في ندوة أقامها المركز القومى النقاد يفسرون أسباب «الحادثة»

في ندوة أقامها المركز القومى النقاد يفسرون أسباب «الحادثة»

العدد 565 صدر بتاريخ 25يونيو2018

أقام المركز القومي للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية برئاسة المخرج المسرحي محمد الخولي، بالتعاون مع البيت الفني للمسرح برئاسة الفنان إسماعيل مختار، ومسرح الغد بقيادة الفنان سامح مجاهد ندوة نقدية عن مسرحية الحادثة، تأليف الكاتب الكبير لينين الرملي، وإخراج المخرج الشاب عمرو حسان.. وبطولة ياسمين سمير ومصطفى منصور وريهام أبو بكر وفتحي الجارحي.. شارك في الندوة الفنان القدير جلال الهجرسي والدكتورة سامية حبيب، وأدارها علي داود الباحث المسرحي بالمركز القومي للمسرح.
بدأت الندوة بكلمة الفنان القدير جلال الهجرسي، أشاد فيها بالعرض الذي يتناول فكرة الاختطاف، قال: بدأ العرض باختطاف فتاة كما رأينا على شاشة سينمائية في بداية العرض، يتحول إلى اختطاف القلب والمشاعر والروح.. اختطاف جمالي وإنساني وفكري فلسفي وثقافي.. في إطار كوميدي رائع وراقٍ يختطف عقلك وقلبك وروحك.. ووجه التحية والشكر إلى الممثلين الذين أجادوا أداء أدوارهم.. خاصة بطلي العمل ياسمين سمير ومصطفى منصور، مشيرا إلى أن دوريهما يحملان تناقضات في المشاعر والانفعالات والأداء.. مضيفا: ورغم اتسام الدورين الآخرين بالنمطية فإن كلا منهما استطاع أن يترك بصمة واضحة في أدائه.. فريهام أبو بكر قامت بدور المرأة المنحرفة دون ابتذال في الكلمات والحركات.. بل أثارت ضحك الجمهور وإعجابه.. وكذلك الفنان القدير فتحي الجارحي الذي استطاع بخبرته أن يضيف في مشهدين فقط عمقا لشخصية الخواجة جون.. كما نوه الفنان جلال الهجرسي إلى أن الديكور يتسم بالتجريدية في ألوانه وتصميماته.. وفي نهاية كلمته طالب مدير عام مسرح الغد ضرورة الحفاظ على العروض القوية والناجحة، وأن يشاهدها أكبر عدد من الجمهور في محافظات مصر.
الدكتورة سامية حبيب أشارت إلى أن مسرح الغد امتاز في الآونة الأخيرة بتقديم مسرحيات قوية وناجحة، وهو ما شجعها على متابعة ما ينتجه من عروض.. كما أنها شاهدت افتتاح عرض الحادثة في الثمانينات، من إخراج عصام السيد وبطولة حسين فهمي وعبلة كامل، وبعد ذلك عرض الفنان أشرف عبد الباقي، وقالت إن هذا العرض أكثر حيوية وتدفقًا من العرض الآخر.. وقد يكون ذلك لاختلاف زمن عرض كل منهما.. فالآخر يبدو بطيئا ومملا بالمقارنة مع ما رأيناه اليوم.. أضافت: لكن يُحسب للعرض الآخر حفاظه على الكلمة التي كتبها لينين الرملي.. وعبرت حبيب عن استيائها وعدم رضائها على التدخل في النص، مركدة على أن لينين الرملي من المؤلفين أصحاب العبارات والكلمات التي يصعب تغييرها، وأن كل كلمة في محلها ومكانها، وأنه لو أراد أن يكتب غيرها لفعل، وإذا أراد المخرج أن يتدخل في تغيير النص فعليه أن يغيره إلى الأفضل وأن يرتقي بالكلمة إلى مستوى أعلى لا يهبط بها إلى مستوى أقل.. وترى حبيب أنها مجرد قارئ للعرض، وليس حكما عليه أو قاضيا، لكنه قارئ مثقف ومختلف، وهذه وجهة نظرها، وباستثناء هذه الملاحظة فقد أشادت بشدة بأداء الممثلين الشباب الذين تعتبرهم أبناءها وتلامذتها.
حضر الندوة عدد من الفنانين الذين شاركوا بآرائهم من الصالة، منهم المخرج السينمائي أشرف فايق، والمخرج المسرحى إيميل شوقي والفنان جمال الفيشاوي.. وقد اختلف الفنان جمال الفيشاوي مع الدكتورة سامية حبيب مشيرا إلى أن التدخل في النص جاء في صالح العمل كي يواكب هذا العصر الذي اختلفت لغته عن فترة الثمانينات، وأن المخرج فعل ذلك دون ابتذال.. كما أشاد بأداء الممثلين وطاقتهم ومجهودهم.
وفي تعقيبه على العرض أشاد فايق كذلك بأداء الفنانين واختلف مع الدكتورة سامية في النقطة ذاتها، وأن الألفاظ التي تُقال في الشارع أكثر سوقية، وهو ما ردت عليه الدكتورة سامية بأن العمل الفني يرتقي بذوق الجمهور وليس العكس.. فرد بأن الجمهور يجب أن تصل إليه الفكرة باللغة التي يعرفها، وأن هذا ما ساهم في أن يصبح العرض معاصرا.. كما عقب على المشاهد السينمائية في بداية العرض حيث رأى أنها إخراج وتصوير أقل من مستوى العرض.. وأن الصورة تبدو ضبابية وغير واضحة، ولا يعرف إن كان ذلك من التصوير أم من شاشة العرض، ورأى أنه كان من الممكن الاستغناء عن هذا المشهد، كما أشاد بالإضاءة التي قامت بدور سينمائي في العرض. أضاف: فالمسرحية تدور أحداثها في أزمنة مختلفة رغم وحدة ديكور الفيلا المختطفة فيها الفتاة، وهنا جاء دور الإضاءة للمهندس عز حلمي في لعب دور الفوكس والفلاش باك وتغيير الأزمنة ما بين اليوم والآخر وما بين الصباح والمساء بجانب تعبيره عن المشاعر الداخلية لكلا البطلين.
المخرج المسرحي إيميل شوقي أيد وجهة النظر الداعمة لحرية المخرج في تغيير النص، فهو مؤمن بنظرية موت المؤلف، فالمخرج هو مؤلف العرض، والكاتب هو مؤلف النص.. ومن حق المخرج أن يغير من النص ليعبر عن رؤيته ووجهة نظره، بشرط أن يكون ذلك بالاتفاق مع المؤلف.. وهو ما قام به شخصيا مع مؤلفي مسرح كبار في عروضه، بأن يغير بالاتفاق معهم ما يراه في النص تأييدا لرؤيته ووجهة نظره، مشيرا إلى أن ما قام به المخرج عمرو حسان من تغيير في النص جاء لصالح العمل، كي يصبح معاصرا وحيويا ومتدفقا.. وأشاد كذلك بأداء الممثلين وهو ما أرجعه أيضا لدور المخرج ومجهوده في إدارة موهبتهم حتى يصلوا إلى هذه المرحلة من الاندماج والحيوية.. كما أشار إلى أهمية دور المركز القومي للمسرح في تصوير وتسجيل هذه العروض، التي يجب أن تكون متاحة للجمهور من خلال قناة فضائية أو قناة على اليوتيوب.
عقب الأستاذ محمد الخولي رئيس المركز القومي للمسرح أن دور المركز توثيقي.. وأن تكون تلك التسجيلات في خدمة الباحثين.. لكن المركز ليس هو صاحب المُنتج الفني إنما يعود ذلك إلى البيت الفني للمسرح وهو المنوط به تسويق هذه العروض، لأنه يترتب عليها حقوق أخرى للممثلين والمخرج نظير إذاعتها، وفي حالة اتفاقه مع أي قناة فضائية ستكون تسجيلات المركز جاهزة للعرض.
ثم عبر المخرج عمرو حسان عن شكره وامتنانه لكلام النقاد والأساتذة، الذين يتعلم منهم، وعن رؤيته للمشهد السينمائي في بداية العرض، وقال إن هذا المشهد اختصر له على الأقل ثلث ساعة من العرض.. وأنه لو التزم بنص المسرحية كما كتبها الكبير لينين الرملي سيحتاج إلى أربع ساعات.. وأن الجمهور لن يتحمل أن يشاهد مسرحية في كل هذه المدة، ضاربا المثل بمشهد الفتاة (زهرة) مع صورة المختطف (عاصم) على الحائط، وهو غير موجود بالنص الأصلي، وقال إنه يختصر الكثير من الصفحات، معبرا عن نفس المضمون.. أشار أيضا إلى أنه أضاف الكثير من الكلمات المعاصرة التي لم تكن موجودة في الثمانينات كي يصبح النص معاصرا لجمهور اليوم. مضيفا: لو الأستاذ لينين الرملي كتب المسرحية الآن لكان فعل نفس الشيء حتى يخاطب جمهور اليوم بلغته التي يفهمها ويتجاوب معها.. كما وجه حسان الشكر لمساعدي الإخراج الذين بذلوا مجهودا كبيرا كي يخرج العمل على هذا النحو.. كما شكر الشباب الأربعة الذين قاموا بدور الزومبي في المسرحية.. والذين بذلوا مجهودا كبيرا في الاستعراضات التي صاحبت العرض.
وفي نهاية الندوة أعرب سامح مجاهد مدير عام مسرح الغد عن شكره للنقاد والحضور وثنائهم على ما يقوم به مسرح الغد في الفترة الماضية، وأنه لم يكن لينجح دون مساعدة موظفي وفناني وعمال مسرح الغد الذين يتفانون ويخلصون في عملهم.. وعن مطالبة الفنان جلال الهجرسي أن يشاهد جمهور المحافظات هذه العروض القوية والمهمة، قال إنه كمدير مسرح يحتفظ بالديكورات.. لكن هذا الأمر يحتاج إلى تنسيق ما بين البيت الفني للمسرح وقصور الثقافة.. وهو مستعد لإعادة العروض التي ينتجها مسرح الغد في أي وقت وأي مكان.
 


أحمد زيدان