المرموقة ليستطيع عبد العزيز الزواج من حبيبته فاطمة ، و لكن في النهاية بعد أن أصبح عبد العزيز وزيراً للتربية و التعليم رفضته فاطمة لما كشفته عنه من خيانة للجميع مقابل مصلحته الشخصية .
العرض قُدم من خلال عدة عناصر فنية لم يكتمل منها عنصراً واحداً بلا خطأ ما ، فبداية العرض كانت من خلال مقدمة استعراضية حركاتها غير منتظمة تماماً ، أما بالنسبة للديكور فقد كان بسيطاً عبارة عن بانرات توضح المكان و استخدام كراسي أو مكتب و لكنه لم يخلو أيضاً من عدم النظام في تغييره و ما من مشهد في العرض تم تغيير الديكور به بشكل منسق ، كما أن الإكسسوارات  المستخدمة في العرض كانت أغلبها عبارة عن مجرد ملئ خانة لا تستخدم في مكانها الصحيح كإستخدام شخصية الصحفي للهاتف المحمول علي إنه جهاز تسجيل ، و كذلك إستخدام شخصية الدكتور شوكت لخوذة الهندسة و ارتدائها بالرغم من كونه دكتور في العلوم و كذلك إستخدام شخصية عبد العزيز لجريدة علي إنها اوراق بحثه المُقدم .
أما بالنسبة لتقديم العرض أو النص المسرحي بشكل مجمل فكان يملؤه الثغرات الواضحة و ذلك من خلال عدم تراتبية الأحداث بشكل منطقي و مبرر مما جعل هناك تساؤلات كثيرة لم يتم الإجابة عنها و توضيحها في العرض ، فمثلاً لم يتضح كيفية السفر فجأة عبر الزمن كما لم يتضح كيفية رجوع الشخصيات المسافرة إلي شخصياتهم الأصلية في زمن الماضي و التحدث مع بعضهم البعض و من ثم رجوعهم مرة أخرى إلي الشخصيات اللاتي يتعايشونها في زمن الماضي بشكل مفاجئ أيضاً ، و في نهاية العرض عند موت كلاً من الدكتور شوكت و الدكتورة هالة كان عبارة عن موت مفاجئ دون اسباب منطقية فما الداعي من موت كلاً منهما بعد قول مونولوج ؟ خاصة و هما لم يخدشهما أي جرح يسبب الوفاة ! 
و إذا نظرنا إلي عنصر التمثيل في العرض سنجده عبارة عن أداء كلمات دون احساس بل و تقديم تلك الكلمات بشكل مبالغ فيه يمل منه المتفرج إلا شخصيتان قد تم تقديمهما بشكل تمثيلي جيد و هما شخصية الدكتور شوكت التي قام بها الممثل  « مصعب البنا » ، وشخصية الطفلة التي قامت بها الممثلة  « بيري » و من خلال تلك الثغرات التي ملأت العرض في جميع عناصره الفنية فلا أجد أنه من الضروري أن يُقدم العرض في ساعتين متواصلتين حيث أصبح زمن العرض يتناسب طردياً مع ثغراته فكلما كان يزيد الزمن كانت تزيد الثغرات و الأخطاء ، لنجد في النهاية أن عرض اعتقال حقيقة لم يستطع توصيل فكرته و ما تحمله من معني بشكل علي الأقل مقبول .
 


علياء البرنس